عادة ما تكون أضواء مختبر «زيو جون»، بقسم علوم وهندسة المواد بجامعة سنغافورة الوطنية، قيد التشغيل 24 ساعة يومياً، غير أنه ذات ليلة عام 2019، انطفأت الأنوار لمشكلة في الكهرباء، وعندما عاد الباحثون في اليوم التالي، وجدوا أن أداء مادة تعتمد على «أوكسي هيدروكسيد النيكل» في تجربة التحليل الكهربائي للماء، انخفض بشكل كبير.
هذا الانخفاض في الأداء، لم يلاحظه أحد من قبل، لأنه لم يقم أحد بالتجربة في الظلام، كما أن الأدبيات العلمية لا تقول إن مثل هذه المادة تتأثر خصائصها بالضوء، ومع مزيد من التجارب تأكد الباحثون من الدور الذي يلعبه الضوء في تلك العملية، وهو ما قادهم إلى اكتشاف سيحدث ثورة في طريقة تفكيك المياه لإطلاق غاز الهيدروجين، وهو عنصر حاسم في العديد من العمليات الصناعية.
خلال الدراسة المنشورة نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بدورية «نيتشر»، كشف ماين وزملاؤه عن تفاصيل تجاربهم البحثية التي قادت إلى تأكيد ما تم اكتشافه بالصدفة، وهو أن الضوء يعطي مزيدا من الفعالية لمادة «أوكسي هيدروكسيد النيكل» المحفزة، والتي تستخدم على نطاق واسع في التحليل الكهربائي للماء، حيث يتم تحليل الماء إلى هيدروجين وأكسجين، والنتيجة هي طريقة أكثر كفاءة في استخدام الطاقة للحصول على الهيدروجين.
يقول زيو في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة سنغافورة، «اكتشفنا أن مركز الأكسدة والاختزال للتفاعل التحفيزي الكهربائي يتم تبديله بين المعدن والأكسجين، بسبب الضوء، وهذا يحسن إلى حد كبير كفاءة التحليل الكهربائي للماء، ويمكن أن يفتح الاكتشاف الجديد طرقا صناعية جديدة وأكثر فاعلية لإنتاج الهيدروجين، ووضع هذا المصدر الصديق للبيئة للوقود في متناول المزيد من الناس والصناعات».
وتعد آلية التحفيز الكهربائي في التحليل الكهربائي للماء موضوعا مدروسا جيدا، غير أنه لم يكن معروفا تغير خصائص المادة القائمة على النيكل، وهي مادة تحفيزية شائعة جدا، بالضوء. ومن أجل إثبات ما تكشف لديهم بالصدفة، تعمق الباحثون في الآليات الكامنة وراء هذه الظاهرة، حتى إنهم كرروا التجربة خارج سنغافورة للتأكد من أن النتائج التي توصلوا إليها كانت متسقة، وبعد ثلاث سنوات من التجارب تمكنوا أخيرا من مشاركة النتائج التي توصلوا إليها في ورقة بحثية.
ومع النتائج التي توصلوا إليها، يعمل الفريق البحثي الآن على تصميم طريقة جديدة لتحسين العمليات الصناعية لتوليد الهيدروجين، ويقترح الباحثون، جعل الخلايا التي تحتوي على الماء شفافة، لإدخال الضوء في عملية تحليل الماء.
يقول زيو «سيؤدي ذلك لطاقة أقل في عملية التحليل الكهربائي، ويجب أن يكون أسهل بكثير باستخدام الضوء الطبيعي، ويمكن إنتاج المزيد من الهيدروجين في فترة زمنية أقصر، مع استهلاك طاقة أقل».
وتستخدم شركات الأغذية غاز الهيدروجين لتحويل الزيوت والدهون غير المشبعة إلى دهون مشبعة، والتي تعطينا السمن والزبدة، ويستخدم الهيدروجين أيضاً في لحام المعادن معا، حيث يمكن أن يولد درجة حرارة عالية تصل إلى 4000 درجة مئوية، تستخدم صناعة البترول الغاز لإزالة محتوى الكبريت من الزيت.
علاوة على ذلك، يمكن استخدام الهيدروجين كوقود، ولطالما تم الترويج لوقود الهيدروجين كوقود مستدام، ولا ينتج عنه أي انبعاثات لأنه يحترق عند التفاعل مع الأكسجين، ولا حاجة إلى الاشتعال، مما يجعله مصدر وقود أنظف وأكثر اخضراراً، كما أنه أسهل في التخزين، مما يجعله أكثر موثوقية من البطاريات التي تعمل بالطاقة الشمسية.
«انقطاع الكهرباء» يقود لتقنية ثورية في توليد الهيدروجين
«انقطاع الكهرباء» يقود لتقنية ثورية في توليد الهيدروجين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة