صوت السينما الأوروبية يرتفع بجوائز الأكاديمية

أعلنت ترشيحاتها لهذا العام

لقطة من «ثلاثي الحزن»
لقطة من «ثلاثي الحزن»
TT

صوت السينما الأوروبية يرتفع بجوائز الأكاديمية

لقطة من «ثلاثي الحزن»
لقطة من «ثلاثي الحزن»

أعلنت أكاديمية الفيلم الأوروبي لوائحها التمهيدية لجوائزها التي ستعلن في العاشر من الشهر المقبل. وتحتوي هذه اللوائح على ثلاث مسابقات تخص الأفلام وأربعة تخص السينمائيين.
تحتوي مسابقات الأفلام على مسابقة أفضل فيلم أوروبي وأفضل فيلم تسجيلي أوروبي، ثم أفضل اكتشاف أوروبي.
أما قسم السينمائيين فيتوزع على مسابقات أفضل مخرج وأفضل ممثل وأفضل ممثلة وأفضل كاتب سيناريو وجوائز أخرى بتعداد الاختصاصات الفنية المختلفة.
إنها المناسبة الخامسة والثلاثين، إذ تم تأسيس هذه الأكاديمية سنة 1988 لأجل المساعدة في نشر الاهتمام بالفيلم الأوروبي. رئيس الأكاديمية حينها كان المخرج السويدي إنغمار برغمن ثم تولى الألماني فيم فندرس الرئاسة وتبعته البولندية أنييشكا هولاند التي ما زالت في موقعها حتى اليوم.
يبلغ عدد أعضاء الأكاديمية حالياً 4400 عضو فاعل. وتضم الأكاديمية 52 دولة شرق وغرب أوروبية. واحد وثلاثون منها تتمتع بوجود 20 مندوباً أو أكثر داخل الإدارة كأعضاء دائمين. من بين هذه الدول الواحد والثلاثين سويسرا والنمسا وفرنسا وألمانيا (المركز الدائم للأكاديمية) وروسيا والمجر والنرويج وكرواتيا وإسرائيل وفلسطين.
الاختيار الإسرائيلي مفهوم نظراً لانضمام إسرائيل كعضو أوروبي في الأساس، لكن الاختيار الفلسطيني غير مفهوم على النحو ذاته، وغالباً من باب التوازن السياسي أكثر منه من زاوية التبعية الأوروبية الفعلية.

مشهد من الفيلم الإسباني «آلكراس»

‫معادلة صعبة‬‬

في واقعه، فإن الدور المنوط بجوائز أكاديمية الفيلم الأوروبي، يبدو مساعداً أكثر منه فاعلاً في نهاية المطاف. هو جزء من الحملة الكبرى للسينمات الأوروبية بأسرها لاستحواذ الاهتمام بها داخل بلدانها وخارج القارة الأوروبية كذلك.
هناك مؤسسات سويدية ودنماركية وفرنسية وسواها تعمل على تعزيز حضور أفلامها في الأسواق والمهرجانات العالمية كل سنة. الجهد يأتي جامعاً توزيع الأفلام وترويجها على مواقع الإنترنت وحضور المهرجانات وأسواقها التجارية. يشمل كذلك إقامة تظاهرات أو الاشتراك في المهرجانات الأميركية والكندية ودول غير أوروبية أخرى.
لكن هذا الجهد هو ملازم بدوره لجهد آخر يأتي في شكل المهرجانات الأوروبية ذاتها. مهرجانات مثل كارلوفي فاري التشيكي ولوكارنو السويسري وفينيسيا وبرلين و«كان» وروتردام ما زالت خير من يفيد السينمات الأوروبية وصناعاتها كونها أنجح على أكثر من سبيل.
إعلامياً، هناك حشد كبير من النقاد والصحافيين الذين يكتبون ما يكتشفونه في تلك المهرجانات.
فنياً، تضمن الجوائز الممنوحة في «كان» و«فينيسيا» وبعض المهرجانات الأخرى لا القيمة الممنوحة في إطار تلك الجوائز فقط، بل أيضاً قدرة تلك الأفلام على الخروج من إطار المهرجانات الأوروبية إلى التسويق العالمي، خصوصاً إذا ما نجحت في دخول جوائز الموسم وعلى رأسها الأوسكار.
على كل ذلك، كان لا بد لأوروبا أن يكون لها مثل هذا الاتحاد وما يوزعه من جوائز. صحيح أن الأميركي في تكساس لا يعرف عنها ولا الفلبيني في العاصمة مانيلا، على سبيل المثال، لكن تصوّر لو أن السينما الأوروبية ليس لديها جوائزها الخاصّة.
المشكلة التي تعترض كل هذا الجهد باتت تحصيل حاصل، وهي هيمنة الأفلام الأميركية على الأسواق الأوروبية بحيث تقتطع لنفسها ما لا يقل عن 50 في المائة من إيرادات السوق. هذا في حين أن حجم مبيعات الأفلام الأوروبية في السوق الأميركية لا يزيد عن 10 - 12 في المائة سنوياً.
خير دليل على أن جوائز الأكاديمية (وإلى جانبها جوائز أوروبية مثل سيزار الفرنسي وبافتا البريطاني) ما زالت تلعب دوراً إعلامياً أكبر من قدرتها على وضع السينما الأوروبية في أتون التسويق والتجارة هو أن الدورات السابقة كلها لم تلعب إلا ذلك الدور الإعلامي المتاح عبر ليلة توزيع جوائزها التي تهتم بنتائجها مواقع سينمائية تهتم عادة بأمور الصناعة والتسويق.


الممثلة فيكي كريبس بطلة «كورساج»

‫جمال مُهدد‬‬

لا بأس من إلقاء نظرة على أهم جوائز العام الماضي قبل أن ندلف إلى ما هو مرشّح من أفلام هذا العام.
في 2021 أعلنت الأكاديمية فوز فيلم «كيو فاديس، عايدة؟» للمخرجة البوسنية ياسميلا زبانيتس بجائزة أفضل فيلم والمخرجة ذاتها نالت جائزة أفضل ممثل عنونة عن الفرنسية جوليا دوكورناو عن «تيتان» والروماني ورادو جود عن Bad Luck Banging or Loony Porn والإيطالي باولو سورنتينو عن «يد الله» والفرنسي فلوريان زَلر عن «الأب» (تم تقديمه كفيلم بريطاني).
بطلة «كيو فاديس، عايدة»، ياسنا دوريفيتش انتزعت جائزة أفضل ممثلة وذهبت جائزة أفضل ممثل إلى أنطوني كوين عن «الأب».
هذا العام الحشد يختلف بطبيعة الحال، وذلك على النحو التالي:

الأفلام

Alcarràs: فيلم من إنتاج إسباني- إيطالي مشترك من إخراج كارلا سيمون حول عائلة تعيش في قرية صغيرة تفيق يوماً على أن صاحب الأرض الذي تعمل في زراعتها مات وابنه ينوي بيعها لملاك جدد. بذلك يصبح حتمياً على العائلة البحث عن حياة جديدة في مكان آخر.
Corsage‪:‬ دراما من إنتاج فرنسي- ألماني حول حياة إمبراطورية النمسا إليزابيث في عام 1877.
كانت بلغت حينها الأربعين سنة. شعرت بأنها ستفقد جاذبيّتها بين رجال البلاط حولها وأن عليها أن تحافظ على صورتها الجميلة للأبد إذا استطاعت. الفيلم من إخراج الفرنسية ماري كروتزر.‬
Holy Spider: فيلم دنماركي - سويدي مع مساهمات فرنسية وألمانية للإيراني علي عباسي. موضوع الفيلم، كما شوهد في مهرجان «كان» الأخير يلاحق محاولات صحافية كشف اللثام عن جرائم قتل مسلسلة في مدينة مشهد ينفذها قاتل خفي يلاحق مومسات المدينة على غرار «جاك ذا ريبر» البريطاني.
Triangle of Sadness هو كوميديا ساخرة شوهدت أيضاً في «كان» من إخراج السويدي روبن أوستلوند هنا تراكم من الملاحظات حول حياة النخبة الثرية التي تلتقي فوق مركب فخم. المخرج هو ذاته الذي قدّم سابقاً «ذا سكوير» (The Square) وحشد فيه انتقادات في الإطار الاجتماعي ذاته.
المخرجون
ثلاثة من مخرجي القائمة أعلاه مرشحون في سباق أفضل مخرج وهم روبن أوستلوند وعلي عبّاسي وماري كررتزر.
المخرجان الباقيان هما البلجيكي لوكاس دونت عن فيلمه الدرامي «كلوز» والبولندي ييرزي سكولوموفسكي عن فيلمه المثير Eo.

الممثلون والممثلات

الممثلون والممثلات المتنافسون هنا ليسوا، في غالبيتهم، من المعروفين بين هواة السينما خارج الدول الأوروبية الرئيسية أو صانعي أفلامها. هنا تبرز قيمة هذه الجوائز بالنسبة للعاملين في حقول السينما الأوروبية أكثر مما تتبدّى في المجالات المذكورة سابقاً.
بالنسبة للممثلات لديها فيكي كريبس عن «كورساج» (فرنسا) وزار أمير إبراهيمي عن «هولي سبايدر» (دنمارك) وليا سيدو عن «صباح يوم ممتاز» One Fine Morning (فرنسا) وملتم قبطان عن «ربيعة كوماز ضد جورج و. بوش» (ألمانيا).
على الصعيد الرجالي، يتقدّم كل من بول مسكال عن Aftersun (بريطانيا) وإيدن دامبرين عن «كلوز» (بلجيكا) وإليوت كروست هوف عن Godland (دنمارك) وبيير فرانشسكو فافينو عن «نوستالجيا» (إيطاليا) وزلاتكو بوريتش عن «مثلث الحزن» (السويد).


مقالات ذات صلة

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.