بدأت أمس الأربعاء محاكمة المتّهمين باعتداءات بروكسل، بمن فيهم صلاح عبد السلام، التي أدت في 22 مارس (آذار) 2016 إلى مقتل 32 شخصا، أمام محكمة الجنايات في بروكسل.
واكتفى صلاح عبد السلام الذي أطلق لحيته بتأكيد اسمه بناء على طلب رئيسة محكمة الجنايات عندما افتتحت الجلسة.
ورفض متهم واحد هو السوري السويدي الأصل أسامة كريم، الوقوف لدى ذكر اسمه أو التوجه إلى المحكمة. وحضر تسعة رجال بينهم صلاح عبد السلام وصديق طفولته من مولينبيك محمد عبريني، في قفص الاتهام. أما المتّهم العاشر أسامة عطار زعيم الخلية، فسيحاكم غيابيا، إذ يعتقد أنه قتل في سوريا.
واليوم الأول مخصص لدعوة المواطنين الذين سيشكلون هيئة المحلفين.
وخلافا لفرنسا حيث يخضعون لمحكمة جنايات خاصة (مؤلفة فقط من قضاة) لا تزال المحاكمات للجرائم «الإرهابية» في بلجيكا تجري أمام 12 مواطنًا يتم اختيارهم بالقرعة لمساعدة ثلاثة قضاة محترفين.
وبالإضافة إلى 12 محلفا عضوا في هذه الهيئة سيساندهم ثلاثة قضاة، سيكون هناك 24 محلفا بديلا طوال المحاكمة لضمان الحفاظ على هذا العدد عند إجراء المداولات للتوصل إلى الحكم.
وأدت الهجمات الانتحارية في بروكسل التي نفذتها الخلية الجهادية التي كانت وراء هجمات 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 في باريس (130 قتيلا)، 32 قتيلا ومئات الجرحى في المطار ومترو بروكسل.
هيئة محلفين كبرى
بعد ست سنوات ونصف على أسوأ هجمات شهدتها بلجيكا في أوقات السلم، يتوقع أن تكون هذه أكبر محاكمة تنظم أمام محكمة جنايات في بلجيكا.
في صباح 22 مارس 2016، فجّر شخصان نفسيهما في مطار زافينتيم في بروكسل وآخر بعد ساعة في محطة مترو في العاصمة البلجيكية. وكانت الحصيلة: 32 قتيلا ومئات الجرحى.
وجاءت الهجمات التي تبناها تنظيم «داعش»، بعد أربعة أيام على اعتقال صلاح عبد السلام في مولينبيك، العنصر الوحيد الباقي على قيد الحياة في مجموعة الكومندوس في 13 نوفمبر 2015.
وسرعان ما لاحظ المحققون أنها نفذت من قبل الخلية نفسها التي كانت وراء حمام الدم في العاصمة الفرنسية (130 قتيلاً في باريس وسان دوني في 13 نوفمبر).
في ذلك الوقت، كان لدى هؤلاء الإرهابيين مخططات أخرى، من بينها استهداف بطولة أمم أوروبا لكرة القدم 2016 التي نظمت في فرنسا. لكنهم تحركوا على عجل بعد أيام قليلة من القبض على عبد السلام في بروكسل في 18 مارس.
ومن المتوقع حضور تسعة رجال بينهم صلاح عبد السلام وصديق طفولته من مولينبيك محمد عبريني، في قفص الاتهام. أما المتّهم العاشر أسامة عطار زعيم الخلية، فسيحاكم غيابيا، إذ يعتقد أنه قتل في سوريا.
في المجموع، أدين ستة من هؤلاء المتهمين العشرة في المحاكمة الطويلة التي جرت على خلفية هجمات 13 نوفمبر، من سبتمبر (أيلول) 2021 إلى يونيو (حزيران) 2022 في باريس.
وبين هؤلاء أسامة كريم الذي رافق مهاجم مترو بروكسل قبل أن يعود أدراجه ويتخلص من متفجراته.
وفي المحاكمة الباريسية لزم هذا الإرهابي السويدي الذي وصف بأنه «مقاتل محترف»، الصمت حول دوره في هذه الخلية.
وقالت ساندرين كوتورييه، وهي من الأطراف المدنيين وتعتزم المجيء لمواجهة المتهمين لوكالة «فرانس برس»: «لا أتوقع الحصول على الكثير من الإجابات. لكنني أريد أن أقف على ما يمكن للبشر ارتكابه، علي أن أتقبل أن الناس ليسوا جميعا صالحين».
وما زالت مديرة الجمعية هذه التي كانت موجودة على رصيف مترو مالبيك عندما فجر الانتحاري متفجراته في مقصورة ركاب، تعاني إجهاد ما بعد الصدمة بعد ست سنوات ونصف. وقالت إن «فقدانا في الذاكرة» و«مشكلات في التركيز» تعاود الظهور مع اقتراب المحاكمة.
وما زالت نوبات القلق وحتى الاكتئاب، تتكرّر لدى الناجين والشهود الذين تمكّنت وكالة فرانس برس من مقابلتهم. ووصف العديد منهم معاناتهم الطويلة للحصول على تأمين يغطي الرعاية الطبية التي يحتاجون إليها.
وذكرت مجموعة تمثل قرابة 300 طرف مدني أن «الدولة البلجيكية تركت الضحايا لمصيرهم».
وكانت هذه المجموعة «لايف فور بروكسل» (Life4Brussels) أعربت عن غضبها، نهاية سبتمبر، لإعلان تأجيل المحاكمة باعتبار أن قفص المتهمين الذي كان مخططا له في البداية والمقسم إلى زنزانات فردية، مخالف للقانون الأوروبي.
وكان هذا القفص الزجاجي أثار انتقادات شديدة من فريق الدفاع، وكان لا بد من تفكيكه واستبداله، ما تسبب في تأخير لمدة شهرين تقريبا.
وتعيين 36 محلفاً أمر غير مسبوق في بلجيكا. والهدف هو الاحترام المطلق للعدد البالغ 12 مواطناً لمساعدة القضاة الثلاثة عند المداولات لإصدار الحكم، تحت طائلة الاضطرار إلى إبطال الإجراء برمته.
كإجراء احترازي، في مواجهة خطر عدد كبير من الإعفاءات («339» قبل المحاكمة) تم استدعاء حوالي 600 مواطن الأربعاء لعملية قرعة وفقاً لمحكمة الاستئناف.
وبعد تشكيل هيئة المحلفين المقرر ليوم واحد، ستبدأ المداولات الاثنين.