«رحلة يوسف»... يواجه الواقع بمشاعر إنسانية مفعمة بالكوميديا

الفيلم السوري يلعب بطولته أيمن زيدان وسامر عمران ورُبى الحلبي

نهاية الفيلم جاءت صادمة (القاهرة السينمائي)
نهاية الفيلم جاءت صادمة (القاهرة السينمائي)
TT

«رحلة يوسف»... يواجه الواقع بمشاعر إنسانية مفعمة بالكوميديا

نهاية الفيلم جاءت صادمة (القاهرة السينمائي)
نهاية الفيلم جاءت صادمة (القاهرة السينمائي)

حصد الفيلم السوري «رحلة يوسف... المنسيون» إعجاباً كبيراً وإشادات واسعة من جمهور مهرجان القاهرة السينمائي خلال عرضه مساء (الأحد) ضمن أفلام مسابقة «آفاق السينما العربية»، وهو من بطولة أيمن زيدان، وسامر عمران، ورُبى الحلبي، وسيرينا محمد، ونور الصباح.
يحمل الفيلم عنواناً مزدوجاً، فهو يعبّر بالفعل عن رحلة يوسف التي أُجبر على القيام بها للنزوح من قريته وقد كان آخر من غادرها بعد الحرب، لكنه أيضاً يحمل بعداً آخر، مثلما أوضح المخرج، فيعبر عن هؤلاء المنسيين أياً كانت انتماءاتهم، الذين يخسرون حياتهم وتخسرهم الحياة، إذ لم تكن مغادرة يوسف لقريته إثر الدمار الذي لحق بها، لكن حمايةً لقصة حب حفيده المراهق «زياد» وجارته «هاجر»، هذا الحب الذي رعاه صديق الجد «عبد الهادي»، ورحل وهو يوصيه بهما، مما يجعله يهرب بهما إلى معسكرات اللاجئين.
لطالما كانت الحرب السورية مجالاً خصباً لأفلام المخرج جود سعيد، كما في «مطر حمص» 2014، و«مسافرو الحرب» 2018، «ونجمة الصبح» 2021، والتي قدم فيها مشاهد الدمار التي أصابت المباني والبيوت، لكنه في «رحلة يوسف» يتعمق في النفس البشرية وتأثيرات الحرب التي أصابت الناس بالحسرة والألم، وربما العدوانية أيضاً جراء كل ما عانوه من ظروف صعبة، لكن الحرب لا تأتي هنا بصورة مباشرة، ولا يتباكى أبطالها على ما حلَّ بهم، فهم يواجهون قبح الواقع بمشاعر إنسانية عالية، بل إن الفيلم يحمل مواقف كوميدية مثيرة للضحك لا سيما وبطله الجد العجوز يستعد للزواج من جارته الشابة الصغيرة.
جانب كبير من أحداث الفيلم تدور داخل معسكر للاجئين السوريين يقع على الحدود اللبنانية، يهرب إليه الجميع، بعدما يستقل «يوسف» وأسرته عربته التي يجرّها الحصان وسط الثلوج والأجواء الغائمة، ويركز الفيلم على كل مظاهر الحياة داخل المعسكر من زواج وإنجاب وخناقات الصبية ومن يحملون العدوانية للآخرين، وبينما يتلقى «زياد» الذي يتمتع بموهبة كروية عرضاً للاحتراف كلاعب والسفر للخارج يرفض الجد سفره خوفاً عليه، ثم يتراجع بعد أن أقنعه جاره بالمعسكر بأن «الزغاليل لا بد لها يوماً أن تطير»، مما يجعله يراجع موقفه ويدفعه وخطيبته للسفر، لكن النهاية تأتي مفجعة للجميع.
* لعبة الفصول الأربعة
سيناريو الفيلم الذي كتبه المخرج بمشاركة وسام كنعان، وكتب قصته مع الفنان أيمن زيدان، يطرح الحياة في فصولها الأربعة تحت عناوين منفصلة، إذ يبدأ الأحداث خلال الشتاء حيث الثلوج تغطي الجبال ويحمل عنوان: «إلى أين تذهب يا جدي؟»، يليه الربيع تحت عنوان: «سأبقى أحب من أجل عبد الهادي»، ومع قدوم الصيف يأتي عنوان: «أيُّ حلم سأطير معه»، لكن مع الخريف يتساءل الجد: «إلى أين ستذهب يا ولدي؟».
وأُقيم عقب عرض الفيلم مؤتمر صحافي بحضور المخرج جود سعيد والممثلة رُبى الحلبي والممثل سامر عمران، وأداره الناقد أندرو محسن المدير الفني للمهرجان، وكشف المخرج خلال المؤتمر أن الفيلم أُنتج بميزانية منخفضة، وأن الممثلين تقاضوا أجوراً أقل مما يحصلون عليه، وأشار إلى أن إسناد البطولة لزيدان تَحدد من اللحظة الأولى خصوصاً وقد جمعهما أكثر من عمل وأن علاقتهما تخطت المهنة، وحول النهاية الحزينة التي وردت بالفيلم، قال سعيد إنه قام بتصوير نهايتين إحداهما سعيدة وأخرى حزينة، لكنه رأى أنه من الأفضل أن تأتي النهاية على هذا النحو حتى تدفع الناس لتغييرها، نافياً أن يكون للفيلم علاقة من قريب أو بعيد بقصة سيدنا يوسف عليه السلام.
وأشادت الفنانة إلهام شاهين بالفيلم قائلة: «لقد استمتعنا وتوجعنا مع أحداث الفيلم الذي تميزت عناصره الفنية، من اختيار أماكن التصوير والأداء الرائع للفنان الكبير أيمن زيدان».
ورأى الناقد العراقي مهدي عباس هذا الفيلم أحد الأفلام المبهرة حتى الآن بين أفلام المسابقة العربية ولذا حاز تصفيق الجمهور، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «هذا فيلم متكامل العناصر، كل شيء به مدروس بعناية فائقة، مواقع التصوير رغم صعوبتها كانت جميلة، الموسيقى التصويرية متميزة ومعبرة، وتميزت حركة الكاميرا وعنصر التصوير، والممثلون أدارهم المخرج باقتدار وبشكل خاص أيمن زيدان فهو ممثل كبير يتمتع بحضور لافت».


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)

تحتفي وزارة الثقافة السعودية بنظيرتها العراقية في النسخة الثانية من مهرجان «بين ثقافتين» خلال الفترة من 18 إلى 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل في «ميقا استوديو» بالرياض، لتقدم رحلة استثنائية للزوار عبر الزمن، في محطاتٍ تاريخية بارزة ومستندة إلى أبحاث موثوقة، تشمل أعمالاً فنيّةً لعمالقة الفن المعاصر والحديث من البلدين.

ويجوب مهرجان «بين ثقافتين» في دهاليز ثقافات العالم ويُعرّف بها، ويُسلّط الضوء على أوجه التشابه والاختلاف بين الثقافة السعودية وهذه الثقافات، ويستضيف في هذه النسخة ثقافة العراق ليُعرّف بها، ويُبيّن الارتباط بينها وبين الثقافة السعودية، ويعرض أوجه التشابه بينهما في قالبٍ إبداعي.

ويُقدم المهرجانُ في نسخته الحالية رحلةً ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة، والسمعية في أجواءٍ تدفع الزائر إلى التفاعل والاستمتاع بثقافتَي المملكة والعراق، وذلك عبر أربعة أقسامٍ رئيسية؛ تبدأ من المعرض الفني الذي يُجسّد أوجه التشابه بين الثقافتين السعودية والعراقية، ويمتد إلى مختلف القطاعات الثقافية مما يعكس تنوعاً ثقافياً أنيقاً وإبداعاً في فضاءٍ مُنسجم.

كما يتضمن المهرجان قسم «المضيف»، وهو مبنى عراقي يُشيّد من القصب وتعود أصوله إلى الحضارة السومرية، ويُستخدم عادةً للضيافة، وتُعقدُ فيه الاجتماعات، إلى جانب الشخصيات الثقافية المتضمن روّاد الأدب والثقافة السعوديين والعراقيين. ويعرض مقتطفاتٍ من أعمالهم، وصوراً لمسيرتهم الأدبية، كما يضم المعرض الفني «منطقة درب زبيدة» التي تستعيد المواقع المُدرَجة ضمن قائمة اليونسكو على درب زبيدة مثل بركة بيسان، وبركة الجميمة، ومدينة فيد، ومحطة البدع، وبركة الثملية، ويُعطي المعرض الفني لمحاتٍ ثقافيةً من الموسيقى، والأزياء، والحِرف اليدوية التي تتميز بها الثقافتان السعودية والعراقية.

ويتضمن المهرجان قسم «شارع المتنبي» الذي يُجسّد القيمة الثقافية التي يُمثّلها الشاعر أبو الطيب المتنبي في العاصمة العراقية بغداد، ويعكس الأجواء الأدبية والثقافية الأصيلة عبر متاجر مليئة بالكتب؛ يعيشُ فيها الزائر تجربةً تفاعلية مباشرة مع الكُتب والبائعين، ويشارك في ورش عمل، وندواتٍ تناقش موضوعاتٍ ثقافيةً وفكرية متعلقة بتاريخ البلدين.

وتُستكمل التجربة بعزفٍ موسيقي؛ ليربط كلُّ عنصر فيها الزائرَ بتاريخٍ ثقافي عريق، وفي قسم «مقام النغم والأصالة» يستضيف مسرح المهرجان كلاً من الفنين السعودي والعراقي في صورةٍ تعكس الإبداع الفني، ويتضمن حفل الافتتاح والخِتام إلى جانب حفلةٍ مصاحبة، ليستمتع الجمهور بحفلاتٍ موسيقية كلاسيكية راقية تُناسب أجواء الحدث، وسط مشاركةٍ لأبرز الفنانين السعوديين والعراقيين.

فيما يستعرض قسم «درب الوصل» مجالاتٍ مُنوَّعةً من الثقافة السعودية والعراقية تثري تجربة الزائر، وتُعرّفه بمقوّمات الثقافتين من خلال منطقة الطفل المتّسمة بطابعٍ حيوي وإبداعي بألوان تُناسب الفئة المستهدفة، إذ يستمتع فيها الأطفال بألعاب تراثية تعكس الثقافتين، وتتنوع الأنشطة بين الفنون، والحِرف اليدوية، ورواية القصص بطريقةٍ تفاعلية مما يُعزز التعلّم والمرح.

بينما تقدم منطقة المطاعم تجربةً فريدة تجمع بين النكهات السعودية والعراقية؛ لتعكس الموروث الثقافي والمذاق الأصيل للبلدين، ويستمتع فيها الزائر بتذوق أطباقٍ تراثية تُمثّل جزءاً من هوية وثقافة كل دولة، والمقاهي التي توفر تشكيلةً واسعة من المشروبات الساخنة والباردة، بما فيها القهوة السعودية المميزة بنكهة الهيل، والشاي العراقي بنكهته التقليدية مما يُجسّد روحَ الضيافة العربية الأصيلة.

ويسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة تستعرض الحضارة السعودية والعراقية، وتُبرز التراث والفنون المشتركة بين البلدين، كما يهدف إلى تعزيز العلاقات بين الشعبين السعودي والعراقي، وتقوية أواصر العلاقات الثقافية بينهما، والتركيز على ترجمة الأبعاد الثقافية المتنوعة لكل دولة بما يُسهم في تعزيز الفهم المتبادل، وإبراز التراث المشترك بأساليب مبتكرة، ويعكس المهرجان حرص وزارة الثقافة على تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية المملكة 2030».