العثور على أقدم دليل لاستخدام البشر القدامى النار للطبخ

العثور على أقدم دليل لاستخدام البشر القدامى النار للطبخ
TT

العثور على أقدم دليل لاستخدام البشر القدامى النار للطبخ

العثور على أقدم دليل لاستخدام البشر القدامى النار للطبخ

ما الذي يميز البشر عن الحيوانات الأخرى؟ إنه سؤال ملح يقول بعض العلماء إنه يتلخص في التحكم الدقيق بقوة أرضية واحدة هي النار.
ويعتبر عالم الرئيسيات البريطاني ريتشارد دبليو رانغهام من أشد المؤيدين لما يسمى بـ«فرضية الطبخ». واليوم، لا يوجد سكان بشريون معروفون يعيشون بدون طهي، ما يشير إلى أنها مهارة قوية وضرورية.
ويجادل رانغهام بأن التحول التطوري من الطعام الخام إلى الطعام المطبوخ كان «اللحظة التحويلية» التي غذت بطون البشر الأوائل وسمحت لأدمغتهم بالنمو، ما أدى إلى نشوء جنسنا وفي نهاية المطاف جنسنا البشري.
ويزعم فريق دولي من العلماء العاملين بالقطاع الشمالي من البحر الميت أنهم اكتشفوا أولى علامات الطهي من قبل البشر في عصور ما قبل التاريخ في موقع أثري يُدعى غيشر بنو يعقوب. حيث تظهر بقايا أسماك شبيهة بالكارب علامات تدل على تسخينها بعناية منذ 780 ألف عام، وذلك حسبما نشر موقع «ساينس إليرت» العلمي المتخصص، نقلا عن دراسة نشرت بمجلة Nature Ecology and Evolution.
وهذا الاكتشاف ليس أقدم دليل على الاستخدام الخاضع للرقابة للنار من قبل البشر الأوائل، لكنه أقدم دليل في أوراسيا؛ ففي أفريقيا تحتوي مواقع الإنسان المنتصب التي يعود تاريخها إلى ما لا يقل عن 1.5 مليون سنة على الفحم وعظام محترقة. مع ذلك، هذه ليست سوى علامات ظرفية على الاحتراق وليست علامات واضحة على الطهي. ومن الصعب الحصول على دليل على هذا الأخير.
وفي الواقع، لا تظهر علامات الطهي في السجل الآثاري إلا بعد فترة طويلة من وصول إنسان نياندرتال والإنسان العاقل.
وحتى وقت قريب، كان أقدم دليل على الطهي هو البقايا الساخنة للنباتات النشوية الموجودة في فرن تحت الأرض بأفريقيا. ويعود هذا الموقع إلى 170.000 سنة فقط؛ هذا بعد 600000 عام من قيام البشر الأوائل بطهي الأسماك في واد بالقرب من البحر الميت.
لا نعرف بالضبط كيف تم طهي الأسماك ولكن نظرا لعدم وجود أدلة على التعرض لدرجات حرارة عالية، من الواضح أنها لم يتم طهيها مباشرة في النار، ولم يتم إلقاؤها في النار كنفايات أو كمادة للحرق، وفق ما يقول عالم الآثار ينس ناجوركا من متحف التاريخ الطبيعي بلندن.
ويشير التحليل الأخير للفريق إلى أن أسنان أسماك المياه العذبة القديمة الموجودة في الموقع تم صيدها في بحيرة قريبة، ولم تعد موجودة وقد تعرضت لدرجات حرارة مناسبة للطهي.
ودفعت النتائج سيطرة أسلافنا على النار إلى منتصف العصر البليستوسيني (الوقت الذي كانت فيه مجموعات الإنسان المنتصب تفسح المجال أمام أشباه البشر ذوي الأدمغة الأكبر مثل Homo heidelbergensis).
من جانبها، تشرح عالمة الآثار نعمة غورين الأستاذة بالجامعة «اكتساب المهارة المطلوبة لطهي الطعام يمثل تقدمًا تطوريًا مهمًا، لأنه يوفر وسيلة إضافية للاستخدام الأمثل للموارد الغذائية المتاحة. من الممكن حتى أن الطهي لم يقتصر على الأسماك، بل شمل أيضًا أنواعًا مختلفة من الحيوانات والنباتات».
ربما كانت الأسماك النيئة مناسبة لأقدم أشباه البشر. ولكن نظرًا لأن الأسماك المطبوخة تشق طريقها إلى نظام أسلافنا الغذائي، فقد سهلت عملية الهضم وأنقذت الناس من استهلاك مسببات الأمراض الخطيرة. كما كان من شأنه أيضًا أن يمنح أدمغة أشباه البشر دفعة أكبر من العناصر الغذائية.
وخلص المؤلفون إلى أن «هذه الدراسة تقدم دليلاً على طهي الأسماك من قبل البشر في وقت مبكر ... مؤكدة على دور موائل الأراضي الرطبة في تقديم مصدر مستقر للغذاء على مدار العام والذي لعب دورًا مهمًا في بقاء أشباه البشر وانتشارهم عبر العالم القديم».


مقالات ذات صلة

مصر: اكتشاف 63 مقبرة ودفنة أثرية بدمياط

يوميات الشرق مقتنيات تم اكتشافها في دمياط (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف 63 مقبرة ودفنة أثرية بدمياط

نجحت البعثة الأثرية المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار، في الكشف عن 63 مقبرة من الطوب اللبن وبعض الدفنات البسيطة بداخلها مجموعة من الرقائق الذهبية من الأسرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الآثار المصرية تصدرت متحف شنغهاي في معرض «قمة الهرم»  (وزارة السياحة والآثار المصرية)

«قمة الهرم»... معرض يحكي قصة الحضارة المصرية

حظي المعرض الأثري «قمة الهرم: حضارة مصر القديمة» الذي أقيم في متحف مدينة شنغهاي بالصين، الجمعة، بإقبال جماهيري كبير.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق نقوش أثرية تم اكتشافها خلال المسح الأثري الفوتوغرافي تحت مياه النيل بأسوان (وزارة السياحة والآثار المصرية)

اكتشاف نقوش أثرية فريدة تحت مياه النيل بأسوان

أعلنت البعثة الأثرية المصرية - الفرنسية المشتركة اكتشاف عدد من اللوحات والنقوش المصغرة للملوك أمنحتب الثالث وتحتمس الرابع وبسماتيك بسماتيك الثاني وإبريس بأسوان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» جذب الزوار في ألمانيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

«رمسيس وذهب الفراعنة» يجذب آلاف الزوار في ألمانيا

حلّ معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» ضيفاً على مدينة كولون الألمانية، في محطته الخامسة حول العالم، متضمناً 180 قطعة أثرية منتقاة بعناية من المتاحف والبعثات الأثرية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق صورة أرشيفية لاكتشاف سابق عن عظام هيكل عظمي بشري اكتشفت بمقبرة أنجلوسكسونية لم تكن معروفة من قبل في نورفولك... الصورة في مكاتب متحف لندن للآثار بنورثامبتون وسط إنجلترا يوم 16 نوفمبر 2016 (رويترز)

باحثون يرجّحون مشاركة شعب الأنجلوسكسون في حروب بشمال سوريا

اقترح باحثون أن رجالاً من شعوب الأنجلوسكسون في القرن السادس الميلادي ربما سافروا من بريطانيا إلى شرق البحر المتوسط ​​وشمال سوريا للقتال في الحروب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
TT

رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)

لم يمنع المرض النجمة العالمية سيلين ديون من إحياء افتتاح النسخة الـ33 من الألعاب الأولمبية في باريس، مساء الجمعة، حيث أبدعت في أول ظهور لها منذ إعلان إصابتها بمتلازمة الشخص المتيبس.

وأدت المغنية الكندية، الغائبة عن الحفلات منذ 2020، أغنية «L'hymne a l'amour» («نشيد الحب») لإديت بياف، من الطبقة الأولى لبرج إيفل.

ونجحت الفنانة الكندية رغم أزمتها الصحية الأخيرة في مواصلة شغفها كمغنية عالمية، كما أثارث النجمة البالغة من العمر 56 عاماً ضجة كبيرة بين معجبيها في عاصمة الأنوار هذا الأسبوع الحالي، حيث شوهدت محاطة بمعجبيها.

وتعاني ديون بسبب هذا المرض النادر، الذي يسبب لها صعوبات في المشي، كما يمنعها من استعمال أوتارها الصوتية بالطريقة التي ترغبها لأداء أغانيها.

ولم يشهد الحفل التاريخي في باريس عودة ديون للغناء المباشر على المسرح فقط، بل شمل أيضاً أداءها باللغة الفرنسية تكريماً لمضيفي الأولمبياد.

وهذه ليست أول مرة تحيي فيها سيلين ديون حفل افتتاح الأولمبياد، إذ أحيته من قبل في عام 1996، حيث أقيم في أتلانتا في الولايات المتحدة الأميركية.

وترقبت الجماهير الحاضرة في باريس ظهور ديون، الذي جاء عقب أشهر عصيبة لها، حين ظهر مقطع فيديو لها وهي تصارع المرض.

وأثار المشهد القاسي تعاطف عدد كبير من جمهورها في جميع أنحاء المعمورة، الذين عبّروا عبر منصات التواصل الاجتماعي عن حزنهم، وفي الوقت ذاته إعجابهم بجرأة سيلين ديون وقدرتها على مشاركة تلك المشاهد مع العالم.

وترتبط المغنية بعلاقة خاصة مع فرنسا، حيث حققت نجومية كبيرة مع ألبومها «دو» («D'eux») سنة 1995، والذي تحمل أغنياته توقيع المغني والمؤلف الموسيقي الفرنسي جان جاك غولدمان.

وفي عام 1997، حظيت ديون بنجاح عالمي كبير بفضل أغنية «My Heart will go on» («ماي هارت ويل غو أون»)، في إطار الموسيقى التصويرية لفيلم «تايتانيك» لجيمس كامرون.