نظرة إلى رؤساء الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» منذ 1904

نظرة إلى رؤساء الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» منذ 1904
TT

نظرة إلى رؤساء الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» منذ 1904

نظرة إلى رؤساء الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» منذ 1904

منذ تأسيس الاتحاد الدولي لكرة القدم رسمياً يوم 21 مايو (أيار) 1904، في العاصمة الفرنسية باريس، تعاقب على رئاسته 12 رئيساً، بينهم تسعة رؤساء أصلاء، وثلاثة تولوا الرئاسة بالوكالة، ولقد توفي ثلاثة أيضاً أثناء شغلهم المنصب.
الاتحاد اتخذ له عبر تاريخه عدداً من المقرات قبل الاستقرار في مقره الحالي في مدينة زيوريخ السويسرية. وهو يضم راهناً 209 دول أعضاء، الأمر الذي يجعله إحدى أكبر المؤسسات الدولية من حيث العضوية. وفيما يلي، أسماء الرؤساء الذين تولوا المنصب قبل الرئيس الحالي جياني إنفانتينو.

روبير غيران (فرنسا): 1904 – 1906
أول رؤساء «الفيفا» بين عامي 1904 و1906، كان الصحافي الفرنسي روبير غيران (1876 - 1952).
غيران عمل في صحيفة «لو ماتان»، بجانب اهتمامه بكرة القدم، إذ شغل منصب سكرتير قسم كرة القدم في «اتحاد الجمعيات الرياضية الفرنسية». وبعدها كان في طليعة العاملين على تأسيس الاتحاد الدولي للعبة، عبر دعوته ممثلي أول سبع دول أعضاء في الاتحاد الوليد من أجل إقرار وثيقة التأسيس والقانون الداخلي. وعام 1904 (عندما كان لا يزال في سن الرابعة والعشرين) انتخب رئيساً للمؤتمر التأسيسي. ومن ثم ظل رئيساً للاتحاد حتى عام 1906 عندما ارتفع عدد الدول الأعضاء إلى 15 دولة.
دانيال بُرلي وولفول (بريطانيا):
1906 – 1918
البريطاني دانيال بُرلي وولفول (1852 – 1918) كان الرئيس الثاني، وهو صاحب خبرة في الإدارة الرياضية. وفي عهده أقرت واعتمدت أنظمة اللعبة وفق النموذج الإنجليزي، وصارت إلزامية التطبيق. كما بوشر بإرساء دعائم تنظيم المباريات الدولية، عبر أولمبياد لندن عام 1908. خلال عهده انضمت للاتحاد أول دول غير أوروبية، واندلعت الحرب العالمية الأولى، وتوفي في خريف عام 1918 وهو في المنصب.

كورنيليوس هيرشمان (هولندا): تولى المنصب مؤقتاً بين 1918 و1920
المصرفي والإداري الرياضي والأولمبي الهولندي كورنيليوس هيرشمان (1877 - 1951) كان أول رئيس بالوكالة عندما شغل المنصب بعد وفاة بُرلي وولفول. هيرشمان كان أحد مؤسسي الاتحاد الدولي وأمينه العام الثاني بين عامي 1906 و1931.

جول ريميه (فرنسا): تولى المنصب مؤقتاً بين 1920 و1921. ثم رسمياً بين
1921 و1954
المحامي والإداري الرياضي الفرنسي جول ريميه (1873 - 1956) يُعد أبرز رواد «الفيفا»، وهو الرئيس الأطول عهداً للاتحاد (شغل المنصب لمدة 33 سنة)، والرجل الذي حملت «كأس العالم» الأصلية اسمه تقديراً لإطلاقه أول مبادرة لتنظيم البطولة العالمية. وبالفعل نظمت كأس العالم الأولى عام 1930. ووفق الأنظمة المعمول بها في حينه منحت تلك الكأس نهائياً للبرازيل إثر انتزاع منتخبها البرازيلي البطولة ثلاث مرات.
رودولف سيلدرايرز (بلجيكا):
1954 - 1955
رودولف سيلدرايرز (1876 - 1955)، المحامي والصحافي والإداري الرياضي البلجيكي المولود في ألمانيا، كان أحد أبرز الشخصيات الرياضية في بلجيكا وأحد مؤسسي الاتحاد الملكي البلجيكي لجمعيات كرة القدم. تولى منصب نائب رئيس «الفيفا» عام 1927. توفي خلال سنة و108 أيام فقط من شغله المنصب.

آرثر دروري (بريطانيا): تولى المنصب مؤقتاً بين 1955 و1956، ثم رسمياً بين 1956 و1961
الإداري الرياضي البريطاني آرثر دروري (1891 - 1961)، كان خامس رئيس لفيفا، لدى توليه المنصب بالوكالة في أعقاب وفاة سلفه سيلدرايرز عام 1955. وفي العام التالي (1956) أسند إليه المنصب بالأصالة، وظل يشغله حتى وفاته يوم 25 مارس 1961. تقلب دروري في عدد من المناصب الكروية في إنجلترا، منها رئاسة الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم ورئاسة رايطة أندية المحترفين (الليغ). في عام 1961 صار ثالث رئيس للـ«فيفا» يتوفى إبان شغله المنصب.
إرنست ثومن (سويسرا): 1961
الإداري الرياضي السويسري إرنست ثومن (1899 - 1967) خلف سلفه الراحل دروري في رئاسة «الفيفا» بالوكالة، إثر وفاة الأخير، إلا أنه لم يبقَ في المنصب إلا ستة أشهر، خسر خلالها انتخابات الرئاسة من الجولة الأولى أمام البريطاني ستانلي راوس. توفي في حادث سير عام 1967.

السير ستانلي راوس (بريطانيا):
1961 - 1974
السير ستانلي راوس (1895 - 1986)، أحد ألمع الشخصيات الإدارية الكروية في إنجلترا، وكان قد شق طريقه في هذا المجال مدرّساً للرياضة البدنية، وتخلل مسيرته عمله حكم كرة محلياً فدولياً، ثم عمله مسؤولاً إدارياً في الاتحادات والجمعيات وصولاً إلى توليه منصب سكرتير الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بين 1934 و1962. تولى راوس رئاسة «الفيفا» لفترة طويلة نسبياً بين 1961 و1974. وإبان فترة رئاسته انتزعت إنجلترا كأس العالم في نهائيات البطولة التي استضافتها لندن عام 1966.

جواو هافيلانج (البرازيل): 1974 - 1998
المحامي ورجل الأعمال البرازيلي الثري جواو هافيلانج (1916 - 2016)، كان أول رئيس للـ«فيفا» يُنتخَب من خارج أوروبا، وهو السابع في سلسلة الرؤساء والثاني من حيث طول مدة توليه الرئاسة بعد جول ريميه. فقد شغل هافيلانج المنصب لأكثر من 24 سنة، وشهدت السنوات الأخيرة من رئاسته شبهات وتهم فساد، امتدت تداعياتها إلى عهد رئاسة خلفه السويسري جوزيف بلاتر. أيضاً كان هافيلانج الرئيس الأطول عمراً، إذ تجاوز سن المائة سنة.

جوزيف بلاتر (سويسرا): 1998 - 2015
المحامي ورجل الأعمال والعلاقات العامة والإداري الرياضي السويسري جوزيف بلاتر (المولود عام 1936)، خلف جواو هافيلانج في رئاسة «الفيفا»، كما ورث عن سلفه إبان مسيرة تربو عن 17 سنة في المنصب علامات استفهام تتصل بتهم الفساد. وبالفعل، أدت التهم إلى فتح تحقيقات افضت في نهاية المطاف إلى إدانته عام 2015. ومنعه من تولي أي مسؤوليات تتصل بالاتحاد حتى عام 2027.

عيسى حياتو (الكاميرون):
تولى المنصب مؤقتاً بين 2015 و2016
الإداري والرياضي الكاميروني عيسى حياتو، المولود عام 1946. كان أول أفريقي وأول مسلم (ابن أسرة من سلاطين شعب الفولاني) يتولى رئاسة «الفيفا» عام 2015 - ولو بالوكالة - وذلك في أعقاب إدانة جوزيف بلاتر. ولقد استمر في المنصب حتى انتخابات خلفه جياني إنفانتينو عام 2016.



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».