مسؤولو البنك الدولي: نتعاون في المنطقة للتنمية وحماية المناخ

نومبا أوم لـ«الشرق الأوسط»: الشح المائي وأمن الطاقة تحديان كبيران

مسؤولا البنك الدولي نومبا أوم ومارينا ويس (الشرق الأوسط)
مسؤولا البنك الدولي نومبا أوم ومارينا ويس (الشرق الأوسط)
TT

مسؤولو البنك الدولي: نتعاون في المنطقة للتنمية وحماية المناخ

مسؤولا البنك الدولي نومبا أوم ومارينا ويس (الشرق الأوسط)
مسؤولا البنك الدولي نومبا أوم ومارينا ويس (الشرق الأوسط)

أكد مسؤولون رفيعو المستوى بالبنك الدولي أن أبرز التحديات المناخية في منطقة الشرق الأوسط تكمن في شح المياه، ونقص الغذاء، وتوفير الأمن الطاقي، مشيرين إلى أن المبادرات السعودية الخضراء كانت مثالاً على التعامل مع هذا الثالوث بجدية.
وخلال وجودهما في مؤتمر «كوب 27»، تحاورت «الشرق الأوسط» مع بول نومبا أوم، المدير الإقليمي لإدارة البنية التحتية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي، ومارينا ويس، المدير الإقليمي لمصر واليمن وجيبوتي في البنك الدولي. وأوضح كلاهما أن البنك يهتم بشكل واسع بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأنه أسهم خلال العام الماضي بدعم يبلغ نحو 32 مليار دولار للدول النامية من أجل حمايتها مناخياً.
وقال المسؤولان: «نؤمن من جانبنا بأن المشكلة المناخية هي المسألة الطارئة الأكثر إلحاحاً في عصرنا الحالي وللأجيال القادمة على السواء، و(عدم فعل شيء) ليس خياراً مطروحاً... جزء من تحركنا وهدفنا خلال مشاركتنا في (كوب 27) هو أننا لا يجب أن ننظر إلى ملف معالجة التغير المناخي من وجهة (التكاليف)، بل من وجهة أنه فرصة كبرى يمكن استثمارها للحصول على حياة أفضل مع تنمية مستدامة ذات عوائد على البشر والاقتصادات».
الشح المائي
وأضافا: «في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، 6 من بين كل 10 أشخاص يعانون من (فقر مائي)، وهذا هو المخرج الأساسي لتحليلنا خلال تقرير تشخيص الحالة المناخية للدول، الذي أشار إلى تلك النتيجة في كل من المغرب ومصر والأردن والعراق».
ويؤكد المسؤولان أن الشح المائي هو تحدٍّ هائل، وإذا لم نتعامل معه بشكل سليم، فإنه قد يتسبب في تهجير جماعي عنيف للسكان إلى مناطق أخرى، قد تتضرر بدورها نتيجة النزوح وزيادة الكثافة مقارنة بالمتاح المائي. وقد تتسبب المشكلة أيضاً في تضرر الحياة والاقتصاد في مناطق شاسعة، إذ قد تخفض الدخل القومي ما بين 3 و6 في المائة بحلول عام 2050، إذا لم تعالج بشكل صحيح. وبالتأكيد تنعكس مشكلة شح المياه، بطبيعة الحال، على الأمن الغذائي، وهي المشكلة الثانية التي لا تقل أهمية.
وثالث المشكلات، بحسب الضيفين، هي أمن الطاقة... «نحن مثلاً في منطقة مشمسة ولدينا الأراضي اللازمة واليد العاملة، ولذلك فإنه من الممكن أن نستغل ذلك في التحول الطاقي مع توفير التقنيات اللازمة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية. وذلك يوفّر الأمن الطاقي إلى جانب أنها طاقات غير ملوثة للبيئة، كما أنها توفر إمكانات تصدير الطاقات الفائضة إلى دول الجوار، ولذلك انعكاس اقتصادي كمورد للدخل. إذاً فأكثر تحديات المنطقة؛ الماء والغذاء والطاقة، يجب التعامل معها الآن. ونحن في البنك الدولي نهتم بهذا الثالوث ونسعى لدعم ما يتصل به».
مبادرات جادة
وحول المبادرات السعودية الخضراء، أكد المسؤولان: «هناك 3 أشياء نراها الآن؛ أولاً السعودية ودول الخليج تقوم من خلال هذه المبادرات بحماية التحديات الثلاثة التي ذكرتها؛ المياه والغذاء والطاقة. وعلى سبيل المثال، فإن سعر الكيلوواط/ساعة من الكهرباء أصبح أقل من سنت واحد نتيجة لذلك. والأمر الثاني، دول الخليج لديها المخزونات الأكبر من النفط والغاز، وغالبيتها الآن تمتلك - وتعمل على - تقنيات لتقليص الانبعاثات من الطاقة الأحفورية... وهو ما يسير متوازياً مع جهودنا في مبادرة (سكيل) مثلاً. وثالثاً، الهيدروجين وهو وقود المستقبل، الذي نرى تقدماً واسعاً في إنتاجه (الأخضر والأزرق) في الخليج عبر التقنيات المتناغمة مع حماية المناخ... إذاً نستنتج أن دول الخليج على المسار الصحيح، واتخذت أجندة التعامل مع التغيرات المناخية بشكل غاية في الجدية وكأولوية عالية الأهمية».
جهود واسعة
وعن أبرز ما يقدمه البنك الدولي من دعم، أشار المسؤولان إلى أن «الكل في المؤتمر يترقب من البنك الدولي أن يقدم (عرض حالة) للوضع خلال العام المالي الماضي، ونحن مع شركائنا قمنا بتقديم تمويلات العام الماضي بنحو 32 مليار دولار للدول النامية من أجل مواجهة التحديات المناخية، نصفها تقريباً من أجل التكيف، والنصف الآخر للتخفيف (من الأضرار). هذا المبلغ يمثل نحو 35 في المائة من إجمالي تمويلاتنا خلال تلك الفترة، ما يوضح حجم اهتمام البنك بقضايا المناخ وأنه أحد أكبر داعميها».
كما قام البنك بإطلاق مبادرة جديدة باسم «سكيل» (scale)، وهو صندوق جديد متعدد الشركاء للمساعدة في الحد من الانبعاثات، وستستفيد منه دول المنطقة والدول النامية.
ويشير نومبا أوم إلى أنه من بين البرامج التي عمل عليها البنك خلال السنتين الماضيتين، على سبيل المثال، برنامج مع مصر لتقليل التلوث في القاهرة، وشمل ذلك إحلال حافلات صديقة للبيئة تعمل بالطاقة الكهربائية بدلاً من الحافلات القديمة... و«رأينا الآن بالفعل حافلات شرم الشيخ الخضراء الصديقة للبيئة تعمل خلال المؤتمر، وهي باكورة إنتاج هذا المشروع قبل تعميمه في كل المدن المصرية». ومشروع آخر هو تطوير طريق النقل التجاري اللوجستي بين القاهرة والإسكندرية، وهو مهم بيئياً نظراً لأن 98 في المائة من حركة نقل البضائع في مصر تتم بالشاحنات، فإذا حولنا ذلك إلى القطارات فإننا بالتأكيد نقلص الانبعاثات والتلوث، بل أيضاً يجعل ذلك الاقتصاد أكثر قدرة وتطوراً مع نقل أسرع وأكثر سلاسة للبضائع.
وتابع المسؤول أنه «في العراق مثلاً، وجدنا أن (غاز الشعلة) الناتج من آبار النفط يلوث الهواء... فاقترحنا أنه يمكن جمعه ومعالجته، ثم إعادة استخدامه في إنتاج الطاقة... أي أنه بدلاً من أن يكون مشكلة أصبح مصدراً للدخل، وكذلك أصبح مصدراً للكهرباء يمكن أن يمدهم بنحو 10 غيغاواط، وبما يعادل 2.5 مليار دولار من الطاقة. كما قمنا بمشروعات أخرى على المسار ذاته، تدعم الاقتصاد والنمو، وتسهم في زيادة فرص العمل، وتتواءم مع الأهداف المناخية في الوقت ذاته في الأردن والمغرب وغيرهما خلال الفترة الماضية».
مواجهة النزوح
وحول مشكلات النزوح ودور البنك في ذلك، قال المسؤولان: «نحاول في المقام الأول أن نمنع حدوث ذلك... نحاول أن ننبه الحكومات مبكراً للخطر المقبل عبر بحوثنا وتحليلاتنا، حتى إذا كنا نتعامل مع مجتمع هشّ (في مناطق النزاع مثلاً). كما نحاول مد هذه المجتمعات بالتقنيات والبرامج اللازمة لحل الأزمة أو وقف تدهورها».
وعن شعوره في «كوب 27»، قال نومبا أوم: «هذه أول مرة لي أحضر مؤتمر المناخ، لكنني أحببت الطاقة الإيجابية والمشاركة الفاعلة والواسعة من جميع الأطراف هنا. ولا أحب أن أستبق النتائج، لأن التحديات والملفات هنا هائلة؛ لكن أعتقد أنه ينبغي على الجميع إنجاز المهمة لأنه ليست لدينا خيارات أخرى. فهناك دول تواجه أزمات وجودية، على سبيل المثال الشح المائي في الأردن تخطى الحد الأقصى المسجل والمسموح دولياً. وهو يحتاج ليس فقط إلى مساعدات دولية وإقليمية لتخطي الأزمة، بل أيضاً لتقليص الهادر المائي والحفاظ على كل قطرة بكل السبل».


مقالات ذات صلة

ما حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان؟

المشرق العربي كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)

ما حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان؟

قد يتوقف قريباً إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية بموجب اتفاق يستهدف إنهاء أكثر من عام من قتال أشعلته حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد متسوقون في أحد الشوارع التجارية بالعاصمة الكورية الجنوبية سيول (رويترز)

كوريا الجنوبية تتعهد بزيادة 45 % في مساهمتها بصندوق تابع للبنك الدولي

قالت وزارة المالية الكورية الجنوبية إن الرئيس يون سوك يول تعهد بزيادة مساهمة بلاده في صندوق المؤسسة الدولية للتنمية التابع للبنك الدولي بمقدار 45 في المائة.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الاقتصاد منظر عام لمدينة وهران الجزائرية (رويترز)

البنك الدولي: الجزائر تحقق نمواً 3.9 % في النصف الأول رغم انخفاض إنتاج المحروقات

أفاد تقرير البنك الدولي بعنوان «تقرير رصد الوضع الاقتصادي للجزائر: إطار عمل شامل لدعم الصادرات» بأن اقتصاد الجزائر سجل نمواً بنسبة 3.9 في المائة في النصف الأول.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مشاركته في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو (أ.ب)

بايدن يتعهد بأربعة مليارات دولار لصندوق يساعد أفقر البلدان

يسجل المبلغ رقما قياسيا ويتجاوز كثيرا نحو 3.5 مليار دولار تعهدت بها واشنطن في الجولة السابقة من تعزيز موارد الصندوق في ديسمبر كانون الأول 2021.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام لشارع الحبيب بورقيبة في وسط تونس (رويترز)

البنك الدولي يتوقع نمو الاقتصاد التونسي 1.2 % في 2024

توقّع البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد التونسي بنسبة 1.2 في المائة في 2024، وهو أقل من توقعاته السابقة.

«الشرق الأوسط» (تونس)

وزير المالية السعودي: ميزانية العام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الاستراتيجي

وزير المالية السعودي في مؤتمره الصحافي (الشرق الأوسط)
وزير المالية السعودي في مؤتمره الصحافي (الشرق الأوسط)
TT

وزير المالية السعودي: ميزانية العام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الاستراتيجي

وزير المالية السعودي في مؤتمره الصحافي (الشرق الأوسط)
وزير المالية السعودي في مؤتمره الصحافي (الشرق الأوسط)

قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن ميزانية العام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الاستراتيجي على المشاريع التنموية وفق الاستراتيجيات القطاعية وبرامج رؤية المملكة 2030، واستمرار تنفيذ البرامج والمشاريع ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المستدام، وتطوير بيئة الأعمال لتعزيز جاذبيتها، والمساهمة في تحسين الميزان التجاري للمملكة، وزيادة حجم ونوع الاستثمارات المحلية والأجنبية.

وشدد في مؤتمر صحافي، عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية العام المالي لعام 2025، على أن الحكومة استمرت في الإنفاق التوسعي لما يحمل من أثر إيجابي للمواطن.

وأضاف أن 3.7 في المائة هو النمو المتوقع بالاقتصاد غير النفطي بنهاية 2024، موضحاً أن الأنشطة غير النفطية ساهمت في الناتج المحلي بنسبة 52 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي. وقال إن مساهمة النفط في الناتج المحلي اليوم هو 28 في المائة. وأضاف أن الناتج المحلي الاسمي وصل إلى 4.1 تريليون ريال.

ورأى أن مساهمة الاستثمار الخاص في الاقتصاد عملية تحتاج للوقت، مشدداً على أن المؤشرات الاقتصادية تدعو إلى التفاؤل.

وقال: «هناك قفزة بعدد الشركات الصغيرة والمتوسطة بفضل الإنفاق الحكومي... نواصل الالتزام بالتحفظ عند إعداد الميزانية وأرقام الإيرادات دليل على ذلك».

ولفت إلى أن تغيرات هيكلية في اقتصاد المملكة بدأت تظهر نتائجها، كاشفاً أن 33 في المائة هي نسبة ارتفاع في الإنفاق على الاستراتيجيات وبرامح تحقيق «رؤية 2030».