إلى متى تستمر حرب أوكرانيا مع استخدام روسيا المكثف لذخائرها؟

صاروخ روسي لم ينفجر في خيرسون (أ.ف.ب)
صاروخ روسي لم ينفجر في خيرسون (أ.ف.ب)
TT

إلى متى تستمر حرب أوكرانيا مع استخدام روسيا المكثف لذخائرها؟

صاروخ روسي لم ينفجر في خيرسون (أ.ف.ب)
صاروخ روسي لم ينفجر في خيرسون (أ.ف.ب)

يثير استخدام روسيا المكثف لمخزوناتها من المعدات والذخيرة والأسلحة، خصوصاً الصاروخية منها، التساؤلات حول فاعلية استراتيجيتها من القصف المركز، وقدرتها على الاستمرار في مواصلة القتال في أوكرانيا. وبعد حديث الجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة عن الخسائر الروسية والأوكرانية الفادحة في الأرواح، مقدراً مقتل وجرح أكثر من 100 ألف جندي روسي ومثلهم من الأوكرانيين، يقول مسؤولون غربيون وأوكرانيون ومحللون عسكريون إن هناك مؤشرات على أن المخزونات الروسية من بعض أنظمة الأسلحة المهمة، بما في ذلك الصواريخ الدقيقة، تنفد.
وفيما يمثل الحفاظ على المكاسب العسكرية الروسية التي تحققت في بداية «عمليتها العسكرية» التحدي الأبرز، بعد سلسلة الإخفاقات التي منيت بها أخيراً، وخسارتها مزيداً من الأراضي التي احتلتها من أوكرانيا، فإن إعادة تزويد القوات الروسية بالمعدات والأسلحة تشكل تحدياً أكبر أيضاً. فموسكو لا يمكنها استخدام مخزونها الكامل من الصواريخ الدقيقة، حيث إن بعضها يستخدم أيضاً لحمل رؤوس حربية نووية، ويتعين الحفاظ عليها في حالات أخرى، بما في ذلك احتمال مواجهة وردع قوات حلف الناتو. يقول تقرير في «وول ستريت جورنال» إن كلا الجانبين عانى من خسائر فادحة في الرجال والعتاد منذ بدء الغزو.
وفيما تعتمد موسكو بشكل أكبر على اقتصادها المتقلص لتجديد الإمدادات، تعتمد كييف التي تعرض اقتصادها للدمار أكثر من الاقتصاد الروسي، على داعمين أقوياء، الولايات المتحدة وحلفائها، الذين يقدمون مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية والاقتصادية.
وبحسب إليوت كوهين، كبير الباحثين الاستراتيجيين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ومقره واشنطن، فإن الروس «ينفذون في كل شيء». وقال إن نسبة كبيرة من الترسانة الروسية التي تم إخراجها من المخازن تدهورت بسبب الفساد وسوء الإدارة وسوء الصيانة. ومع تقهقر قواتها على الجبهات، عمدت روسيا إلى استراتيجية إطلاق وابل من الصواريخ بين الحين والآخر، لمهاجمة البنية التحتية في أوكرانيا، بهدف إضعاف الروح المعنوية للأوكرانيين، كما حدث في 15 الشهر الحالي، عندما تم إطلاق ما يقرب من 100 صاروخ، بحسب أوكرانيا. لكن معدل استخدام هذه الصواريخ انخفض بشكل كبير من متوسط 20 عملية إطلاق يومياً في الأشهر الأولى من الحرب.
وبحسب المتحدث باسم قيادة القوات الجوية الأوكرانية يوري إحنات، فقد أطلقت روسيا خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي كله، 15 صاروخ كروز من طراز «كاليبر» فقط. ويؤكد البنتاغون أن روسيا، أحد أكبر منتجي المعدات العسكرية في العالم، تعاني قاعدتها الصناعية العسكرية من نقص كبير، وفي ظل العقوبات المفروضة عليها عمدت إلى الاستعانة بموردين آخرين، خصوصاً إيران وكوريا الشمالية، لتزويدها بأسلحة. ومن بين تلك الأسلحة، طائرات إيرانية مسيرة وقذائف مدفعية من بيونغ يانغ. وبينما يتم إسقاط نسبة كبيرة من الطائرات الإيرانية الرخيصة، يتعين على أوكرانيا في كثير من الأحيان استخدام صواريخ دفاع جوي باهظة الثمن ونادرة للقيام بذلك، ما يزيد من التحديات التي تواجهها كييف في تأمين إعادة الإمداد لدفاعاتها الجوية.
وقال مسؤولون أوكرانيون أخيراً، إن طهران وافقت أيضاً على تزويد موسكو بنوعين من الصواريخ الباليستية، بمدى 280 كلم و750 كلم.
يقول محللون عسكريون ومسؤولون إن استخدام الصواريخ الروسية بشكل متزايد لأغراض، لم يتم تصميمها من أجلها، مؤشر آخر محتمل على النقص الذي تعانيه موسكو. فقد استخدمت روسيا الصواريخ المضادة للسفن، لمهاجمة أهداف برية، وكذلك صواريخ الدفاع الجوي «إس - 300»، وهو سلاح يقول المسؤولون الأوكرانيون إنه لا يزال متوفراً بكثرة لقوات روسيا. لكن كلاهما غير دقيق في كثير من أدوار الهجوم البري، وتسبب في خسائر كبيرة بصفوف المدنيين.
وبحسب محللين غربيين، فإن موسكو ربما استخدمت 10 في المائة فقط من مخزونها من صواريخ «إس - 300»، واستخدمت على الأرجح نصف مخزونها من صواريخ «إسكندر» الباليستية، المقدرة بـ900 قبل الحرب، في حين أن مخزونها من صواريخ «كاليبر كروز» تنفد للغاية. واستخدمت روسيا أيضاً، كميات هائلة من الذخيرة الرخيصة منخفضة الدقة، حيث أطلقت عدة آلاف من قذائف المدفعية يومياً على مدار أشهر. ويقول المحللون إن معدل إطلاق النار قد انخفض الآن بشكل كبير، ما قد يشير إلى أنه حتى هذه الذخائر قد تحتاج إلى تقنين، على الرغم من أن بعض الانخفاض يمكن تفسيره أيضاً إلى التحول في طبيعة المعركة، بعدما اضطرت موسكو إلى إبعاد مرابض مدفعيتها عن خطوط القتال، بسبب تمكن أوكرانيا من توجيه إصابات مباشرة لها، إثر امتلاكها أسلحة صاروخية دقيقة ورادارات متطورة.


مقالات ذات صلة

13 قتيلاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

أوروبا رجال الإطفاء يعملون في موقع مبنى إداري تضرر جراء الغارات الجوية والصاروخية الروسية في زابوريجيا (رويترز) play-circle 00:36

13 قتيلاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 13 شخصاً اليوم (الأربعاء) في ضربة روسية على مدينة زابوريجيا الأوكرانية، وفق ما أعلن حاكم المنطقة، في حصيلة تعد من الأعلى منذ أسابيع لضربة جوية واحدة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الخليج الأمير محمد بن سلمان والرئيس فولوديمير زيلينسكي (الخارجية السعودية)

محمد بن سلمان وزيلينسكي يبحثان جهود حل الأزمة الأوكرانية - الروسية

بحث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، جهود حل الأزمة الأوكرانية - الروسية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية- رويترز)

ترمب عن الـ«ناتو»: يدفعون أقل مما ينبغي لكي تحميهم الولايات المتحدة

حضّ ترمب أعضاء حلف «الناتو» على زيادة إنفاقهم الدفاعي إلى 5 % من إجمالي ناتجهم المحلي، مقابل «حماية الولايات المتحدة».

«الشرق الأوسط» (مارالاغو (الولايات المتحدة))
أوروبا رجال إنقاذ في موقع مبنى سكني ضربته غارة جوية روسية على أوكرانيا بمنطقة سومي 4 يناير 2025 (رويترز)

روسيا: وجّهنا ضربات مكثفة للقوات الأوكرانية في منطقة كورسك

قالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها وجّهت ضربات مكثفة لوحدات أوكرانية في منطقة كورسك غرب روسيا، وأفاد الجيش الأوكراني بتصعيد القتال خلال اﻟ24 ساعة الماضية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا دبابة روسية مدمرة في منطقة كورسك (أ.ب)

زيلينسكي: مقتل 15 ألف جندي روسي خلال القتال في كورسك

أكد مسؤول عسكري أوكراني، الاثنين، أن قواته تكبّد قوات موسكو «خسائر» في كورسك بجنوب روسيا، غداة إعلان الأخيرة أن أوكرانيا بدأت هجوماً مضاداً في هذه المنطقة.

«الشرق الأوسط» (كييف)

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.