«السباحتان» يحظى بإعجاب جمهور «القاهرة السينمائي»

الفيلم عن رحلة فتاتين من سوريا إلى ألمانيا للمشاركة في الأولمبياد

يسرا وسارة (ناتالي ومنال عيسى) كما ظهرتا في ملصق (الشرق الأوسط)
يسرا وسارة (ناتالي ومنال عيسى) كما ظهرتا في ملصق (الشرق الأوسط)
TT

«السباحتان» يحظى بإعجاب جمهور «القاهرة السينمائي»

يسرا وسارة (ناتالي ومنال عيسى) كما ظهرتا في ملصق (الشرق الأوسط)
يسرا وسارة (ناتالي ومنال عيسى) كما ظهرتا في ملصق (الشرق الأوسط)

حظي فيلم «السباحتان» (The Swimmers) باستقبال حافل وتصفيق استمر لدقائق بعد وفي أثناء عرضه مساء (الأربعاء) ضمن القسم الرسمي في مهرجان القاهرة السينمائي خلال دورته الـ44، ومع صعود مخرجته سالي الحسيني، المصرية الأصل البريطانية الجنسية، إلى المسرح بعد العرض برفقة مدير المهرجان أمير رمسيس والفنانة السورية كندة علوش، والفنان أحمد مالك، تصاعد تصفيق الجمهور إعجاباً بالفيلم الذي يُعرض للمرة الأولى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد مشاركته في مهرجانات تورونتو وزيوريخ ولندن خلال دوراتها الماضية.

البطلتان وابن عمهما 
يتتبع الفيلم قصة السباحتين السوريتين يسرا وسارة مارديني ورحلتهما كلاجئتين هرباً من الحرب السورية إلى ألمانيا لتتمكنا من المشاركة في أولمبياد ريو دي جانيرو عام 2016 ووهبتا مهاراتهما في السباحة وقلبيهما للعمل البطولي لمساعدة اللاجئين، وتجسِّد دوريهما الشقيقتان ناتالي ومنال عيسى. ويشارك في بطولة الفيلم الممثل الفلسطيني علي سليمان، إضافةً لمجموعة كبيرة من الممثلين ينتمون لجنسيات مختلفة.
كشفت مخرجة الفيلم أنه استغرق منها سنوات حتى يرى النور بعدما قرأت عن السباحتين السوريتين على مواقع السوشيال ميديا، وقد تم تصويره في المملكة المتحدة وتركيا وبلجيكا.
المشاهد الأولى للفيلم توحي بحياة مبهجة تعيشها الفتاتان داخل بيتهما المحاط بالزهور، وفي احتفال بعيد ميلاد الابنة يسرا كمفاجأة أعدّتها لها الأسرة، يفخر الأب (علي سليمان) أمام الجميع بأن لديه ثلاث زهرات جميلات؛ يسرا وسارة والصغيرة شهد، وأنه كبطل سباحة كان يطمح إلى خوض الأولمبياد فأخذ على عاتقه تدريبهما حتى صارت يسرا وسارة بطلتين في السباحة. وبينما يراقصهما بسعادة تنهمر قذائف الحرب السورية وتفقد الفتاتان صديقتهما بقذيفة، مما يجعلهما تقتنعان بضرورة السفر إلى أوروبا. ورغم تحفظ الأب وخوف الأم (كندة علوش) يتدبّران لهما نفقات السفر.

فريق عمل الفيلم مع مدير المهرجان ليلة عرض الفيلم
في رحلة محفوفة بالمخاطر ورائحة الموت تجبَر الفتاتان على القيام بها مع ابن عمهما (أحمد مالك)، يجد الثلاثة أنفسهم وسط مجموعة كبيرة من اللاجئين في قارب متهالك. وفي ظل مطاردات أمنية عبر الحدود الأوروبية، نعيش تسلسلا مشحونا بالقلق لا يترك للمتفرج لحظة لالتقاط أنفاسه، سواء في عبورهما للحدود أو في رحلة يسرا للمشاركة في أولمبياد 2016 لتنضم إلى أبطال أولمبياد ريو دي جانيرو.
تتكامل عناصر الفيلم، من سيناريو واقعي ومشوّق عملت عليه المخرجة سالي الحسيني وحدها أربع سنوات ثم بمشاركة كاتب السيناريو الشهير جاك ثورن، كما أدت الموسيقى التصويرية التي اعتمدت على موسيقى البوب دوراً في التعبير عن مشاعر بطلتيها.

الشقيقتان السوريتان منال وناتالي عيسي اللتين تجسدان شخصيتي يسرا وسارة مارديني
ووفقاً للناقدة خيرية البشلاوي فإن الفيلم قدم نموذجين للفتاة العربية في ظل الحروب والإرهاب، يجمع بينهما الاجتهاد والإرادة غير القابلة للكسر، فقد واجهتا التجربة المضنية بقسط كبير من الشجاعة والإصرار.
وترى البشلاوي أن الفيلم يبث عدة رسائل في غاية الأهمية ويؤكد أن الفرد للجميع، وأن من يقدم الخير وينتصر للبشر وللشجاعة والإنسانية هو من يحقق هذه النظرية، لينطلق الفيلم من التجربة الخاصة إلى المحنة العامة التي تواجهها المجتمعات.
وتضيف أن المخرجة نقلت هذه التجربة الصعبة بلغة بصرية بديعة تكافئ المحتوى الموضوعي الذي قدمته بشكل كبير، بكل ما تحمله من إثارة وتشويق، ونماذج مختلفة للإناث تقف بقوة ضد كل ما هو مفهوم عنهن في ظل الرجعية المسيطرة على جماعات لا تؤمن بالمرأة وتتبنى الإرهاب. وتميز الفيلم بأنه شديد الصدق يعكس تجربة فنية متكاملة جعلتنا نحبس أنفاسنا ونترقب رحلة البطلتين المحفوفة بالألم والمتوجة بالنصر الكبير.


مقالات ذات صلة

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».