كيف دخلت جامعة سعودية نادي الكبار في تكنولوجيا «النانو»؟

«كاوست» تلعب دوراً متزايداً في تطوير الرقائق الإلكترونية والذكاء الصناعي

كيف دخلت جامعة سعودية نادي الكبار في تكنولوجيا «النانو»؟
TT

كيف دخلت جامعة سعودية نادي الكبار في تكنولوجيا «النانو»؟

كيف دخلت جامعة سعودية نادي الكبار في تكنولوجيا «النانو»؟

في مطلع عام 2020، حين شلّت جائحة «كورونا» والإغلاقات المترتبة عليها العالم، تضاعف حجم استهلاكنا لكل وسائل التقنية الحديثة من أجهزة الكومبيوتر والألعاب والهواتف المحمولة والأجهزة المنزلية، بالتزامن مع اضطراب كبير في سلاسل الإمداد لكافة السلع على مستوى العالم.
كان القاسم المشترك بين هذه الأجهزة، وغيرها الكثير، اعتمادها على رقاقة إلكترونية صغيرة جداً من مواد تسمى «أشباه الموصلات».
دفع النقص الحاد في رقائق «أشباه الموصلات» الذي حدث خلال العامين الماضيين بعد شلل سلاسل التوريد، عدداً من الدول، بينها السعودية، إلى بذل جهود حثيثة لبناء سلسلة توريد قوية لها في الداخل. وكانت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية «كاوست»، إحدى المؤسسات التي لعبت دوراً في هذا الإطار، ودخلت هذا العام نادي الكبار في أبحاث تقنيات النانو، باختيارها الجامعة الـ18 عالمياً في هذا المجال.
ويؤكد الدكتور توني تشان، رئيس جامعة «كاوست»، أن «الأحداث والاتجاهات الأخيرة سلطت الضوء على الأهمية الاستراتيجية لأشباه الموصلات على مستوى العالم وقدرتها على تحويل الاقتصاد الرقمي للسعودية وصناعات السيارات وقطاع الصناعة والتصنيع الدفاعي».

ماهي «أشباه الموصلات»؟

لكن لنتوقف قليلاً لنشرح ما هي أشباه الموصلات.
تمتلك أشباه الموصلات أو ما نطلق عليه الرقاقة الالكترونية خصائص كهربائية معينة تمكنها من العمل كأساس لأجهزة الكومبيوتر والأجهزة الإلكترونية الأخرى.
لدى المواد شبه الموصلة مثل السليكون والجرمانيوم وزرنيخ الجاليوم، خصائص كهربائية في مكان ما في الوسط بين المواد الموصلة والمواد العازلة. هي إذن ليست موصلات جيدة ولا عوازل جيدة، ولهذا سميت «أشباه الموصلات».
هذه المواد بها عدد قليل من الإلكترونات الحرة لأن ذراتها مجمعة معاً في نمط بلوري يسمى «الشبكة البلورية»، ومع ذلك فإن قدرتها على التوصيل الكهربائي يمكن تحسينها كثيراً عن طريق إضافة بعض «الشوائب» لهذه البنية البلورية، وبالتالي تنتج إلكترونات حرة أكثر من الفجوات أو العكس بالعكس.
هذه الرقاقة التي تُصنع عادةً من شرائح رقيقة من السيليكون في الوقت الحالي، مع مكونات معقدة موضوعة عليها في أنماط محددة. تتحكم هذه الأنماط في تدفق التيار باستخدام مفاتيح كهربائية تسمى «الترانزستور».
ويعود أول اكتشاف لظاهرة «أشباه الموصلات» الى عام 1833، حينما لاحظ العالم البريطاني مايكل فاراداي طبيعتها، وتأثير الحرارة على موصليتها؛ إذ لاحظ انخفاض المقاومة الكهربائية لكبريتيد الفضة مع زيادة درجة الحرارة.
منذ التاريخ توالت الأبحاث والاكتشافات في هذا المجال حتى وصلنا اليوم إلى الجيل الثالث من مواد «أشباه الموصلات» ذات الفجوة الواسعة النطاق.

رقائق إلكترونية

وبسبب أهميتها البالغة للصناعة، تمتلك معظم الدول المتقدمة قدرات كبيرة في مجال تقنية أشباه الموصلات المسؤولة عن تشغيل كل شيء في حياتنا اليومية من هواتف محمولة وسيارات وأجهزة منزلية وطبية إلى الأسلحة والطائرات المقاتلة وأنظمة الصواريخ المتطورة التقليدية منها والنووية، إلى آخر القائمة.
كما أنها أساسية اليوم في تحقيق التوجه العالمي نحو تطوير تقنيات الطاقات المتجددة، ويمكن القول إن هذه التقنيات، وتحديداً شريحة الدائرة المتكاملة، أصبحت الأساس المادي الأكثر أهمية للثورة الصناعية الثالثة والرابعة.
وبرزت «أشباه الموصلات المركبة» خلال السنوات القليلة الماضية كثاني أكثر أنواع «أشباه الموصلات» استخدامًا بعد السيليكون. وهذا يرجع جُزْئِيًّا إلى قدرتها على امتلاك العديد من الخصائص الأساسية المتفوقة في وقت واحد، مثل زيادة معدل السرعة والطاقة، وانبعاث الضوء وامتصاصه بكفاءة عالية. فهي قوية للغاية وفعالة من حيث إضافة الى كل ذلك، فان لديها آفاق تطبيق مهمة في مجالات الدفاع، والطيران، والفضاء، واستكشاف النفط، والتخزين البصري. كما يمكن أن تقلل من خسائر الطاقة بأكثر من 50٪ في العديد من الصناعات الاستراتيجية مثل اتصالات النطاق العريض، والطاقة الشمسية، وتصنيع السيارات، وإضاءة «أشباه الموصلات»، والشبكات الذكية.
باختصار يمكن القول بان هذه الرقائق أصبحت اليوم هي عصب العصر الحديث، وقد لا يعلم الكثيرون أن شركات التقنية في جميع أنحاء العالم تعتمد بشكل كبير على الرقائق المقدمة من شركة «تايوان لصناعة أشباه الموصلات»، مما يضعها في قلب الصراعات الدولية، خاصة بين واشنطن وبكين، لأهمية هذا القطاع من ناحية السيطرة على سلاسل التوريد وفرض الدول لحضورها السياسي والاقتصادي.

«لا ذكاء صناعي من دون أشباه موصلات»

سعودياً، بدت الاستعانة بجامعة «كاوست» في هذا الجهد أمراً طبيعياً، خصوصاً أنها تضم خبرات مميزة في مجال أشباه الموصلات. ففي عام 2016، انضم البروفيسور زاوهانغ لي إلى «كاوست»، وهو يحمل معه خبرة بحثية واسعة في تقنيات أشباه الموصلات.
وتركز أبحاثه في المختبر على الأبحاث الأساسية والتطبيقية لهذه المواد، والأجهزة، والفيزياء والبرمجيات. ويقول زاوهانغ لي، الأستاذ المشارك في الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسب الآلي في الجامعة، إن «الباحثين والمطورين المحليين في مجال أشباه الموصلات يمكن أن يؤدوا دوراً حاسماً في تنويع اقتصاد السعودية التي لديها طموح كبير لتطوير مشاريع في مجال الذكاء الصناعي وغيره من المجالات الحيوية التي تحتاج لهذه التقنية المتقدمة لنجاحها. فمن دون رقائق أشباه الموصلات، لا يوجد ذكاء صناعي».
ويهدف لي وفريقه إلى تطوير هذه المواد التي ستحدث ثورة في صناعات مختلفة مثل الطاقة والاتصالات والدوائر المتكاملة والسيارات الكهربائية واستكشاف الفضاء، مما يضع «كاوست» في مرحلة متقدمة جداً في أبحاث «أشباه الموصلات واسعة النطاق».
ويقول لي: «لدي اعتقاد راسخ أن أبحاثنا يمكنها أن تفيد بشكل كبير المملكة ورؤيتها 2030. حيث تمتلك تلك المواد المركبة إمكانات هائلة للبحث والابتكار والتصنيع، ولدينا العديد من أعضاء هيئة التدريس والباحثين الرائدين في هذا المجال. وبالتالي، فإن الجامعة مهيأة لتقديم مساهمات كبيرة ومؤثرة».
في عام 2019، عرض علماء «كاوست» تقنية جديدة لتقليل فقدان الضوء عند سطوح البنى النانوية شبه الموصلة، حيث يمكن لبعض المواد تحويل الإلكترونات الموجودة في التيار الكهربائي إلى ضوء، بكفاءة. وتُستخدم مواد «أشباه الموصلات» هذه في صنع صمامات ثنائية باعثة للضوء أو LED، وهي أجهزة صغيرة، وخفيفة، تتسم بالكفاءة في استهلاك الطاقة، وذات عمر طويل، وتنتشر على نحو متزايد في تطبيقات الإضاءة والعروض.

إلكترونيات ضوئية

قبل ذلك بعام، قام باحثو الجامعة بتخليق طبقة أحادية تدعى «جانوس» Janus، قد تساعد في التحول نحو تطبيقات جديدة لأشباه الموصلات في الإلكترونيات، وتحديدًا الإلكترونيات النانوية، التي تعتمد على التلاعب بمجموعات متناهية الصغر من الذرات.
وتمهد هذه الطريقة الفريدة في تركيب المادة، الطريق إلى تغيير الألواح ثنائية الأبعاد ذات السُّمك الذري الرقيق المصنوعة من تلك المواد، على المستوى الذري.
وإضافة إلى تطبيقات أشباه الموصلات التقليدية، يعتقد الباحثون أن مادتهم غير المتناظرة قد تكون مفيدة في مجال ناشئ يسمى «الإلكترونيات المغزلية» (spintronics). ويَستخدم هذا المجال التغيُّرات في واحدةٍ من خواص الإلكترونات تُعرف بالدوران المغزلي، عوضاً عن الاكتفاء بالشحنة الكهربائية وحدها كوسيلة لتغيير السلوك الإلكتروني في نطاقات ذرية.
وخلافاً للطرق التقليدية باهظة التكلفة والمتبعة حتى الآن في الأجهزة الكهروضوئية، للتحكّم في خصائص أشباه الموصلات، عن طريق الهندسة النانومترية المتناهية الصغر، فإن تقنية «كاوست» الجديدة فتعتمد على ما يُسمى بـ«الآبار الكمّية».
هذه التقنية عبارة عن أغشية من أشباه الموصلات لا يتجاوز سمكها بضع نانومترات (النانومتر هو جزء من مليار من المتر)، تقع بين طبقتين أكثر سمكاً تتكونان من مادة شبه موصلة مختلفة. ويعمل حاجز طاقة، يوجد بين هاتين المادتين، على منع حاملات الشحنة الكهربائية من مغادرة طبقة البئر الكمي، وهو ما يحدّ من حركتها ويؤدي إلى إحداث تغيير جذري في خصائص مواد البئر مما يجعلها، على سبيل المثال لا الحصر، أنشط ضوئياً.

أبحاث مرموقة

وتعتبر «كاوست» موطناً للعديد من كبار الباحثين وأعضاء هيئة التدريس الذين يعملون على مجموعة واسعة من تقنيات أشباه الموصلات ويقدمون مساهمات كبيرة لدعم رسالة الجامعة في أن تصبح من الرواد العالميين في هذا المجال. وهنا يمكننا أن نسلط الضوء على بعض تلك الإسهامات، على سبيل المثال لا الحصر.
وخلال هذا العام، اختيرت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية «كاوست» كواحدة من أفضل الجامعات في العالم في مجال علوم النانو وتقنية النانو، وذلك بحسب تصنيف US News & World Report لأفضل الجامعات في الولايات المتحدة وحول العالم. فلقد احتلت الجامعة المرتبة 18 في قائمة أفضل جامعات علوم النانو وتقنية النانو لعام 2022، وقد تم تكريمها لأبحاثها الأساسية والتطبيقية على المستويين الجزيئي والنانو في مجموعة متنوعة من التخصصات – من الكيمياء إلى العلوم الطبية.



مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
TT

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)

يُطلق المهندس اللبناني عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية. ليستْ هنا محصورةً في عَكْس وجوهٍ وأشياء تتقاطع ضمن حدودها، فتنتهي الحاجة إليها باطمئنان الرائي إلى مظهره، أو إدخال تعديل عليه، أو بلملمة انعكاسات خارجية. بمَنْحها وَقْعاً جمالياً، تتحوّل إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر، فيستوقفه ليتساءل عن ماهيتها: أهي مرآة أو لوحة فنّية، وماذا لو كانت الاثنتين معاً؟ في «ذا ميرور بروجيكت» بمنطقة مار مخايل البيروتية، مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق.

تتحوّل المرآة إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر (ذا ميرور بروجيكت)

نُسِجت علاقةٌ بالمرايا في داخل الشاب البالغ 37 عاماً منذ المرة الأولى التي تسلَّم فيها مشروعاً وتعذَّر إيجاد مرآة بملامح فنّية. رفض الاكتفاء بزجاج يتيح للآخر رؤية نفسه من خلاله؛ فالمسألة بالنسبة إليه تتخطّى الدور المُعدّ سلفاً، والمَهمَّة الجاهزة. المرايا «فنّ وظيفي»، لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها وتُكافأ ببرودة الناظر إليها. يُحوّل عبد الله بركة الغاليري معرضَه الدائم، فتصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تسرق العين من احتمال الاكتفاء بالنظرة الخاطفة.

المرايا «فنّ وظيفي» لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها (ذا ميرور بروجيكت)

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» بشغف الفنان الباحث عن لمسة، ويُذكّر بأنّ الهندسة الداخلية تتطلّب عمقاً في النظرة والأفكار، وخَلْق مزاج فنّي خاص. يقول عبد الله بركة: «لا أريد للمرآة أن تتحلّى بدور واحد. ذلك حَدٌّ لها. المرايا هي الأشخاص. أي نحن حين تُرينا أشكالنا وصورنا. وهي انعكاس يمكن أن نشعر به، فإذا بإبهاره الجمالي المُعبَّر عنه في التصميم والكادر، يجَعْل ذلك الشعور متبادَلاً، فيُعدّل حالة نفسية أو يُغيّر نظرة تجهُّم. هذا فعلُ اللون حول المرآة وقالبها. بمجرّد أنها ليست تقليدية، يحدُث الأثر في الناظر».

يُطلق عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية (ذا ميرور بروجيكت)

لم تكن يسيرةً ولادة الغاليري. مخاضُها خليطٌ من إحباط ومحاولة. يعود إلى عام 2019 المفصلي في لبنان. كلّ شيء بدأ يتغيَّر، والمسارات تتّخذ شكل السقوط. لم يدرك مكانه في وطن شديد التقلُّب؛ مباغت، وطافح بالمفاجآت. يروي: «الفراغ كان مميتاً. أشغالٌ توقّفت ومشروعات تبخَّرت. أسوةً بشباب لبناني لمس انسداد الأفق، تراءى منزلي مساحة اختناق. في تلك اللحظة، هبَّ الأمل. اشتريتُ ألواناً ورحتُ أرسم، وصمَّمتُ أشكالاً بالطين، فلمحتُ طريقي».

لا يريد عبد الله بركة للمرآة أن تتحلّى بدور واحد (ذا ميرور بروجيكت)

من الضياع وجد الخطوة الأولى. صقل عبد الله بركة رغبته في النحت وطوَّر مهارته. أنجز الشكل وصبَّ ضمنه المرآة. أراد وضع حدّ لحقيقة أنّ غاليريهات المرايا الفنّية في بيروت نادرة. اليوم، ليس عليه أو على زملاء المهنة البحث الطويل عن مرآة مشتهاة: «تعدّدت أدوات صناعة المرايا وكثَّفتُ العمل. كلما سمعتُ إطراء أردتُ مزيداً منه. في الغاليري أعمالي وأعمال مصمّمين من أميركا وكندا وأفريقيا الجنوبية وتايلاند وهولندا وأوكرانيا... خلف مراياهم قصص. ثمة مرايا مصمَّمة بالأسيد المحروق، وأخرى بالزجاج المُطبَّع، وصنف تتداخل بكادراته ألوان مُبهِجة. ولمّا تعدَّدت أسفاري، تعرَّفتُ إلى مدارس التصميم خصوصاً في ألمانيا وإيطاليا، وتعمّقت في جَعْل هذا الشغف واقعاً. اليوم أقول: أنا شاب لبناني بلغ اليأس. فرغَ العالم من حولي. وشعرتُ بالأبواب الموصدة. ثم نهضت. استراتيجية التفكير تبدَّلت، وأصبحت المعادلة: الآن أو أبداً! انتظار الوقت المناسب يهدر العمر. كل لحظة هي وقتٌ مناسب».

تصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تجذب العين (ذا ميرور بروجيكت)

أمضى شهراً ونصف شهر يُصمّم مرايا بأشكال خلّاقة حتى ساعات الليل المتقدّمة، استعداداً لإطلاق المعرض بعد تأخُّر فَرَضَه الظرف اللبناني. «4 مرايا علّقتُها على جدرانه قبل ربع ساعة من فَتْح الباب للحضور!»، يُكمل ضاحكاً. إحدى الزائرات رمت على مسمعه ما علَّم في أعماقه: «لم نكن نعلم أنّ هذه المرايا حاجة. متى أدخلناها إلى منازلنا أصبحت منّا». ومن كثافة الإقبال وحلاوة الأصداء، يُدرك أنه على السكّة التي نادته، أو ناداها؛ يمنحها كلَّه فتمنحه الإشباع الذاتي.

بعض المرايا بسيط يحوط به كادر يُجمِّل البساطة (ذا ميرور بروجيكت)

بعض المرايا بسيط، يحوط به كادر يُجمِّل البساطة. يتعامل عبد الله بركة مع تصاميمه بما يُبقي على الأساس، وهو المُتوقَّع من المرآة بوصفها زجاجاً يستجيب للانعكاسات؛ لكنه أساسٌ (Basic) لا يكتفي بنفسه، وإنما يتعدّاها إلى الغاية الجمالية والبُعد الفنّي ما دام الزجاج مقولباً بالألوان ومتداخلاً بإطار مُبتَكر. يرى في المرايا حكايات، وإنْ خلت صفحتها من أي شكل: «تُخبرني دائماً بأنّ المشاعر أصدق ما نملك. هي الدافع لنُنجز ما طال انتظاره. باستطاعتها تعويض غياب اللوحة عن الجدار. مشغولة بحبٍّ مماثل».