في أعقاب المطلب الصريح من عائلة الصحافية الفلسطينية الأميركية، شيرين أبو عاقلة، واعتراف «الشاباك» (جهاز المخابرات العامة الإسرائيلية) بمراقبة هواتف عشرات الصحافيين، تدرس هيئات الأمم المتحدة إمكانية إجراء تحقيق حول مطاردة الصحافيين وقتل عدد منهم واعتقالهم بغرض الانتقام والترهيب.
وقالت مصادر سياسية في تل أبيب إن مسؤولين في الأمم المتحدة أكدوا أن هناك كمية كبيرة من المعلومات التي تتراكم لديها تشكل أساساً ثابتاً لمحاسبة إسرائيل على هذه السياسة.
وكانت لجنة التحقيق في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، التي شُكلت في عام 2021 للنظر في «الأسباب العميقة للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني»، قد بدأت سلسلة جلسات استماع منذ الاثنين الماضي، والتقت شهوداً من عائلة شيرين أبو عاقلة، التي قُتلت برصاص إسرائيلي في شهر مايو (أيار) الماضي في أثناء استعدادها لتغطية عملية عسكرية إسرائيلية شمال الضفة الغربية. وقد قتلت على الرغم من ًوجودها في منطقة خالية من الصدامات، وكانت تعتمر خوذة وترتدي سترة واقية من الرصاص كتب عليها «صحافة» بأحرف كبيرة.
واستمعت لجنة التحقيق في جنيف، أول من أمس (الخميس)، إلى شهادات عدة عناصر فلسطينية، بينهم لينا أبو عاقلة، ابنة شقيق الصحافية الراحلة، ونقيب الصحافيين الفلسطينيين، ناصر أبو بكر، والصحافي علي سمودي، المنتج في قناة «الجزيرة»، الذي كان حاضراً عند حدوث إطلاق النار. فقالت لينا أبو عاقلة إنه لا شك لديها إطلاقاً في أن الجنود الإسرائيليين «تعمدوا استهداف عمتها». والرأي نفسه عبر عنه علي سمودي، وقال إنه وطاقمه كانوا يرتدون «الزي الصحافي الكامل»، مشدداً على أنه لم يكن هناك مسلحون في المحيط. وأضاف أن «رصاصة انفجرت في الهواء فجأة» قبل أن يصرخ «تراجعوا» ويشعر بانفجار خلفه. وتابع وهو يحمل صورة لشيرين أبو عاقلة أنه من الواضح أنها «قتلت بدم بارد عمداً». وقال أبو بكر إن شيرين قُتلت في إطار «حرب واسعة» تشنها إسرائيل ضد ممثلي وسائل الإعلام الفلسطينيين.
وقال نقيب الصحافيين الفلسطينيين لمحققي الأمم المتحدة إن نحو خمسين صحافياً فلسطينياً قُتلوا منذ عام 2000 من دون أن يتم تحميل أي شخص المسؤولية. وأضاف: «إسرائيل تستهدف الصحافيين الفلسطينيين في إطار سياسة منهجية لخنق الأصوات الفلسطينية وترهيبنا لإسكاتنا».
وكان الجيش الإسرائيلي اعترف في سبتمبر (أيلول) الماضي للمرة الأولى بوجود «احتمال قوي» بأن تكون الصحافية قتلت بيد أحد جنوده. لكنه رفض الاتهامات بأن ذلك تم بشكل متعمد ضمن سياسة مرسومة. وأكدت لينا أبو عاقلة إن هذا الاعتراف المتأخر لم يشكل مواساة. وقالت: «لم يعترفوا بشكل كامل بأنهم كانوا هم. لم يعطونا اسم الجندي فعلياً»، معتبرة «أنهم لا يريدون حتى فتح تحقيق جنائي في الأمر».
من جهة ثانية، أقرّ جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) بأنه تجسس على صحافيين من خلال معطيات الاتصالات التي تحتفظ بها شركات الهواتف الخليوية. كما استخدم هذه المعطيات في تحقيقات في أحداث جنائية، وليس في تحقيقات أمنية فقط. وجاء ذلك في رد النيابة العامة على التماس قدمته جمعية حقوق المواطن في إسرائيل إلى المحكمة العليا في القدس الغربية. وطالبت الجمعية في الالتماس بإلغاء بند في قانون «الشاباك»، يُلزم شركات الهواتف الخليوية الإسرائيلية بتسليمه معلومات حول أي محادثة أو رسالة جرت من خلال الهواتف.
وجرى سن قانون «الشاباك» في عام 2002 بادعاء أنه يُنظم أنشطته، لكن هذه الأنشطة سرية بمعظمها ولا تخضع لرقابة عامة، وفق ما ذكرت صحيفة «هآرتس»، أمس (الجمعة). وبحسب القانون، فإن استخدام «الشاباك» لهذه المعلومات مسموح بعد مصادقة رئيس «الشاباك»، الذي يتعين عليه إبلاغ رئيس الحكومة والمستشار القضائي للحكومة بعمليات التجسس من خلال معطيات الهواتف الخليوية، مرة كل ثلاثة أشهر، وإبلاغ لجنة «الشاباك» في الكنيست مرة كل سنة. وجاء في التماس جمعية حقوق المواطن أنه توجد عيوب دستورية في البند المذكور، بسبب انعدام الوضوح فيه حيال استهداف الخصوصية، وأن الصلاحيات التي يخولها هذا البند للشاباك تتجاوز ما هو مطلوب لاحتياجات أمن الدولة. وأشار مدير وحدة الحقوق المدنية في جمعية حقوق المواطن، المحامي غيل غان مور، إلى أن استخدام معطيات الهواتف الخليوية «يمكن أن يكشف بسهولة عن المصادر الصحافية لتقرير معين أحرج السلطات، حتى لو تم نشره في الماضي، وحتى لو أن الصحافي ومصدر معلوماته لم يتحدثا بالهاتف وإنما التقيا وحسب وكان هاتفاهما في حقيبتيهما»، وفق ما نقلت عنه الصحيفة. وأضاف أن التجسس على صحافيين سنوياً، يعني أنه تم التجسس على عشرات الصحافيين خلال عشر سنوات، أو منذ سن قانون الشاباك قبل عشرين سنة.
مطالب بالتحقيق في ملاحقة الصحافيين بإسرائيل والمناطق الفلسطينية
في أعقاب لقاء لجنة أممية مع عائلة شيرين أبو عاقلة
مطالب بالتحقيق في ملاحقة الصحافيين بإسرائيل والمناطق الفلسطينية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة