أسرار عالم المجوهرات... «بولغاري» تصنع الروائع

وثائقي «من قلب الحلم» تعرضه «شاهد»

لوسيا سيلفستري ومفاوضات كسب الأحجار الكريمة في الهند
لوسيا سيلفستري ومفاوضات كسب الأحجار الكريمة في الهند
TT

أسرار عالم المجوهرات... «بولغاري» تصنع الروائع

لوسيا سيلفستري ومفاوضات كسب الأحجار الكريمة في الهند
لوسيا سيلفستري ومفاوضات كسب الأحجار الكريمة في الهند

يرتسم إعجابٌ في عينَي العارضة ليفيض على ملامحها الناعمة، وهي تتساءل: «ماذا يوجد في العلبة؟ لا أعلم، لكنه بالطبع شيء رائع. أشعر كأنني طفلة في عيد الميلاد». يعود وثائقي «من قلب الحلم» (Inside the Dream - «شاهد») إلى سر الدهشة، مقدماً لنحو ساعة عجائب عالم المجوهرات وتفرد علامة «بولغاري» بصناعة الروائع.

تصل إليها العلبة وفنان المكياج يضع اللمسات الأخيرة على الوجه، قبل أن يتزين العنق بقلادة راقية خبأتها هذه العلبة عن العيون. القصة بدأت قبل عامين. ترويها امرأة تشتعل بالطموح، وأصبحت مسيطرة على قطاع يُهيمن عليه الرجال.
إلى جايبور في الهند، تصل المديرة الإبداعية في «بولغاري» لوسيا سيلفستري، لشراء الأحجار النفيسة وتنسيقها. يمكن القول إنها المرأة التي تشتري أجمل الأحجار الكريمة في العالم. تسير سيارتها بين شوارع تفوح منها روائح التوابل وتتصدر مشهدها ألوان القماش الفاقعة.

تعشق الدار مزج الألوان بشكل غير متوقع

المرة الأولى التي زارت جايبور كانت عام 1986، بصحبة نيكولا بولغاري. انتابتها مشاعر قوية ومتضاربة، فوُلد الحب على الفور. بلغتها الإيطالية المتطايرة منها نغمات غنائية، تتحدث عن التجرؤ على البحث وعدم التوقف أبداً. يُبين الوثائقي الواجهة الراقية للعلاقة الفاخرة، وليست مصادفة أن تكون سيدة. فسفيرتها في العواصم والمفاوضات مع الموردين، صارمة، واثقة، تعرف ما تريده، وتجيد تطبيق أحد دروس بولغاري: «لا تشترِ شيئاً إن لم تعرف بالفعل كيف تستخدمه». لا يكفي أن يكون الحجر لافتاً. عليه أن يلهمها.
تصل «بولغاري» إلى الريادة العالمية لإعلائها عظمَتين: الإلهام والشغف. طوال الوثائقي، وهما ظل لوسيا في كل خطوة. تعتمرهما في أسفارها وعلى طاولة المفاوضات، حيث تحسم الصفقة لمصلحتها. هندي يعمل في الأحجار الكريمة منذ أكثر من 20 عاماً، تسحره شخصيتها المندفعة، فيسهُل عليها إقناعه ببيعها الحجر النادر ويصعُب عليه الرفض. تعود الديار مُزودة بالدرر.
الحجر هو مصدر الإلهام الأول، ولوسيا تحظى بفرصة رؤية الأحجار من منبعها. تغرف حكايات من الهند وتوضبها لتخبرها لفريقها في روما. المشاعر تحول صلابة المادة الخام إلى ليونة ورقة، وتمنح القصص عطر الزهور. في مكتبها بعاصمة بلادها، تُرتب وشريكاها الأفكار الإبداعية. تخترق الشمس بدفئها زجاج النافذة وتهدي المكان بهجة الحياة، فيما تتردد الإيقاعات الإيطالية كمعزوفة: «بونجورنو» وهي تحية الصباح، «بيلا» وهي الدهشة الجمالية، و«ماجيكا»، السحر.
حين يتنفس المرء صنعته، لا يعود عاملاً في المجال، بل خلاقاً. ولوسيا لا يقل حضورها الكاريزماتي عن مكانة «بولغاري» عينها. الوثائقي ينصف شأنها ويقدر جهودها. من خلالها يعترف بفضل وجهاء العلامة والجنود المجهولين في مصانعها.

قلادة الأفعى تطلبت أكثر من 2000 ساعة عمل

تنشأ علاقتها بالحجر النادر من اللمس، فالصوت: «من الضروري أن ألمس القطعة. صوت الأحجار الكريمة وهي تسقط على الطاولة، يشكل ذهولي. بمجرد اللمس وسماع الصوت، تفيض مشاعري»، تقول، وهي تعانقها بكف يدها كما تعانق أم رضيعها: حرصٌ وعشق.
أحياناً، يبلغ اللمس بالمرء مرتفعات تحول دونها سائر الحواس. كالأنامل الملقاة على قطعة قماش. على منحوتة. على جوهرة. لوسيا سيلفستري تشعر أنها تتحدث إلى الأحجار لحظة ملامستها. تؤنسنها. كأنها تقول لها: «سأضعكِ هنا وهناك»، فتكون التركيبة. 40 عاماً وهي تصادق الشغف، بدأته من خبرة مصفرة. خلاصتها اليوم: «هذه المهنة لا يمكن تعلمها في الكلية، بل بالعمل الميداني».
روما نبع إلهام ماركة المجوهرات الراقية. لا يزال جمالها يدهش لوسيا وهي تسير في شوارعها العابقة بالتاريخ والكاتدرائيات. مفهوم الجمال هذا، تعلمته من عائلة «بولغاري»: «منذ البداية مرروا شغفهم لي. ليس الشغف بالأحجار الكريمة وجمالها، بل شغفهم بالجمال نفسه».
يسرد بولغاري الحفيد حكاية الإرث. كان جده عامل صيانة متواضعاً في اليونان، أتى إلى روما في نهاية الثمانينات. بين بيعه الإسفنج وصناعة قطع الفضة، لمح حظاً يبتسم له، ففتح متجراً. علِق بشِباك المجوهرات وعلق الابن (والد الراوي) معه، فذهب إلى باريس عام 1908 ليبدأ المشوار. توارث الأبناء الحماسة، فتوسع العمل. منحُه طابعاً أرستقراطياً. اليوم، تتزين بمجوهرات «بولغاري» نجمات فاتنات.
كان بولغاري الأب أول مَن صنع مجوهرات بألوان متعددة في العالم. ثم كثُرت القطع، فبنوا مشغلاً لا يهدأ. نشأ الحفيد وقد تجاوز حالياً منتصف العمر، وهو يتأمل والده يختار الأحجار الكريمة. مات الأب قبل 55 عاماً. أثره ينير المسيرة.
قصة نجاح في فيلم يؤكد أن شرارة الشغف حين تُلحَق بظرف مُساعد، تضيء الإنسانية. تثير أسرار المجوهرات الفضول لاكتشافها، والوثائقي يزج المُشاهد في لعبة المتعة. ترى الإبهار في عيون تحدق بما صنعته الأيدي بفيض القلب. نجمات ارتدين مجوهرات العلامة، لم يجدن كلاماً يختزل الذهول.
لكن للأفعى الفاخرة فرادة الصناعة. أكثر من ألفي ساعة عمل، تطلب تنفيذها. العناية بالتفاصيل الصغيرة، فائقة. مبدعون خلف مجاهرهم، يراقبون ما لا تراه العين المجردة.


مقالات ذات صلة

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)

المغنية أديل تُودّع لاس فيغاس بفستان من «كلوي»

في توديع جمهورها بلاس فيغاس أبدعت أديل غناء وإطلالة (كلوي)
في توديع جمهورها بلاس فيغاس أبدعت أديل غناء وإطلالة (كلوي)
TT

المغنية أديل تُودّع لاس فيغاس بفستان من «كلوي»

في توديع جمهورها بلاس فيغاس أبدعت أديل غناء وإطلالة (كلوي)
في توديع جمهورها بلاس فيغاس أبدعت أديل غناء وإطلالة (كلوي)

اختتمت نجمة البوب البريطانية أديل سلسلة حفلاتها الموسيقية في لاس فيغاس، نيفادا، بالدموع. كانت آخِر ليلة لها على خشبة مسرح «الكولوسيوم» بقصر سيزار في لاس فيغاس، وكانت مِسك الختام، حيث حضرها نجوم وشخصيات كبيرة انتزعوا من عيونها دموع «الامتنان والحب والفخر»، كما قالت، مضيفة: «لن أنسى هذه التجربة، وسأشتاق إليكم كثيراً، فالشيء الوحيد الذي أتقنه جيداً هو الغناء، وأنا الآن لا أعرف متى سأعود إلى المسرح وإليكم».

تميَّز الفستان بياقة مفتوحة على شكل V وأكمام منفوخة من الكوع إلى المعصم (كلوي)

إطلالتها، وهي تغني بشغف، أكدت أن الغناء ليس قوتها الوحيدة، فهي تُجيد، الآن، فنون الأناقة أيضاً، وهو ما يؤكده الفستان الذي ظهرت به. صممته لها دار «كلوي» الفرنسية خصوصاً وعلى مقاسها. اختارت له المصممة شيمينا كامالي اللون الأسود وحرير الكريب، الذي طرزته الأنامل الناعمة العاملة في ورشات الدار يدوياً بخرز وأحجار باللونين الأسود والذهبي. ما يميزه هو التخريمات حول الصدر والأكمام المنفوخة من الكوع إلى المعصم. هذه التفاصيل الصغيرة أضفت عليه ابتكاراً أخرجه من الكلاسيكية التي تشتهر بها أديل عادة، فهي معروفة بميلها إلى اللون الأسود والتصاميم الكلاسيكية التي تُبرز تضاريس جسدها وأنوثتها، خصوصاً بعد أن أنقصت وزنها بشكل كبير.

تم تطريزه بخرز وأحجار باللونين الأسود والذهبي لمظهر راقٍ (كلوي)

تقول الدار إن تنفيذ الفستان استغرق 890 ساعة، علماً بأنها ليست المرة الأولى التي تختار فيها المغنية البريطانية تصميماً من دار «كلوي». ففي عام 2016 ظهرت أيضاً بفستان بتوقيع الدار خطفت فيه الأنظار في مهرجان غلاستنبوري البريطاني.