«قمة بالي» ترفض التلويح بـ«النووي» وتلتزم أمن الغذاء والطاقة

القادة اعتبروا الاتفاق على البيان الختامي رغم الانقسامات «نجاحاً غير متوقع»

قادة ورؤساء دول مجموعة العشرين وقادة المنظمات الدولية يزرعون أشجار «المنغروف» في متنزه نغوراه راي للغابات في ختام قمة بالي (رويترز)
قادة ورؤساء دول مجموعة العشرين وقادة المنظمات الدولية يزرعون أشجار «المنغروف» في متنزه نغوراه راي للغابات في ختام قمة بالي (رويترز)
TT

«قمة بالي» ترفض التلويح بـ«النووي» وتلتزم أمن الغذاء والطاقة

قادة ورؤساء دول مجموعة العشرين وقادة المنظمات الدولية يزرعون أشجار «المنغروف» في متنزه نغوراه راي للغابات في ختام قمة بالي (رويترز)
قادة ورؤساء دول مجموعة العشرين وقادة المنظمات الدولية يزرعون أشجار «المنغروف» في متنزه نغوراه راي للغابات في ختام قمة بالي (رويترز)

بقبعات وقمصان بيضاء، اصطفّ قادة قمة العشرين لزراعة شجرة «المنغروف» في تعبير مزدوج عن وحدة الصف والالتزام البيئي. إلا أن ابتسامات الحضور لم تنجح في إخفاء ساعات من التوتر، جرّاء سقوط صاروخ على الأراضي البولندية، وتسببه في مقتل شخصين.
واضطر الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو الذي سلَّم رئاسة مجموعة العشرين لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، أمس، إلى تأخير موعد زراعة الشجرة ساعة واحدة على الأقل، بينما كان قادة «الناتو» ومجموعة السبع يعقدون اجتماعات أزمة في فندق الوفد الأميركي ببالي. وعلى الرغم من ارتباك البرنامج الرسمي لليوم الثاني من القمة، توّج قادة العشرين جلستهم الختامية ببيان مشترك، أدانت فيه «غالبية» الدول الأعضاء الحرب في أوكرانيا، واعتبرت أن هذا النزاع «يقوض الاقتصاد العالمي».
- انقسامات... وتفاهمات
استعرض البيان الختامي لقمة العشرين الانقسامات الحادة بين الدول الأعضاء حول الحرب في أوكرانيا بشكل جلي. فذكر البند الثالث من البيان الذي يقع في 1186 صفحة، أن الدول أعادت تأكيد مواقفها الوطنية من الحرب، كما وردت في قرار الجمعية العام للأمم المتحدة، الذي «استنكر بأشد العبارات عدوان الاتحاد الروسي على أوكرانيا، وطالب بانسحابها الكامل وغير المشروط من أراضي أوكرانيا».
وأضاف البيان أن «غالبية» الدول الأعضاء «تدين بحزم الحرب في أوكرانيا»، معتبرة أن هذا النزاع يقوض الاقتصاد العالمي، ويسبب معاناة بشرية هائلة، ويؤدي إلى تفاقم الهشاشة الحالية في الاقتصاد العالمي، بما يشمل تقييد النمو، وزيادة التضخم، وتعطيل سلاسل التوريد، وتفاقم انعدام الأمن الغذائي والطاقي، وزيادة مخاطر انعدام الاستقرار المالي.
وفي مؤشر على التفاهمات التي قادت لموافقة جميع الدول الأعضاء على اعتماد الإعلان المشترك، ذكر البيان: «كانت هناك آراء أخرى وتقييمات مختلفة للوضع وللعقوبات. وبينما ندرك أن مجموعة العشرين ليست منتدى لحل المشكلات الأمنية، فإننا نقرّ بأن المشكلات الأمنية يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي».
إلى ذلك، أكّد أكبر عشرين اقتصاداً في العالم، وبينهم روسيا، في البيان المشترك، أن «استخدام الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها غير مسموح به». وأضافوا أن «الحل السلمي للنزاعات، والجهود المبذولة لمعالجة الأزمات، فضلاً عن الدبلوماسية والحوار، (قضايا) جوهرية. يجب ألا يكون عصر اليوم عصر حرب».
وعلى الرغم من الانقسامات، يتوّج البيان الختامي المشترك جهود الرئيس الإندونيسي لتقريب وجهات النظر وجمع الفرقاء. وقال ويدودو في جلسة الختام: «اليوم نجحنا في اعتماد إعلان قادة مجموعة العشرين والمصادقة عليه»؛ مشيراً إلى أنه أول اتفاق على نص مشترك توصلت إليه المجموعة منذ فبراير (شباط). وأضاف: «أعبّر عن امتناني لجميع الذين شاركوا وأبدوا مرونة» للوصول إلى هذا النص المشترك.
واعتبر المستشار الألماني أولاف شولتس صدور البيان الختامي نجاحاً غير متوقّع. وقال: «عُقدت قمة استثنائية لمجموعة العشرين هنا في إندونيسيا... وجود تفاهمات هنا تجاوز بكثير ما كان متوقعاً. يظل هذا نجاحاً للقمة». وأضاف: «من الجيد أنه تم هنا إيجاد عبارات واضحة عن الحرب العدوانية الروسية في أوكرانيا»، مضيفاً أن جميع الأعضاء أوضحوا أن استخدام أسلحة نووية أمر غير مقبول؛ مشيراً إلى أن جل الدول الأعضاء شددوا على عدم تجاوز هذا الخط الأحمر «بقوة شديدة».
- التزام بـ«أولويات بالي»
في الوقت الذي طغت فيه الحرب في أوكرانيا على أعمال القمة، سعى قادة الدول العشرين إلى التجاوب مع الأولويات التي وضعتها الرئاسة الإندونيسية تحت شعار «نتعافى معاً، ونتعافى بشكل أقوى».
وقال البيان: «في هذه اللحظة الحاسمة للاقتصاد العالمي، من الضروري أن تتخذ مجموعة العشرين إجراءات ملموسة ودقيقة وسريعة وضرورية، باستخدام جميع أدوات السياسة المتاحة، لمواجهة التحديات المشتركة، بما في ذلك من خلال التعاون الدولي في الاقتصاد الكلي». وتابع: «نظل ملتزمين بدعم البلدان النامية، لا سيما الدول الأقل نمواً والدول الجزرية الصغيرة النامية، في الاستجابة لهذه التحديات العالمية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة».
بالإضافة إلى ذلك، التزمت الدول الأعضاء «اتخاذ إجراءات لتعزيز الأمن الغذائي، وأمن الطاقة، ودعم استقرار الأسواق»، فضلاً عن توفير دعم مؤقت ومستهدف لتخفيف تأثير الزيادات في الأسعار، وتعزيز الحوار بين المنتجين والمستهلكين، وزيادة التجارة والاستثمارات لتلبية احتياجات الأمن الغذائي والطاقة على المدى الطويل، والقدرة على الصمود، وأنظمة الغذاء والأسمدة والطاقة المستدامة.
وأولى البيان الختامي اهتماماً بمكافحة التغير المناخي، بالتوازي مع أعمال «كوب 27» في شرم الشيخ، التي تختتم أعمالها هذا الأسبوع. واتفق القادة على مواصلة الجهود للحد من ارتفاع درجات الحرارة في العالم عند 1.5 درجة مئوية، وأقروا بالحاجة إلى تسريع الجهود للتخلص من استخدام الفحم تدريجياً.
وأوضح البيان: «إدراكاً منا لدورنا القيادي، نجدد التأكيد على التزاماتنا الثابتة بالسعي لتحقيق هدف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، من أجل التصدي لتغير المناخ، من خلال تعزيز التنفيذ الكامل والفعال لاتفاق باريس وهدفه المتعلق بدرجة الحرارة».
وكانت حكومات العالم قد اتفقت في عام 2015، خلال قمة الأمم المتحدة في باريس، على محاولة الحد من متوسط زيادة درجة الحرارة العالم عند 1.5 درجة مئوية، فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.


مقالات ذات صلة

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمته في الجلسة الثالثة لقمة دول مجموعة العشرين (واس)

السعودية تدعو إلى تبني نهج متوازن وشامل في خطط التحول بـ«قطاع الطاقة»

أكدت السعودية، الثلاثاء، أن أمن الطاقة يمثل تحدياً عالمياً وعائقاً أمام التنمية والقضاء على الفقر، مشددة على أهمية مراعاة الظروف الخاصة لكل دولة.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا في اليوم الأخير من القمة (إ.ب.أ)

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

نجحت البرازيل بصفتها الدولة المضيفة في إدراج أولويات رئيسية من رئاستها في الوثيقة النهائية لقمة العشرين بما في ذلك مكافحة الجوع وتغير المناخ.

أميركا اللاتينية الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

إطلاق «التحالف العالمي ضد الجوع» في «قمة الـ20»

أطلق الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، «التحالف العالمي ضد الجوع والفقر»، وذلك خلال افتتاحه في مدينة ريو دي جانيرو، أمس، قمة «مجموعة العشرين».

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو )
العالم لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)

«قمة العشرين» تدعو لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

أعلنت دول مجموعة العشرين في بيان مشترك صدر، في ختام قمّة عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية أنّها «متّحدة في دعم وقف لإطلاق النار» في كل من غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
TT

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)
القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)

قال مسؤول كبير في مجال الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة، الجمعة، إن قراصنة إلكترونيين صينيين يتخذون مواطئ قدم في بنية تحتية خاصة بشبكات حيوية أميركية في تكنولوجيا المعلومات تحسباً لصدام محتمل مع واشنطن.

وقال مورغان أدامسكي، المدير التنفيذي للقيادة السيبرانية الأميركية، إن العمليات الإلكترونية المرتبطة بالصين تهدف إلى تحقيق الأفضلية في حالة حدوث صراع كبير مع الولايات المتحدة.

وحذر مسؤولون، وفقاً لوكالة «رويترز»، من أن قراصنة مرتبطين بالصين قد اخترقوا شبكات تكنولوجيا المعلومات واتخذوا خطوات لتنفيذ هجمات تخريبية في حالة حدوث صراع.

وقال مكتب التحقيقات الاتحادي مؤخراً إن عملية التجسس الإلكتروني التي أطلق عليها اسم «سالت تايفون» شملت سرقة بيانات سجلات مكالمات، واختراق اتصالات كبار المسؤولين في الحملتين الرئاسيتين للمرشحين المتنافسين قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) ومعلومات اتصالات متعلقة بطلبات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة.

وذكر مكتب التحقيقات الاتحادي ووكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية أنهما يقدمان المساعدة الفنية والمعلومات للأهداف المحتملة.

وقال أدامسكي، الجمعة، إن الحكومة الأميركية «نفذت أنشطة متزامنة عالمياً، هجومية ودفاعية، تركز بشكل كبير على إضعاف وتعطيل العمليات الإلكترونية لجمهورية الصين الشعبية في جميع أنحاء العالم».

وتنفي بكين بشكل متكرر أي عمليات إلكترونية تستهدف كيانات أميركية. ولم ترد السفارة الصينية في واشنطن على طلب للتعليق بعد.