فكتوريا بيكهام تدخل ملعب الكبار

مشاركتها الأخيرة في «أسبوع باريس» إيذان بمرحلة جديدة في مسيرتها

لا تُخفي المصممة أن مشاركتها في أسبوع باريس يعتبر نقلة مهمة في مسيرتها (أ.ف.ب)
لا تُخفي المصممة أن مشاركتها في أسبوع باريس يعتبر نقلة مهمة في مسيرتها (أ.ف.ب)
TT

فكتوريا بيكهام تدخل ملعب الكبار

لا تُخفي المصممة أن مشاركتها في أسبوع باريس يعتبر نقلة مهمة في مسيرتها (أ.ف.ب)
لا تُخفي المصممة أن مشاركتها في أسبوع باريس يعتبر نقلة مهمة في مسيرتها (أ.ف.ب)

شهد أسبوع باريس الأخير نقلة جديدة في مشوار فكتوريا بيكهام المهني؛ فالنجمة البالغة من العمر 48 عاماً، ويتابع حسابها على «إنستغرام» نحو 30 مليون متابع، شاركت لأول مرة في «أسبوع باريس لربيع وصيف 2023». صحيح أنها شاركت سابقاً في كل من أسبوعي نيويورك ولندن، قبل أن تتوقف عن تقديم عروض حية لسنتين تقريباً، إلا أن تجربة باريس مختلفة تماماً؛ فحسب قولها هي نقلة مهمة في مسيرتها.

إلى جانب الألوان الفاتحة لم يغب الأسود (أ.ف.ب)

جاء العرض الذي قدمته في «فال - دو – غراس»، وهو دير ومستشفى عسكري سابق حُوّل إلى متحف، مُفعماً بالأمل. يختلف عن كل ما قدمته من قبل، ليس من ناحية الأزياء، وإن كان كل ما فيها من ألوان وخطوط يصرخ بأنوثة معاصرة تشي بأن المصممة تكتب فيها فصلاً جديداً، بل من ناحية التقديم والتفاعل مع الحضور؛ فلأول مرة تقريباً منذ بدايتها في عام 2008، خرجت لتحية الحضور في الحديقة المجاورة للدير والحديث معهم بشكل حميمي لم يكن تخيُل حدوثه من قبل.
كان واضحاً أنها مرتاحة نفسياً، وهو ما انعكس أيضاً على ما قدمته من تصاميم أنثوية تلونت بدرجات فاتحة، مثل الوردي والأزرق والبنفسجي والأرجواني والأخضر. ما ساعد على إبراز جمالياتها مشاركة عارضات من الصف الأول من مثيلات جيجي وبيلا حديد وغيرهما.


ظهرت في العرض مجموعة من البدلات والسترات لتؤكد قدرتها على تطويع التفصيل الرجالي (أ.ف.ب)

أما في العُمق، فإن التشكيلة لم تخرج عن أسلوبها المعهود: خطوط سلسة تتوخى إبراز نحافة الجسم أكثر من إبراز تضاريسه؛ لأنها تعكس أسلوبها ومفهومها الخاص للأناقة، سواء تعلق الأمر بالفساتين الطويلة والضيقة عند الخصر، أو التنورات الضيقة والأحذية ذات الكعب العالي. مثلاً ارتدت عارضة الأزياء بيلا حديد فستاناً أخضر مزموماً على الخصر مع قفازات عالية باللون الأسود، لن نستغرب ظهور فكتوريا به في المستقبل، بحُكم أنها أكبر سفيرة ومروجة لتصاميمها. أما العارضة جيجي حديد فظهرت ببدلة سوداء تُعبر عن رغبة المصممة في فرض نفسها على الساحة كمصممة تُتقن تطويع التفصيل الرجالي.

بيلا حديد في فستان طويل مشدود عند الخصر (أ.ف.ب)

حسبما صرحت به في لقاء صحافي، لم تُخفِ فكتوريا أن مشاركتها في أسبوع الموضة الباريسي، لأول مرة، تُشكّل محطة مهمة في مشوارها، مُعلقة أنها «تشعر وكأنها (سمكة صغيرة في محيط)». لم يكن خافياً على أي متابع للموضة أنها كانت تعاني لسنوات من مشكلات مالية تخللتها محاولات بحث مستميتة عن مستثمرين. ما يُحسب لها أنها صمدت رغم كل ذلك، ثم إنها ليست جديدة عن التحديات الكبيرة؛ فعندما أطلقت علامتها التجارية للأزياء عام 2008 أثارت الكثير من الجدل حول موهبتها وقدراتها في مجال لم تدرسه أو تتدرب فيه من قبل، ودخلته من باب الشهرة فقط. شهرتها كمغنية سابقة في فريق «سبايس غيرلز» وكزوجة للاعب كرة مشهور، ديفيد بيكهام. نجحت سريعاً في تبديد الشكوك ومفاجأة الجميع. لكن بالرغم من النجاح الذي حققته في السنوات الأولى من انطلاقتها، بدأت تتعرض لمطبات مالية، أثرت في فترة من الفترات على جودة تشكيلاتها وصورتها. فهمت مع الوقت أن جمال الأزياء وحده ونظرة أحادية للأمور لا يحققان النجاح التجاري، وأن عليها الاستعانة بخبراء ومتخصصين يتمتعون بخبرة في وضع استراتيجيات واقعية. ولا شك أن استعانتها الأخيرة بأسماء فرنسية متمرسة ولها رصيد كبير لدى وسائل الإعلام، فضلاً، كان أهم خطوة قامت بها. مثلاً تولى رالف توليدانو، رئيس غرفة الموضة الفرنسية سابقاً، مركز رئيس مجلس إدارة الدار، بينما تولت ماري لوبلان دي رينيس، رئيسة قسم المشتريات سابقاً في متجر «برينتان» الباريسي، مركز الرئيس التنفيدي لها. نجحا في ترتيب الأوراق وإعادة هيكلة الدار، تمثَلت أول خطوة في دمج خطّي الملابس الجاهزة، وتحديد استراتيجية جديدة للأسعار، فضلاً عن تطوير خطوط الإكسسوارات ومنتجات التجميل، وتأطير مجموعة «VB Body» للحمالات المصنوعة من الجيرزي المحبوك والفساتين الضيقة. مشاركتها في أسبوع باريس تدخل ضمن الاستراتيجيات الجديدة التي تم التركيز عليها، حسب ما صرح به رالف توليدانو لوكالة «الصحافة الفرنسية» قائلاً: «نحن مستعدون للانتقال إلى ملعب الكبار... من الناحية المالية، قطعنا شوطاً طويلاً، وإن كنت أومن بأننا قادرون على تسريع نمونا، مدركين أن كل هذا سيأتي تباعاً».


أغلب التصاميم تعكس أسلوب وذوق فكتوريا الخاص (أ.ف.ب)

وهو محق في ذلك إلى حد كبير حسب رأي بنجامان سيميناور، الأستاذ في معهد الأزياء الفرنسي؛ فالمشاركة في أسبوع باريس لها مصداقية وتأثير أكبر. فعلى الرغم من أهمية كل من نيويورك ولندن من الناحية التسويقية تحديداً، فإن لتجربة باريس نكهة أخرى؛ فهي تعطي شهرة أوسع، وتُرسخ مكانة العلامات التجارية التي لها هُوية إبداعية حقيقية على نطاق أوسع.


مقالات ذات صلة

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)

الرياض... لقاء الثقافة والأناقة

غالبية العروض في الدورة الثانية من أسبوع الرياض منحتنا درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة للاختلاف وفرض الذات.

جميلة حلفيشي (لندن)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
TT

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)
كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

انتهى عرض إيلي صعب في الرياض، أو الأحرى احتفالية «1001 موسم من إيلي صعب» بمرور 45 على انطلاقته في بيروت، ولم تنته ردود الأفعال. فالعرض كان خيالياً، شارك فيه باقة من نجوم العالم، كان القاسم المشترك بينهم إلى جانب نجوميتهم وشعبيتهم العالمية، حبهم لإيلي صعب... الإنسان.

كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع. طبعاً تقديم العرض الضخم بدعم الهيئة العامة للترفيه ضمن فعالية «موسم الرياض 2024» كان له دور كبير في إنجاح هذه الفعالية. فقد توفرت كل اللوجيستيات المطلوبة لتسليط الضوء على أيقونة عربية لها تأثير كبير على الساحة العربية والعالمية، نذكر منها:

1-أول عربي يقتحم باريس

عرضه لخريف وشتاء 2024 ضمن عروض «الهوت كوتور» كان لوحة رومانسية من «ألف ليلة وليلة» (إيلي صعب)

هو أول من وضع الموضة العربية ضمن الخريطة العالمية بوصفه أول مصمم عربي يخترق العالمية وينافس كبار المصممين بأسلوب شرقي معاصر. استقبلته باريس بالأحضان ودخل البرنامج الرسمي لـ«هوت كوتور» من باب الفيدرالية الفرنسية للموضة كأول مصمم عربي مُبدع. فالصورة المترسخة في أذهان خبراء الموضة العالميين عن المصممين العرب في الثمانينات من القرن الماضي أنهم مجرد خياطين يقلدون إصداراتهم. كان عز الدين علايا الاستثناء الوحيد قبله.

2-احترام المرأة العربية

من تشكيلته لخريف وشتاء 2024... أزياء تتميز بالرومانسية وسخاء التطريز (إيلي صعب)

هو من فتح عيون الغرب، ليس على قدرة المرأة العربية الشرائية فحسب، بل وعلى تأثيرها على المشهد الإبداعي، بالتالي رد لها اعتبارها. فرغم أنها ومنذ السبعينات تُنعش قطاع «الهوت كوتور» كزبونة متذوقة ومقتدرة، فإنها لم تحصل على الحظوة نفسها التي كانت تتمتع بها مثيلاتها في الولايات المتحدة الأميركية مثلاً. نجاحه في الثمانينات وبداية التسعينات يعود إلى هذه المرأة، التي أقبلت على تصاميمه، وهو ما استوقف باقي المصممين، وفتح شهيتهم لدخول «الهوت كوتور» ومخاطبتها بلغة أكثر احتراماً. دار «فيرساتشي» مثلاً أطلقت خطها في عام 1989، فيما أطلق جيورجيو أرماني خطه «أرماني بريفيه» في عام 2005 إلى جانب آخرين وجهوا أنظارهم شرقاً متسابقين على نيل رضاها.

3- ارتقى بمهنة التصميم

تحول إلى مدرسة قائمة بذاتها، كما تخرج على يده العديد من المصممين الشباب الذين نجحوا (إيلي صعب)

نجاحه غيّر النظرة إلى مهنة تصميم الأزياء في الوطن العربي، من المغرب الأقصى إلى الشرق. بدأ الجميع يأخذها بجدية أكبر، فلا المجتمع بات يراها قصراً على المرأة أو على الخياطين، ولا الرجل يستسهلها. أصبحت في نظر الجميع صناعة وفناً يحتاجان إلى صقل ودراسة وموهبة.

4-قدوة للشباب

من تشكيلته لـ«هوت كوتور خريف وشتاء 2024» (إيلي صعب)

تخرج على يده العديد من المصممين الشباب. كان قدوة لهم في بداية مشوارهم، ثم دخلوا أكاديميته وتعلموا على يده وفي ورشاته. كلهم يشهدون له بالإبداع ويكنون له كل الاحترام والحب. من بين من هؤلاء نذكر حسين بظاظا ورامي قاضي وغيرهم كثيرون.

5-اقتناع برؤيته الفنية

لم يغير جلده أو أسلوبه رغم كل التحديات. كان له رؤية واضحة تمسك بها وكسب (رويترز)

أكد للجميع أنه يمتلك رؤية خاصة لم يغيرها في أي مرحلة من مراحل تطوره. حتى الانتقادات التي قُوبل بها في باريس في البداية، واجهها بقوة وتحدٍ، ولم يخضع لإملاءاتهم لإرضائهم أو لتجنب هجماتهم الشرسة على شاب عربي يتكلم لغة فنية جديدة في عُقر دارهم. بالعكس زاد من جرعة الرومانسية وسخاء التطريز، وأعطاهم درساً مهماً أن الرأي الأول والأخير ليس لهم، بل للمرأة عموماً، والسعودية تحديداً. كانت خير مساند له بحيث أدخلته القصور والبلاطات، وجعلته ضيفاً مرحباً به في أعراسها ومناسباتها المهمة.