الراعي يحمل البرلمان مسؤولية «خراب الدولة وتفكيكها»

اعتبر أن لبنان يجب أن ينتخب رئيساً منقذاً لـ«استعادة الاستقلال»

البطريرك الراعي يواصل هجومه على البرلمان (الوكالة المركزية)
البطريرك الراعي يواصل هجومه على البرلمان (الوكالة المركزية)
TT

الراعي يحمل البرلمان مسؤولية «خراب الدولة وتفكيكها»

البطريرك الراعي يواصل هجومه على البرلمان (الوكالة المركزية)
البطريرك الراعي يواصل هجومه على البرلمان (الوكالة المركزية)

شن البطريرك الماروني بشارة الراعي هجوماً على البرلمان اللبناني محملاً إياه مسؤولية «خراب الدولة وتفكيكها»، ومجدداً وصف جلسات انتخاب رئيس الجمهورية الأسبوعية بالـ«مسرحية الهزلية».
وفيما رأى البطريرك أن ذكرى الاستقلال هذه السنة (التي تصادف غداً/ الثلاثاء) «شاغرة وفارغة من معانيها وأبعادها»، اعتبر أن لبنان اليوم ينتخب «رئيساً لاستعادة الاستقلال»، واضعاً صفات ومهام محددة عليه القيام بها، أبرزها أن يكون «منقذاً بعيداً عن الصفات المتداولة بشأن رئيس تحدٍ أو رئيس وفاق».
وقال الراعي في عظة الأحد: «كم يؤلمنا عندما نرى المجلس النيابي يهدر الزمن خميساً بعد خميس، وأسبوعاً بعد أسبوع في مسرحية هزلية لا يخجلون منها، وهم يستخفون بانتخاب رئيس للبلاد في أدق الظروف! إننا نحملهم مسؤولية خراب الدولة وتفكيكها وإفقار شعبها».
وأضاف: «تطل علينا بعد يومين ذكرى الاستقلال في غياب الشعور بها، كأن اللبنانيين يخجلون من أنفسهم ويدركون أنهم نالوا استقلالهم سنة 1943 لكنهم لم يحافظوا عليه، وتناوب عليهم من يومها أكثر من احتلال ووصاية. تأتي ذكرى الاستقلال هذه السنة شاغرة وفارغة هي أيضاً من معانيها وأبعادها؛ إذ ليس الاستقلال أن يخرج الأجنبي من لبنان بل أن يدخل اللبنانيون إلى لبنان. والحال أننا نرى فئات لبنانية تستجدي الوصاية وتتسول الاحتلال وتشحذ التبعية؛ لذلك حذار الاستخفاف باختيار رئيس الجمهورية المقبل. نحن ننتخب رئيساً لاستعادة الاستقلال. فأي خيار جيد ينقذ لبنان، وأي خيار سيئ يدهوره. إن قيمة الإنسان أن يقيم المسؤولية المنوط بها، فلا يجازف بها ولا يساوم عليها. لذلك نناشد النواب ألا يقعوا من جهة ضحية الغش والتضليل والتسويات والوعود الانتخابية العابرة، ومن جهة أخرى فريسة السطوة والتهديد والوعيد. ونحن أصلاً شعب لا يخضع لأي تهديد، ورئيس لبنان لا ينتخب بالتهديد والفرض».
وقال: «في هذا المجال، لا يستطيع أي مسؤول أو نائب ادعاء تجاهل الواقع اللبناني والحلول المناسبة له. فكل اللبنانيين، سواء كانوا نواباً أم مواطنين، يعرفون سبب مشاكل لبنان والقوى والجهات والعوائق التي تحول دون إنقاذه. فلا أحد يضع رأسه في الرمال. وبالتالي لا عذر لأي نائب بألا ينتخب الرئيس المناسب للبنان في هذه الظروف. هذا خيار تاريخي. فسوء الاختيار، في هذه الحال، يكشف عن إرادة سلبية تجاه لبنان فيمدد المأساة عوض أن ينهيها، وتكون خطيئتكم عظيمة. فلنكن أسياد أمتنا ومصيرنا».
وفيما بدا تحديداً لموصفات رئيس الجمهورية والمهام التي عليه القيام بها، قال الراعي: «بعيداً عن الصفات المتداولة بشأن رئيس تحدٍ أو رئيس وفاق وما إلى ذلك من كلمات فقدت معناها اللغوي والسياسي، تحتاج البلاد إلى رئيس منقذ يعلن التزامه الحاسم بمشروع إخراج لبنان من أزمته، ويلتزم أولاً، بتأليف حكومة إنقاذ قادرة على القيام بالمسؤوليات الكبيرة المنوطة بها في بداية العهد الجديد، وأن يلتزم الرئيس، بالدستور إطاراً للسلم اللبناني، ومرجعية لأي قرار وطني، واعتبار اتفاق الطائف منطلقاً لأي تطور حقوقي من شأنه أن يرسخ العدالة بين اللبنانيين. كما لا بد للمسؤولين في أي موقع كانوا من احترام الميثاق الوطني والأعراف لتقوية الوحدة الوطنية، ولضمان حسن العلاقة بين رئاسة الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء».
واعتبر الراعي أنه على الرئيس أن يلتزم «بإعادة الشراكة الوطنية وتعزيزها بين مختلف مكونات الأمة اللبنانية ليستعيد لبنان مزاياه ورسالته»، كما «الشروع بتطبيق اللامركزية الموسعة على صعيد مناطقي في إطار الكيان اللبناني بحيث تتجلى التعددية بأبعادها الحضارية والإدارية والإنمائية والعامة، فتتكامل المناطق على أساس عادل».
وشدد الراعي على أهمية أن يعمل الرئيس على «إيجاد حل نهائي وإنساني لموضوعي اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والنازحين السوريين، لأنهم أصبحوا على لبنان عبئاً ثقيلاً اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً وديموغرافياً»، إضافة إلى «إخراج لبنان من المحاور التي أضرت به وغيرت نظامه وهويته، ومن العزلة التي بات يعيش فيها، والعمل على إعلان حياده».
ورأى أنه على الرئيس «دعوة الأمم المتحدة بإلحاح إلى رعاية مؤتمر خاص بلبنان، والقيام بجميع الاتصالات العربية والدولية لتأمين انعقاد هذا المؤتمر، وقد حددنا نقاط بحثه أكثر من مرة».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
TT

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

قُتلت 3 سيدات فلسطينيات، صباح السبت، بعد إطلاق نار أمام أحد المخابز العاملة في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، في مشهد جديد يكشف عن حجم المأساة التي وصل إليها سكان القطاع في ظل تفاقم الظروف الإنسانية والحياتية. ووقع الحادث أمام مخبز «زادنا 2» في شارع البركة بدير البلح، حينما تم إطلاق نار في المكان، وسط تضارب للروايات حول ظروف إطلاق النار، وإذا ما كان مباشراً أو نتيجة خطأ.

فلسطينيون في دير البلح ينتظرون الحصول على خبز (أرشيفية - رويترز)

وتقف يومياً ولساعات، طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة» خبز واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً، ومن بينها المخبز الذي وقعت أمامه الحادثة، وهو يعد من أشهر المخابز، كما أنه الوحيد الذي لم يتوقف تقريباً عن العمل، قبل أن يضطر لإغلاق أبوابه بعد الحادثة المؤلمة. وبينما قال أصحاب المخبز، إن النساء قُتلن بعد إطلاق نار من خارج المخبز، بعد تدافع وقع خارجه، وإن مصدره ليس من الحراس الذين يقفون للتنظيم ولحماية المخبز من السرقة، بل كان نتيجة إشكالية خارجه بين أفراد من عائلتين، قال شهود عيان إن إطلاق النار تمّ من قبل أحد الحراس، لكنه لم يكن مباشراً، بل كان نتيجة انفلات سلاحه منه بعد إطلاقه النار في الهواء.

فلسطينيون أمام مخبز مقفل وسط غزة (أرشيفية - أ.ب)

وقال مصدر صحافي من دير البلح لـ«الشرق الأوسط»، إن عائلة المتهم بإطلاق النار اضطرت لترك منزلها خوفاً من عملية انتقامية ضدها، مشيراً إلى أن النساء اللواتي قتلن هن نازحات من مدينة غزة. وأوضح المصدر أن مُطلِق النار كان يقف أمام المخبز للمشاركة والمساهمة في حمايته، ضمن اتفاق جرى بين أصحاب المخبز وعوائل دير البلح؛ لتمكين المواطنين من الحصول على الخبز في ظل المجاعة الكبيرة التي باتت تزداد صعوبةً في مناطق وسط وجنوب القطاع. ويوجد في دير البلح نحو 850 ألف نازح، يضاف إليهم أكثر من 300 ألف نسمة من سكان المدينة.

فلسطيني يلوح بيده بعد الحصول على ربطة خبز في مدينة غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

ودفع الحادث مخاتير ووجهاء المدينة للتدخل لمحاولة منع تفاقم الأوضاع فيها، وأن تكون هناك ردة فعل انتقامية تخرج عن سيطرة الجميع. وحمَّل بعض المواطنين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، المخاتير والوجهاء والشخصيات المختصة المسؤولية عن الحادث، بعد أن قرروا تخصيص كميات الطحين التي تدخل إلى دير البلح، لصالح المخابز، وبيع «ربطة واحدة» فقط لكل عائلة، لإتاحة الفرصة أمام العوائل الأخرى للحصول على حصة مماثلة. ورأى البعض أنه كان من الممكن أن يتم توزيع كيس طحين واحد على كل عائلة بدلاً من زيادة الازدحام على المخابز، وتحميل المواطنين فوق طاقاتهم بالانتظار لساعات طويلة جداً، من أجل الحصول على ربطة واحدة لا تكفي لوجبة طعام واحدة فقط.

فلسطيني يعبِّر عن فرحته بعد حصوله على أرغفة الخبز من مخبر في غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويصل سعر «ربطة الخبز» الواحدة داخل المخبز بعد اصطفاف طابور لساعات طويلة إلى 3 شواقل (أقل من دولار واحد بقليل)، بينما يصل السعر خارجه إلى 30 أو 40 شيقلاً (ما يعادل نحو 11 دولاراً)، في حين وصل سعر كيس الطحين الواحد في وسط وجنوب القطاع، إلى 1000 شيقل أو أكثر (أي ما يعادل نحو 255 دولاراً). ويعاني وسط وجنوب قطاع غزة، من نقص حاد في توفر كميات الطحين بفعل الإجراءات الإسرائيلية وسرقة المساعدات من قبل بعض عصابات اللصوص، إلا أن الأوضاع في الشمال بالنسبة لتوفر الطحين أفضل حالاً بعد أشهر من المجاعة التي عانى منها سكان تلك المناطق، واضطروا حينها لطحن أكل الحيوانات من أجل سد رمق جوعهم. وبدأت هذه المعاناة في وسط وجنوب القطاع منذ نحو شهر فقط، مع توقف إمدادات المساعدات الغذائية، وسرقة غالبية ما كان يتم السماح بدخوله، الأمر الذي أدى لمفاقمة الوضع الإنساني. وأفاد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، بأن القوات الإسرائيلية منعت ثلثي عمليات المساعدات الإنسانية المختلفة، البالغ عددها 129، من الوصول إلى قطاع غزة، الأسبوع الماضي. وأجبر الواقع الحالي، أصحاب المخابز لنشر مسلحين لحماية الطحين المتوفر لديها، ومنع سرقته من قبل عصابات اللصوص المنتشرة بشكل كبير. ولجأت بعض المخابز لاستئجار أولئك المسلحين على هيئة حراس أمنيين، في حين اتفق وجهاء ومخاتير وجهات مختصة مع مسلحين من عوائل لحماية المخابز في مناطقهم التي يعيشون فيها. ويتخوف السكان من استمرار إسرائيل في التلاعب بإدخال كميات مساعدات كافية، الأمر الذي سيفاقم من حالة المجاعة التي تزداد حالياً في مناطق وسط وجنوب القطاع بشكل أكبر من الشمال الذي عاش هذه الظروف بشكل أقسى لأشهر عدة.