شاشات: الشاطر والمشطور وما بينهما

شاشات: الشاطر والمشطور وما بينهما
TT

شاشات: الشاطر والمشطور وما بينهما

شاشات: الشاطر والمشطور وما بينهما

* إلى أن تكون مقدّمة كل حلقة من كل مسلسل أنجزت مدتها، التي تصل - في المتوسط - إلى 4 دقائق ونصف، يكون أي مسلسل أميركي قد دخل في صلب موضوعه وبخّ المشاهد الأولى التي ستؤدي إلى التصاق المشاهدين بشاشة التلفزيون. بخاخ يحتوي على مادة لاصقة غير مرئية تجعل المشاهد ثابت في مكانه لأن دقيقة واحدة من التقديم هي أكثر من كافية. باقي الأسماء عليها أن ترد في النهاية. ‬
لكن هناك فائدة من المقدّمات الطويلة. مثلاً، أنه لولاها لما تمكّن المشاهد العربي من إنهاء آخر مشاغله قبل بداية المسلسل. طبعًا يستطيع أن ينهيها قبل بدء المقدمات لو أراد، لكن الكثير اعتادوا على استغلال تلك المقدّمة لقضاء الحاجات الأخيرة: سكب فناجين القهوة، غسل بعض الصحون التي تركها الأبناء، إجراء وإنهاء مكالمة ‬هاتفية أو فض اشتباك بين رجل وزوجته حول أي من المسلسلين المعروضين في الوقت نفسه سيشاهدان. عادة ما تنتصر الزوجة، يُقال لي، لأن التلفزيون (إذا كان هناك جهاز واحد في البيت كحال الغالبية من الناس) يتبع إدارتها للشؤون المحلية.
في هذه الحالة يكون المسلسل سببا للانقسام وليس للوئام.
* إلى أن تفضي هذه المقدّمات؟ ما الذي يتعلّمه المشاهد منها.‬ الكثير في اليوم الأول. وربما في اليوم الثاني، إذا ما فاتته في اليوم الأول، ثم أقل من ذلك بدءًا من اليوم الثالث حتى إذا ما وصل رمضان والمسلسل إلى منتصفيهما لم يعد هناك سوى التبرّم من طول المقدّمات التي لا تتغير بالطبع. تلك جيّدة التنفيذ وتلك التي تشبه المساكن العشوائية تشتركان في التحوّل إلى «لزوم ما لا لزوم له».‬
بالنسبة لناقد يصرف الوقت منتقلاً بين الشاشات فإن درجة الدجل في تلك المقدّمات تساوي درجة الضجر منها. كما ذكرت هنا سابقًا، تحاول المقدّمة إرضاء كل الممثلين والطريقة المثلى في ذلك هي تقديم الأسماء الأولى، ثم تأتي مجموعة الأسماء الثانية ‬فإذا بها تحمل اسم «بطولة»، كيف يكون بطولة إذا كان دوره مساندًا؟ لا يهم. الممثل اشترط ذلك. بعد ذلك تتكرر وصفة «النجم» لهدف تمييزه عن مجرد ممثل. هذا ينطبق على «نجوم» فعليين كما على غالبية من الممثلين من الذين لم يبلغوا تلك الدرجة بعد وذلك لإرضاء مشاعرهم النرجسية (أو مشاعر بعضهم على الأقل). ثم هناك وصف «الممثل القدير» وهو وصف يشمل عددًا من الممثلين الذين هم في الدرجة الثالثة أو الرابعة. وفي كعب سلم الدرجات، كلمة «ممثل» من دون «قدير»، فهل يعني ذلك أن هذا الممثل، وهم حفنة في الواقع، غير جديرين بالتقدير؟
لا أدري. لكن أسماء الممثلين تأتي متبوعة بأسماء كل أصناف العاملين خلف الكاميرا. تشبه خطب قبول الأوسكار في أميركا حيث يقف الفائز ليشكر المانحين ثم زوجته وابنتيه وأمه وحماته ومحاميه ووكيل أعماله ويتدارك قبل أن تصمته الموسيقى جارته التي لولاها «لما تم تقديم هذا العمل».
هنا تطالعنا أسماء كل المشاركين: مصفف الشعر ومهندس الديكور ومصمم العناوين ومساعدي رئيس قسم الماكياج ومن قاد السيارة ومن رتّب الولائم ومن نظّف المكان بعد التصوير تقريبًا. بالطبع، يستحق كل عامل الإعلان عن نفسه. هذا حق. لكن المشاهد يستحق أن ينطلق سريعًا إلى قلب الحديث من دون أن يقلّبه الحدث المنتظر على جانبيه. لا بد أن هناك طريقة أخرى أسرع كوضع كل أصحاب الحرف الفنية في لقطة أو لقطتين والسلام عليكم.
* ثم تأتي النهايات. ‬
قبلنا جميعًا في عشرينات القرن الماضي وثلاثيناته، انبثقت في فرنسا والولايات المتحدة مجموعة من المسلسلات السينمائية التي سمّيت Serials من مطلعها وهي صامتة وحتى اليوم. لكن صانعيها من الأميركيين أطلقوا عليها اسما ثانيًا متعارف عليه هو Cliffhangers. وهذا لسبب وجيه.‬
كل مسلسل عبارة عن 12 إلى 15 حلقة. كل حلقة من 16 دقيقة (باستثناء الأولى التي تصل إلى 25 دقيقة) وكل حلقة تعرض في أسبوع في صالات السينما قبل الفيلم الرئيس. على الحلقة الواحدة أن تنتهي بوضع مثير: البطل يسقط في حفرة سبقه إليها حيوان شرس أو يجد نفسه في سيارة منطلقة مُدارة بـ«ريموت كونترول» وسوف تسيّر لكي تجنح وتقع في الوادي وهو في داخلها، أو أنه سيجد نفسه في الزورق السريع وقد تم حشره بين باخرتين تقتربان كل من الأخرى بحيث ستدمره قاربه وتطحنه. في مطلع الحلقة التالية سنتعرّف على كيف نجا من الموت المحق: صديقه يرمي له بحبل فيرفعه من الحفرة أو سينجح في كسر باب السيارة وإلقاء نفسه في اللحظة الأخيرة منها، أو سيقفز من القارب في الوقت المناسب ويسبح عميقًا ثم بعيدًا وينجو الخ…‬ ‬الكثير من مسلسلاتنا لا تعرف قيمة إنهاء الحلقة الواحدة بما يجبر المشاهد على العودة إلى المسلسل في اليوم التالي. عادة ما تنتهي والممثل (القدير) لا يزال يتحدّث أو بتسلمه خبرًا بائسًا. أو ها هي تركض باكية في أرجاء البيت وهي تبكي. لا شيء مثيرا فعلا. إذا ما نام المتابع بعد ربع الساعة الأولى، ثم استيقظ ومن حوله يقومون من مجالسهم أو إذا ما بقي نائمًا في موضعه لمطلع الحلقة التالية في اليوم التالي، فإن القليل سيغيّر في الركود السائد.
* بالنسبة للسياق الممارس بين المقدّمة والمؤخرة فإن درجة التشويق تعتمد على عناصر كثيرة. ‬
في صدارتها إذا ما كانت الأحداث المتتابعة جديدة فعلاً أو حشوا لتمضية الوقت بحيث لا يقع سوى جزء ضئيل جدّا من التطوّر الدرامي. ‬
فيما سبق، كان من بين أهم الملاحظات أن الكاميرا تأخذ وقتها وهي تتابع ظهور ممثل في الطابق الثاني من منزله. يقف عند أعلى السلّم ثم يبدأ بالنزول… ‬درجة درجة وببطء تعتقد معه أنه لن يصل إلى أسفل الدرجات إلا في الحلقة ما قبل الأخيرة، هذا لم يعد سائدًا. مسلسلات مثل «أحمد وكريستينا» اللبناني أو «حارة اليهود» المصري، وجدت أن الأفضل هو حشو المشاهد بما سبق وتم تأسيسه ما يذكر بأشغال البلدية التي عوض ردم حفرة في الطريق العام في يوم، سيقتضي الأمر ثلاثة أيام من المعاينة وثلاثة أخرى من فعل الردم ذاته.
بالأمس، مثلاً، اكتشفت أن العلاقات الدبلوماسية المقطوعة بين الحبيبين علي وليلى في مسلسل «حارة اليهود» منذ الحلقة الثامنة (أي قبل عشر حلقات) قد تشهد تسخينًا وتحسينًا بدءًا من الحلقة الثامنة عشر أو التاسعة عشر. ها هو علي يستعيد ذكرياته العاطفية وها هي ليلى تغسل وجهها بماء طاهر. ما يعني - عمليًا - أن الوضع بقي على ما هو عليه بينهما طوال تلك الحلقات.



أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
TT

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)

سادت أجواء البهجة منذ الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الفطر في مصر، حيث احتشد المصلون من مختلف الأعمار في ساحات المساجد، وسط تكبيرات العيد التي ترددت أصداؤها في المحافظات المختلفة.
وشهدت ساحات المساجد زحاماً لافتاً، مما أدى إلى تكدس المرور في كثير من الميادين، والمناطق المحيطة بالمساجد الكبرى بالقاهرة مثل مسجد الإمام الحسين، ومسجد عمرو بن العاص، ومسجد السيدة نفيسة، ومسجد السيدة زينب، وكذلك شهدت ميادين عدد من المحافظات الأخرى زحاماً لافتاً مع صباح يوم العيد مثل ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
وتبدأ مع صلاة العيد أولى مباهج الاحتفالات عبر «إسعاد الأطفال»، وفق ما تقول ياسمين مدحت (32 عاماً) من سكان محافظة الجيزة (غرب القاهرة). مضيفةً أن «صلاة العيد في حد ذاتها تعد احتفالاً يشارك الأهالي في صناعة بهجته، وفي كل عام تزداد مساحة مشاركة المصلين بشكل تطوعي في توزيع البالونات على الأطفال، وكذلك توزيع أكياس صغيرة تضم قطع حلوى أو عيدية رمزية تعادل خمسة جنيهات، وهي تفاصيل كانت منتشرة في صلاة العيد هذا العام بشكل لافت»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

بالونات ومشاهد احتفالية في صباح عيد الفطر (وزارة الأوقاف المصرية) 
ويتحدث أحمد عبد المحسن (36 عاماً) من محافظة القاهرة، عن تمرير الميكروفون في صلاة العيد بين المُصلين والأطفال لترديد تكبيرات العيد، في طقس يصفه بـ«المبهج»، ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط» إن «الزحام والأعداد الغفيرة من المصلين امتدت إلى الشوارع الجانبية حول مسجد أبو بكر الصديق بمنطقة (مصر الجديدة)، ورغم أن الزحام الشديد أعاق البعض عند مغادرة الساحة بعد الصلاة بشكل كبير، فإن أجواء العيد لها بهجتها الخاصة التي افتقدناها في السنوات الأخيرة لا سيما في سنوات (كورونا)».
ولم تغب المزارات المعتادة عن قائمة اهتمام المصريين خلال العيد، إذ استقطبت الحدائق العامة، ولعل أبرزها حديقة الحيوان بالجيزة (الأكبر في البلاد)، التي وصل عدد الزائرين بها خلال الساعات الأولى من صباح أول أيام العيد إلى ما يتجاوز 20 ألف زائر، حسبما أفاد، محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، في تصريحات صحافية.
ويبلغ سعر تذكرة حديقة الحيوان خمسة جنيهات، وهو مبلغ رمزي يجعل منها نزهة ميسورة لعدد كبير من العائلات في مصر. ومن المنتظر أن ترتفع قيمة التذكرة مع الانتهاء من عملية التطوير التي ستشهدها الحديقة خلال الفترة المقبلة، التي يعود تأسيسها إلى عام 1891، وتعد من بين أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.