كييف: دعوتنا للتفاوض تشبه مطالبتنا بالاستسلام

مستشار للرئيس الأوكراني قال إنه لا يمكن لبلاده تعليق هجومها المضاد

ميخائيلو بودولياك (أ.ف.ب)
ميخائيلو بودولياك (أ.ف.ب)
TT

كييف: دعوتنا للتفاوض تشبه مطالبتنا بالاستسلام

ميخائيلو بودولياك (أ.ف.ب)
ميخائيلو بودولياك (أ.ف.ب)

وصف مستشار الرئيس الأوكراني المساعي التي يبذلها الغرب لإقناع أوكرانيا بالتفاوض مع موسكو بعد سلسلة الانتصارات العسكرية التي حققتها كييف بـ«الغريبة»، معتبراً أنها أشبه بطلب استسلام البلاد، مشيراً إلى أن موسكو لا تريد التفاوض.
وقال ميخائيلو بودولياك، مستشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في مقابلة أجرتها معه وكالة الصحافة الفرنسية: «عندما يكون زمام المبادرة بيدك في ساحة القتال، ينطوي على غرابة تلقي مقترحات على غرار لن تكون قادراً على تحقيق كل شيء بالوسائل العسكرية بكل الأحوال، عليك أن تفاوض».
واعتبر بودولياك خلال المقابلة التي أجريت معه في مكتبه في مقر الرئاسة في كييف، أن هذا الأمر من شأنه أن يوحي أن البلاد «التي تستعيد أراضيها عليها أن تستسلم للبلاد التي تتعرض لهزيمة». وكانت تقارير إعلامية أميركية قد أفادت في الآونة الأخيرة بأن بعضاً من المسؤولين الكبار بدأوا يشجعون أوكرانيا على الانخراط في محادثات، لا يزال زيلينسكي يرفضها ما لم يسبقها انسحاب القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية كافة.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، شدد رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأميركي الجنرال مارك ميلي على «وجوب الاعتراف المتبادل بأن النصر العسكري لن يتحقق على الأرجح، وبالمعنى الدقيق، بالوسائل العسكرية»، مشيراً إلى وجود «فرصة للتفاوض».
وأشار بودولياك إلى أن موسكو «لم تقدم أي مقترحات مباشرة» لكييف بشأن محادثات سلام، وفضلت نقلها عبر وسطاء وقد طرحت إمكان وقف إطلاق النار.
التفاوض «غير منطقي»
ترى كييف في أي محدثات كهذه مناورات للكرملين تتيح للقوات الروسية على الأرض التقاط أنفاسها والتحضير لهجوم جديد. وقال مستشار الرئيس الأوكراني: «روسيا لا تريد المفاوضات. روسيا تقود حملة إعلامية تحت مسمى مفاوضات». وحذر من أن أي مسار من هذا القبيل سينطوي على «مماطلة لكسب الوقت. في الأثناء ستجري تدريبات للقوات التي عبأتها وستستحصل على مزيد من الأسلحة وستعزز مواقعها».
ورغم الهزائم العسكرية الكبرى في الأسابيع الأخيرة، لا سيما استعادة أوكرانيا مدينة خيرسون الاستراتيجية الواقعة في جنوب البلاد، لا يزال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعتقد أنه «قادر على تدمير أوكرانيا، هذا هو هوسه»، بحسب بودولياك الذي شدد على أن التفاوض مع سيد الكرملين «غير منطقي».
لكن بودولياك نفى أن يكون الغرب يحاول الضغط على أوكرانيا للانخراط في مفاوضات. وقال: «شركاؤنا لا يزالون يعتقدون أنه من الممكن العودة إلى حقبة ما قبل الحرب حين كانت روسيا شريكاً محل ثقة».
بعد انسحابات واسعة النطاق للقوات الروسية من منطقة كييف في مارس (آذار)، ومن ثم من منطقة خاركيف في شمال شرقي البلاد في سبتمبر (أيلول) الماضي، شكل تحرير خيرسون هذا الشهر تحولاً «أساسياً» في النزاع، وفق بودولياك.
وشدد بودولياك على أن أوكرانيا المدفوعة بسلسلة انتصاراتها العسكرية الأخيرة، لا يمكنها تعليق هجومها المضاد رغم حلول الشتاء القارس وتساقط الثلوج بما يفاقم الصعوبات الميدانية. وقال مستشار الرئيس الأوكراني: «حالياً، أي تعليق ولو قصيراً (للهجوم المضاد) يفاقم الخسائر التي تكبدتها أوكرانيا».
صواريخ أبعد مدى
تعمد موسكو منذ أسابيع إلى قصف واسع النطاق للبنى التحتية للطاقة في أوكرانيا، ما يغرق ملايين المنازل في العتمة. وقال بودولياك إن منطقتي زابوريجيا في جنوب أوكرانيا ولوغانسك في شرقها هما حالياً «وجهتان رئيسيتان» للجيش، رافضاً التكهن بشأن إمكان استعادة شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في عام 2014.
وتطالب السلطات الأوكرانية الغرب بتزويدها بمزيد من الأسلحة، وقد اعتبر أن هذا الأمر «بالغ الأهمية» في الشتاء.
وخلال زيارته الأولى لكييف منذ توليه المنصب، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك السبت أن بلاده ستزود أوكرانيا بحزمة جديدة من الدفاعات الجوية بما في ذلك 125 مضاداً للطائرات.
وقال بودولياك: «لا نزال نحتاج إلى ما بين 150 و200 دبابة ونحو 300 آلية مدرعة» ومائة منظومة مدفعية و50 إلى 70 منظومة راجمات صاروخية بما في ذلك بطاريات «هيمارس» التي تسلمت أوكرانيا عددا منها، و«ما بين 10 و15 منظومة دفاعية مضادة للطائرات لغلق الأجواء».
كذلك تطرق بودولياك إلى صواريخ منظومة أرض - أرض التكتيكية (ATACMS) البالغ مداها 300 كيلومتر، علماً بأن مدى هذه الصواريخ التي بحوزة أوكرانيا حالياً بالكاد يتخطى 80 كيلومتراً.
وشدد بودولياك على أن هذه الصواريخ من شأنها «وضع حد للحرب في وقت أقصر» عبر تمكين أوكرانيا من «تدمير مخازن أسلحة كبرى للجيش الروسي» أقيمت في عمق أراض محتلة يتعذر حالياً الوصول إليها. وقال بودولياك: «لا تحتاج» كييف إلى مهاجمة أهداف عسكرية داخل روسيا، مضيفاً: «ستنتهي الحرب عندما نستعيد السيطرة على حدودنا وعندما تهاب روسيا أوكرانيا».


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يشيد بحزمة العقوبات «الأكبر» ضد قطاع النفط الروسي

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)

زيلينسكي يشيد بحزمة العقوبات «الأكبر» ضد قطاع النفط الروسي

رحّب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم الجمعة، بالعقوبات الأميركية الجديدة على قطاع النفط وأسطول ناقلاته في روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا جندي روسي يطلق طائرة مسيرة صغيرة خلال المعارك في أوكرانيا (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

تقرير: روسيا ابتكرت مسيرة «غير قابلة للتشويش» تشبه الهاتف اللعبة

قالت صحيفة «تلغراف» البريطانية إن روسيا ابتكرت طائرة من دون طيار «غير قابلة للتشويش» تشبه الهاتف اللعبة تغير مسار الحرب في أوكرانيا.

أوروبا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (أ.ب)

أوستن يطالب حلفاء أوكرانيا بـ«ألّا يضعفوا»

طالب وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الخميس التحالف الدولي الذي يقدّم دعماً عسكرياً لأوكرانيا بـ«ألّا يضعف»، في وقت تخشى فيه كييف من أن تفقد دعم بلاده الأساسي.

أوروبا جندي أوكراني يقود مركبة أرضية مسيرة إلكترونياً خلال معرض للمعدات العسكرية والأسلحة (رويترز)

بريطانيا: تحالف دولي سيرسل 30 ألف مسيّرة لأوكرانيا

أعلنت وزارة الدفاع البريطانية، الخميس، أن تحالفاً دولياً تقوده بريطانيا ولاتفيا لإمداد أوكرانيا بمسيّرات سيرسل 30 ألف مسيّرة جديدة إلى كييف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا رجال الإطفاء يعملون في موقع مبنى إداري تضرر جراء الغارات الجوية والصاروخية الروسية في زابوريجيا (رويترز) play-circle 00:36

13 قتيلاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 13 شخصاً اليوم (الأربعاء) في ضربة روسية على مدينة زابوريجيا الأوكرانية، وفق ما أعلن حاكم المنطقة، في حصيلة تعد من الأعلى منذ أسابيع لضربة جوية واحدة.

«الشرق الأوسط» (كييف)

الاحترار يتخطى عتبة 1.5 درجة مئوية في 2023 و2024

آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

الاحترار يتخطى عتبة 1.5 درجة مئوية في 2023 و2024

آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)

تجاوز الاحترار خلال العامين الأخيرين في المتوسط عتبة 1.5 درجة مئوية التي حدّدتها اتفاقية باريس، ما يؤشر إلى ارتفاع مستمر في درجات الحرارة غير مسبوق في التاريخ الحديث، بحسب ما أفاد، الجمعة، مرصد «كوبرنيكوس» الأوروبي. وكما كان متوقعاً منذ أشهر عدة، وأصبح مؤكَّداً من خلال درجات الحرارة حتى 31 ديسمبر (كانون الأول)، يُشكّل 2024 العام الأكثر حرّاً على الإطلاق منذ بدء الإحصاءات سنة 1850، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مرصد «كوبرنيكوس» الأوروبي. ومن غير المتوقع أن يكون 2025 عاماً قياسياً، لكنّ هيئة الأرصاد الجوية البريطانية حذّرت من أن هذه السنة يُفترض أن تكون من الأعوام الثلاثة الأكثر حراً على الأرض.

اتفاقية باريس

وسنة 2025، العام الذي يعود فيه دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، يتعيّن على الدول أن تعلن عن خرائط الطريق المناخي الجديدة، التي تُحَدَّث كل خمس سنوات في إطار اتفاقية باريس. لكن خفض انبعاث الغازات الدفيئة المسبّبة للاحترار يتعثر في بعض الدول الغنية؛ إذ لم تستطع الولايات المتحدة مثلاً خفض هذا المعدّل سوى بـ0.2 في المائة في العام الماضي، بحسب تقرير «كوبرنيكوس». ووفق المرصد، وحده عام 2024 وكذلك متوسط عامي 2023 و2024، تخطى عتبة 1.5 درجة مئوية من الاحترار، مقارنة بعصر ما قبل الصناعة، قبل أن يؤدي الاستخدام المكثف للفحم والنفط والغاز الأحفوري إلى تغيير المناخ بشكل كبير.

احترار المحيطات

خلف هذه الأرقام، ثمّة سلسلة من الكوارث التي تفاقمت بسبب التغير المناخي؛ إذ طالت فيضانات تاريخية غرب أفريقيا ووسطها، وأعاصير عنيفة في الولايات المتحدة ومنطقة البحر الكاريبي. وتطال الحرائق حالياً لوس أنجليس، وهي «الأكثر تدميراً» في تاريخ كاليفورنيا، على حد تعبير الرئيس جو بايدن.

قال علماء إن عام 2024 كان أول عام كامل تتجاوز فيه درجات الحرارة العالمية عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة (أ.ب)

اقتصادياً، تسببت الكوارث الطبيعية في خسائر بقيمة 320 مليار دولار في مختلف أنحاء العالم خلال العام الماضي، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن شركة «ميونيخ ري» لإعادة التأمين. من شأن احتواء الاحترار عند عتبة 1.5 درجة مئوية بدلاً من درجتين مئويتين، وهو الحد الأعلى الذي حدّدته اتفاقية باريس، أن يحدّ بشكل كبير من عواقبه الأكثر كارثية، بحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي. وتقول نائبة رئيس خدمة التغير المناخي (C3S) في «كوبرنيكوس»، سامانثا بيرجس: «إنّ كل سنة من العقد الماضي كانت أحد الأعوام العشرة الأكثر حرّاً على الإطلاق».

ويستمرّ الاحترار في المحيطات، التي تمتصّ 90 في المائة من الحرارة الزائدة الناجمة عن الأنشطة البشرية. وقد وصل المتوسّط السنوي لدرجات حرارة سطح المحيطات، باستثناء المناطق القطبية، إلى مستوى غير مسبوق مع 20.87 درجة مئوية، متجاوزاً الرقم القياسي لعام 2023.

«النينيا»

التهمت حرائق غابات الأمازون في شمال البرازيل سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

بالإضافة إلى التأثيرات المباشرة لموجات الحرّ البحرية على الشعاب المرجانية أو الأسماك، يُؤثّر الاحترار الدائم للمحيطات على التيارات البحرية والجوية. وتطلق البحار التي باتت أكثر احتراراً مزيداً من بخار الماء في الغلاف الجوي، مما يوفر طاقة إضافية للأعاصير أو العواصف. ويشير مرصد «كوبرنيكوس» إلى أن مستوى بخار الماء في الغلاف الجوي وصل إلى مستوى قياسي في عام 2024؛ إذ تجاوز متوسطه لفترة 1991 - 2020 بنحو 5 في المائة. وشهد العام الماضي انتهاء ظاهرة «النينيو» الطبيعية التي تتسبب بالاحترار وبتفاقم بعض الظواهر المتطرفة، وبانتقال نحو ظروف محايدة أو ظاهرة «النينيا» المعاكسة. وكانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية حذرت في ديسمبر من أنّ ظاهرة «النينيا» ستكون «قصيرة ومنخفضة الشدة»، وغير كافية لتعويض آثار الاحترار العالمي.