ماريا عريضة تستحضر الفرح والنور في عز العتمة

بريشة ملونة حولتها إلى مجهر يبرز تفاصيل لوحاتها

معرض ماريا عريضة في غاليري «ميشين آرت»
معرض ماريا عريضة في غاليري «ميشين آرت»
TT

ماريا عريضة تستحضر الفرح والنور في عز العتمة

معرض ماريا عريضة في غاليري «ميشين آرت»
معرض ماريا عريضة في غاليري «ميشين آرت»

تأتي المعارض التشكيلية التي تشهدها بيروت في الفترة الأخيرة بمثابة رحلات سفر مختلفة. فالزوار يقصدونها من دون تردد كي يتخلصوا من ندبات انفجارات وأزمات تسكنهم، فيهربون معها إلى فسحات مضيئة ومساحات تنبض بالأمل.
مع معرض ماريا عريضة في غاليري «ميشن آرت» (Mission Art) في منطقة مار مخايل تعيش تجربة فنية ممتعة. فما أن تطأ قدماك أرض الحدث حتى تشعر وكأنك انتقلت من عالم إلى آخر. فالعتمة المخيمة على شوارع بيروت تصبح من الماضي، بعد أن تبهرك لوحات عريضة بألوانها الزاهية والجريئة. وبنظرة أولية تجول بها على اللوحات المعروضة تسرقك تلك الضخمة منها التي تزودك بالإيجابية وبفسحة من الرجاء. بعدها تتعرف إلى ماريا عريضة لتتفاجأ بشخصيتها المستقلة التي تعبر عنها بريشة حرة. تسألها «الشرق الأوسط» عن أسباب نشرها كل هذا الفرح في ظل واقع أسود وترد: «هذا لا يعني بأني لا آبه بما يجري اليوم في بلدي أو بما يعانيه الناس. كما أني لا أهرب من واقع سيئ، لكني أحاول تجميله على طريقتي. فأنقل كل ما تلتقطه عيني من جمال طبيعة وأخلده في لوحاتي ليس أكثر».
ورود وزهور وحبات ثمر استوائية ملونة وتخيلات سوريالية ترسمها ماريا بريشة حولتها إلى مجهر، يراها مشاهدها عن قرب وهي تتفتح براعمها أو كباقات مغمورة، فتسرقه من حالة الوعي التي يعيشها إلى ذروة جمالية تشبه الجنة.
تقول ماريا إن الجمال الذي تراه هنا وهناك لا تنقله كما تلتقطه العين المجردة أبداً بل من خلال أحاسيس تجتاحها. وتوضح: «حبات العنب هذه التي ترينها هنا بأحجام كبيرة أتخيلها هكذا مكتنزة ومليئة بعصير العنب العذب. فتفتح شهيتي على تطويرها وتلوينها بأسلوبي».

ترسم ماريا عريضة لوحاتها لتبدو وكأنها تحت المجهر (الشرق الأوسط)

العنب كما الورود والزهور والطبيعة، تعني الحياة بكل تفاصيلها. هكذا تشرح عريضة مشهدية لوحاتها العابقة بالألوان. «الألوان تستهويني كثيراً حتى عندما أقوم بالتسوق تلفتني الأزياء أو الإكسسوارات ذات الألوان الفاقعة. بعدها أدرك أن هذه الحقيبة أو ذلك القميص قد لا أستطيع ارتداءهما لأنهما لا يتناسبان مع أزيائي اليومية. فالألوان تجذبني لا إرادياً، وهو أمر يسكنني ويشعرني بالفرح».
لا تستطيع الرسامة اللبنانية تفسير سبب تكبيرها أحجام رسومها وكأنها تدور تحت عدسة مجهر. وتعلق: «هو أمر أستسيغه ويسليني فكلما رأينا الأشياء عن قرب اكتشفنا تفاصيل صغيرة نجهلها. هذا يغذي شغفي بالرسم، بدءاً من الأحجام الكبيرة والغريبة، وهو ما يبني هذه الخصوصية في أعمالي».
تلوم ماريا نفسها مرات كثيرة لاعتمادها لوحات من أحجام كبيرة، لأن بيوت اللبنانيين أصغر من أن تستوعبها. لذلك تعيد اليوم حساباتها انطلاقاً من هذا الأمر. «أعتقد أنه بات عليّ اليوم التفكير بطريقة اقتصادية أكثر».
لا تنكر تأثرها بلبنان من نواحٍ كثيرة، تقول إن كل شيء يصادفها يترك انطباعاً معيناً عندها. فكما بسطات الخضار والفواكه في الأسواق، كذلك فإن طبيعة لبنان الخلابة في الجبل وعلى الساحل تلفتها. «إنها تدفعني إلى التقاط صور فوتوغرافية لها. لوحتي هنا التي سميتها (زهور من قريتي) كان والدي قد زرعها منذ زمن. وهي بقيت شاهداً من أثره حتى بعد رحيله متزينة بألوان تنبض بالحياة تماماً كالألوان التي استخدمتها باللوحة. فهذه أيضاً واحدة من الأشياء التي رغبت في تخليدها».
تتجول في أقسام المعرض لتستوقفك مجموعة لوحات منمنمة وصغيرة وأخرى تجريدية تميل إلى الغموض. يتراءى لناظرها بأنها تمثل شخصيات لا يمكن تحديدها. وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «أحببت كسر مبدأ الأحجام وعملية تحديدها، هي لوحات استوحيتها من فن الخمسينات في أميركا ومن فنانين اشتهروا بالفن التجريدي، فرحت صوب دروب ومناطق فنية مجهولة، وهو أمر زودني بالحيوية وبلذة اكتشاف الغموض».

لوحة «زهور قريتي» تخلد فيها عريضة ذكرى والدها الراحل (من الغاليري)

أما لوحاتها الصغيرة، فهي كناية عن مسودات انطلقت منها لوضع بنية لوحاتها الأساسية. «أحب أن أصورها على الورق قبل البدء بها على القماش. ومن هناك تبدأ رحلتي الحقيقية مع اللوحة. فريشتي كما أي شيء آخر، بمتناول يدي، يخدمني في التعبير، لا أتوانى عن استخدامه».
تتنقل ريشة ماريا عريضة على لوحاتها ضمن آفاق واسعة وكأنها تطير مرات أو ترقص وتغني. فخطوط لوحاتها تبدو كنوتات موسيقية تعزفها بريشتها غير آبهة بالأشكال. تولد بعفوية من حبر الأكريليك وبلمسات الزيت اللماعة والباستيل و«الميكسد ميديا» الذين يؤلفون مجتمعين تقنيتها بالرسم.
ومع «باقة الورد» و«الفاوانيا الوردي» و«فاكهة الجنة» و«حديث مع العصافير» أسماء بعض لوحاتها، تغادر معرض ماريا عريضة على مضض. فتتمنى لو كان الواقع في الحقيقة زهرياً وزاهياً تماماً، كما تصوره بريشتها.



انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
TT

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)
«معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة حتى 21 ديسمبر (كانون الأول) الجاري في مركز «سوبر دوم جدة»، بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة، موزعة على نحو 450 جناحاً، مع جهات حكومية وهيئات ومؤسسات ثقافية سعودية وعربية.

ويشتمل المعرض على برنامج ثقافي ثري، يضم أكثر من 100 فعالية متنوعة، تتخللها محاضرات وندوات وورش عمل، يقيمها نحو 170 متخصصاً، إضافة إلى منطقة تفاعلية مخصصة للأطفال، تقدم برامج ثقافية موجهة للنشء بمجالات الكتابة والتأليف والمسرح، وصناعة الرسوم المتحركة، وأنشطة تفاعلية مختلفة.

برنامج ثقافي ثري يضم أكثر من 100 فعالية متنوعة (هيئة الأدب)

ويتضمن المعرض ركناً للمؤلف السعودي، معرِّفاً الحضور على آخر إصداراته، ومهيأ للزوار منطقة خاصة بالكتب المخفضة، التي تأتي ضمن جهوده في الحث على القراءة، وإتاحتها للجميع عبر اختيارات متعددة، معززة بمناطق حرة للقراءة.

من جانبه، أوضح الدكتور عبد اللطيف الواصل، مدير إدارة النشر بالهيئة، أن المعرض يعكس اهتمامهم بدعم وتطوير ونشر الثقافة والأدب في السعودية، مؤكداً دوره الريادي، حيث يسلط الضوء على جهود الأدب والأدباء المحليين والعرب والعالميين، عبر فعاليات وأنشطة مجتمعية بمعايير عالمية، وإيجاد فرص تفاعلية لزواره في قوالب فنية وأدبية متنوعة، وصولاً إلى تعزيز مكانة جدة بوصفها مركزاً ثقافيّاً تاريخيّاً.

المعرض يعكس الاهتمام بدعم وتطوير ونشر الثقافة في السعودية (هيئة الأدب)

ويحتفي المعرض بـ«عام الإبل 2024»، لما تُمثِّله من قيمة ثقافية في حياة أبناء الجزيرة العربية منذ فجر التاريخ، حيث خصص جناحاً للتعريف بقيمتها، وإثراء معرفة الزائر عبر جداريات عدة بأسمائها، ومواطن ذكرها في القرآن الكريم والسنة النبوية، وقصائد شعرية تغنَّى بها العرب فيها على مر العصور.

ويستقبل «معرض جدة للكتاب» زواره يوميّاً من الساعة 11 صباحاً حتى 12 مساءً، ما عدا الجمعة من الساعة 2 ظهراً إلى 12 مساءً.

المعرض يُعزز جهوده في حث الزوار على القراءة عبر اختيارات متعددة (هيئة الأدب)

ويُعد ثالث معارض الهيئة للكتاب خلال 2024، بعد معرض «الرياض» الذي اختتم فعالياته أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومعرض «المدينة المنورة» المنتهي في أغسطس (آب).