«مونديال المكسيك 1970»: مباريات ملوَّنة... وتصدي القرن... وبيليه «الأعظم» يقود البرازيل للقب ثالث

المغرب تزيّن بالحضور... وسرقة الكأس دون العثور عليها... ومباراة تصفيات تسبب حرباً

منتخبا البرازيل وإيطاليا يستعرضان تشكيلتيهما قبل بدء نهائي مونديال 1970 (موقع «فيفا» الرسمي)
منتخبا البرازيل وإيطاليا يستعرضان تشكيلتيهما قبل بدء نهائي مونديال 1970 (موقع «فيفا» الرسمي)
TT

«مونديال المكسيك 1970»: مباريات ملوَّنة... وتصدي القرن... وبيليه «الأعظم» يقود البرازيل للقب ثالث

منتخبا البرازيل وإيطاليا يستعرضان تشكيلتيهما قبل بدء نهائي مونديال 1970 (موقع «فيفا» الرسمي)
منتخبا البرازيل وإيطاليا يستعرضان تشكيلتيهما قبل بدء نهائي مونديال 1970 (موقع «فيفا» الرسمي)

على وقع نزول الإنسان على سطح القمر وانتشار الأقمار الصناعية، نُقلت كأس العالم 1970 من المكسيك لأوّل مرة بالألوان، وشهدت محطات تاريخية أبرزها حفر برازيل الجوهرة بيليه اسمها بأحرف ذهبية، محتفظة بكأس جول ريميه إلى الأبد، بعد تتويج استعراضي لـ«أفضل منتخب في التاريخ».
بعد سنتين من استضافتها الأولمبياد، حطّت النسخة التاسعة رحالها في المكسيك، على علوٍّ تراوح بين 1800 و2600م فوق سطح البحر، بحرارة مرتفعة في مباريات الظهيرة وصعوبة في التنفس. لكن النقاد أجمعوا على أنها أروع البطولات واُختيرت مباراة إيطاليا وألمانيا الغربية (4 - 3 بعد التمديد) في نصف النهائي، الأجمل على الإطلاق.
بموازاة التطوّر التكنولوجي، سُمح بالتبديلات لأوّل مرة، واعتُمدت البطاقات الصفراء والحمراء دون أن يُطرد أحد، بعد اختبارها في أولمبياد 1968، وأُقيم أول مونديال خارج أوروبا وأميركا الجنوبية.

«المايسترو بيليه»
كان مونديال البرازيل بامتياز، لم تشارك في «كوبا أميركا 1967»، لكنها تألقت في التصفيات مع وجوه جديدة مثل جيرسون وجايرزينيو وريفيلينو.
وَصَفَ بيليه فريقه بأنه «الأفضل في التاريخ»، بقيادة ماريو زاغالو الذي أصبح أوّل المتوّجين كلاعب ثم مدرب.
بقي اللقب العالمي الثالث الذي حققه بيليه مع البرازيل بمثابة تحفة فنية رائعة لـ«ملك» أبهر عشاق الكرة المستديرة طوال البطولة، مدفوعاً بروح الانتقام من خيبة 1966.
أقسم حينها بيليه المكسور والذي بات عُرضة للإصابات أنه لن يلعب في كأس العالم مجدداً، حيث لم يرتدِ القميص الأصفر لمدة عامين.
بعد أن رفض بدايةً استدعاءه من أجل التصفيات، بات إيمانه أكبر عندما وافق زاغالو الذي حقق معه الكأس عامي 1958 و1962 كلاعب، على تولي زمام القيادة على رأس الجهاز الفني.
استعاد بيليه لياقته البدنية وبدا عند 29 عاماً أفضل من أي وقت مضى لكتابة أجمل صفحات تاريخه، فرفع رصيده إلى 12 هدفاً في 14 مباراة خلال المونديال.

«تصدي القرن»
في خدعة غير مألوفة ضد تشيكوسلوفكيا (4 - 1) حاول بيليه إسقاط الكرة «لوب» من خط وسط الملعب فوق الحارس، وفي المباراة الثانية قام الحارس الإنجليزي غوردون بانكس بما أطلق عليه «تصدّي القرن» عندما أبعد رأسية بيليه بشبه معجزة من على خط المرمى، فصرّح البرازيلي بروحه الفكاهية: «لقد سجلت هدفاً لكن بانكس أوقفه».
في نصف النهائي، وفي أول مواجهة بين البرازيل والأوروغواي في 20 عاماً، استعادت الجماهير شبح «ماراكانازو» عندما سقطت البرازيل 1 - 2 على أرضها في الدور النهائي، لكن بيليه مسح دموع البرازيليين بمن فيهم والده الذي بكى في ذاك اليوم المشؤوم.

«هدف غير مسجّل وكرة عمياء»
خلال الثأر اللافت 3 – 1، فوّت بيليه مرّة أخرى فرصة تسجيل هدف تاريخي، عندما وصلت إليه كرة بينية من توستاو، فخدع الحارس بذكاء وراوغه من دون أن يلمس الكرة، ثم سدّدها فمرّت إلى جانب القائم ليبقى أحد «أجمل الأهداف غير المسجلّة» في تاريخ المونديال.
اقتربت ساعة الحقيقة والحسم في مواجهة إيطاليا في المباراة النهائية، حيث كان مرة أخرى على الموعد، بعد أن افتتح التسجيل برأسية جسّدت قيمة وموهبة بيليه الاستثنائية، مسجلاً هدف البرازيل رقم 100 في كأس العالم. احتفل بالارتماء في أحضان جايرزينيو في مشهدية أيقونية.
مضى سيليساو وحقق الفوز 4 - 1 حيث ترك بصمته الأخيرة في هدف لا يزال يصفه الكثيرون حتى الآن بأحد أفضل الأهداف الجماعية في كرة القدم، وكرّس الاعتقاد بأن منتخب البرازيل 1970 هو أفضل من لعب الكرة على مرّ العصور. لعب بيليه كرة حاسمة «عمياء» للقائد كارلوس ألبرتو في الهدف الرابع، إثر سلسلة تمريرات رائعة بين عدة لاعبين.
حمله رفاقه على الأكتاف في نهاية المباراة، تماماً قبل 12 عاماً حين سجل كمراهق هدفين في نهائي 1958، إلا أن هذه المرة بيليه لم يبكِ ووجد نفسه عارياً دون قميص، فكتب تاريخاً ذهبياً وترك إرثاً لا يقدَّر بثمن.

«الكأس التي سُرقت ولم يعثر عليها أحد»
بتتويجها مرّة ثالثة، حصلت البرازيل على كأس جول ريميه إلى الأبد، لكنَّ الكأس سُرقت لاحقاً عام 1983 ولم يُعثر عليها كما في 1966.
قال «الإعصار» جايرزينيو، خليفة غارينشا على الجناح الأيمن، لوكالة الصحافة الفرنسية: «في 1970 كنا نملك عملياً 11 نجماً في أرض الملعب. كنا الفريق الوحيد في العالم الذي يضمّ خمسة لاعبين بمقدورهم اللعب في المركز الرقم 10».
وبات جايرزينيو اللاعب الوحيد في تاريخ كؤوس العالم الذي يسجّل هدفاً على الأقل في ست مباريات في نسخة واحدة (7 أهداف) ويُحرز اللقب، فيما تُوّج الألماني غيرد مولر هدافاً برصيد 10 أهداف.

«أوّل مشاركة مغربية»
سبق المونديال مفاجآت بالتصفيات، فلم تتأهل الأرجنتين وفرنسا وإسبانيا والمجر بطلة أولمبيادي طوكيو ومكسيكو.
وتراجعت حصة الأوروبيين من عشرة إلى تسعة مقاعد، بعد تثبيت حصة أفريقيا التي راحت للمغرب في باكورة مشاركاته، فيما مثّلت إسرائيلُ آسيا للمرة الأولى والأخيرة. كما تسببت مواجهات هندوراس مع السلفادور بـ«حرب كرة القدم» حصدت 3 آلاف قتيل.

«اتهام بوبي مور بالسرقة»
وفي الاستعداد لكأس العالم، أوقف قائد إنجلترا، حاملة اللقب، بوبي مور، في كولومبيا لأربعة أيام في قضية سرقة سوار. ورغم تبرئته رسمياً بعد سنتين، بقي القائد التاريخي دون تكريم ملكيّ على الأرجح بسبب تلك الحادثة.
ودّعت إنجلترا من ربع النهائي رغم تقدّمها 2 - 0 على ألمانيا الغربية التي ثأرت من خسارتها نهائي النسخة الأخيرة بفوز في الوقت الممدّد 3 - 2.

«البرازيل البطل»
جمع نصف النهائي أربعة منتخبات أحرزت اللقب سابقاً، فنفضت البرازيل غبار ماراكانازو 1950 بفوز صريح على الأوروغواي 3 - 1، فيما ضمد الألماني فرانتس بكنباور إصابة كتفه دون الفوز بمباراة بالغة الروعة أمام إيطاليا (3 - 4 بعد التمديد)، قبل أن تحسم البرازيل اللقب 4 - 1.


مقالات ذات صلة

السعودية على بوصلة الأحداث الرياضية... «ماضياً وحاضراً ومستقبلاً»

رياضة سعودية السعودية سجلت نفسها وجهة عالمية للأحداث الرياضية (الشرق الأوسط)

السعودية على بوصلة الأحداث الرياضية... «ماضياً وحاضراً ومستقبلاً»

خلال الأعوام العشرة المقبلة، ستكون السعودية على موعد مع استضافة كأس آسيا 2027، ومن ثم استضافة كأس العالم 2034، واستضافة دورة الألعاب الآسيوية «آسياد 2034».

فهد العيسى (الرياض)
رياضة سعودية الاستضافة المونديالية أكبر تتويج لجهود المملكة على الصعيد الرياضي (وزارة الرياضة)

مونديال 2034... تتويج لائق لحقبة سعودية «وثابة»

«إننا في المملكة ندرك أهمية القطاع الرياضي في تحقيق المزيد من النمو والتطوير»... هذه الكلمات هي جزء من حديث الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء،

فهد العيسى ( الرياض)
رياضة عربية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (إ.ب.أ)

السيسي يهنئ السعودية باستضافة «مونديال 2034»

وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التهنئة إلى المملكة العربية السعودية، بعد الفوز بتنظيم «كأس العالم 2034».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية توماس توخيل يبدأ رسمياً دوره مدرباً لإنجلترا في يناير (أ.ب)

مجموعة إنجلترا في تصفيات المونديال... كيف ستسير الأمور؟

ستواجه إنجلترا صربيا في التصفيات المؤهلة لكأس العالم الموسعة المكونة من 48 فريقاً في عام 2026 في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية قرعة متوازنة لتصفيات أوروبا المؤهلة إلى كأس العالم لكرة القدم 2026 (د.ب.أ)

قرعة متوازنة لتصفيات أوروبا المؤهلة إلى المونديال

سحبت قرعة تصفيات أوروبا المؤهلة إلى كأس العالم لكرة القدم 2026 في زيوريخ بسويسرا، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».