الغربيون يريدون لغة مشتركة إزاء روسيا في «قمة العشرين»

5 ملفات رئيسية ستكون مطروحة للتداول أمام قادة قمة العشرين الذين يلتقون ما بين 14 و17 الشهر الجاري بينما يبدأ وصول غالبيتهم صباح الاثنين (رويترز)
5 ملفات رئيسية ستكون مطروحة للتداول أمام قادة قمة العشرين الذين يلتقون ما بين 14 و17 الشهر الجاري بينما يبدأ وصول غالبيتهم صباح الاثنين (رويترز)
TT

الغربيون يريدون لغة مشتركة إزاء روسيا في «قمة العشرين»

5 ملفات رئيسية ستكون مطروحة للتداول أمام قادة قمة العشرين الذين يلتقون ما بين 14 و17 الشهر الجاري بينما يبدأ وصول غالبيتهم صباح الاثنين (رويترز)
5 ملفات رئيسية ستكون مطروحة للتداول أمام قادة قمة العشرين الذين يلتقون ما بين 14 و17 الشهر الجاري بينما يبدأ وصول غالبيتهم صباح الاثنين (رويترز)

تقول مصادر رئاسية فرنسية، في معرض تقديمها لقمة مجموعة العشرين التي تستضيفها جزيرة بالي الإندونيسية، إن 5 ملفات رئيسية ستكون مطروحة للتداول أمام القادة الـ19 (بسبب غياب الرئيس الروسي) الذين يلتقون ما بين 14 و17 الشهر الجاري، بينما يبدأ وصول غالبيتهم -وأولهم الرئيسان الأميركي والصيني- صباح الاثنين.
وأول الملفات بالطبع تواصل الحرب الروسية على أوكرانيا وتبعاتها، وثانيها الأزمة الغذائية العالمية، وثالثها التضامن المالي الدولي بين الشمال والجنوب، ورابعها الاستقرار الاقتصادي العالمي، وخامسها ملف المديونية.
إلا أن ملفات أخرى سيتم طرحها، ومنها الصحة ومواجهة الأوبئة، والاقتصاد الرقمي؛ بيد أن أهمية القمة -كما تراها باريس- أنها توفر الفرصة للقاءات ثنائية وغير ثنائية، وعلى رأسها لقاء الرئيسين الأميركي والصيني اللذين يلتقيان للمرة الأولى وجهاً لوجه، وسيتناولان -إلى جانب ملف العلاقات الثنائية- موقف الصين من الحرب في أوكرانيا، والدور الذي يمكن أن تلعبه في الدفع نحو وضع نهاية لها، وملف كوريا الشمالية، وما يطرحه من تحديات إقليمية ودولية.
بيد أن المصادر الرئاسية ترى أن الملف الأوكراني وعلى خلفية التطورات الميدانية الجارية حالياً، ستكون له الأولوية. إلا أنها تبادر مباشرة إلى التذكير بأن مجموعة العشرين «ليست مجلس الأمن، وبالتالي فإنها ليست مؤهلة لتناول التحديات الأمن والسلام في العالم، وهي في الحقيقة وقبل كل شيء، نادٍ للتعاون الاقتصادي». ولذا تتابع هذه المصادر بأن السؤال المطروح يتناول ما يمكن أن تقوم به هذه القمة من أجل «خفض التصعيد في الحرب الأوكرانية» وما هي اللغة التي سيلجأ إليها هؤلاء القادة للدعوة إلى تحقيق هذا الهدف؛ خصوصاً في ظل ما يبرز من انقسام بين دول العالم، في الموقف من الحرب، ومن روسيا تحديداً.
وخلاصة القول: إن الرئاسة الفرنسية ترى أن «هناك مساحة واضحة للغاية في مجموعة العشرين، لإيصال رسالة سلام، ومطالبة روسيا بالدخول في منطق خفض التصعيد».
ويلتزم عدد من دول مجموعة العشرين، مثل الصين والهند، الحذر الشديد حتى الآن، ورفضوا إدانة العملية الروسية في أوكرانيا، أو عبروا بشكل غير مباشر عن مخاوف من استمرار النزاع. وترى المصادر الرئاسية الفرنسية أن «عدم مشاركة بوتين يظهر أن تحالفاً يتشكل داخل مجموعة العشرين، وأن عزلة موسكو حقيقية».
والواقع أن باريس تعتبر أن للصين والهند -وهما دولتان كبيرتان تربطهما علاقات قوية مع موسكو- دوراً كبيراً في إيصال لغة العقل إلى السلطات الروسية، وأن لديهما القدرة على التأثير في الموقف الروسي، بفضل علاقاتهما السياسية والاقتصادية مع السلطات الروسية.
وكما أن الرئيس الأميركي سيلتقي نظيره الصيني يوم الاثنين، كذلك سيجتمع الرئيس ماكرون بشي جينبينغ، وبرئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، إضافة إلى الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو.
وفي سياق متصل، يتخوف الغربيون من المواقف «المائعة» لكثير من بلدان أفريقيا وأميركا اللاتينية، وبعضها سيكون حاضراً في بالي، وبالتالي ستكون هناك فرصة للدفع نحو الحد من الانقسام العالمي بشأن الحرب الروسية على أوكرانيا وتبعاتها. والحجة الرئيسية في ذلك، أن هذه الحرب ليست فقط حرباً بين دولتين أوروبيتين؛ بل هي تتناول كافة دول العالم، بسبب تبعاتها وتأثيراتها الأمنية والغذائية والاقتصادية، وخصوصاً في قطاعي الطاقة والأمن الغذائي، وبالتالي فإن الدول غير الغربية الأعضاء في نادي العشرين مدعوة إلى أن يكون لها موقف واضح من السياسة الروسية؛ لأنها معنية بها.
بالتوازي، تعتبر المصادر الرئاسية أن روسيا عضو في مجموعة العشرين، ولذا يتعين الحوار معها. ومن فوائد الحوار الدفع باتجاه المحافظة على الاتفاق الخاص بتصدير الحبوب الأوكرانية المبرم منذ الصيف الماضي بوساطة تركية، وبرعاية الأمم المتحدة؛ لأن من شأن ذلك «المحافظة على استقرار الأسواق». ويريد الجانب الفرنسي أن يشمل الاتفاق؛ ليس تصدير الحبوب فقط، ولكن أيضاً الأسمدة وكل ما له علاقة بالدورة الزراعية.
وبخصوص ملف الطاقة، تطمح باريس لتوحيد خطاب «العشرين»، وفحواه أنه لا يجوز أن يتم استخدام الطاقة سلاحاً اقتصادياً كما هي الحال حالياً؛ إذ أوقفت روسيا شحنات الغاز إلى أوروبا رداً على العقوبات المفروضة عليها. إلا أن الغريب في هذه المسألة أن الأميركيين والأوروبيين يريدون وقف استيراد الغاز الروسي لحرمان موسكو من عائداته، وفي الوقت نفسه ينددون بلجوء روسيا إلى وقف تدفق الغاز نحو هذه البلدان.
ثمة موضوعان اقتصاديان تريد باريس من مجموعة العشرين أن تتم معالجتهما جدياً، ويتناولان الاستقرار الاقتصادي والمالي من جهة، ومن جهة ثانية مديونية الدول الفقيرة. وفي هذا السياق، تدفع باريس باتجاهين: الأول، تحويل نسبة من حقوق السحب الخاصة بالدول الغنية نحو الدول الفقيرة، ومن جهة ثانية إعفاء هذه الدول من جانب مهم من مديونياتها المرتفعة التي ترهقها وتصيب ميزانيتها وتمنعها من توفير رؤوس الأموال الضرورية للاستثمار في القطاعات الاقتصادية.


مقالات ذات صلة

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمته في الجلسة الثالثة لقمة دول مجموعة العشرين (واس)

السعودية تدعو إلى تبني نهج متوازن وشامل في خطط التحول بـ«قطاع الطاقة»

أكدت السعودية، الثلاثاء، أن أمن الطاقة يمثل تحدياً عالمياً وعائقاً أمام التنمية والقضاء على الفقر، مشددة على أهمية مراعاة الظروف الخاصة لكل دولة.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا في اليوم الأخير من القمة (إ.ب.أ)

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

نجحت البرازيل بصفتها الدولة المضيفة في إدراج أولويات رئيسية من رئاستها في الوثيقة النهائية لقمة العشرين بما في ذلك مكافحة الجوع وتغير المناخ.

أميركا اللاتينية الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

إطلاق «التحالف العالمي ضد الجوع» في «قمة الـ20»

أطلق الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، «التحالف العالمي ضد الجوع والفقر»، وذلك خلال افتتاحه في مدينة ريو دي جانيرو، أمس، قمة «مجموعة العشرين».

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو )
العالم لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)

«قمة العشرين» تدعو لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

أعلنت دول مجموعة العشرين في بيان مشترك صدر، في ختام قمّة عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية أنّها «متّحدة في دعم وقف لإطلاق النار» في كل من غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».