مدير «إيكاردا»: السعودية مؤهلة لاستبدال الأعلاف التقليدية عبر الصبار الأملس

أبو سبع قال إن تغيرات المناخ قد تغير تركيبات محاصيل الدول

المهندس علي أبو سبع المدير العام لمركز «إيكاردا»... (الشرق الأوسط)
المهندس علي أبو سبع المدير العام لمركز «إيكاردا»... (الشرق الأوسط)
TT

مدير «إيكاردا»: السعودية مؤهلة لاستبدال الأعلاف التقليدية عبر الصبار الأملس

المهندس علي أبو سبع المدير العام لمركز «إيكاردا»... (الشرق الأوسط)
المهندس علي أبو سبع المدير العام لمركز «إيكاردا»... (الشرق الأوسط)

قال على أبو سبع، المدير العام لـ«المركز الدولي للبحوث في المناطق الجافة والقاحلة (إيكاردا)»، إن «تغيرات المناخ قد تفرض على الدول تغيير تركيبتها المحصولية لتوائم ظروف الطقس».
وأوضح أبو سبع، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، على هامش مشاركته في قمة الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ «كوب 27»، أن «السعودية تملك مساحات شاسعة من الأراضي الصحراوية المناسبة تماماً لزراعة الصبار الأملس، وهو أحد أنواع الصبارات التي أثبتت كفاءة كبيرة كأعلاف للماشية، ومن ثم تستطيع المملكة الاستغناء عن استيراد الأعلاف الخضراء من الخارج».
وإيكاردا هي مؤسسة بحثية دولية جرى إنشاؤها من قِبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والبنك الدولي، والمؤسسة الكندية للتنمية عام 1977، ويُعنى بمجال الأمن الغذائي في المناطق الجافة والقاحلة.
و«الصبارات الملساء» التي يدعو أبو سبع للاستفادة من زراعتها في السعودية، يقول إنها «أثبتت كفاءة في تجارب نفّذتها مؤسسة (إيكاردا) في الأردن وتونس والهند، حيث يستسيغها الحيوان، كما تحتوي على نسبة كبيرة من المياه، فتقلل من احتياج الحيوان للماء، كما تساعده على إدرار الألبان، وهذه من الصناعات المهمة في المملكة».
وبشأن الدور الذي تقوم به «إيكاردا» في التكيف مع التغيرات المناخية، قال أبو سبع إن «فلسفة نشأة المؤسسة البحثية كانت هي المساهمة في علاج مشكلة المجاعات عبر زيادة إنتاجية الأراضي، ومع تغير المناخ ظهرت تحديات جديدة في مجال إنتاج المحاصيل وإدارة الموارد المائية، استدعت إعادة توجيه أولويات البحث العلمي، حيث نعمل على أصناف جديدة من المحاصيل الرئيسية (الفول والعدس والقمح والحمص والذرة) تتحمل الجفاف والآفات التي تظهر مع تغير المناخ».
ولفت إلى أن مثل هذه المشروعات حتى تؤتي ثمارها لا بد من تعميمها، لكن ما تفعله «إيكاردا» هو أنها تقوم بالتنفيذ في بعض المناطق لإثبات قابلية الفكرة للتنفيذ، لكن التعميم مسئولية الحكومات التي لم يعد أمامها اختيار بعد الرسائل القاسية التي أرسلتها تغيرات المناخ.
وشرح أن «المساهمة في الحل تختلف من دولة لأخرى، حسب طبيعة النمط الغذائي للدولة، فمثلاً في مصر حيث يمثل رغيف الخبز أهمية كبيرة، كانت لنا تجربة لإنتاج رغيف خبز مدعم بنسبة كبيرة من الشعير، ووفّرنا للحكومة المصرية أصنافاً من الشعير تجود زراعتها في الأراضي الجديدة، حيث لا تجود زراعة القمح».

الإرشاد «الديجيتال»
وعن تقييمه استخدام وسائل الاتصال الحديثة، ومدى الحاجة للتحول مع المزارع من الشكل التقليدي للإرشاد الزراعي إلى «الديجيتال»، قال: «يحدث ذلك على نطاق محدود في بعض الدول مثل مصر والمغرب، ودول أفريقية جنوب الصحراء، حيث يجري التواصل مع المزارعين عبر رسائل المحمول، وتعمل الإيكاردا مع الحكومات حالياً على تطوير تلك المنظومة للإرشاد لتشمل تطبيقات رسائل مصورة»، داعياً إلى «تعميم هذا النمط من الإرشاد لمواكبة تغيرات المناخ».

بنك جينات جديد
وبشأن جدوى افتتاح فرع جديد لبنك الجينات، التابع لـ«الإيكاردا»، في المغرب، قال إن هذا البنك الجديد تبلغ طاقته الاستيعابية ضِعف البنك القديم، ويضم 155 ألف صنف من أصناف المحاصيل الرئيسية (القمح- الأرز- العدس- الحمص- الذرة)، بعضها من الأصول البرية لهذه النباتات، والأخرى أصناف جديدة جرى إنتاجها. وجاء افتتاح الفرع الجديد بالمغرب؛ حتى يمكن استيعاب كل ما يتم إنتاجه من أصناف جديدة، وهو عمل متواصل في «الإيكاردا» لمساعدة 65 دولة تحصل على شحنات سنوية من تللك الأصناف لاستخدامها في قطاع الزراعة.
وأوضح أن «الإيكاردا» كانت تقدم هذه الأصناف مجاناً، لكن بعد ارتفاع تكلفة تشغيل البنك، والحاجة إلى الاستمرار الدائم في تزويده بأصناف جديدة، بدأنا نحصل على مقابل دون ربح لتغطية التكاليف، التي من بينها تأمين نسخ من تلك الأصناف في قبو البذور العالمي في سفالبارد بالنرويج في القطب الشمالي، وهو بنك عالمي يفتح مرتين في العام، وفي كل مرة تضع «الإيكاردا» نسخاً من الأصناف التي جمعتها أو توصلت إليها؛ لتأمين مثل هذه الثروة الجينية المهمة.

تمويل «الخسائر والأضرار»
وترتبط قضايا قمة المناخ، بالتأكيد، بقضايا عمل «إيكاردا»، ويرى أبو سبع أن «المبادرات الفردية التي أعلنت عنها بعض الدول هي خطوة إيجابية يجب استثمارها وتشجيعها؛ لدفع المزيد من الدول إلى الانضمام لهذا التوجه، بدلاً من الإصرار على شكل تمويلي محدد»، موضحاً أنه «يؤيد أي حل يمكّن العالم من البدء في تمويل الخسائر والأضرار».
وتعهدت النمسا، خلال القمة، بمبلغ 50 مليون دولار، وأعلنت نيوزيلندا أيضًا عن صندوق للمناخ بقيمة 20 مليون دولار للأراضي والموارد التي فقدتها البلدان النامية.
وبشأن فرص إضافة تمويل «الخسائر والأضرار» إلى نشاط هذا الصندوق، قال أبو سبع: «هذا أمر متروك للمفاوضين، ويعتمد على تقييم أداء الصندوق، وهل كان يُدار بشكل جيد أم لا، ولكن يجب الحسم السريع للقضية؛ لأنه ليس لدينا وقت نضيّعه، مثلما حدث مع الصندوق الأخضر للمناخ الذي استغرقت المناقشات حول تأسيسه سنوات».
ويرى أبو سبع أن القمة أسفرت حتى الآن عن خطوات إيجابية؛ أهمها طرح «الخسائر والأضرار» على جدول الأعمال، ومبادرات التمويل الفردية التي أعلنت من بعض الدول، لكن من الصعب التكهن الآن بمخرجات هذه القمة، التي سيكون أمام المفاوضين بها مهمة تعريف «الخسائر والأضرار»، والمدى الزمنى لهذه الخسائر والأضرار، وهذه أمور يجب حسمها قبل الحديث حول آلية التمويل.
وعن إمكانية استفادة «الإيكاردا» من الآلية التمويلية التي سيجري إقرارها لدعم أبحاث تخدم المناطق المتضررة زراعياً بسبب تغير المناخ، قال إن «الإيكاردا يمكنها تقديم الدعم الفني في هذا الملف إذا طُلب منها، وذلك عبر الخبرة التي تملكها في تتبع المناطق الجافة باستخدام الأقمار الصناعية، وقد نجحوا مؤخراً في تعديل خرائط الجفاف التي لم تتغير منذ 20 عاماً باستخدام هذه الخبرات، لتشمل مناطق في الشمال باتجاه أوروبا، ومناطق باتجاه شرق وشمال آسيا».


مقالات ذات صلة

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

لا تزال المداولات مستمرة في الساعات الأخيرة قبل اختتام مؤتمر «كوب 16» المنعقد بالرياض.

عبير حمدي (الرياض)
العالم «النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك مؤشرات على أنه ربما تتشكل ظاهرة «النينا» المناخية، ولكن بشكل ضعيف للغاية.

«الشرق الأوسط» (جنيف )
الاقتصاد حذّر البنك الدولي من أن موجات الجفاف قد تطول نحو نصف سكان العالم في عام 2050 (واس) play-circle 00:30

البنك الدولي: الجفاف الحاد ارتفع بنسبة 233% خلال 50 عاماً

قال البنك الدولي إن الجفاف الحاد ارتفع بنسبة 233% خلال 50 عاماً، موضحاً أن له تأثيرات البشرية والاقتصادية بعيدة المدى.

عبير حمدي (الرياض)
بيئة مواطنون في حديقة بمدينة شوني بولاية أوكلاهوما الأميركية في نوفمبر 2024 (أ.ب)

2024 يتجه لتسجيل أعلى درجة حرارة في تاريخ الأرض

سجلت درجة حرارة الأرض خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ثاني أعلى درجة حرارة في مثل هذا الشهر من أي عام.

«الشرق الأوسط» (برلين )

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.