«عروض جامع الفنا» تجذب عشرات الآلاف في «مهرجان الفيلم بمراكش»

فنانات مغربيات باللباس التقليدي على البساط الأحمر لمهرجان مراكش  (الشرق الأوسط)
فنانات مغربيات باللباس التقليدي على البساط الأحمر لمهرجان مراكش (الشرق الأوسط)
TT

«عروض جامع الفنا» تجذب عشرات الآلاف في «مهرجان الفيلم بمراكش»

فنانات مغربيات باللباس التقليدي على البساط الأحمر لمهرجان مراكش  (الشرق الأوسط)
فنانات مغربيات باللباس التقليدي على البساط الأحمر لمهرجان مراكش (الشرق الأوسط)

أكدت فقرة «عروض ساحة جامع الفنا»، قيمتها ضمن فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، الذي اختتم، أمس، فعاليات دورته الـ19، بتكريم الممثلة الاسكوتلندية تيلدا سوينتون وتتويج الفائزين بجوائز مسابقته الرسمية؛ وذلك نظير ما أعطته لهذه التظاهرة من بعد شعبي وامتداد جماهيري بين المراكشيين والآلاف من زوار المدينة الحمراء، ممن لا تكتمل زيارتهم لمراكش من دون زيارة ساحتها الشهيرة. أكثر من ذلك، لم يعد بإمكان مشاركة أشهر سينمائيي العالم في هذه التظاهرة الفنية المغربية، ذات الصيت العالمي، أن تكتمل من دون أن ينزلوا ضيوفا على هذه الساحة الشهيرة وجمهورها العاشق للفن السابع، لمقاسمته شغف وعشق السينما. حدث هذا، في دورات سابقة، مع نجوم كبار مثل ليوناردو دي كابريو، ومارتن سكورسيزي، وشارون ستون، وشاروخان؛ وتكرر في دورة هذه السنة مع نجوم آخرين، بداية من النجم الهندي رانفير سينغ، الذي ما إن كُرم في قصر المؤتمرات، حتى انتقل إلى الساحة الشهيرة، حيث كان بانتظاره عشرات الآلاف من المراكشيين الذين أدمنوا السينما الهندية منذ عقود، فلم يجد إلا أن يعبر عن فخره بالشعبية الطاغية التي تحظى بها السينما الهندية في المغرب، بشكل عام، ومراكش بشكل خاص.
في ساحة جامع الفنا، عاش رانفير سينغ المتعة نفسها التي عاشها كبار آخرون طبعوا مسار السينما الهندية، كشاه روخ خان (شاروخان، بالنسبة للمغاربة)، وبريانكا شوبرا، وريشي كابور، وإيشواريا راي، ومادوري ديكسيت؛ أما حكاية أميتاب باتشان فتبدو أكثر إثارة، فهو الذي وجد نفسه، وهو يهم بدخول سينما «الريف»، بحي الداوديات الشعبي، في دورة 2003، لتقديم أحد أفلامه، يستمع إلى تحايا وهتافات عشاقه المراكشيين باللغة الهندية، قبل أن يدخل في حوارات مع أبناء مراكش جعلته يغرق في صمت ممزوج بالتأثر وعدم تصديق ما يسمعه ويشاهده، في مدينة مغربية تبعد عن شبه الجزيرة الهندية بآلاف الأميال. أغلقت «الريف»، وغيرها من القاعات السينمائية «الشعبية»، أبوابها، بعد أن وضعت المراكشيين، على مدى عقود سابقة، في قلب قصص سينمائية هندية تؤثثها الدموع وحب الأرض وصراع الخير مع الشر وقيم الصداقة والتسامح والعائلة، مع ما تتضمنه مشاهدها من إثارة وتشويق. يقول المغاربة إن الله ما إن يغلق بابا، حتى يفتح عشرة. لذلك مكنت ثورة التكنولوجيا وتناسل الفضائيات المتخصصة في سينما بوليوود، المراكشيين من المحافظة على مشاهدة ما يعشقون، بعد اندثار أغلب القاعات السينمائية بالمدينة الحمراء.
والمثير في علاقة عدد كبير من أبناء مراكش بالسينما الهندية ونجومها أن أغلبهم لا يتقن اللغة الهندية، بل إن منهم من لا يعرف إن كانت تكتب من اليمين أو من اليسار، من الأسفل صعودا أم من الأعلى نزولا، لكنهم قادرون على بناء حوارات كاملة، قد لا تفهم فيها كلمة واحدة، إما لأنك مغربي لا يفهم اللغة الهندية، وإما لأنك هندي يتحدث أمامك مراكشي بأي شيء سوى اللغة الهندية.

عرض فيلم «الروح الحية» لكريستيل ألفيس ميرا ضمن أفلام المسابقة الرسمية (الشرق الأوسط)

ولأن المهرجان ينظم في مراكش، ولأن حب المراكشيين للسينما الهندية أكبر من أن يوصف، فقد عمل منظمو هذه التظاهرة الفنية على استثمار شغف المراكشيين بالسينما بشكل عام، والهندية بشكل خاص، أولا بتعزيز فقراته بفقرة خاصة بعروض ساحة جامع الفنا، مع الحرص على تكريم نجوم ونجمات الهند وبرمجة أفلام هندية في دوراته الأخيرة. أكثر من ذلك، اختاروا تكريم السينما الهندية في دورة 2012، بمبرر «ثراء» و«حيوية» هذه السينما «الشعبية» خلال السنين الأخيرة، و«عمق العلاقات التي جمعت المغاربة بالسينما الهندية».
يقال إننا «عندما نحب الحياة نذهب إلى السينما». في حالة ساحة جامع الفنا، تبدو الأمور مختلفة. السينما من تذهب إلى جامع الفنا، لكي تنزل ضيفة على ساحة حية، متجددة، بزوارها وروادها؛ والسينمائيون من يقصدون ساحة شهيرة بتاريخها وجمهورها، لكي يجددوا شغفهم بالسينما وإيمانهم بتفرد ممارسة فنية تحرك في المشاهد مشاعر لا توصف، وفي من احترفها حرصا متواصلا على إتقان عمله.
خلال دورة هذه السنة، عاش عدد من نجوم السينما الحاضرين والمكرمين، تجربة مختلفة، وهم يشاركون في فقرة «عروض جامع الفنا»، ضمنهم المخرج الأميركي جيمس غراي، والمخرجة والمنتجة وكاتبة السيناريو المغربية فريدة بنليزيد، علاوة على جاد المالح، النجم الكوميدي الفرنسي، من أصول مغربية، الذي نزل ضيفا، أول من أمس، في ثامن أيام التظاهرة، على ساحة جامع الفنا، بمناسبة عرض فيلم «المينيونز: صعود جرو»، لمخرجه الأميركي كايل باليدا، باعتباره أحد الفنانين الذين قاموا بتشخيص الأصوات بالفرنسية، في هذا الفيلم الذي يتميز بروح الفكاهة وبمشاهد الحركة الأكثر إثارة، وذلك إلى جانب كل من كلوديا تاغبو، وعمر سي، وجيرار دارمون، وجوناثان كوهين.
وبرمج المنظمون، في فقرة «عروض جامع الفنا»، التي اختتمت، أمس، بعرض فيلم «الإخوان» لمحمد أمين الأحمر (المغرب)، أفلاما متنوعة المشارب، ضمت، أيضا: «كيد النساء» لفريدة بنليزيد (المغرب)، و«30 مليون» لربيع سجيد (المغرب)، و«ما يشبه الحب» لأنوراج كاشياب (الهند، المملكة المتحدة)، و«الكثيب» لدينيس فيلنوف (الولايات المتحدة )، و«أبي أو أمي» لمارتن بوربولون (فرنسا)، و«أد أسترا» لجيمس غراي (الولايات المتحدة الأميركية)، و«باجيراو ماستاني» لسانجاي ليلا بهنسالي (الهند).


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

مصر: مهرجان «العلمين الجديدة» يختتم بعد 50 يوماً من السهر

ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)
ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)
TT

مصر: مهرجان «العلمين الجديدة» يختتم بعد 50 يوماً من السهر

ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)
ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)

اختتم مهرجان «العلمين الجديدة» نسخته الثانية بحفل غنائي للمطرب المصري الشاب ويجز، الجمعة، بعد فعاليات متنوعة استمرت 50 يوماً، ما بين حفلات غنائية وموسيقية وعروض مسرحية، بالإضافة إلى أنشطة فنية ورياضية متعددة.

وشهدت النسخة الثانية تعاوناً بين إدارة المهرجان والهيئة العامة للترفيه، ممثلة في إدارة «موسم الرياض»، بتقديم عروض مسرحية في العلمين قادمة من «موسم الرياض»، من بينها مسرحيات «السندباد» لكريم عبد العزيز، ونيللي كريم، و«التلفزيون» لحسن الرداد، وإيمي سمير غانم، إلى جانب حفلات غنائية منها حفل الفنان العراقي كاظم الساهر.

ومنحت الشراكة بين «موسم الرياض» و«العلمين الجديدة»، زخماً كبيراً للفعاليات، حسب الناقد الفني المصري محمد عبد الرحمن، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: إن «تقديم العروض المسرحية يُعدّ من أهم الإضافات التي شهدها المهرجان في نسخته الثانية العام الحالي، خصوصاً مع وجود نجوم كبار شاركوا في هذه العروض».

عمر خيرت مع إسعاد يونس ضمن فعاليات المهرجان (إدارة المهرجان)

وأضاف عبد الرحمن أن «من بين الأمور المميزة في العروض التي تضمّنها المهرجان عدم اقتصار المسرحيات على النجوم، ولكن أيضاً على الشباب، على غرار مسرحيتي (الشهرة)، و(عريس البحر)، وهما العرضان اللذان لاقيا استحسان الجمهور، ما انعكس في نفاد تذاكر المسرحيات خلال ليالي العرض».

يدعم هذا الرأي الناقد الفني خالد محمود، الذي يشير إلى أهمية التعاون بين الجانبين بما ينعكس إيجاباً على المحتوى الفني المقدم للجمهور، مشيراً إلى أن «في النسخة الثانية من مهرجان (العلمين الجديدة) تحقق جزء كبير من الأحلام والطموحات التي جرى الحديث عنها بعد انتهاء الدورة الأولى، عبر مشاركة نجوم عرب في الحفلات على غرار ماجدة الرومي، وكاظم الساهر، بعد غياب لفترة طويلة».

وأشار محمود إلى «تنوع الحفلات الغنائية والفعاليات المصاحبة للمهرجان، خصوصاً فيما يتعلّق بالاستعانة بفرق الفنون الشعبية من مختلف المدن المصرية لتقديم عروضها في المهرجان بحفلات متنوعة»، لافتاً إلى أن «غياب البث المباشر للحفلات كان بمثابة نقطة ضعف لا بدّ من تجاوزها في النسخة المقبلة».

وتضمن المهرجان، الذي افتتح حفلاته الغنائية محمد منير في يوليو (تموز) الماضي، فعاليات جماهيرية كثيرة، منها الاحتفال بأبطال مصر الحاصلين على ميداليات في دورة الألعاب الأوليمبية، بالإضافة إلى إطلاق فعاليات مهرجان «نبتة»، الذي قدم أنشطة فنية وترفيهية للأطفال بمشاركة فنانين، من بينهم أحمد أمين وهشام ماجد.

محمد منير خلال حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

ومن بين الحفلات الفنية الكبرى التي شهدها المهرجان، حفلات عمرو دياب، وتامر حسني، وعمر خيرت، وفريق «كايروكي»، بجانب تصوير عشرات الحلقات التلفزيونية مع نجوم الفن من مصر والعالم العربي الذين شاركوا في المهرجان.

وشهدت سماء مدينة العلمين الجديدة عروضاً جوية بالطائرات في الأيام الأخيرة للمهرجان، فيما قدمت فرق متعددة من جهات وأقاليم مختلفة عروضاً مجانية لمسرح الشارع.

إحدى فرق الفنون الشعبية ضمن فعاليات المهرجان (إدارة المهرجان)

وأعلنت «اللجنة العليا» للمهرجان، في بيان، السبت، انتهاء الفعاليات بعد تحقيقه «خدمة توعوية وتثقيفية وسياسية وتنموية ومجتمعية للدولة المصرية وأبنائها بتنفيذ عدد غير مسبوق من الفعاليات الشاملة، ومشاركة جميع أطياف المجتمع المصري وفئاته العمرية والصحية والاقتصادية والتعليمية، واستقبال زوار من 104 جنسيات لدول أجنبية، وكذلك عدد كبير من المسؤولين والدبلوماسيين العرب والأجانب».

ويتوقف محمد عبد الرحمن عند إعلان المهرجان تخصيص 60 في المائة من الأرباح لدعم فلسطين للتأكيد على أن «تأثير المهرجان ليس فنياً ترفيهياً فقط، بل يحمل رسالة مجتمعية مهمة».

ويشير خالد محمود إلى «ضرورة استفادة المهرجان مما تحقّق على مدار عامين بترسيخ مكانته بين المهرجانات العربية المهمة، الأمر الذي يتطلّب مزيداً من التوسع في النُّسخ المقبلة التي تتضمن التخطيط للاستعانة بنجوم عالميين لإحياء حفلات ضمن فعالياته».