استراتيجية ماكرون الأفريقية... محاولة «تبيض» سمعة في المستعمرات القديمة

وسط تمدد أمني لروسيا واقتصادي للصين في القارة

جنود فرنسيون من قوة «برخان» في دورية بشوارع مدينة جاو في مالي (أ.ف.ب)
جنود فرنسيون من قوة «برخان» في دورية بشوارع مدينة جاو في مالي (أ.ف.ب)
TT

استراتيجية ماكرون الأفريقية... محاولة «تبيض» سمعة في المستعمرات القديمة

جنود فرنسيون من قوة «برخان» في دورية بشوارع مدينة جاو في مالي (أ.ف.ب)
جنود فرنسيون من قوة «برخان» في دورية بشوارع مدينة جاو في مالي (أ.ف.ب)

لم يكن إعلان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن استراتيجية جديدة لبلاده في أفريقيا أمراً مفاجئاً لكثير من المراقبين الذين يرصدون على مدى السنوات الأخيرة تآكل النفوذ الفرنسي في مناطق الشمال والغرب الأفريقي بشكل واضح، فالمستعمر القديم للمنطقة ضعفت أنيابه، ولم يعد يمتلك تلك القوة التي كان يتمتع بها على مدى عقود طويلة، ليس فقط بسبب متغيرات فرنسية داخلية، لكن نتيجة تحولات جوهرية في دول المستعمرات السابقة، بل وكنتيجة كذلك لظهور منافسين إقليميين ودوليين آخرين، يتحينون الفرصة بحثاً عن موضع قدم في الأراضي التي يتهاوى فيها نفوذ الفرنسيين.
الاستراتيجية الفرنسية الجديدة التي تستهدف بالأساس دول غرب ووسط أفريقيا، والتي أعلنها الرئيس الفرنسي أواخر الأسبوع الماضي من على سطح غواصة نووية هجومية في ميناء «طولون العسكري»، تضمنت سحب قوة «برخان» العاملة في مجال مكافحة الإرهاب في أفريقيا، والإشارة إلى إطلاق «مشاورات خلال الأيام المقبلة مع الشركاء الأفارقة والمنظمات الإقليمية لتطوير وضع وشكل ومهمات القواعد العسكرية الفرنسية الحالية في منطقة الساحل وغرب أفريقيا».
وقلل مراقبون أفارقة تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» من احتمالات أن تفضي تلك المشاورات إلى «إنجاز كبير» في الدور الفرنسي المتراجع في منطقتي غرب أفريقيا ودول الساحل، لا سيما مع تحولات واضحة في الرؤية الشعبية للدور الفرنسي وتأثيراته، فضلاً عن أن باريس لم تعد اللاعب الوحيد في المنطقة، وهو ما يمنح الأفارقة، ربما للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، فرصة الرهان على تحالفات أخرى لا تلقي بالضرورة كل أوراق اللعب في يد الفرنسيين.

مراجعة استراتيجية

وبحسب تقارير فرنسية، فإن الاستراتيجية الجديدة في أفريقيا ليست منفصلة عن تحولات عميقة تجريها باريس، وتتضمن إعادة بناء أولوياتها العسكرية حتى نهاية العقد، في خضم الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهدف ما يسمى بـ«المراجعة الاستراتيجية الوطنية» لفرنسا إلى تحديد الشكل الذي سيبدو عليه دفاع البلاد في عام 2030.
وتسعى فرنسا من خلال تلك المراجعة، ومع عودة الحرب إلى القارة الأوروبية، إلى التركيز على تعزيز بناء القدرات الدفاعية للاتحاد الأوروبي، حيث لا يزال التكتل الذي يضم 27 دولة يعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة وحلف «الناتو».
ويدرك الفرنسيون أن الانقلابات العسكرية في مالي وتشاد وبوركينا فاسو أضرت كثيراً بتحالفاتهم في مستعمراتهم السابقة، كما فتحت الباب أمام نفوذ روسي وصيني أكبر، وإطلاق تنافس دولي وإقليمي على الوجود في تلك المنطقة، التي تعاني عدة دول فيها من أوضاع سياسية وأمنية واقتصادية هشة.

تنمية أم استعمار جديد؟

لن تقتصر الاستراتيجية الفرنسية الجديدة في وسط وغرب أفريقيا على البعدين الأمني والسياسي، لكنها ستسعى إلى تكريس أسلوب مغاير لإدارة العلاقات مع تلك الدول، فكما عبّر مسؤولون فرنسيون فإن العبء للمضي قدماً «سيكون على دول المنطقة لقيادة الأمن، مع التركيز أيضاً على التنمية والحكم الرشيد والتعليم».
وتسعى فرنسا إلى إصلاح سياستها بشأن المساعدات التنموية من خلال رفع ميزانيتها وزيادة التركيز على دول أفريقيا جنوب الصحراء وإعطاء الأولوية للمنح بدل القروض، في محاولة لمواجهة تمدد صيني في تلك المنطقة عبر بوابة الاقتصاد، حيث تمنح بكين قروضاً ميسرة لحكومات تلك الدول، وتسهم بنشاط في مشروعات تنموية تعزز الحضور الاقتصادي الصيني في المنطقة.
وصادقت الجمعية العامة الفرنسية (البرلمان) في مارس (آذار) من العام الماضي على القراءة الأولى لمشروع قانون يزيد من المبالغ المخصصة للوكالة الفرنسية للتنمية، كما أدرج النواب التزاماً مالياً اعتباراً من سنة 2025 بتخصيص 0.7 في المائة من الناتج القومي الفرنسي لمشروعات التنمية الدولية، والتي يذهب معظمها لمشروعات في أفريقيا.
كما تحدث الرئيس الفرنسي عن إلغاء ديون الدول الأفريقية، وبدأت باريس إعادة الآثار المنهوبة إبان الحروب الاستعمارية، وسعى ماكرون إلى تعزيز العلاقات مع ما هو أبعد من الحكومات من خلال فتح قنوات اتصال مع منظمات المجتمع المدني في تلك الدول.
إلا أن تلك الخطوات لا يبدو أنها تحقق مفعولها لدى كثير من شعوب تلك المنطقة، التي لا تزال تشعر بمظلومية جراء الإرث الاستعماري الفرنسي لبلادهم، بل إن بعضهم لا يرى في الاستراتيجية الفرنسية الجديدة سوى «استعمار جديد»، وهو ما يؤكده الباحث السياسي التشادي، الدكتور محمد يوسف الحسن، والذي يعتقد أن الاستراتيجية الفرنسية الجديدة، ليست سوى محاولة من باريس للإبقاء على موطئ قدم لها في دول الساحل والصحراء، بعدما فقدت الكثير من نفوذها في غرب أفريقيا.
ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن ما أعلنه الرئيس ماكرون عن بدء حوار خلال الفترة المقبلة بشأن تلك الاستراتيجية «محاولة من الفرنسيين لاسترضاء الشعوب الأفريقية في تلك المنطقة، والتي ضاقت بالكثير من الممارسات الفرنسية على مدى عقود».
ويوضح الحسن أن هناك حالة شعبية عميقة من الضيق بالدور الفرنسي، الذي لم يتخلص من إرث المرحلة الاستعمارية، بل سعى إلى تكريس تلك المرحلة عبر الهيمنة الاقتصادية والثقافية، وحافظت باريس على علاقات وطيدة مع أنظمة سياسية لا تحظى في كثير من الأحيان برضا شعبي، ومع تغير تلك الأنظمة، وجدت فرنسا نفسها في مواجهة حالة عميقة من التشكيك في دورها، خاصة في ظل اتهامات لها ما يبررها، بدعم جماعات وتنظيمات متطرفة وليس محاربتها كما تزعم السياسة الفرنسية، فقد استخدم الوجود الفرنسي في غرب أفريقيا وفي دول الصحراء التنظيمات الإرهابية ذريعة للوجود، ونشر القوات في مساحات شاسعة من تلك الدول، في حين أن العديد من التقديرات تشير إلى أن معدلات انتشار الجماعات الإرهابية تضاعف بعد الوجود الفرنسي، وفي المناطق التي تقول باريس إنها تسعى إلى تعقب واستئصال تلك الجماعات فيها.
ويتابع الحسن قائلاً إن الفرنسيين يحاولون تغيير لغة الخطاب فقط، دون أن تتغير أجندة المصالح، لا سيما بعدما أدركوا أن هناك موجة عارمة من الرغبة في التغيير لدى شعوب تلك المنطقة، ودخول حلفاء دوليين أكثر موثوقية لدى شرائح واسعة من الشعوب والحكومات الجديدة في غرب أفريقيا وبعض دول الساحل، وأعني هنا الحليف الروسي، الذي لا يحمل أعباء إرث استعماري قديم مثل الفرنسيين، الذين لعبوا دوراً سلبياً تماماً في إفقار وإضعاف الدول التي احتلوها، ويحاولون اليوم التودد إلى تلك الشعوب عبر وعود بتخصيص مبالغ متزايدة للتنمية.
ويتوقع الحسن ألا تُفضي الاستراتيجية الفرنسية الجديدة أو الحوار بشأنها إلى نتائج ذات قيمة كبيرة بالنسبة لشعوب منطقة جنوب الصحراء، لافتاً إلى أن «التجربة التاريخية مع الفرنسيين سيئة للغاية، وهي تلقي بظلال قاتمة على أي تعاون مستقبلي، لا سيما مع افتقار الفرنسيين للمصداقية لدى قطاعات واسعة من شعوب تلك الدول».
وأعرب المحلل السياسي التشادي عن اعتقاده بأن دول الساحل والصحراء ستنحو منحى دول غرب أفريقيا في التخلص من النفوذ الفرنسي إن آجلاً أو عاجلاً، ويبدو النفوذ الروسي هو الأقرب، خاصة في ظل تراجع النفوذ البريطاني، وعدم الترحيب بدور أميركي واسع في المنطقة، ويضيف: «الدعم الفرنسي التاريخي لأنظمة عسكرية ووراثية في دول المنطقة، سيجعل أي محاولة حالياً للتقارب مع الشعوب الأفريقية محل شك عميق».

تنافس فرنسي - روسي

التنافس الفرنسي الروسي على منطقة غرب ووسط أفريقيا يبدو واضحاً للغاية، ومحدداً لكل من تحركات حكومات المنطقة، وأيضاً للمساعي الفرنسية بإعادة بناء تحالفاتها، إذ تسعى باريس لإعادة ابتكار جهاز عسكري وأمني فرنسي، خصوصاً في منطقة الساحل يعتمد أساساً على تدريب إضافي للجيوش المحلية ودعم التعاون الاستخباراتي لدحر الإرهاب في مواجهة تصاعد النفوذ الروسي ومجموعات «فاغنر».
واشترط الرئيس الفرنسي على الدول الأفريقية الراغبة في تلقي دعم بلاده عسكرياً ودبلوماسياً وأمنياً تقديم «طلب صريح»، ليكون للفرنسيين حضور أكبر في التدريب العسكري، وتوفير المعدات والدعم للجيوش الأفريقية، والبقاء قريبين منها، لمساعدتها في زيادة قدراتها.
ورغم أن الوجود العسكري الفرنسي المباشر يعزز إحساساً بالمظلومية لدى العديد من شعوب المنطقة، ويغري بجذب المزيد من الجماعات المتشددة، فإن الرئيس ماكرون لا يريد إخلاء الساحة تماماً لموسكو، بل يستهدف إعادة بعث دور أكبر لفرنسا في أفريقيا، حتى لا يكون طردها من مالي نموذجاً لبقية دول القارة التي تواجه تهديدات أمنية للاستعانة بخدمات شركة «فاغنر» الروسية.
وربما تستفيد الاستراتيجية الفرنسية الجديدة من استراتيجية مشابهة اتبعتها الولايات المتحدة بعد أكثر من 20 عاماً من الحرب على الإرهاب، من خلال الاعتماد على الجيوش المحلية، عبر التدريب المكثف والتعاون الاستخباراتي، وتوفير الدعم الجوي، خاصة عبر الطائرات المسيرة والعمودية، وتقليص التدخل العسكري المباشر لتفادي إثارة غضب المجتمعات المحلية.
ويرى مراقبون أن الانتشار الفرنسي لا يلقى ترحيباً من شعوب دول الساحل، حيث شهدت النيجر وتشاد وبوركينا فاسو احتجاجات شعبية للمطالبة برحيل القوات الفرنسية من بلدانهم، وتضغط تلك الاحتجاجات على حكومات البلدان الثلاثة المتحالفة مع باريس، وقد تهدد بتحركات داخلية على خطى «مالي».
ولم تكن الجماعات المتشددة تسيطر سوى على نحو 20 في المائة من مساحة مالي في 2013. وبعدما دخلها الفرنسيون انتشرت هذه الجماعات في 80 في المائة من مساحة البلاد، بل تمددت إلى دول أخرى كالنيجر وبوركينا فاسو وتشاد ونيجيريا والكاميرون وبنين وتوغو.
وتثير تجربة «فاغنر» في جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي اهتمام بعض الدول الأفريقية التي تعاني مشاكل أمنية، على غرار نيجيريا، التي تعد أكبر بلد أفريقي من حيث عدد السكان، والتي تملك أكبر احتياطات للغاز الطبيعي أفريقياً، فضلاً عن أنها أكبر منتج للنفط في القارة.
وتحاول فرنسا تقديم بدائل أمنية ودبلوماسية وتنموية متكاملة لدول غرب أفريقيا، لتفادي اللجوء إلى «فاغنر»، إلا أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تواجهها فرنسا بسبب تبعات وباء «كورونا» ثم الحرب الروسية في أوكرانيا، تحد من قدرة باريس على الذهاب بعيداً في مواجهة دول أقوى منها عسكرياً مثل روسيا، واقتصادياً كالصين، وهو ما سيكون بمثابة عبء يثقل كاهل الفرنسيين، إضافة إلى أعباء التاريخ الاستعماري الذي لا يزال حياة في ذاكرة شعوب المنطقة.

تهديد وجودي

هذا العبء ليس بالهين كما تراه خبيرة الشؤون الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتورة أماني الطويل، والتي تشير إلى أن فرنسا ربطت الدول الأفريقية المستقلة عنها في ستينيات القرن الماضي بروابط اقتصادية وعسكرية وثقافية، وربما تكون اتفاقيات الاستقلال بين فرنسا ودول غربي أفريقيا هي الأكثر استغلالاً للأفارقة، إذ نصت على أن تكون هناك عملة أفريقية مرتبطة بالفرنك الفرنسي، وكذلك إجبار هذه الدول على إيداع جزء من المساعدات والمنح الخارجية لها في البنك المركزي الفرنسي.
وتضيف: «فرنسا أبرمت اتفاقيات دفاع عسكري مشترك، واتفاقيات التعاون والمعونة الفنية مع دول أفريقية عدة حافظت على قدر كبير من التأثير الفرنسي الاقتصادي والسياسي والعسكري يصل في تقديرها حد التبعية الكاملة لفرنسا».
وتتابع الطويل القول إن «فرنسا حالياً تتعرض لمنافسة شرسة في العقد الأخير تهدد وجودها ونفوذها في أفريقيا، وربما يرجع ذلك في جانب كبير منه إلى عمليات التدخل العسكري المباشر، فرغم حصول باريس على تفويض من مجلس الأمن، فإن هذا التدخل أثار حفيظة الكثير من القوى الوطنية، وهو ما استفادت منه تنظيمات سلفية (جهادية) متشددة».
كما لاقت فرنسا منافسة دولية من روسيا التي اعتمدت على شركة «فاغنر» الأمنية لتعزيز حضورها بالتعاون مع عدة دول بالمنطقة، وباتت «فاغنر»، تعد من أهم الآليات الروسية الراهنة في التفاعل مع أفريقيا، وقد بدأت مسيرتها عام 2013 مع احتدام الأزمة السورية، وتنتشر حالياً في 23 دولة أفريقية، وتعد آلية منخفضة التكاليف السياسية والاقتصادية بالنسبة إلى روسيا ولدول المنطقة أيضاً.
وتعتقد الخبيرة بالشؤون الأفريقية أن دائرة المنافسين للنفوذ الفرنسي في غرب ووسط أفريقيا تتسع كذلك لتشمل محاولات تركية للوجود في المنطقة اعتماداً على الآليات الاقتصادية والدينية عبر عامل الدين الإسلامي المشترك مع دول غربي القارة، إذ عملت تركيا لوضع استراتيجية لتطوير العلاقات الاقتصادية مع الدول الأفريقية، وتكوين شراكات قوية مع عدد من المنظمات الأفريقية والجماعات الاقتصادية مثل (تجمع شرقي أفريقيا، وجماعة غربي أفريقيا الاقتصادية)، كما تتسع دائرة المنافسين لتشمل دوراً أميركياً، وإن كان أقل وضوحاً، لكنه يظل مثيراً للاهتمام.


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
TT

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بعض قادة أفريقيا (رويترز)

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباحثات هاتفية مع الرئيس السنغالي بشيرو ديوماي فاي، ناقشا خلالها الوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء، حيث يتصاعد خطر الجماعات الإرهابية، حسب ما أعلن الكرملين. وقال الكرملين في بيان صحافي، إن المباحثات جرت، الجمعة، بمبادرة من الرئيس السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل».

الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي (أ.ب)

الأمن والإرهاب

وتعاني دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، المحاذية للسنغال، من تصاعد خطر الجماعات الإرهابية منذ أكثر من عشر سنوات، ما أدخلها في دوامة من عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية المتتالية.

وتوجهت الأنظمة العسكرية الحاكمة في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، نحو التحالف مع روسيا التي أصبحت الشريك الأول لدول الساحل في مجال الحرب على الإرهاب، بدلاً من الحلفاء التقليديين؛ فرنسا والاتحاد الأوروبي.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ف.ب)

وبموجب ذلك، نشرت روسيا المئات من مقاتلي مجموعة (فاغنر) في دول الساحل لمساعدتها في مواجهة تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول، حصلت الأخيرة بموجبها على طائرات حربية ومعدات عسكرية متطورة ومسيرات.

ومع ذلك لا تزالُ الجماعات الإرهابية قادرة على شن هجمات عنيفة ودامية في منطقة الساحل، بل إنها في بعض الأحيان نجحت في إلحاق هزائم مدوية بمقاتلي «فاغنر»، وقتلت العشرات منهم في شمال مالي.

في هذا السياق، جاءت المكالمة الهاتفية بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، حيث قال الكرملين إن المباحثات كانت فرصة لنقاش «الوضع في منطقة الصحراء والساحل وغرب أفريقيا، على خلفية عدم الاستقرار المستمر هناك، الناجم عن أعمال الجماعات الإرهابية».

وتخشى السنغال توسع دائرة الأعمال الإرهابية من دولة مالي المجاورة لها لتطول أراضيها، كما سبق أن عبرت في كثير من المرات عن قلقها حيال وجود مقاتلي «فاغنر» بالقرب من حدودها مع دولة مالي.

الرئيس إيمانويل ماكرون مودعاً رئيس السنغال بشير ديوماي فاي على باب قصر الإليزيه (رويترز)

وفي تعليق على المباحثات، قال الرئيس السنغالي في تغريدة على منصة «إكس» إنها كانت «ثرية وودية للغاية»، مشيراً إلى أنه اتفق مع بوتين على «العمل معاً لتعزيز الشراكة الثنائية والسلام والاستقرار في منطقة الساحل، بما في ذلك الحفاظ على فضاء الإيكواس»، وذلك في إشارة إلى (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا)، وهي منظمة إقليمية تواجه أزمات داخلية بسبب تزايد النفوذ الروسي في غرب أفريقيا.

وكانت الدول المتحالفة مع روسيا (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) قد جمدت عضويتها في المنظمة الإقليمية، واتهمتها بأنها لعبة في يد الفرنسيين يتحكمون فيها، وبدأت هذه الدول الثلاث، بدعم من موسكو، تشكيل منظمة إقليمية جديدة تحت اسم (تحالف دول الساحل)، هدفها الوقوف في وجه منظمة «إيكواس».

صورة جماعية لقادة دول مجموعة «إكواس» في أبوجا السبت (رويترز)

علاقات ودية

وفيما يزيد النفوذ الروسي من التوتر في غرب أفريقيا، لا تتوقف موسكو عن محاولة كسب حلفاء جدد، خاصة من بين الدول المحسوبة تقليدياً على فرنسا، والسنغال تعد واحدة من مراكز النفوذ الفرنسي التقليدي في غرب أفريقيا، حيث يعود تاريخ الوجود الفرنسي في السنغال إلى القرن السابع عشر الميلادي.

ولكن السنغال شهدت تغيرات جذرية خلال العام الحالي، حيث وصل إلى الحكم حزب «باستيف» المعارض، والذي يوصف بأنه شديد الراديكالية، ولديه مواقف غير ودية تجاه فرنسا، وعزز هذا الحزب من نفوذه بعد فوزه بأغلبية ساحقة في البرلمان هذا الأسبوع.

وفيما وصف بأنه رسالة ودية، قال الكرملين إن بوتين وديوماي فاي «تحدثا عن ضرورة تعزيز العلاقات الروسية السنغالية، وهي علاقات تقليدية تطبعها الودية، خاصة في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية».

ميليشيا «فاغنر» تتحرك على أرض مالي ومنطقة الساحل (رويترز)

وأضاف بيان الكرملين أن الاتفاق تم على أهمية «تنفيذ مشاريع مشتركة واعدة في مجال الطاقة والنقل والزراعة، خاصة من خلال زيادة مشاركة الشركات الروسية في العمل مع الشركاء السنغاليين».

وفي ختام المباحثات، وجّه بوتين دعوة إلى ديوماي فاي لزيارة موسكو، وهو ما تمت الموافقة عليه، على أن تتم الزيارة مطلع العام المقبل، حسب ما أوردت وسائل إعلام محلية في السنغال.

وسبق أن زارت وزيرة الخارجية السنغالية ياسين فال، قبل عدة أشهر العاصمة الروسية موسكو، وأجرت مباحثات مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، حول قضايا تتعلق بمجالات بينها الطاقة والتكنولوجيا والتدريب والزراعة.

آثار الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين بدكار في 9 فبراير (رويترز)

حياد سنغالي

رغم العلاقة التقليدية القوية التي تربط السنغال بالغرب عموماً، وفرنسا على وجه الخصوص، فإن السنغال أعلنت اتخاذ موقف محايد من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وطلبت قبل أشهر من السفير الأوكراني مغادرة أراضيها، بعد أن أدلى بتصريحات اعترف فيها بدعم متمردين في شمال مالي، حين كانوا يخوضون معارك ضد الجيش المالي وقوات «فاغنر».

من جانب آخر، لا تزالُ فرنسا الشريك الاقتصادي الأول للسنغال، رغم تصاعد الخطاب الشعبي المعادي لفرنسا في الشارع السنغالي، ورفع العلم الروسي أكثر من مرة خلال المظاهرات السياسية الغاضبة في السنغال.

ومع ذلك، لا يزالُ حجم التبادل التجاري بين روسيا والسنغال ضعيفاً، حيث بلغت صادرات روسيا نحو السنغال 1.2 مليار دولار العام الماضي، وهو ما يمثل 8 في المائة من إجمالي صادرات روسيا نحو القارة الأفريقية، في المرتبة الثالثة بعد مصر (28 في المائة) والجزائر (20 في المائة). ولا يخفي المسؤولون الروس رغبتهم في تعزيز التبادل التجاري مع السنغال، بوصفه بوابة مهمة لدخول أسواق غرب أفريقيا.