تونس تنظم مائدة إفطار لألف شخص من الأديان الثلاثة

تجسيدًا لمبادئ الرحمة والأخوة والتعاضد والسلام في الدين الإسلامي

جانب من مائدة الافطار التي نظمتها الجامعة التونسية للمطاعم السياحية مساء الخميس الماضي
جانب من مائدة الافطار التي نظمتها الجامعة التونسية للمطاعم السياحية مساء الخميس الماضي
TT

تونس تنظم مائدة إفطار لألف شخص من الأديان الثلاثة

جانب من مائدة الافطار التي نظمتها الجامعة التونسية للمطاعم السياحية مساء الخميس الماضي
جانب من مائدة الافطار التي نظمتها الجامعة التونسية للمطاعم السياحية مساء الخميس الماضي

نظمت الجامعة التونسية للمطاعم السياحية مساء الخميس مائدة إفطار جماعي بساحة القصبة بالعاصمة التونسية ضمت نحو ألف شخص من مختلف الأديان والجنسيات. وقدرت تكلفة مائدة الإفطار التي تنتظم تحت إشراف وزارة السياحة والصناعات التقليدية التونسية بنحو 180 ألف دينار تونسي (نحو 90 ألف دولار أميركي). وترمي هذه التظاهرة حسب الأطراف المنظمة لها إلى «الاحتفاء بالقيم النبيلة للتسامح والتضامن الكوني»، كما أرادت «تجسيد مبادئ الرحمة والأخوة والتعاضد والسلام في الدين الإسلامي».
وشارك في هذه التظاهرة نحو ألف شخص من السياح ينتمون إلى الأديان الثلاثة (الإسلام والمسيحية واليهودية) وعرفت حضور عدد هام من التونسيين من بينهم سلمى اللومي وزيرة السياحة التونسية وعدد من الشخصيات السياسية من مختلف الأحزاب التونسية. وتقاسم نحو 500 سائح يقيمون بمناطق مختلفة من تونس الإفطار مع إخوانهم من عدة مناطق وممن يتكلمون عدة لغات.
ومن جانب آخر وجهت عدة انتقادات إلى هذه التظاهرة إذ أظهرت الأرقام أن إفطار كل مدعو كلفته نحو 180 دينارا تونسيا(نحو 90 دولارا) وهو مبلغ مشط على حد تعبير الكثير من التونسيين ولا يمكن لهذه المصاريف أن تحارب الإرهاب.
وبخصوص أهداف هذه التظاهرة، قال محمد علي التومي رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار إن الرسالة واضحة وهي موجهة للمجموعات الإرهابية وتقول لهم إن تونس ستنتصر على الإرهاب على حد تعبيره. كما أشار حاييم بيتان كبير الأحبار اليهود في تونس إلى أن هذه التظاهرة تجسد قيم التعايش الديني والحضاري والتسامح وهي رسالة ضد الإرهاب والتعصب والكراهية.
وحاولت الجامعة التونسية للمطاعم السياحية إطلاق رسالة قوية من تونس موجهة إلى الأسرة الدولية تؤكد من خلالها أن تونس بلد القيم الكونية وبلد التسامح والانفتاح وهي تعمل على تقريب الشقة بين الأفراد والديانات والثقافات.
ومباشرة بعد تناول الجميع لوجبة الإفطار، استمتع الحاضرون ببرنامج تنشيطي وثقافي شارك فيه عدد من نجوم الموسيقى والثقافة في تونس.
ولم تخل المناسبة من محاولة توجيه رسائل ترويجية للسياحة التونسية خاصة بعد هجوم سوسة الإرهابي الذي خلفت 38 قتيلا من السياح الأجانب وأصاب القطاع السياحي في مقتل على حد تعبير أهل المهنة.



«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
TT

«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل

يدرك الجزء الثالث من مسلسل «للموت» أنّ الخطأ ممنوع، ومع ذلك تلقّفته أخطاء على شكل مبالغات. حوَّل تونس أرضاً لبنانية - سورية، وأعاد بطلتيه «سحر»، ماغي بوغصن، و«ريم»، دانييلا رحمة، إلى عالم المافيا بحجّة واهية بعد توبة لم تدم. وهو كرّر المحفوظ غيباً في المسلسلات المشتركة: فتيات ومخدرات ورجال وسلاح ودولارات مُسددة بعشرات الآلاف لارتكاب جرائم. ذلك يحاكي جانب «الأكشن» ويضمن اشتعال الأحداث. جانبه الآخر أشدّ واقعية؛ إنسانه يمكن تصديقه.
على الورق أن يضمن مكاناً في المنافسة الرمضانية، فالمسلسل يطلّ بعد موسمين قالا الكثير. تُوزّع كاتبته نادين جابر سطورها بين الحقيقة والخيال. تتجرأ في الطرح وتُجدّد المقاربة، باستعمال «حيل» تصطدم أحياناً بالهشاشة. لِمَ تونس والمطاردات السوريالية في شوارعها؟ أهكذا تعود البطلتان إلى بحيرة الدم؟ ماذا عن «القوى الخارقة» و«الحاسة السادسة»، فتكشفان (خصوصاً «سحر») المستور والمعلن، ويقع جميع الرجال في غرامهما!
إنها الدراما ولا مفرّ من توابل تُنكّه الطبخة. هنا، يخرج المسلسل من كونه «واقعياً» ويسبح حيث تتكاثر الحيتان. هذا الموسم، تدخل امرأة على الخط؛ ويكاد عنصر اللعب مع الرجال يعلن خواتيمه لولا رغبة «شفيق» (اللافت كميل سلامة) بالانتقام. هذه المرأة هي «كارما» (أداء متفوق لورد الخال)، فتضرب بيد من حديد وتمسك الزمام، إلى أن يطال شرّها ابنتها فتُذعن للمصير.

ورد الخال تتألق بشخصية «كارما» (لقطة من المسلسل)

لم تعد بوغصن ورحمة تقفان أمام كاميرا فيليب أسمر بكونهما ممثلتين. تستبدلان بكيانهما الشخصيتين وتتوهّجان فيهما. تقدّمانهما على طريقة ذوبان السكر في الماء لبلوغ المحلول الواحد المُحلّى. الثلاثية مع الخال تتألق.
عوامل قوة المسلسل (إنتاج «إيغل فيلمز»، «MTV» و«شاهد») تغلب ثغراته. فالنص مشغول لحبس الأنفاس، وإن مرّت حلقات باردة. الحوارات بعيدة عن السطح. وهناك أشعار تُقال على ألسنة الشخصيات، وأوجاع وحكم حياة. يحدث ذلك أمام عين مخرج ينتشل الجمال من أقصى القهر. كادراته ناطقة واختياره لـ«اللوكيشنات» خلّاق. أمامه، يعطي الممثلون الإحساس الصائب والـ«ريأكشن» المطلوب، فلا تتكاثر الدعسات الناقصة حول الأقدام. فيليب أسمر فنان المسلسل.
خطايا «كارما» المتوارثة عن الأب تصيب العائلة بأسرها. تمتلئ الشخصية بدوافع ارتكاب الشر، من دون مبرر يمنح سلوكها أسباباً تخفيفية. لكنها إنسان، والبشر خَطَأة. فإلى جانب السوء، تستطيع الحب ولفرط كثافته يصبح مَرضياً تجاه الرجل وشبه هوسي تجاه ابنتها بعد موت ابنها ضحية الأثمان المترتّبة على الصفقات.
يحرص مهيار خضور ويامن الحجلي عن الانفعال الموزون. الأول يجيد التردد ومراجعة الحسابات، ثم الخلاص بالحب. والآخر فنان في غضبه وألم الذاكرة، يقلّب صفحات مضيئة عنوانها حب العُمر. خلطُ أوراق يعيدهما إلى المعدن الطيب قبل توحّش الظروف، فيتحالفان على الجَمعة بعد قطيعة.
ذلك العالم الفانتازيّ ظلّ شاهداً على مشاعر صادقة وعطف لا مشروط. «سحر» و«ريم» جدليتان في كل حالاتهما؛ في خصامهما وصُلحهما. وَقْعٌ فريد في الدراما العربية، غير مفهوم إلا لأمهات لم ينجبن ولأوفياء هم عملة نادرة في زمن الغدر. عنوان المسلسل «للموت»، منبعه عاطفة لا يبررها إلا القادرون على العطاء.

ثنائي البطولة من سوريا يامن الحجلي (يمين) ومهيار خضور (لقطة من المسلسل)

المقلب الواقعي يبلغ جماله الإنساني في رندة كعدي بشخصية «حنان». العطف وأمومة العالم في العيون والملامح واللسان والقلب. لم يعد الحي فقيراً وهجرت أحوال ناسه الويلات؛ مع ذلك، تعتصره المعاناة حيث المال يصطدم بمنغّصات الحياة ودورة الزمن على البشر؛ فيؤدي أحمد الزين مشهداً بديعاً لرجل بلا ذاكرة، تآكل بالألزهايمر، وتقدّم كعدي أنبل دروس مواجهة السرطان بإرادة التغلّب عليه، وسط عويل ختام اللحام البارعة وتكاتف الأسرة رغم الامتحانات القاسية.
تُلقي نادين جابر على وسام صباغ بشخصية «محمود» قيمتين إنسانيتين يؤديهما بالدمع: إسقاط النظرة الذكورية حيال المرأة المطلّقة، وإعلاء صوت المواطن الشريف. ومن باب الانتخابات النيابية، يُبيّن المسلسل مدى تجذّر الفساد اللبناني وقدرة أزلامه على سحق الأنقياء.
مرة أخرى، تؤكد الكاتبة حق الأم بحضانة أطفالها وإنْ انحازت القوانين للأب. ورغم مسحة الكآبة الطافحة على وجه دوجا حيجازي، فقد قدّمت آلام الأمهات المنسلخات عن أولادهن بالظلم والقوة. يمرّر المسلسل رسائل نبيلة بصوت صريح حيناً وبرمزية فنية حيناً آخر. لا يكتفي بالتحوّل مسرحاً لغلبة المبالغة وسطوة البطولات؛ بل يتبنّى مواقف ويُذكّر بقضايا تمسّ الصميم، تستوجب التحديث وإعادة النظر.
ينطبق على المسلسل عدُّه مسلسلَ كل شيء، ففيه خليط يخاطب الجميع. يصبح أبطاله بعضاً من الناس، الجدد منهم والقدماء. ريان حركة بشخصية «لميس»، أداء عفوي منساب، اختزالها مؤثر لثمن الزواج المبكر وتطوّر أفكار الإنسان. كارول عبود بدور «سارية» القناع الترفيهي لنفس طمّاعة تجيد إمساك تفاصيلها. فادي أبي سمرا حالة خاصة؛ ومن تونس فاطمة بن سعيدان بشخصية «جاكو» بطعم العسل.
يكتمل الأداء الجماعي مع فايز قزق ومحمد عقيل وعلي منيمنة وسحر فوزي ورانيا عيسى وساشا دحدوح وعلي سكر وروزي الخولي ومنير شليطا وسلطان ديب وأوس وفائي ومارلين نعمان... مع خليل أبو عبيد والطفلة تالين بورجيلي بشخصية «خلود» المُحمّلة عذابات الكبار.