سوريا: الزبداني هدف لمئات البراميل المتفجرة والصواريخ

المعارضة تردّ بهجوم في حي جوبر ومباني «8 آذار» داخل دمشق

مقاتلان من المعارضة السورية يتفقدون ركام أبنية مجمع وثكنة مركز البحوث في الأحياء الغربية لمدينة حلب (أ.ف.ب)
مقاتلان من المعارضة السورية يتفقدون ركام أبنية مجمع وثكنة مركز البحوث في الأحياء الغربية لمدينة حلب (أ.ف.ب)
TT

سوريا: الزبداني هدف لمئات البراميل المتفجرة والصواريخ

مقاتلان من المعارضة السورية يتفقدون ركام أبنية مجمع وثكنة مركز البحوث في الأحياء الغربية لمدينة حلب (أ.ف.ب)
مقاتلان من المعارضة السورية يتفقدون ركام أبنية مجمع وثكنة مركز البحوث في الأحياء الغربية لمدينة حلب (أ.ف.ب)

لليوم الثالث على التوالي بقيت مدينة الزبداني الواقعة في الريف الغربي للعاصمة السورية دمشق، هدفًا لطيران جيش النظام وبراميله المتفجرة، ومئات الصواريخ وقذائف المدفعية الثقيلة، كما بقيت مداخل المدينة ومحيطها مسرحًا للاشتباكات العنيفة، بين مقاتلي المعارضة السورية من جهة، وقوات النظام مدعومة من المجموعات المسلحة الموالية لها بينها حزب الله اللبناني من جهة ثانية، وذلك في محاولة من النظام وحزب الله للسيطرة على الزبداني بالنظر لأهميتها وموقعها الاستراتيجي، وجعلها ورقة قابلة للاستخدام في أي حلّ سياسي.
على الصعيد الميداني، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن «محيط مدينة الزبداني يشهد اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف، والفصائل المقاتلة والإسلامية من طرف آخر، إثر هجوم عنيف بدأه حزب الله اللبناني وعناصر الفرقة الرابعة (في الحرس الجمهوري) على الزبداني، في محاولة للتقدم فيها والسيطرة عليها». وأضاف: «إن الاشتباكات ترافقت مع قصف عنيف من قبل قوات النظام على مراكز المقاتلين ومناطق في المدينة وأطرافها، وتنفيذ الطيران الحربي غارات على شوارع المدينة وأحيائها ومحيطها». وأكد تعرض المناطق ذاتها أمس لأكثر من 90 ضربة بالبراميل المتفجرة والصواريخ من طائرات النظام الحربية والمروحية تمهيدًا لاقتحام المدينة. وأوضح «المرصد» أن «هذا القصف ترافق مع هجوم لمقاتلي المعارضة على حاجز الشلاح في محاولة للسيطرة عليه، مما أدى لخسائر بشرية في صفوفهم وصفوف قوات النظام والمسلحين الموالين لها».
وإذا كان لافتًا تبدّل أولويات النظام في المواجهات التي يخوضها في ريف دمشق، عبر صرف الاهتمام عن معاركه في القلمون والغوطتين وجنوبي العاصمة، وتقديم معركة الزبداني إلى الصدارة، كان لعضو المجلس العسكري في المعارضة السورية أبو أحمد العاصمي، قراءة في هذا المشهد، إذ اعتبر أن «النظام السوري وحزب الله يسعيان للسيطرة على الزبداني لكونها ورقة قوية في يد المعارضة في ريف دمشق، ومحاولة تشكيل واقع جديد لتعود لهما اليد الطولى في العاصمة ومحيطها».
وأكد العاصمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «النظام السوري وحزب الله وبقية التشكيلات الإيرانية المسلحة، لن يتمنكوا من السيطرة على الزبداني، ولو كان بإمكانهم لفعلوا ذلك منذ زمن، هذه المدينة هي أكثر منطقة تعرضت للقصف سواء من الجهة اللبنانية على يد ميليشيا حزب الله أو من قبل النظام من الداخل». وفي الانطباع الأولي لما يجري على الأرض، رأى أن «النظام وحلفاءه خاسرون في هذه المعركة حتى الآن، بدليل أنه أسقط في اليوم الواحد أكثر من 60 برميلاً متفجرًا على المدينة ومئات الصواريخ من دون أن يحقق أي اختراق».
وذهب العاصمي إلى تفسير هذه الهجمات بأنها «ردة فعل شرسة على الضربة الموجعة التي تلقاها النظام على حاجز الشلاح والخسارة التي مني بها عبر مقتل عدد من عناصر الحاجز وضباطه»، مؤكدًا أن «القتلى هم من عناصر حزب الله وإيران، فلو كانوا جنودًا سوريين لما كان النظام لينتقم لقتلهم، لأنه لا يرى في الجنود السوريين سوى خراف لا قيمة لهم».
وعن الأهمية الاستراتيجية للزبداني من وجهة نظر النظام، أوضح العاصمي أن «النظام يحاول السيطرة على هذه المدينة لتكون ورقة يستخدمها في أي حلّ سياسي، وأن يكون له دور في هذا الحلّ، لكن هذا النظام الذي لم يعد يسيطر على أكثر من 25 في المائة من الأراضي السورية بات في حكم المنتهي، حتى حزب الله الذي لعب الدور الأهم في إطالة عمر النظام، تراجع دوره وضعف كثيرًا بعد أن خسر عددًا كبيرًا من قادته العسكريين ومقاتليه الأساسيين في ريف دمشق الغوطة والقلمون وحلب وغيرها». وتابع العاصمي: «يجب أن تفهم إيران ومعها حزب الله أنهم يحاربون شعب سوريا، ولذلك هم متأكدون من أن انهيار النظام في سوريا يعني حتمية انهيار حزب الله وخسارة كبرى لإيران ومحورها في المنطقة».
وفي موازاة ذلك، شنّ مقاتلو المعارضة السورية، هجومًا من عدّة محاور على حي جوبر داخل العاصمة دمشق، ردًا على العمليات العسكرية التي ينفذها النظام وحزب الله في الزبداني، كما قصفت الصواريخ مباني «8 آذار» داخل دمشق. وكشف مصدر عسكري في المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، أن حزب الله الذي يتولى حماية القسم الجنوبي من حي جوبر اضطر إلى سحب بعض قواته من هذا الحي، ودفع بها إلى معركة الزبداني، وهو ما جعل المعارضة تستغلّ هذه الثغرة وتشنّ هجومًا معاكسًا من الطرف الشمالي للحي الواقع تحت سيطرتها على مواقع وتحصينات الحزب والنظام في القسم الجنوبي ويكبدهما خسائر بشرية». وأردف أن «المعارضة قصفت بمدفعية الهاون المتمركزة في محيط دمشق مواقع للنظام داخل العاصمة، كما استهدفت شارع بغداد بعدة قذائف مدفعية».
أما موقع «الدرر الشامية للأخبار» المعارض، فأفاد بأن «كتائب الثوار صدّت صباح السبت (أمس)، هجومًا لقوات الأسد وميليشيا حزب الله على مدينة الزبداني في منطقة القلمون الغربي بريف دمشق وكبدتهم خسائر في الأرواح». ونقل الموقع عن مصادر ميدانية، أن «قوات الأسد وميليشيا حزب الله شنوا هجومًا عنيفًا على مدينة‫‏الزبداني من جهة قلعة الزهراء ومنطقة الجمعيات غربي المدينة، تحت غطاء ناري كثيف بجميع أنواع الأسلحة الثقيلة والقذائف المدفعية وعشرات الصواريخ أرض أرض، إضافة لغطاء جوي يساند الهجوم، واستهداف طائرات الأسد المروحية المدينة بالبراميل المتفجرة». وأفادت المصادر الموقع أن «الثوار تمكنوا من التصدي للهجوم وإفشال العملية العسكرية حيث تم إجبارهم على التراجع إلى مواقعهم بعد مواجهات عنيفة أوقعوا خلالها قتلى وجرحى في صفوفهم». واستطرد الموقع أن «الفصائل العسكرية في مدينة الزبداني تمكنت أمس (الأول) من توجيه ضربة استباقية، وذلك بعد إعلان نظام الأسد نيته اقتحام المدينة وحشده المئات من ميليشيا الدفاع الوطني وحزب الله، حيث قامت بهجومٍ مباغت في عملية أطلقت عليها (البركان الثائر) ونجحت في السيطرة على حاجزَي الشلاح والقناطر إضافة إلى بناء الثلج وبناء سناك التنور في محيط الشلاح وقتل عدد كبير من الجنود».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.