روما.. مدينة العشق الدائم

كل ما تحتاجه للتعرف إليها... توك توك وحذاء مريح وإقامة في وسطها

روما... المدينة العتيقة المتجددة
روما... المدينة العتيقة المتجددة
TT

روما.. مدينة العشق الدائم

روما... المدينة العتيقة المتجددة
روما... المدينة العتيقة المتجددة

لم أعد أذكر عدد المرات التي قمت فيها بزيارة مدينة روما، وفي كل مرة ظننت أنني أعرفها أكتشف شيئاً جديداً يجعلني أعيد النظر في ادعائي معرفتها. في العادة تقرر ما يجب عليك أن تفعله في المدينة التي تنوي زيارتها، لكن في روما من الصعب أن تقرر ما لا تفعله لأنها مدينة ثرية بالمعالم، وغنية بالأماكن الرائعة التي تستحق الزيارة، فهي أشبه بمتحف مفتوح للجميع، كل ما تحتاجه فيها هو حذاء مريح، لأن المشي هو من بين أفضل الوسائل للتعرف إليها عن كثب، أو بواسطة رحلة «توك توك» مع سائق يقوم بمهمة الدليل السياحي، يأخذك إلى أكثر الأماكن شعبية، ويتوقف في جميع النقاط لكي تتمكن من التقاط الصور.

شارع «فيا كوندوتي» من اهم أماكن التسوق في روما

«كل الطرق تؤدي إلى روما» سبب هذه المقولة هو أن هذه المدينة قبل أن تصبح عاصمة الإمبراطورية الرومانية كانت تطمح لبناء دولة قوية واسعة النطاق تترأس زعامتها، فقامت بفتح البلاد المجاورة لها، لكن واجهتها صعوبة في المواصلات، فعمدت إلى ربط كل مدينة تفتحها بطريق مرصوف يصل في نهايته إلى روما حتى تبقى هذه المدن المفتوحة تحت نفوذها وسيطرتها بسهولة. فعدد الطرق التي تصل روما بمحيطها هذه الأيام هو 19 طريقاً تصل إلى العاصمة الإيطالية من الاتجاهات كافة.
ومن زار روما يمكن أن يقول إن كل الرحلات تؤدي إلى روما، لأنه من الصعب أن تزورها مرة واحدة ولا تعاود الكرة، فهذه المدينة فيها سحر آسر سيؤدي إلى حالة عشق بينها وبين الزائر لا محالة، وأجمل ما فيها هو أنك لن تتوه في شوارعها، وإنما ستتوه في روعتها وتفاصيلها ومطبخها ومعمارها وساحاتها وكنائسها حتى زحمتها، ما يستدعي اختيار أفضل طريقة للتنقل فيها، والاستفادة من الوقت لزيارة أكبر قدر من معالمها في أقل مدة زمنية ممكنة، خاصة إذا كانت الرحلة قصيرة.
هناك كثير من الشركات السياحية التي تقوم بتنظيم رحلات بواسطة الـ«توك توك» كما يمكن حجزها عن طريق الفندق الذي تقيم فيه. هذه الوسيلة ستقدم لك الفرصة لزيارة كثير من الساحات والأماكن المطلة على روما مع إمكانية التوقف وتقديم المعلومات وتفادي زحمة السير الخانقة التي تتسبب فيها كثرة السيارات والطرقات الضيقة.

التوك توك من أفضل وسائل التنقل في روما للتعرف على أجمل معالمها السياحية

- أهم الساحات والمواقع السياحية
ساحة نافونا Piazza Navona
ساحة دي سبانيا Piazza Di Spagna
ساحة ديل كامبيدوليو Piazza Del Campidoglio
ساحة سان بيترو Piazza San Petro
ساحة فينيتزيا Piazza Venezia
ساحة ماتيي Piazza Mattei
ساحة سانتا ماريا Piazza Santa Maria
ساحة ديل بوبولو Piazza Del Popolo

كاستيللو دل انجيلو من المحطات السياحية الجميلة في روما

والمحطة الثانية المميزة هي باحة الفاتيكان، وإذا كان لديك الوقت أنصحك بزيارة متحف الفاتيكان، وكان من المدرج على جدول زيارتنا، لكن لسوء الحظ حصل في ذاك اليوم أن قام سائح أميركي بالتعدي على تمثالين وتحطيمهما، ما أدى إلى توقيفه وإغلاق المتحف وإلغاء زيارتنا.
ساحة جوزيبي غاريبالدي Piazzale Gieseppe Garibaldi، ومنها تطل على جميع معالم روما من فوق، ويتجمهر فيها الزوار لالتقاط الصور على أنغام موسيقى حية يعزفها فنانو الطرقات.
ومن الوقفات الجميلة تلة «كابيتولين» Capitoline Hill وميزة هذا الموقع غير معروفة للجميع، لأنه يتمتع بسلم تصل إلى أعلاه لتتفاجأ بمنظر رائع جداً، فهذه التلة أشبه بموعد مع التاريخ لأنها تطلّ على الكولوسيوم وما تبقى من المعابد الرومانية والمواقع حيث قام الأباطرة أمثال أغسطس ببناء قصورهم.
وإذا كنت تبحث عن منطقة لا يعرفها كثير من السياح في روما، ستأخذك الرحلة بواسطة التوك توك إلى «مونتي» Monti وهذه المنطقة مميزة بطرقاتها الضيقة المرصوفة بالحصى، ومقاهيها التي يمكن وصفها بالـChic Boho العصرية، حيث تجذب إليها الشباب وتضم كثيراً من البوتيكات الجميلة التي تبيع سلعاً لا تجدها في محلات العاصمة الكبرى. ولا تكتمل زيارة روما من دون تذوق الآيس كريم أو الـGelato وقد يكون محل Gelateria Dell’ Angeletto القريب من «مونتي» هو الأفضل والألذ.


 باستا على الطريقة الرومانية الأصلية

- رحلة مشياً على الأقدام
الحذاء المريح أثناء زيارتك روما مهم جداً جداً، لأن المشي سيكون من أفضل طرق التنقل، فمن سلم بياتزا دي سبانيا أو سلم ساحة دي سبانيا تبدأ المشي باتجاه Via Dei Condotti وVia Del Corso وVia Del Corso وVia Del Vecchio، وVia Cola Di Rienzo، وكل هذه الطرقات شهيرة، كونها من أهم شوارع التسوق بميزانيات مختلفة، وتتفرع من تلك الشوارع طرقات كثيرة، تأخذك إلى ساحات رائعة وأسواق شعبية جميلة، مثل سوق Campo De Fiori وساحة نافونا، ولا ننسى نافورة دي تريفي Fontana Di Trevi التي ترمي فيها النقود لتضمن عودتك إلى روما من جديد.

- المطاعم
أولاً يجب التنويه أن الفطور الإيطالي هو عبارة عن قهوة «كابوتشينو» (تجدر الإشارة إلى أن الإيطاليين يتناولونها حتى الساعة الحادية عشرة صباحاً، وليس بعدها، لأنها تعتبر من ضمن الفطور)، إلى جانب ما يعرف بالـCornetto أو الكرواسون، ولكنها محشوة بنكهات مختلفة مثل المربى وغيرها. والإيطاليون يحرصون على تناول الإسبريسو بعد الغداء وطيلة فترة ما بعد الظهر.
المطاعم والمقاهي لا تحصى ولا تعد في روما، ولكن تبقى هناك بعض الأسماء المميزة مثل «إيل ماركيزي» و«لو جاردين» في فندق «لا روسي»، من أجملها «سيليو» المطل على روما من أجمل العناوين.

من أجمل الأماكن المطلة على روما

- الإقامة
هناك نوعان من السياح، النوع الأول لا يأبه لمكان الإقامة أثناء السفر، أما الفئة الثانية فهي تهتم كثيراً باختيار عنوان السكن، وتأخذ بالاعتبار مسألة تصنيف الفندق والموقع بغض النظر عن السعر، وبعد تجربة شخصية فأنا أعتبر أن اختيار الفندق مهم جداً، خاصة إذا كانت الرحلة قصيرة، فالموقع في وسط المدينة يكون ضرورياً وأساسياً، النجوم لا تهم بقدر أهمية النظافة والخدمة.
بما أن زيارتي لروما هذه المرة كانت قصيرة (ليلتين فقط) لأنها كانت من ضمن زيارات أخرى قمت بها إلى مدن إيطالية أخرى، فكان الموقع مهماً جداً، فاخترت «أوتيل دو لا فيل»Hotel De La Ville التابع لمظلة Rocco Forte العالمية، والسبب هو أنه يقع في قلب روما وعلى مسافة قريبة من المعالم السياحية المهمة في المدينة ولن تحتاج فيه للتنقل بواسطة سيارات الأجرة أو وسائل النقل العامة، فالمشي يأخذك إلى أجمل الأماكن، بدءاً من السلم الإسباني مروراً بشوارع التسوق عند Via Dei Condotti وانتهاء بنبع التميني «فونتانا دي تريفي» وساحة Navona، وفيلا Borghese، من دون أن ننسى أجمل المقاهي والمطاعم، وأجملها يقع على سطح الفندق ويعتبر من أجمل الـ«روف توب» في المدينة، ويطلق عليه اسم Cielo ويفتح أبوابه أمام المقيمين في الفندق والزبائن من الخارج الذين يأتون إليه لتناول الغداء والعشاء، ويعتبر من أجمل الأماكن لمشاهدة غروب الشمس، وهذا المكان مميز بالأرائك باللونين الأبيض والأحمر، ومنه تطل على أسطح وقبب أجمل المباني في روما، ومنه أيضاً تشاهد بابا روما، وهو يتنقل بواسطة الهيلوكوبتر الخاصة به للتنقل في المدينة.
ومن الفنادق المتوفرة في وسط روما فندق «لا روسي»، الذي يتميز بحديقته الواسعة حيث يمكنك تناول الغداء فيه. يعود تاريخ المبنى الرئيس من الفندق إلى القرن الثامن عشر، وهو على طراز القصور، ولا يزال فيه كثير من القطع الأثرية، وتم استخدام كثير من الأقمشة الراقية والمفردات الثمينة لتتناسب مع النمط الحقيقي للمكان العابق بالتاريخ والذوق الرفيع.
وإذا كنت تبحث عن عنوان عصري يبعد 400 متر عن «سانتا ماريا ماجيوري»، فقد يكون فندق «إنتو روما» العنوان المناسب لك.
لمحبي الإقامة في الفنادق الصغيرة من فئة البوتيك، فيمكنهم اختيار فندق «أوتيل دي ريتشي»، وهو من فئة 4 نجوم، ويقع على مسافة قريبة جداً من «كامبو دي فيوري».
ويعتبر فندق «جاي كاي بلايس روما» من الفنادق الأنيقة في العاصمة الإيطالية، ويقع على بعد 10 دقائق من السلم الإسباني ومبنى البانثيون وكثير من المعالم السياحية المهمة الأخرى.
وإذا كنت من محبي الفنادق الصغيرة والعصرية جداً فأنصحك بفندق «ذا هوكستون روم»، وهو تابع لسلسلة فنادق تحمل نفس الاسم وتنتشر في عدة عواصم عالمية، وتعتمد جميعها على الموقع والأسلوب العصري في الديكور والخدمة.


مقالات ذات صلة

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)
سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.