الولايات المتحدة تسعى لتعزيز علاقاتها بالفلبين وإندونيسيا

على الرغم من الانفراج الأخير الذي شهدته العلاقات الأميركية - الصينية، بعد سلسلة اللقاءات عالية المستوى التي جرت بين مسؤولي البلدين، بدا أن واشنطن مصممة على ترجمة «مفهومها للتنافس»، عبر تجديد انخراطها وتعزيز حضورها في منطقة المحيطين الهادئ والهندي.
وشكَّلت زيارة نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس إلى الفلبين التي استمرت 3 أيام، إشارة واضحة إلى هذه المساعي، معيدة إحياء اتفاقية مانيلا لعام 1951، بين الولايات المتحدة ودول في المنطقة، بما في ذلك الفلبين وتايلاند، والتي تنص على مبدأ «الدفاع الجماعي عند التعرض للهجوم».
وقالت هاريس، الثلاثاء، في إشارة إلى الصين، إن واشنطن ستقف إلى جانب الفلبين في «مواجهة الترهيب والممارسات القسرية في بحر الصين الجنوبي». وأضافت على متن سفينة لخفر السواحل الفلبينية، أثناء زيارتها جزيرة بالاوان في المياه المتنازع عليها مع الصين، إن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي الأوسع «لديهما مصلحة جذرية في مستقبل هذه المنطقة».
وتأتي زيارتها إلى الفلبين التي تعد من أقدم حلفاء واشنطن الأمنيين في آسيا، لتعزيز دورها المحوري أيضاً في المساعي الأميركية للتصدي للسياسات الصينية المتشددة بشكل متزايد في بحر الصين الجنوبي وتايوان.
وقالت هاريس في كلمة: «يجب أن ندافع عن مبادئ مثل احترام السيادة ووحدة الأراضي والتجارة المشروعة من دون عوائق، والحل السلمي للنزاعات، وحرية الملاحة والطيران في أجواء بحر الصين الجنوبي، وأنحاء المحيطين الهندي والهادئ». وتقول بكين إنها صاحبة السيادة على بحر الصين الجنوبي بالكامل تقريباً؛ حيث يُعتقد أنه يحتوي على مخزونات ضخمة من النفط والغاز، وتعبر من خلاله رحلات تجارية بتريليونات الدولارات كل عام. ورفضت عام 2016 حكماً صدر عن محكمة تحكيم دولية في لاهاي، قضى بأن الصين لا تملك حقاً تاريخياً في مياه بحر الصين الجنوبي، وأنها انتهكت حقوق الفلبين السيادية هناك.
وبالتوازي مع زيارة هاريس للفلبين، التقى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن نظيره الإندونيسي برابوو سوبيانتو، في جاكرتا، الثلاثاء، حيت تعهدا بتحسين إمكانية التشغيل البيني بين الجيشين الإندونيسي والأميركي. وتحدث الوزيران عن «الارتباط الطويل بين الديمقراطيتين الكبيرتين»؛ حيث أبلغ برابوو أوستن أنه مرتاح جداً للعمل مع الجيش الأميركي، حسب بيان «البنتاغون».
وفي فبراير (شباط) الماضي، وافقت الخارجية الأميركية على البيع المحتمل لطائرة «إف-15 آي دي» والمعدات ذات الصلة، بمبلغ يصل إلى 13.9 مليار دولار.
وعبّر أوستن عن دعمه لجهود إندونيسيا لتحديث جيشها، قائلاً إن هذه الطائرات ستكمل الأسطول الإندونيسي من مقاتلات «إف-16». وتمتلك القوات الجوية الإندونيسية 33 طائرة من هذه الطائرات.
وقال خبراء إن إندونيسيا «تسابق الزمن» لتأمين صفقة «إف-15»؛ لأن العرض الأميركي قد ينتهي قريباً.
وفي فبراير، وقَّعت إندونيسيا صفقة لشراء 6 طائرات مقاتلة فرنسية من طراز «رافال». كما وقَّعت اتفاقية أولية للإنتاج والتجميع المشتركين لغواصات «سكوربين» الفرنسية. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2021، تخلت إندونيسيا عن صفقة لشراء طائرات سوخوي «سو-35» الروسية، واستبدلت بها مقاتلات أميركية وفرنسية.
وتتماشى هذه المشتريات مع تعهد الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، تحديث جيش بلاده؛ حيث تخطط جاكرتا لإنفاق 125 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة لتحديث ترسانتها العسكرية. وقال برابوو إن الحكومة الإندونيسية تدعم الوجود الأميركي المستمر في المحيطين الهندي والهادئ. وأضاف: «لطالما كانت الولايات المتحدة صديقة جيدة لنا في أوقات حاجتنا... نشكر، مرة أخرى، حكومة الولايات المتحدة على المساعدة الكبيرة التي قدمتها لنا خلال وباء (كوفيد-19)».ويأتي الاجتماع مع أوستن في أعقاب زيارة برابوو للصين يوم الجمعة الماضي؛ حيث التقى وزير الدفاع وي فنغي، لشكر بكين على «دعمها خلال الوباء، ولتوفير تقنيات أمنية جديدة»، وفقاً لبيان صادر عن وزارة الدفاع الإندونيسية.
وبعد لقائه أوستن، أشاد برابوو بعلاقات إندونيسيا الودية بالصين والولايات المتحدة. وقال: «أود أن أؤكد أن إندونيسيا تتخذ دائماً موقف محاولة الحفاظ على أفضل العلاقات بجميع الدول، وخصوصاً جميع القوى الكبرى... لقد أعلنت علانية مرات عديدة أننا نعتبر الصين دولة صديقة».