سفير اليابان لدى لبنان: مر بلدانا بأضخم انفجارين... لنا هيروشيما ولكم المرفأ

قال لـ«الشرق الأوسط» إنه يغادر بيروت متفائلاً بمستقبل البلد

سفير اليابان في وسط بيروت (الشرق الأوسط)
سفير اليابان في وسط بيروت (الشرق الأوسط)
TT

سفير اليابان لدى لبنان: مر بلدانا بأضخم انفجارين... لنا هيروشيما ولكم المرفأ

سفير اليابان في وسط بيروت (الشرق الأوسط)
سفير اليابان في وسط بيروت (الشرق الأوسط)

يوم هبطت طائرة السفير الياباني تاكيشي أوكوبو، في العاصمة اللبنانية عام 2019، لم يكن حراك «17 تشرين» قد بلغ شهره الأول. يتذكر تلك اللحظة في حديثه مع «الشرق الأوسط» قائلاً: «كانت المظاهرات السلمية تملأ الشوارع. أُعجبت بما رأيت وعددته ربيعاً عربياً يُزهر متأخراً في بيروت الباحثة عن هوية وطنية. شعرت بأن شيئاً جديداً كان في طور الولادة».
خلال السنوات الثلاث التي أمضاها في لبنان، كان هناك متسع من الوقت لتنشأ قصة حب بينه وبين البلد الصغير. اليوم وهو يستعد لطيّ مهمته الدبلوماسية في لبنان، سائراً نحو وجهة جديدة لم يكشف عنها بعد، يختصر التجربة الأخيرة برسالة يوجهها إلى اللبنانيين باللغة العربية: «كونوا متفائلين، وكل شيء يأتي في أوانه».
تلقّى أوكوبو دروساً مكثّفة في اللغة العربية طيلة 3 سنوات. يسترجع تلك الفترة من بداياته قائلاً: «لم تكن مهمة سهلة، فكل شيء مختلف بين الياباني والعربي... الحروف والقواعد، لكن أصعب ما في الأمر كان النطق». ويضيف: «اللغة العربية عالم واسع بالنسبة لي، مثلها مثل الثقافة والتاريخ والحضارة العربية التي تعمقت فيها كثيراً».
في فيديوهاته التي تحصد عدداً كبيراً من المشاهدات، يتوجّه إلى اللبنانيين بلغتهم، وهم يرحّبون بذلك. فقد نشأت بينه وبين أهل البلد علاقة خاصة عبر منصة «تويتر». لم يوفّر تغريدة إلا وعبّر فيها عن حبه الكبير للبنان، ودائماً بالحروف العربية. تَراه مرة في ملعب كرة السلة يشجّع المنتخب الوطني في مباريات التصفية لكأس العالم، مشبّهاً إياه بالساموراي. ثم ينشر صورة لبيروت تحت المطر، متغزلاً بجمال المدينة. ومرة أخرى، يجلس على شرفة جنوبية ويصوّر «ترويقة المناقيش واللحم بعجين».


أوكوبو مشجعاً المنتخب اللبناني لكرة السلة
يقول مبتسماً: «يتفاعل اللبنانيون كثيراً مع تغريداتي. حتى إنهم يطلبون منّي أن أترشح لرئاسة الجمهورية!»، يضيف ضاحكاً. لكن في تلك التغريدات، أكثر من مجرّد مائدة لبنانية أو لوحة طبيعية ساحرة. أوكوبو سفيرٌ نشيط ليس على منصات التواصل الاجتماعي فحسب، بل في المهمات الميدانية التي أثمرت مشاريع إنمائية متعددة في مختلف المناطق اللبنانية.
يتحدث بفخر عن المشاريع التي أُنجزت خلال ولايته الدبلوماسية: «أتممنا أخيراً اتفاق التعاون التقني بين اليابان والدولة اللبنانية. موّلنا مشروعاً لإدارة النفايات الصلبة أُقيم بموجبه مرفق في بلدة دير الأحمر لمعالجة 25 طناً من النفايات يومياً. كما كانت لليابان مساهمة في عملية نزع الألغام من خلال تمويل المؤسسات غير الحكومية الناشطة في المجال». أما المشروع الذي يتكلم عنه أوكوبو بفرح فهو تجهيز 122 مدرسة رسمية على امتداد الأراضي اللبنانية، بلوحات الطاقة الشمسية.
كثيرة هي المشاريع التي أشرف عليها السفير الياباني، لكن الأحب إلى قلبه من بينها كلها يبقى إعادة تأهيل المباني التراثية المتضررة جراء تفجير مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب) 2020. شكّل ذلك اليوم الدامي نقطة مفصلية في علاقة أوكوبو بلبنان، حسبما يروي. ارتفع منسوب التعاطف مع الناس في قلبه، وزادت في نظره أوجُه الشبَه بين مسقط رأسه والبلد المضيف: «مرّ بلدانا بأضخم انفجارَين في التاريخ البشري. لنا هيروشيما وناغازاكي، ولكم بيروت». كما شملت مساعدات اليابان عقب التفجير إعادة إعمار وتجهيز مركز الحجر الصحي الحيواني والنباتي في المرفأ، والذي يلعب دوراً مفصلياً في التأكد من سلامة المواد الغذائية عند دخولها الأسواق المحلية وضمان جودة المنتجات المصدّرة.
https://twitter.com/TakeshiOkubo3/status/1576942556033994755?s=20&t=i4iuyR8l4-hSn4oHIhDKuA
قد يستغرب البعض أن يُبصر أوكوبو أكثر من وجه شبه بين اليابان ولبنان. إذ ليست التفجيرات وحدها ما يجمع بين البلدَين برأيه: «في لبنان كما في اليابان، الثروة الحقيقية هم الناس. الموارد البشرية هي رأس المال الفعلي».
ويضيف أنه مؤمن بقوّة الشعب اللبناني وحماسته، معتبراً أن هذا سيسهم في إعادة بناء الوطن مستقبلاً. يصرّ أوكوبو على نظرية التفاؤل: «يجب أن يُبنى مستقبل لبنان على دعم مبادرات الشباب في عالم الأعمال وتسهيل مشاريع القطاع الخاص. برأيي، مكونات خلطة الإنقاذ السحرية هي حكومة صغيرة، وقطاع خاص قوي على تواصل مع لبنانيي الاغتراب، ومستثمرين من حول العالم. أضف إليها أمناً مستتباً. هذه هي صورة لبنان المستقبل في ذهني».
يبدو السفير الياباني واثقاً بالمشهد الوردي هذا، فهو اعتاد ألا يتوقّف عند الفراغ، مفضّلاً النظر إلى النصف الملآن من كأس لبنان. يذهله حُسن الضيافة مثلاً، والخزّان الاغترابي الممتلئ بالطاقات الهائلة. ثم يتحدث عن التراث، والتاريخ، والمناخ، والطبيعة، معدِّداً غابات الصنوبر في حاصبيا، وأشجار الأرز المعمّر في بشرّي، والبيوت القرميدية في المتن، وشلالات جزّين. جال في لبنان من شماله إلى جنوبه، سحرته آثار مدينة صور وميناء طرابلس. يشبّه قمة فوجي بجبل الشيخ في إحدى تغريداته، فترد عليه مواطنة لبنانية: «بتحب لبنان أكتر من كتار حاملين هويته».
تسعده إطراءات متابعيه على «تويتر»، وهو يثابر على قراءة تعليقاتهم. لعلها من أكثر ما سيفتقده بعد أن يودّع بيروت في غضون أيام. سيشتاق كذلك إلى السفرة اللبنانية، وعلى رأسها الكبة النية التي باتت تنافس «الساشيمي» بالنسبة إليه. «يا ليتني أستطيع أن أنشر ثقافة المطبخ اللبناني في اليابان، لكني لم أتعلم الطبخ»، يقول مع شيء من الندم. في الزيارة المقبلة ربما، فتاكيشي أوكوبو ليس مستعداً بعد للخروج من الحالة اللبنانية: «أينما استقررت حول العالم، سيبقى لبنان إحدى وجهاتي المفضّلة ومكاناً أحب أن أخدم فيه».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا: موجة نزوح من حلب وإغلاق المطار

فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
TT

المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا: موجة نزوح من حلب وإغلاق المطار

فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)

قال المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا، الجمعة، إن هناك تقارير عن عمليات نزوح واسعة من مناطق في ريف حلب الغربي ومناطق داخل المدينة مع إعلان فصائل مسلحة دخولها مدينة حلب.

وأضاف المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا أن بعض العائلات نزحت من حلب وإدلب إلى أماكن إيواء جماعية في حماة.

وأشار المكتب إلى أنه تم إغلاق مطار حلب الدولي، وتعليق جميع الرحلات، مضيفاً أن «الوضع الأمني في حلب يتدهور بشكل سريع».

وسيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل مسلحة أخرى على مدينة سراقب في محافظة إدلب، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، في إطار هجوم واسع تشنّه في شمال سوريا دخلت خلاله مدينة حلب.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أهمية سراقب (شمال غربي) أنها تمنع أي مجال للنظام من التقدم إلى حلب، وتقع على عقدة استراتيجية تربط حلب باللاذقية (غرب) وبدمشق».

دخلت مجموعات مسلحة بينها «هيئة تحرير الشام» وفصائل مدعومة من تركيا، الجمعة، مدينة حلب في شمال سوريا، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بعد قصفها في سياق هجوم مباغت وسريع بدأته قبل يومين على القوات الحكومية، هو الأعنف منذ سنوات.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الفصائل «دخلت إلى الأحياء الجنوبية الغربية والغربية» لكبرى مدن الشمال السوري.

وأضاف أنّها سيطرت على خمسة أحياء في ثانية كبرى مدن البلاد، مشيراً إلى أنّ الجيش السوري «لم يبدِ مقاومة كبيرة».

وهي المرة الأولى التي تدخل فيها فصائل مسلحة إلى حلب منذ استعاد الجيش السوري السيطرة الكاملة على المدينة عام 2016.

وأفاد مراسل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» في حلب بوقوع اشتباكات بين الفصائل، والقوات السورية ومجموعات مساندة لها.

كذلك، قال شاهدا عيان من المدينة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهما شاهدا مسلحين في منطقتهما، وسط حالة من الهلع.

وأودت العمليات العسكرية بحياة 277 شخصاً، وفقاً للمرصد، غالبيتهم مقاتلون من طرفي النزاع، ومن بينهم 28 مدنياً قضى معظمهم في قصف من طائرات روسية تدعم الجيش في المعركة.

وبدأ الهجوم خلال مرحلة حرجة تمر بها منطقة الشرق الأوسط مع سريان وقف إطلاق نار هش في لبنان بين إسرائيل و«حزب الله» الذي يقاتل منذ سنوات إلى جانب الجيش النظامي في سوريا.

ومع حلول يوم الجمعة، كانت الفصائل سيطرت على أكثر من خمسين بلدة وقرية في الشمال، وفقاً للمرصد السوري، في أكبر تقدّم منذ سنوات تحرزه المجموعات المسلحة السورية.

وكان المرصد أفاد، الخميس، بأنّ مقاتلي «هيئة تحرير الشام» وحلفاءهم تمكّنوا من قطع الطريق الذي يصل بين حلب ودمشق.

وتعرّض سكن جامعي في مدينة حلب الجمعة للقصف، ما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين، بحسب وكالة «سانا» الرسمية.

وأدت المعارك إلى نزوح أكثر من 14 ألف شخص، نصفهم تقريباً من الأطفال، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

ومن مدينة حلب، قال سرمد البالغ من العمر (51 عاماً)، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «على مدار الساعة، نسمع أصوات صواريخ ورمايات مدفعية وأحياناً أصوات طائرات»، مضيفاً: «نخشى أن تتكرر سيناريوهات الحرب وننزح مرة جديدة من منازلنا».

وقال ناصر حمدو البالغ (36 عاماً) من غرب حلب، في اتصال هاتفي مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «نتابع الأخبار على مدار الساعة، وقطع الطريق يثير قلقنا اقتصادياً لأننا نخشى ارتفاع أسعار المحروقات وفقدان بعض المواد».

ووصلت تعزيزات من الجيش إلى حلب، وفق ما أفاد مصدر أمني سوري.

وقبل إعلان المرصد دخول «هيئة تحرير الشام» إلى المدينة، أشار المصدر الأمني إلى «معارك واشتباكات عنيفة من جهة غرب حلب». وأضاف: «وصلت التعزيزات العسكرية ولن يجري الكشف عن تفاصيل العمل العسكري حرصاً على سيره، لكن نستطيع القول إن حلب آمنة بشكل كامل ولن تتعرض لأي تهديد».

وتابع: «لم تُقطع الطرق باتجاه حلب، هناك طرق بديلة أطول بقليل»، متعهداً بأن «تفتح كل الطرق قريباً».

وتزامناً مع الاشتباكات، شنّ الطيران الحربي الروسي والسوري أكثر من 20 غارة على إدلب وقرى محيطة بها، وفق المرصد السوري، أدّت إلى مقتل شخص.

بدوره، أعلن الجيش الروسي، الجمعة، أن قواته الجوية تقصف فصائل «متطرفة».

عناصر تتبع فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)

ونقلت وكالات أنباء روسية عن متحدث باسم مركز المصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية في سوريا قوله إن «القوات الجوية الروسية تنفذ هجمات بالقنابل والصواريخ على معدات وعناصر جماعات مسلحة غير شرعية ونقاط سيطرة ومستودعات ومواقع مدفعية تابعة للإرهابيين»، موضحاً أنها «قضت» على 200 مسلح خلال الـ24 ساعة الماضية.

ودعت تركيا، الجمعة، إلى «وقف الهجمات» على مدينة إدلب ومحيطها، معقل المعارضة المسلّحة في شمال غربي البلاد.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، عبر منصة «إكس»، إنّ الاشتباكات الأخيرة «أدت إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات في المنطقة الحدودية».

أطراف دولية

يعد القتال الناجم عن هذا الهجوم، الأعنف منذ سنوات في سوريا، التي تشهد منذ عام 2011 نزاعاً دامياً عقب احتجاجات شعبية أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص ودفع الملايين إلى النزوح، وأتى على البنى التحتية والاقتصاد في البلاد.

وفي عام 2015، تدخلت روسيا إلى جانب الجيش السوري، وتمكنت من قلب المشهد لصالح حليفها، بعدما خسر معظم مساحة البلاد.

وخلال شهرين من الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان، كثّفت الدولة العبرية ضرباتها للفصائل الموالية لإيران في سوريا.

وقدمت هذه الفصائل، وأبرزها «حزب الله»، دعماً مباشراً للقوات السورية خلال الأعوام الماضية، ما أتاح لها استعادة السيطرة على معظم مناطق البلاد.

والجمعة، عدّ المتحدّث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن الوضع في حلب «انتهاك لسيادة سوريا». وأعرب عن دعم بلاده «للحكومة السورية في استعادة النظام في المنطقة وإعادة النظام الدستوري».

وشدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في بيان، «على دعم إيران المستمر لحكومة سوريا وأمتها وجيشها في كفاحها ضد الإرهاب»، بعد اتصال هاتفي أجراه مع نظيره السوري بسام الصباغ.

في إدلب، عدّ رئيس «حكومة الإنقاذ» التي تدير مناطق سيطرة «هيئة تحرير الشام» محمد البشير، الخميس، أن سبب العملية العسكرية هو حشد النظام «في الفترة السابقة على خطوط التماس وقصفه مناطق آمنة، ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين الآمنين».

وتسيطر «هيئة تحرير الشام» مع فصائل مسلحة أقل نفوذاً على نحو نصف مساحة إدلب ومحيطها، وعلى مناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة.

ويسري في إدلب ومحيطها منذ السادس من مارس (آذار) 2020 وقف لإطلاق النار أعلنته كل من موسكو الداعمة لدمشق، وأنقرة الداعمة للفصائل المسلحة، وأعقب هجوماً واسعاً شنّته القوات السورية بدعم روسي على مدى ثلاثة أشهر.

وشاهد مراسل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، مقاتلين من فصائل عدة في مدينة الأتارب يتقدمون إلى مشارف مدينة حلب، في ظل انسحاب الجيش ودخول دبابات وآليات تابعة للفصائل المعارضة.

وقال مقاتل ملثّم، لمراسل «وكالة الصحافة الفرنسية»: «أنا مُهجَّر منذ خمس سنوات، والآن أشارك في المعارك، وإن شاء الله سنعيد أرضنا وبلدنا اللذين أخذهما النظام، وندعو إخوتنا الشباب الجالسين في منازلهم للانضمام إلينا كي نعيد البلد».