الموت يغيّب التشكيلي المصري حسن الشرق بعد مسيرة حافلة

تم الاحتفاظ ببعض لوحاته الفولكلورية في أهم متاحف العالم

الفنان الراحل حسن الشرق (صورة من صفحته على «فيسبوك»)
الفنان الراحل حسن الشرق (صورة من صفحته على «فيسبوك»)
TT

الموت يغيّب التشكيلي المصري حسن الشرق بعد مسيرة حافلة

الفنان الراحل حسن الشرق (صورة من صفحته على «فيسبوك»)
الفنان الراحل حسن الشرق (صورة من صفحته على «فيسبوك»)

غيّب الموت مساء الأربعاء التشكيلي المصري الشهير حسن الشرق، عن عمر ناهز 72عاماً، إثر تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة في منزله بقرية زاوية سلطان بشرق النيل في مركز المنيا (جنوب مصر).
واعتبر حسن الشرق بمثابة سفير للفن الفطري؛ فهو لم يستكمل تعليمه، ولم يحصل على أي دراسة أكاديمية في الفن التشكيلي، إلا أنه استطاع أن يوثق تراث مصر وفولكلورها الشعبي بأكبر متاحف العالم، ومنها متحف اللوفر الذي احتفظ بلوحتين عن السيرة الهلالية من رسوماته، كما حظي الفنان بشهرة واسعة في الغرب الذي منحه العديد من الألقاب، ومنها «الفرعون الهارب» و«إخناتون».

وأُلّفت عنه العديد من الكتب باللغات العربية، والألمانية، والإنجليزية، وأُنتجت له 3 أفلام تسجيلية ترصد رحلته الفنية بالفرنسية والإسبانية، كما نال أرفع الجوائز من دول العالم، وفي عام 1994 أهدته ألمانيا مفتاح مدينة نيولابك عن مجموعة أعماله الفنية، ومنحته الولايات المتحدة الأميركية عام 2014 درجة الدكتوراه الفخرية، وتم تصنيفه كأفضل تاسع رسام تشكيلي على مستوى العالم، في حين نال أكثر من 26 باحثاً على درجة الماجستير في مصر والعالم عن إبداعاته ومشواره الفني المميز.
وقدم حسن الشرق لغة تشكيلية خاصة به من أهم سماتها التلقائية والعفوية، حيث كسر القواعد الأكاديمية منطلقاً نحو فضاءات واسعة من التعبير الحر والفطري، ومتخذاً من السرد البصري محوراً لأعماله؛ إذ كان يرى أن اللوحة «فن وقصة وكلمة»، مستدعياً الكثير من المفردات والطقوس والرموز القديمة مثل العين والكف والسيف العربي، وسبوع المولود، والزار وليلة الحنة والوجوه التي تأخذ شكلاً متفرداً، والقباب التي تميز مباني الصعيد.، وقدمها بأسلوب فني خاص تخطى فيه النسب الطبيعية.
يقول الناقد الفني هشام قنديل، مدير أتيليه العرب، لـ«الشرق الأوسط»: «برحيل حسن الشرق نودّع آخر الفنانين الفطريين، العبقري الذي لم يدرس الفن، وابتعد عن تنظير كثير من الأكاديميين الذين حاولوا رسم تراثنا العربي الأصيل فأفرغوه من روحه وهويته، في حين أنه كان بمثابة حارس أمين للفولكلور العربي، وليس المصري فقط».
وأضاف «جسّد لنا الراحل البيوت الطينية المزدانة بعبارات التهنئة لحجاج بيت الله، وكف اليد، والهودج المتهادي على سنام الجمل ولعبة السيجا والتحطيب وشعراء الربابة والموالد وليالي ألف ليلة وليلة وقطار الدرجة الثالثة».

لافتاً «هو الفنان العالمي الذي احتفت به أكبر الهيئات والمؤسسات الفنية في العالم، وزار نحو 17 دولة، واقتنى متحف اللوفر بفرنسا لوحتين له، بينما تقبع له أربع لوحات بجوار الملكة نفرتيتي في متحف توستي الأثري بألمانيا»، وتابع «تعاون الشرق مع رموز ثقافية مصرية كبيرة مثل الشاعر عبد الرحمن الأبنودي في (السيرة الهلالية)، ومع الكاتب جمال الغيطاني في كتابه (ألف ليلة وليلة)».
ويشير إلى أنه «رغم ذلك كله لم يتخل عن شخصيته الأصيلة وجلبابه البلدي ولكنته الصعيدية؛ فكان يسأله الصديق الفنان أحمد أبو اليزيد رايح علي فين يا عم حسن؟ ويرد بعفوية صعيدية رائعة: أنا رايح عند هشام جنديل».
خاض الشرق تحديات جمة في مشواره الفني منذ بداياته، لكنه أصر على الاستمرار في طريقه والنجاح، فقد كان والده الذي يعمل بالجزارة يطالبه بالوقوف إلى جانبه في الجزارة والتوقف عن الرسم والفن التشكيلي، إلا أنه قرر أن يساعده في عمله مع الاستمرار في ممارسة هوايته «الرسم»، فكان يرسم على ورق اللحم المخصص للبيع مستخدماً فرشاة من جريد النخل وألوان يصنعها بنفسه من نباتات ومواد طبيعية مثل الكركم والعرقسوس، وكان يرجع مصدر إلهامه الأساسي لقريته التي تبعد عن القاهرة نحو 240 كيلو (جنوباً) والتي كان يعدّها نموذجاً لعبقرية المكان؛ حيث كانت تتسم بجمال الطبيعة أو كما كان يصفها بأنها تجمع بين الرائعين «النيل والجبل» الملهمين له.

وكان الفنان يعدّ بدايته الحقيقية مع الفن عندما زارت المستشرقة الألمانية أورزولا شيورنج قريته في المنيا عام 1985 وأبدت انبهارها بأعماله ولوحاته وأصرت على توجهه إلى القاهرة، ليقيم معارض فنية ويعرفه جمهور الفن، واستجاب الفنان لمقترحها وفق الناقد هشام قنديل الذي أضاف قائلاً «كانت نصيحة المستشرقة واستجابته لها، تمثل نقلة مصيرية في حياته؛ ومن ثم نقطة انطلاقه نحو العالمية؛ إذ أقام مجموعة من المعارض في الخارج، بدأها بمعرض في شتوتغارت ثم في ميونيخ وتبعها بمعارض في فرنسا، وسويسرا وغيرها من الدول».
وتحولت صفحات التشكيليين والنقاد المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى دفتر تأبين وعزاء للفنان، فكتب الفنان مصطفى عطية على صفحته على «فيسبوك»: «على ضفاف مقابر بني حسن العريقة لطالما رسم حسن الشرق شخصياته وحكايته الأسطورية ونساءه وحيواناته وزخرفتهم بطريقته الخاصة المستوحاة من الحضارة المصرية القديمة، بألوانه التي كان يصنعها بنفسه على طريقة الأجداد الذين ترعرع في أحضانهم، وتشبع بفنهم مبدعاً فناً فطرياً رائعاً، ميّزه وتميز به حتى وصل به للعالمية».

وكتب الناقد والفنان صلاح بيصار «بعد رحلة مفعمة بالفن لأكثر من أربعين عاماً رحل الفنان حسن الشرق الذي يُعد آخر الفطريين الكبار مع رمضان سويلم، ولويس توفيق، ومحمد علي ومحمود اللبان».
وأقام الفنان متحفاً باسمه في قريته على مساحة 1500 متر؛ ليكون واحداً من أبرز المتاحف الفنية الخاصة في مصر على غرار متحف الفنان محمود خليل وحرمه، والفنان نبيل درويش للخزف، وفي سبيل ذلك قام ببيع أرضه الزراعية التي ورثها عن والده لإقامة المتحف الذي ضم لوحاته الفنية ومقتنياته التي حصل عليها من ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وأميركا لكبار الفنانين التشكيليين، وكان يقيم الورش الفنية فيه لأهل القرية، حتى تم وضعه على الخريطة السياحية للجنوب».



استعادة التراث الحضاري المصري في معرض للحرف اليدوية

منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)
منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)
TT

استعادة التراث الحضاري المصري في معرض للحرف اليدوية

منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)
منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)

في خطوة لاستعادة التراث الحضاري المصري، عبر تنشيط وإحياء الحرف اليدوية والتقليدية، افتتح رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الدورة السادسة لمعرض «تراثنا»، الخميس، التي تضم نحو ألف مشروع من الحرف اليدوية والتراثية، بالإضافة إلى جناح دولي، تشارك فيه دول السعودية والإمارات والبحرين وتونس والجزائر والهند وباكستان ولاتفيا.

المعرض الذي يستمر حتى 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يضم معروضات من الجمعيات الأهلية، من مختلف محافظات مصر، والمؤسسات الدولية شركاء التنمية، بهدف «إعادة إحياء الحرف اليدوية والصناعات التقليدية والتراثية، بما يُعزز من فرص تطورها؛ لكونها تُبرز التراث الحضاري المصري بشكل معاصر، يلبي أذواق قاعدة كبيرة من الشغوفين بهذا الفن داخل مصر وخارجها، كما تُسهم في تحسين معيشة كثير من الأسر المُنتجة»، وفق تصريحات لرئيس الوزراء المصري على هامش الافتتاح، كما جاء في بيان نشره مجلس الوزراء، الخميس.

رئيس الوزراء المصري يتفقد أجنحة المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)

ووفق تصريحات صحافية للرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، باسل رحمي، يقدم المعرض مجموعة من الفنون المصرية المُتفردة، مثل: السجاد والكليم اليدوي، والمنسوجات، والتلّى، ومفروشات أخميم، والإكسسوار الحريمي، والحرف النحاسية والزجاجية، وأعمال التطريز، والخيامية، والصدف، والتابلوهات، والخزف، والجلود، ومنتجات الأخشاب، والخوص، والأثاث، إلى جانب الملابس التراثية، والمكرميات، وأعمال الرسم على الحرير، والبامبو، ومنتجات سيناء، وغيرها.

منتجات متنوعة في أجنحة المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)

وعرض جناح هيئة التراث السعودية، منتجات عددٍ من أمهر الحرفيين المتخصصين في الصناعات اليدوية التقليدية، كما عرض جناح غرفة رأس الخيمة، منتجات محلية تراثية، وكذلك جناح الديوان الوطني للصناعات التقليدية في الجمهورية التونسية.

وأعلن رحمي عن توقيع بروتوكولات تعاون مع عدة دول، من بينها الهند، لتبادل الخبرات والتنسيق في المعارض المشتركة؛ بهدف نشر الصناعات اليدوية والعمل على تسويقها داخل مصر وخارجها، مؤكداً على عقد بروتوكول تعاون مع شركة ميناء القاهرة الدولي؛ لتوفير منصات تسويقية تحت العلامة التجارية «تراثنا» داخل صالات مطار القاهرة الدولي، وإتاحة مساحات جاذبة لجمهور المسافرين والزوار لعرض وبيع منتجات الحرفيين المصريين اليدوية والتراثية.

معرض «تراثنا» يضم كثيراً من المنتجات المصنوعة يدوياً (رئاسة مجلس الوزراء)

كما سيتم توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية بين جهاز تنمية المشروعات، والشركة المسؤولة عن تشغيل المتحف المصري الكبير، وكذلك الشركة المسؤولة عن تنظيم عمليات إنتاج وعرض المنتجات الحرفية داخل متجر الهدايا الرسمي بالمتحف لدعم وتأهيل أصحاب الحرف اليدوية والتراثية وتطوير منتجاتهم، تمهيداً لعرضها بعدد من المتاجر في مناطق سياحية مختلفة داخل وخارج البلاد، في إطار تعزيز التكامل بين الجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص.