«مونديال 1986»: مباراة «السكتات القلبية»... ويد «الأسطورة» التي توجت الأرجنتين

حرب الفوكلاند أشعلت «المواجهة التاريخية»... و11 لمسة و11 ثانية قدمت مارادونا للعالم

هدف مارادونا التاريخي الذي سجله بيده في إنجلترا (موقع الفيفا الرسمي)
هدف مارادونا التاريخي الذي سجله بيده في إنجلترا (موقع الفيفا الرسمي)
TT

«مونديال 1986»: مباراة «السكتات القلبية»... ويد «الأسطورة» التي توجت الأرجنتين

هدف مارادونا التاريخي الذي سجله بيده في إنجلترا (موقع الفيفا الرسمي)
هدف مارادونا التاريخي الذي سجله بيده في إنجلترا (موقع الفيفا الرسمي)

يُمكن اختصار مونديال المكسيك 1986 بكلمة واحدة: مارادونا.
لا يختلف كثيرون بأن «الولد الذهبي» قاد الأرجنتين لوحده إلى إحراز لقبها الثاني في كأس العالم، مسطراً ملاحم فنية غير مسبوقة تخلّلها هدف «أسطوري» بيده.
في غضون 5 دقائق من مطلع الشوط الثاني من ربع النهائي ضد إنجلترا، رسم الفنان دييغو أرماندو مارادونا لوحتين متناقضتين دخلتا تاريخ المستديرة، تُعبِّر الأولى عن شخصية جدلية غير منضبطة والثانية عن موهبة فذّة.
في الثاني والعشرين من يونيو (حزيران) 1986 وأمام 115 ألف متفرّج على استاد استيكا في مكسيكو، أقيمت المباراة في ظل حساسية سياسية بين البلدين، بعد 4 سنوات من حرب الفوكلاند نتيجة الصراع على إقليمين في جنوب المحيط الأطلسي، وتذكير الصحف الإنجليزية بـ«شراء» الأرجنتين مباراتها مع بيرو (6 - 0) في مونديال 1978، عندما أحرزت لقبها الأول على أرضها في ظل نظام حكم عسكري.
كان مارادونا العقل المدبّر، صانع الألعاب والهدّاف، فخلق متاعب كبيرة للإنجليز الذين جرّبوا كل الحلول لإيقافه، بينها التدخلات الخشنة من دون نتيجة، فيما كان لرباطة جأشه وهدوء أعصابه مزوداً بأقراط الأذن، دور كبير في متابعة تألقه واستعراض عضلاته فنياً.
* «يد الرب»
افتتح التسجيل بعد كسره مصيدة التسلل، متنبهاً لخروج الحارس بيتر شيلتون، فسبقه مرتقياً ولكز الكرة بيده اليسرى داخل الشباك. احتجّ الإنجليز بشدّة على الهدف، لكن الحكم التونسي علي بن ناصر لم يتراجع عن قراره مؤكداً شرعيته.
قال مارادونا في المؤتمر الصحافي: «سجّلت قليلاً برأسي وقليلاً بيد الرب»، مضيفاً: «لست نادماً ولن أندم على التسجيل بيدي. أعتذر ألف مرّة من الإنجليز. لكن في الواقع سأكرّر هذه الحركة ألف مرّة ومرّة».
وتابع: «كان تشيتشو (سيرخيو) باتيستا أول القادمين نحوي... سألني هل استخدمت يدك قلت له اخرس وواصل الاحتفال! كنا لا نزال خائفين من إلغاء الهدف».
لم تكن إنجلترا تكاد تهضم الهدف الأول حتى تلقت صدمة ثانية. 11 لمسة و11 ثانية و68 متراً تخلّلها تصفية مدافعي إنجلترا واحداً تلو الآخر. راوغ مارادونا أولاً بيتر بيردزلي وبيتر ريد، تجاوز خط الملعب منطلقاً كالسهم، فابتلع تيري بوتشر وتيري فنويك، ثم راوغ الحارس شيلتون بتمويه جسدي مسجلاً في الشباك الخالية. اختير هذا الهدف الأجمل في تاريخ كأس العالم.
* «أردت التصفيق له»
روى زميله المهاجم خورخي فالدانو: «عشت هذا الهدف كأنه مصوّر بكاميرا متحرّكة. على غرار أي مهاجم، واكبت مارادونا وتمركزت على القائم البعيد لأمنحه حلاً إضافياً. في غرف الملابس، قال لي إنه رمقني بنظرة من أجل التمرير لي... هذا يؤكد أننا كنا بحضرة عبقري. لو مرّر لي، لكان هدفاً يسهل تسجيله، لكن لم نكن لنشاهد أجمل هدف في تاريخ كأس العالم».
أما الإنجليزي غاري لينيكر هداف البطولة (6)، فقال: «أعتقد أن الحكم المساعد شاهد لمسة اليد لكنه تغاضى عنها»، وعن الهدف الثاني: «كان جميلاً لدرجة أردت التصفيق له».
* «زلزال»
اعتذرت كولومبيا عام 1983 عن عدم استضافة نسخة 86 لمشكلات اقتصادية، فنابت عنها المكسيك رغم أزمة اقتصادية حادّة، لتصبح بالتالي أوّل دولة تحتضن النهائيات مرتين بعد 1970.
وكما حصل في تشيلي قبيل عامين من مونديال 1962، ضرب المكسيك زلزال عنيف في 19 سبتمبر (أيلول) 1985، قبل 8 أشهر من المونديال، أدّى إلى مقتل 20 ألف شخص وتشريد 150 ألف آخرين.
أصرّ المكسيكيون على الاستضافة، مؤكدين عدم إصابة البنى التحتية، فأقيمت النهائيات وسط درجة حرارة مرتفعة ظهراً، تلبية لضرورات النقل التلفزيوني، على ارتفاع كبير عن سطح البحر وصل إلى 2650 متراً في تولوكا تسبّب بصعوبة في التنفس.
قال المكسيكي أوغو سانشيز هداف الدوري الإسباني مرتين توالياً مع ريال مدريد: «لم يؤثر علينا الزلزال مباشرة، لكن هدفنا إلى إسعاد الشعب الذي يعاني».
* «طردٌ بعد 52 ثانية»
مرّة جديدة تغيّر نظام البطولة، قضى بخروج المغلوب من مباراة واحدة بدءاً من الدور الثاني لزيادة الإثارة، على أن يتأهل إلى دور الـ16 بطل ووصيف كل مجموعة، بالإضافة إلى أفضل 4 منتخبات تحتل المركز الثالث في دور المجموعات.
شارك المغرب مرّة ثانية، فصدم إنجلترا وبولندا والبرتغال متصدراً مجموعته، قبل سقوطه بهدف قاتل أمام ألمانيا الغربية، حيث أصبح أول منتخب أفريقي وعربي يبلغ الدور الثاني.
شهدت البطولة فورة دنماركية مع بريبين إلكيير لارسن ومايكل لاودروب، انتهت برباعية الإسباني «الصقر» إميليو بوتراغينيو في الدور الثاني (1 - 5).
خسرت المجر بسداسية نظيفة أمام الاتحاد السوفياتي في الدور الأول، فأجبر مدرّب الأولى جورجي ميزي لاعبيه على مشاهدة المباراة ثلاث مرات في اليوم التالي.
طُرد الأوروغوياني خوسيه باتيستا بعد 52 ثانية من بداية مواجهة اسكوتلندا، فيما حُرم العراق بمشاركته الأولى من هدف مؤكد لأحمد راضي أمام باراغواي، عندما أطلق الحكم صافرة نهاية الشوط الأول ورأسيته في طريقها إلى الشباك.
* «45 درجة مئوية»
دخلت البرازيل وفرنسا البطولة مرشحتين لإحراز اللقب، وبقي لقاؤهما في ربع النهائي راسخاً في التاريخ، بحرارة بلغت 45 درجة مئوية في غوادالاخارا.
أهدر زيكو ركلة جزاء للبرازيل (1 - 1)، فتحوّلا إلى ركلات ترجيح ابتسمت لرفاق بلاتيني الذي أطاح بدوره ركلة فوق العارضة (4 - 3).
نتج عن هذه المباراة سكتات قلبية، انتحار وجرائم قتل في ريو دي جانيرو. استقبلت المستشفيات نحو ألفي حالة، ثلثها ارتفاع في الضغط، وثلث للمشاجرات وثلث آخر لغيبوبة بسبب الكحول.
* «المجنون كان الأذكى»
شهدت هذه البطولة تجمّع كثير من النجوم، فبالإضافة إلى مارادونا، كان هناك بلاتيني، والبرازيليان زيكو وسقراطيس، والألمانيان كارل - هاينتس رومينيغه ولوتار ماتيوس، والأوروغوياني إنتسو فرانتشيسكولي، وبوتراغينيو، ولينيكر... لكن بخمسة أهداف، وخمس تمريرات حاسمة من أصل 14 هدفاً للأرجنتين، و53 مراوغة، فرض مارادونا نفسه نجماً للبطولة من دون منازع.
ودّعت فرنسا من نصف النهائي مرّة جديدة أمام ألمانيا الغربية (0 - 2)، فيما تلاعب مارادونا مجدداً بخصومه مطيحاً بلجيكا بالنتيجة عينها.
بدت الأرجنتين مرشحة قوية للقب. شرح حارسها نيري بومبيدو: «وصلنا مبكراً إلى المكسيك واستعددنا أفضل من الآخرين للتأقلم مع الطقس والارتفاع عن سطح البحر».
وعن مدربه كارلوس بيلاردو الذي كان تحت نير الانتقاد في التصفيات وطالبت الجماهير بإقالته، أضاف بومبيدو: «كان أساسياً في فوزنا، ومتقدّماً برؤيته التكتيكية. الجميع كان يصفه بالمجنون، لكنه كان الأذكى بيننا».
* «بوروتشاغا يحلم»
احتشد 115 ألف متفرّج في نهائي ملعب أستيكا، حيث تقدّمت الأرجنتين عن جدارة بهدفي خوسيه لويس براون وفالدانو، لكن الماكينات الألمانية عادلت في آخر ربع ساعة عبر رومينيغه ورودي فولر من ركنيتين.
ومن أفضل من مارادونا لتوقيع المشهد الأخير؟ لعب كرة بينية قاتلة لخورخي بوروتشاغا ليسجل هدف الفوز قبل سبع دقائق من نهاية الوقت (3 - 2).
قال بوروتشاغا: «بعد تسجيلي، ركضت نحو خط الملعب وركعت محتفلاً. أوّل المهنئين لي كان سيرخيو باتيستا، كان مرهقاً. ركع بجانبي. بلحيته الكثة، تهيأ لي أنه يسوع المسيح جاء ليبشرني بأننا أصبحنا أبطال العالم».


مقالات ذات صلة

ملك الأردن: استضافة السعودية للمونديال مبعث فخر للعرب

رياضة سعودية مواطنون لحظة الإعلان عن فوز السعودية بتنظيم مونديال 2034 (واس)

ملك الأردن: استضافة السعودية للمونديال مبعث فخر للعرب

هنأ الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بمناسبة فوز المملكة باستضافة بطولة كأس العالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
رياضة سعودية رونالدو قال إنه سيتواجد في السعودية خلال مونديال 2034 (الشرق الأوسط)

رونالدو: سأتواجد في السعودية خلال مونديال 2034

أكد النجم البرتغالي المحترف بنادي النصر السعودي كريستيانو رونالدو أن نسخة كأس العالم 2034 التي فازت المملكة باستضافتها ستكون الأفضل في التاريخ.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
رياضة سعودية مواطنون يحتفلون في الرياض بعد فوز المملكة بالاستضافة المونديالية (وزارة الرياضة)

أمير قطر يهنئ الملك سلمان وولي عهده باستضافة المونديال

هنأ أمير قطر، القيادة السعودية بمناسبة فوز المملكة باستضافة كأس العالم 2034.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
رياضة سعودية ختم أهلا بالعالم سيستقبل زوار السعودية في مطاراتها ومنافذها الدولية (واس)

السعودية تستقبل زائريها بختم «أهلاً بالعالم»

أطلقت وزارة الداخلية السعودية ممثلة بالمديرية العامة للجوازات، بالتنسيق مع وزارة الرياضة ختمًا خاصًا تحت مسمى "أهلًا بالعالم".

«الشرق الأوسط» (الرياض )
رياضة سعودية الألعاب النارية تنطلق من قمة برج الفيصلية في الرياض (تصوير: عبدالرحمن السالم)

فرحة استضافة «المونديال» تحول ليل السعودية إلى نهار

تحول ليل السعودية إلى نهار، بإعلان استضافة المملكة لمونديال 2034، إذ عمت الأفراح أرجاء الوطن وزينت الألعاب النارية السماء في احتفالات تاريخية لم يسبق لها مثيل.

لولوة العنقري (الرياض ) منيرة السعيدان (الرياض ) بشاير الخالدي (الدمام)

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
TT

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)

سجَّل ريكو لويس لاعب مانشستر سيتي هدفاً في الشوط الثاني، قبل أن يحصل على بطاقة حمراء في الدقائق الأخيرة ليخرج سيتي بنقطة التعادل 2 - 2 أمام مستضيفه كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، السبت.

كما سجَّل إرلينغ هالاند هدفاً لسيتي بقيادة المدرب بيب غوارديولا، الذي ظلَّ في المركز الرابع مؤقتاً في جدول الدوري برصيد 27 نقطة بعد 15 مباراة، بينما يحتل بالاس المركز الـ15.

وضع دانييل مونوز بالاس في المقدمة مبكراً في الدقيقة الرابعة، حين تلقى تمريرة من ويل هيوز ليضع الكرة في الزاوية البعيدة في مرمى شتيفان أورتيغا.

وأدرك سيتي التعادل في الدقيقة 30 بضربة رأس رائعة من هالاند.

وأعاد ماكسينس لاكروا بالاس للمقدمة على عكس سير اللعب في الدقيقة 56، عندما أفلت من الرقابة ليسجِّل برأسه في الشباك من ركلة ركنية نفَّذها ويل هيوز.

لكن سيتي تعادل مرة أخرى في الدقيقة 68 عندما مرَّر برناردو سيلفا كرة بينية جميلة إلى لويس الذي سدَّدها في الشباك.

ولعب سيتي بعشرة لاعبين منذ الدقيقة 84 بعد أن حصل لويس على الإنذار الثاني؛ بسبب تدخل عنيف على تريفوه تشالوبا، وتم طرده.