الباليرينا «بيانكا» تتحدّى المقاسات المألوفة لبطلات «ديزني»

لصاحبات الوزن الزائد الحق في البطولة

بيانكا، بطلة فيلم Reflect (ديزني)
بيانكا، بطلة فيلم Reflect (ديزني)
TT

الباليرينا «بيانكا» تتحدّى المقاسات المألوفة لبطلات «ديزني»

بيانكا، بطلة فيلم Reflect (ديزني)
بيانكا، بطلة فيلم Reflect (ديزني)

فور انتهائها من مشاهدة فيلم الرسوم المتحرّكة «ريفلكت Reflect»، غرّدت ميغان معلّقة: «كنت بحاجة إلى هذا الفيلم القصير من ديزني في الـ16 من عمري، قبل أن أترك الباليه. لم أُرِد حينها أن أكون الفتاة السمينة في الصف».
https://twitter.com/MeganPotter_/status/1585066473927503872?s=20&t=dMK0Hukf0Wtb20ddbTG0YQ
لم تكن ميغان المشاهدة الوحيدة التي لمس الفيلم قلبها وأثنت على مشروع «ديزني» الجديد، إذ بدا الإجماع كبيراً على «بيانكا»، الشخصية المحورية في الفيلم.
ليست بيانكا بطلة اعتيادية، فهي راقصة باليه صغيرة سناً وكبيرة حجماً مقارنةً مع الفتيات من عمرها. ومع أنها لا تتمتع بالمقوّمات الجسدية المتعارف عليها لراقصات الباليه، فإن شغفها بهذا الفن كبير. فكلما رقصت وحيدة أمام المرآة، شعرت كأنها تطير.

بيانكا في المرآة
كان كل شيء على ما يُرام في عالم بيانكا الورديّ، إلى أن أتت الكلمة التي حطّمت المرآة ومعها حلم بيانكا بأن تصير «الباليرينا» الأفضل؛ ملاحظة صارمة من أستاذتها أنزلتها من على أجنحة الحلم: «بطن مشدود وعنق ممدود!». على الأرجح أنّ المدرّسة لم تقصد التجريح ولا التنمّر، فهكذا ملاحظة غالباً ما توجّهها مدرّسات الباليه إلى الطلّاب جميعاً، بغضّ النظر عن مقاساتهم الجسدية. لكنّ وقعها على بيانكا جاء مدمّراً، فحطّم مرآة القاعة أمام عينَيها وبدأت تقارن جسدها بأجساد زملائها في الصف.
عكست لها المرآة المهشّمة صوراً صغيرة عن نفسها، لم تستطع بيانكا الهروب منها ولا من إعادة ترميم المرآة. شعرت بأنها في غير مكانها وبأنها أقل شأناً من رفاق صفها. أرّقها سؤال: كيف لفتاة سمينة أن ترقص الباليه؟ وحدَه التركيز على الرقص والخطوات عاد لينقذها من شكوكها ومخاوفها، فوظفت موهبتها وصلابتها الداخلية في استرجاع ثقتها بنفسها. ثم انتهت بتقدير جسدها من جديد، بعد أن أشعرَها بعدم الأمان في لحظة من اللحظات.

ليست بيانكا بطلة اعتيادية في تاريخ «ديزني»، فهي أول شخصية من أصحاب الوزن الزائد تؤدي دور بطولة وليس دوراً ثانوياً أو شريراً. ومع أن الفيلم قصير (لا يتعدّى الدقيقتين) ويأتي ضمن سلسلة من الأفلام التجريبية المحصور عرضها في منصة «ديزني بلاس»، فإنه حصد الكثير من ردود الفعل الإيجابية. فمنهم مَن غرّد مرحّباً: «هذا مشجّع جداً وأنا مسرور لأن ديزني قررت إدخال بطلات ذات مقاسات كبيرة إلى أفلامها». وعلّق مغرّدٌ آخر بالقول: «آمل أن يكون أحد أبطالهم المقبلين شخص على كرسي متحرّك». ففيلم «Reflect»، وترجمتُها «انعكاس»، يعرض التحديات التي يواجهها الناس كباراً وصغاراً، مع انعكاس صورة أجسادهم في المرآة.
تجهد شركة «ديزني» في الآونة الأخيرة، من أجل كسر الصورة النمطية للبطلات الجميلات وصاحبات القوام المتناسق. فقد شهدت أحدث الأفلام انتقالاً تدريجياً من الأميرات الجميلات والنائمات، إلى المحاربات الخارقات، وصولاً إلى البطلات اللواتي لا يمتلكن المواصفات الجسدية والملامح «المثالية» المتعارف عليها.
لبيانكا الصغيرة جمالها الخاص والكامن في موهبتها التي تُصالحها مع شكلها ومشاعرها، وتنقذها من نظرتها إلى نفسها ومن نظرة الآخرين إليها. تقول مخرجة العمل هيلاري برادفيلد في هذا السياق، إن الفكرة نابعة من فلسفتها الخاصة حول النظرة الإيجابية إلى الجسد وتحدّي الحفاظ على احترام الذات. أما الغاية من هذا الفيلم القصير، فهي مساعدة المشاهدين على تقبّل أشكالهم كما هي والنظر إليها بإيجابية. تضيف برادفيلد: «أحياناً علينا أن نعبر في الممر المعتم حتى نصل إلى المكان الجيّد، وهذا يجعل المكان الجيّد أكثر جمالاً».

مشروع «الدائرة القصيرة» من «ديزني»
«ريفلكت» هو الحلقة السادسة من الموسم الثاني لسلسلة «Short Circuit» أو «الدائرة القصيرة» من «ديزني». والمشروع الذي أطلقته الشركة الأميركية عام 2020 هو عبارة عن أفلام رسوم متحركة قصيرة ومستقلة من إنتاج استوديوهات «والت ديزني». تقوم الفكرة على إفساح المجال أمام موظفي الشركة لاقتراح أفكارهم، والتعاون مع زملائهم على تنفيذها إذا ما جرى اختيارها.

وكانت الشركة قد أكدت في بيان، أن الهدف من هذا البرنامج المبتكر هو المخاطرة على مستويي الشكل والمضمون، من خلال إدخال تقنيات حديثة وسرد قصص خارجة عن المألوف. أما في ما يتعلّق بالمحتوى، فتركّز غالبية تلك الأفلام على التعامل مع صورة الجسد وأهمية حماية احترام الذات. كما أن هذه البرمجة تعطي صوتاً لمجموعة أكبر من الناس والقضايا.
منذ انطلاقتها، كان واضحاً أن مجموعة الأفلام القصيرة من «ديزني» تستهدف توعية الأطفال بتقبّل الآخر وبما هو مهم لصحّتهم النفسية. فالحلقة الأولى على سبيل المثال، روت حكاية الطفل «نوا» الذي يكتشف أنه بمجرّد الدَّوس في تجمّعات المياه الصغيرة أمام منزله ينتقل إلى عالم من الخيال. يحاول جاهداً مشاركة اكتشافه هذا مع شقيقته التي تتجاهله، لأنها غارقة في النظر إلى هاتفها. وعندما ينجح أخيراً في إقناعها، ينتقلان معاً إلى ذلك العالم الساحر، حيث تلتهم سمكة طائرة الهاتف فيتفرّغ الولدان للّهو معاً بعيداً عن شاشات العالم الافتراضي.


مشهد من فيلم Puddles (ديزني)
وكان الرئيس العام للمحتوى الترفيهي في «ديزني» قد سبق أن كشف للموظفين أن الشركة تهدف إلى أن يكون نصف شخصياتها على الأقل آتين من الفئات الأقل تمثيلاً. وبما أن الأطفال هم في طليعة مشاهدي «ديزني»، فمن الممكن أن ينعكس ذلك إيجاباً على أزمة التنمّر المنتشرة بكثافة في مختلف المجتمعات والمدارس.
وقد تكون تلك الأفلام القصيرة التي تأخذ في الحسبان الفئات والحكايات المهمّشة، تمهيداً لخطوة مقبلة تستعدّ لها «ديزني»، وتقضي بدمج تلك الشخصيات في أفلامٍ طويلة تُعرض على الشاشة الكبيرة، ولا تكون محصورة بعدد قليل من الدقائق ورقم صغير من المتابعين على منصة «ديزني بلاس».


مقالات ذات صلة

«ديزني» تكشف أولى مشاهد «إنديانا جونز»

يوميات الشرق «ديزني» تكشف أولى مشاهد «إنديانا جونز»

«ديزني» تكشف أولى مشاهد «إنديانا جونز»

كشفت «ديزني» خلال مهرجان «سينماكون» المُقام في لاس فيغاس عن المشاهد الأولى من فيلميها المقبلين «إنديانا جونز» و«ذي ليتل ميرميد»، متجنبة التعليق على الأنباء الأخيرة عن المعارك القانونية والصرف الجماعي للموظفين. ورفعت المجموعة الأربعاء دعوى ضد حاكم فلوريدا رون دي سانتيس، متهمة إياه باستهدافها بـ«حملة انتقامية» من خلال إنهائه وضعية خاصة كانت تتمتع بها «ديزني» في الولاية وتعيين لجنة جديدة للإشراف على مستقبل المجموعة العملاقة في قطاع الترفيه. من جهة ثانية، بدأت الشركة هذا الأسبوع صرف مجموعة جديدة من موظفيها، كجزء من خطة أعلنت عنها في فبراير (شباط) وتتيح لها إلغاء 7 آلاف وظيفة. ولكن أمام أصحاب دور ا

«الشرق الأوسط» (لاس فيغاس)
يوميات الشرق الشركة شهدت تنويعاً كبيراً في أنشطتها بما يشمل خصوصاً مجمعات ترفيهية ومنصة للبث التدفقي (رويترز)

برنامج حافل في مئوية «ديزني» الأولى العام المقبل

أعلنت استوديوهات «ديزني» الهوليوودية في لندن، أمس (الخميس)، عن سلسلة أحداث ستقيمها في أوروبا العام المقبل لمناسبة الذكرى المئوية الأولى لإطلاقها، مع برنامج يضم خصوصاً حفلة جوالة ستشهد أداء أشهر المقطوعات الموسيقية في تاريخ الشركة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وفي 16 أكتوبر (تشرين الأول) 1923 أسس والت ديزني شركة «ديزني براذرز كارتون ستوديو»، أول استوديوهاته للرسوم المتحركة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق لم تذكر «ديزني» أسباب سحب فيلمها (رويترز)

«ديزني» تسحب أحدث أفلام «حرب النجوم» من قائمة إنتاجها

سحبت شركة «والت ديزني» فيلم «روغ سكوادرون»، أي (السرب المارق)، وهو أحد أفلام سلسلة «ستار وورز» (حرب النجوم)، من جدول أفلام العام المقبل، ولم تذكر متى ستصدر فيلماً جديداً في سلسلة أفلام الفضاء الناجحة. كان من المفترض أن يكون «روج سكوادرون» أول فيلم من أفلام «حرب النجوم» يُعرض في دور السينما، منذ عرض فيلم «ذا رايز أوف سكاي ووكر»، أي «صعود سكاي ووكر»، لأول مرة في ديسمبر (كانون الأول) 2019. والمعروف أن مخرجة الفيلم هي باتي جينكينز، مخرجة فيلم «واندر وومان» (المرأة المعجزة).

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق هالي بيلي تجسد شخصية «أريل» في ملصق فيلم ديزني الجديد «حورية البحر الصغيرة»

أميرة «ديزني» الجديدة سمراء

في البداية كل ما تراه هو حفيف رواية قزحية الألوان وومضة خاطفة لشعر أحمر. إنها تنزل برفق عبر عالم تحت الماء بما فيه من أسماك ومرجان وسلاحف البحر وحطام سفن. تسمع الرنين المألوف لأغنية من أغاني عالم «ديزني»، وبينما تسبح نحو الضوء على السطح، تظهر الأميرة أخيراً. تسأل كيلونا شانكس، التي ستبلغ عامها الثامن الأسبوع المقبل: «هل هي ذات بشرة سوداء؟ رائع». شخصية أريل، التي ظهرت في فيلم سابق من أفلام «ديزني» ببشرة بيضاء وشعر أحمر ناري وعينين زرقاوين، تظهر الآن بجدائل حمراء وبشرة سوداء.

يوميات الشرق أشخاص يرتدون شخصيتي «ميكي ماوس» و«ميني ماوس» في متنزه «ديزني» بشنغهاي (رويترز)

«ديزني» قد تفقد «ميكي ماوس» قريباً

نتيجة لقانون حقوق النشر في الولايات المتحدة، قد تفقد شركة الترفيه العملاقة «ديزني» قريباً الحقوق الحصرية لبعض الشخصيات الأكثر انتشاراً والتصاقاً بعلامتها التجارية، بما في ذلك الشخصية الشهيرة «ميكي ماوس» التي تعد بمثابة «التميمة». وستصبح شخصية «ميكي ماوس» متاحة لـ«الاستخدام العام» في عام 2024، أي بعد 95 عاماً تقريباً من اختراعها في 1 أكتوبر (تشرين الأول) 1928، وهي المدة الزمنية التي تنتهي بعدها حقوق الطبع والنشر الحصرية لها، وفق ما ذكرته صحيفة «الغارديان» البريطانية. وقال دانيال ماييدا، المحامي الإعلامي والترفيهي والمدير المساعد للقسم القانوني للأفلام الوثائقية في كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وصلتْ إلى هاتف صاحبة السطور رسالة تعلن عودة أمسيات «مترو المدينة». كان كلُّ ما حول المتلقّية هولاً وأحزاناً، فبدا المُرسَل أشبه بشعاع. يبدأ أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، حديثه مع «الشرق الأوسط» بترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها على ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطُل هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إن توقّف النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إن تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة: «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».