الرئيس الفرنسي يضاعف نشاطه الدبلوماسي على هامش أعمال قمة العشرين

محوران رئيسيان يركز عليهما: الحرب في أوكرانيا والاهتمام بصعوبات أفريقيا ودول الجنوب

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بالي (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بالي (رويترز)
TT

الرئيس الفرنسي يضاعف نشاطه الدبلوماسي على هامش أعمال قمة العشرين

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بالي (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بالي (رويترز)

قد تكون الصعوبات السياسية التي يواجهها الرئيس الفرنسي في الداخل حيث لا تتمتع حكومة إليزابيت بورن التي ترأسها بالأكثرية المطلقة في البرلمان ما يعرقل قدرتها «وقدرته» على السير بمشاريع القوانين التي يودان إقرارها الدافع لنشاط دبلوماسي محموم لإيمانويل ماكرون على هامش أعمال قمة العشرين في جزيرة بالي الإندونيسية. وبينت النقاشات الحادة التي رافقت التصويت على الميزانية العامة الصعوبات المتراكمة بوجه الحكومة ما دفعها أكثر من مرة إلى اللجوء إلى مادة في الدستور «المادة 39 ــ 3» تتيح لها القفز فوق النقاش وطرح الثقة بالحكومة مباشرة وبذلك حشر الأحزاب في الزاوية لأن سقوطها يعني الدعوة آلياً لانتخابات جديدة علماً بأن الانتخابات الأخيرة حصلت في يونيو (حزيران) الماضي.
ومنذ وصوله إلى بالي مساء أمس، تتعاقب اجتماعات ماكرون مع قادة العالم. وتشهد بالي مجموعة من القمم داخل قمة العشرين وكانت أولاها القمة التي ضمت فرنسا وجنوب أفريقيا والأرجنتين والمكسيك والسنغال ورواندا التي كان الهدف منها تعزيز الروابط بين الشمال والجنوب ومنع ما يسميه ماكرون «الانقسام والقطيعة» بين الجانبين. وأهم ما صدر عن تلك القمة الدعوة إلى «قمة العشرين للتضامن» من أجل مواجهة تداعيات الحرب الاقتصادية والغذائية والطاقة إضافة إلى التحديات المناخية فضلاً عن إدخال مجموعة من الإصلاحات لعمل المؤسسات والمنظمات الدولية السياسية والاقتصادية والمالية.
يوم الثلاثاء، تلاحقت منذ الصباح «قمم» ماكرون الذي التقى تباعاً الرئيس الصيني والأميركي ثم لاحقاً الرئيس التركي والمستشار الألماني والرئيس الإندونيسي الذي ترأس بلاده القمة ووزير الخارجية الروسي وشارك في القمة الأوروبية - الأفريقية وتحادث مع ولي العهد السعودي ومع مسؤولين آخرين. ومن المنتظر لاحقاً أن يلتقي رئيس وزراء الهند. وتوفر هذه القمة التي تضم أكبر عشرين اقتصاداً عالمياً وتمثل 80 في المائة من الناتج المحلي العالمي و75 في المائة من التجارة فضلاً عن 60 في المائة من سكان الأرض أكبر الفرص للتواصل وتبادل الآراء والنظر في مشاكل العالم لأنها تضم دولاً من الشمال والجنوب معاً بعكس «مجموعة السبع» التي تعد نادي الدول الغنية.
ورغم تكاثر اللقاءات وتداخلها، فإن الرئيس الفرنسي توجه إلى بالي مع مجموعة من الاهتمامات أولها الحرب الروسية على أوكرانيا وما فتئ يدعو إلى ضرورة تعزيز الأنشطة الدبلوماسية بالتوازي مع مواصلة توفير الدعم متعدد الأشكال لأوكرانيا لتمكينها من الجلوس إلى طاولة المفاوضات من موقع قوي بالتوازي مع التوصل إلى «لغة مشتركة» بين الدول العشرين. وأكد ماكرون أنه سيتواصل مع الرئيس فلاديمير بوتين مباشرة عقب انتهاء أعمال القمة. والهدف الثاني للرئيس الفرنسي هو العمل على توفير شيء من الإجماع بين الدول العشرين إزاء الملف الروسي - الأوكراني ودفع الصين والهند، وخصوصاً الصين، لتحفيز بوتين على قبول وقف لإطلاق النار أو هدنة تمهيداً للعودة إلى طاولة المفاوضات لما لهذين البلدين من تأثير عليه.
بالتوازي مع ما سبق، يسعى ماكرون لدفع الدول الغنية لأخذ صعوبات الدول الناشئة والدول في طور النمو بالاعتبار خصوصاً أن مجموعة العشرين أنشئت أصلاً للاهتمام بالمسائل الاقتصادية والمالية والنمو العالمي والصحة وخلافها. من هنا، كان تركيزه على ضرورة معالجة تبعات حرب أوكرانيا في قطاعات الطاقة والأزمات الاقتصادية والمالية والغذائية الأمر الذي يفسر تركيز القمة الأوروبية - الأفريقية على ملف إيصال الأسمدة الروسية إلى البلدان الأفريقية وتشديده على ضرورة تمديد العمل باتفاق إخراج الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود الذي ينتهي في الأيام القليلة القادمة بالتوازي مع استمرار إخراج هذه الحبوب عبر الأنهار والطرق الأوروبية. وحتى اليوم، تم إخراج 10 ملايين طن عبر البحر الأسود و15 مليون طن عبر المسارات الأخرى.
هكذا، يوظف ماكرون الدبلوماسية المفيدة لتناول مشاكل العالم في السياق السياسي الداخلي الفرنسي حيث نجح في الفوز بولاية ثانية من خمس سنوات. إلا أنه لم ينجح في توفير الأكثرية النيابية المطلقة كالتي كان يتمتع بها في ولايته الأولى «2017 - 2022» والتي مكنته من إدارة فرنسا على هواه بالنظر للصلاحيات الواسعة جداً التي يوفرها الدستور لرئيس الجمهورية في هذا البلد.


مقالات ذات صلة

مجموعة العشرين تتعهد «التعاون» لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء

العالم تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)

مجموعة العشرين تتعهد «التعاون» لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء

اتفقت دول مجموعة العشرين على العمل معاً لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء، لكن دون التوصل لاتفاق حول نظام ضريبي عالمي.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا ووزير المالية البرازيلي فرناندو حداد ورئيس البنك المركزي البرازيلي روبرتو كامبوس نيتو يحضرون اجتماع افتتاح الدورة المشتركة لمجموعة العشرين والمسارات المالية في قصر إيتاماراتي في برازيليا (رويترز)

دول مجموعة العشرين تتفق على تجنب القضايا الجيوسياسية في قمة ريو دي جانيرو

قال ممثل البرازيل في مجموعة العشرين أمس (الجمعة) إن دبلوماسيي المجموعة اتفقوا على تجنب القضايا الجيوسياسية الشائكة خلال قمة أكبر الاقتصادات في العالم.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أوروبا عدد من زعماء العالم يجلسون للتحضير لجلسة عمل حول أفريقيا وتغير المناخ والتنمية في منتجع بورجو إجنازيا خلال قمة «مجموعة السبع» (أ.ف.ب)

«السبع» لدعم أوكرانيا بـ50 مليار دولار من الأصول الروسية

اتفق قادة «مجموعة السبع» خلال انطلاق قمتهم في جنوب إيطاليا، بحضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس (الخميس)، على دعم أوكرانيا بقرض قيمته 50 مليار دولار

شوقي الريّس (فازانو (إيطاليا)) «الشرق الأوسط» (بروكسل)
المشرق العربي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لدى نزوله من الطائرة على مدرج مطار خورخي نيوبيري في بوينس أيريس (أ.ب)

انتقادات متكررة لأميركا وسط مطالب الـ«20» بوقف النار فوراً في غزة

أدى بقاء السماعات مفتوحة خلال اجتماعات رفيعة مغلقة لمجموعة العشرين للدول الغنية في البرازيل إلى سماع انتقادات لواشنطن بسبت معارضتها وقف النار فوراً في غزة.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي خلال أحد الاجتماعات على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

البرازيل تؤكد وجود دعم واسع في مجموعة الـ 20 لحل الدولتين

أكد وزير الخارجية البرازيلي ماورو فييرا، اليوم (الخميس)، وجود «إجماع» بين أعضاء مجموعة العشرين لدعم حل الدولتين في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.