النيابة العامة الليبية لمزيد من تعقب «قضايا الفساد»

حوّلت 25 مصرفياً إلى المحكمة بتهمة الاختلاس

الصديق الصور النائب العام الليبي (المكتب الإعلامي للنائب العام)
الصديق الصور النائب العام الليبي (المكتب الإعلامي للنائب العام)
TT

النيابة العامة الليبية لمزيد من تعقب «قضايا الفساد»

الصديق الصور النائب العام الليبي (المكتب الإعلامي للنائب العام)
الصديق الصور النائب العام الليبي (المكتب الإعلامي للنائب العام)

صعّدت النيابة العامة الليبية إجراءاتها في مواجهة قضايا الفساد، التي تضمنها تقرير ديوان المحاسبة الأخير، بحق مسؤولين في جهات حكومية ودبلوماسية عديدة، في وقت تلقى جهودها ثناءً من جُل المواطنين، إذ لا يمر يوم إلاّ وقد أمرت بسجن مسؤول، أو وجّهت بتعقب موظفين بقطاعات الدولة.

وقال مكتب النائب العام، مساء أمس، إن النيابة العامة الجزئية بمدينة البيضاء (شرق ليبيا) باشرت إجراءات التحقيق «حول أنشطة جماعة إجرامية، صمَّم أفرادها مخططاً يُيَسِّر لهم الدخول إلى قاعدة بيانات المصرف التجاري الوطني؛ لغرض تزوير بيانات حسابات مصرفية، بإدراج أرقام تفوق حقيقة الأرصدة الدائنة».

وخلال الأسابيع الماضية، أمر النائب العام الصديق الصور، بحبس رؤساء بنوك تجارية، وموظفين بها على ذمة التحقيقات؛ لتورطهم بالتربح وغسل الأموال الناتجة عن عمليات نصب واختلاس من أموال المودعين.

وأضاف مكتب النائب العام، أن «هذه الجماعة الإجرامية، تمكنت من تعظيم مديونية المصرف؛ وإجراء تحويلات مالية فاقت عشرين مليون دينار، ثم تعمَّدت تمويه مصدرها بإجراء تحويلات داخلية إلى حسابات أشخاص أسهموا في المشروع الإجرامي بعلمهم أن تلك الأموال مسروقة».

ولفت مكتب النائب العام إلى أنه بعد انتهاء المحقق من إجراءات البحث والاتهام، حوّل 25 متهماً إلى المحكمة، من بينهم مديران لفرعي المصرف؛ وموظفون به؛ ومفوضو إدارة حسابات شركات، بجانب بعض عملاء البنك.

وسبق لديوان المحاسبة برئاسة خالد شكشك، الكشف عن مخالفات عديدة بقطاعات البنوك، والبعثات الدبلوماسية الخارجية، وبعض الوزارات التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، من بينها الخارجية.

وتعلقت مخالفات وزارة الخارجية، بـ«تقييم مدى كفاءة وفاعلية معايير وآليات اختيار البعثات الدبلوماسية في الخارج».

وأشار التقرير، إلى أنه توصل إلى عدد من النتائج، ومنها «مخالفة التشريعات النافذة بشأن التعيين الاستثنائي في السلك الدبلوماسي والقنصلي، إذ يتم التعيين تحت مسميات مستحدثة لموظفين دبلوماسيين من خارج قطاع الخارجية».

وسبق للنائب العام الأمر بسجن ثلاثة رؤساء سابقين للبعثة الدبلوماسية لليبيا لدى أوكرانيا، الذين تولوا وظائفهم بين عامي 2012 و2019، وذلك في إطار التعاطي مع «وقائع الفساد التي تضمنتها تقارير فحص ومراجعة العمل الإداري والمالي للبعثة».

كما أمر بحبس رئيس البعثة السابق لدى أوغندا، وتوقيف مسؤوليْن تابعيْن للبعثة الدبلوماسية للبلاد لدى قطر احتياطياً على ذمة التحقيق؛ وذلك لاتهامهما بـ«إساءة وظيفتيهما وتحصيل عشرات الآلاف من النقد الأجنبي لهما ولغيرهما».

ولم يتحرج النائب بالمجلس الرئاسي الليبي، موسى الكوني، من القول إن بلاده «أصبحت تتصدر قوائم الفساد في العالم»، مضيفاً: «الفساد أزمة حقيقية في ليبيا، والكسب السريع يبدأ من التحايل للاستفادة من أموال المرتبات، وينتهي بالعملات مع الشركات الأجنبية»، لكنه قال إن كل ذلك «يتنافى مع أخلاق الشعب الليبي».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.