طهران تعرض مساعيها لـ«وضع حد» للحرب الروسية

بعد أسبوع من اعترافها رسمياً بتزويد موسكو بمسيّرات استخدمتها لتدمير بنية أوكرانيا التحتية

بقايا طائرة مسيّرة قرب كييف تقول السلطات الأوكرانية إنها إيرانية الصنع (أ.ف.ب)
بقايا طائرة مسيّرة قرب كييف تقول السلطات الأوكرانية إنها إيرانية الصنع (أ.ف.ب)
TT

طهران تعرض مساعيها لـ«وضع حد» للحرب الروسية

بقايا طائرة مسيّرة قرب كييف تقول السلطات الأوكرانية إنها إيرانية الصنع (أ.ف.ب)
بقايا طائرة مسيّرة قرب كييف تقول السلطات الأوكرانية إنها إيرانية الصنع (أ.ف.ب)

أبدت إيران استعدادها للمساهمة في «وضع حد» للحرب بين موسكو وكييف، وفق ما أبلغ أمين مجلسها للأمن القومي، علي شمخاني، نظيره الروسي نيكولاي باتروشيف في طهران الأربعاء، فيما عدّت كييف اللقاء مؤشراً على أن الحرب أرهقت روسيا التي بدأت تبحث عن فترات استراحة من الحرب.
وجاء لقاء طهران بينما تتهم كييف وحلفاؤها الغربيون روسيا باستخدام طائرات مسيّرة إيرانية الصنع لمهاجمة أهداف أوكرانية؛ أبرزها منشآت الطاقة. وتقول كييف إن روسيا استخدمت طائرات إيرانية الصنع من طراز «شاهد136» لاستهداف البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، في سلسلة من الهجمات خلال الأسابيع الماضية مما أجبر أوكرانيا على قطع التيار الكهربائي بالتناوب في المدن الكبرى؛ بما فيها العاصمة، للحفاظ على الطاقة، ونفت طهران مراراً تزويد حليفتها بطائرات من دون طيار، لكنها قالت الأسبوع الماضي إنها زودت موسكو بهذه الطائرات قبل بدء الحرب في أواخر شباط (فبراير) الماضي.
وكان وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، كشف في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي عن أن بلاده زودت روسيا «بعدد محدود من المسيّرات قبل أشهر من الحرب في أوكرانيا». وأكدت طهران سابقاً أنها لن تبقى «غير مبالية» إذا زودتها أوكرانيا بأدلة على استخدام روسيا هذه المسيّرات ضدها. وتثير هذه المسألة توتراً بين طهران وكييف؛ إذ قلّصت الأخيرة حضور إيران الدبلوماسي لديها، وحذّرتها من «عواقب التواطؤ في جرائم» تتهم موسكو بارتكابها.
وذكرت وسائل إعلام رسمية روسية أن رئيسَي مجلسي الأمن القومي؛ الروسي والإيراني، بحثا الوضع في أوكرانيا، والتعاون الأمني، وإجراءات التصدي لـ«التدخل الغربي» في شؤونهما الداخلية، وذلك في سلسلة اجتماعات عُقدت في طهران الأربعاء. ودعا شمخاني إلى تعزيز العلاقات في مجالات الطاقة والنقل والزراعة والتجارة والمصارف مع روسيا، وفق ما ذكر موقع «نور نيوز» التابع لأعلى جهاز أمني في البلاد. وأكد استعداد بلاده «للاضطلاع بدور في وضع حد للحرب بين روسيا وأوكرانيا»، مضيفاً أن «إيران ترحب وتدعم أي مبادرة تؤدي إلى وقف إطلاق النار وإرساء السلام بين روسيا وأوكرانيا على أساس الحوار، ومستعدة للعب دور في إنهاء الحرب».
والأربعاء، عدّ مستشار الرئاسة الأوكرانية، ميخايلو بودولياك، أن زيارة باتروشيف إلى طهران تؤشر إلى أن «الكرملين مرهق» جراء الحرب. وكتب على «تويتر»: «موارد الاتحاد الروسي تشارف على النفاد. من هنا الطلبات الهستيرية لاستراحة (مفاوضات). من هنا زيارة باتروشيف إلى طهران: البحث عن طريقة لمواصلة الحرب؛ الحصول على صواريخ/ مسيّرات»، عادّاً أن ذلك يجب أن يكون حافزاً «لمضاعفة» المساعدات العسكرية الغربية لأوكرانيا.
وتأتي زيارة المسؤول الروسي؛ الحليف المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في ظل تقارب تشهده منذ أشهر علاقات طهران وموسكو الخاضعتين لعقوبات أميركية. كما التقى باتروشيف الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في طهران.
من جهته؛ أفاد مجلس الأمن الروسي، في بيان، بأن الطرفين «تبادلا وجهات النظر بشأن سلسلة من المشكلات الدولية؛ خصوصاً الوضعين في أوكرانيا والشرق الأوسط». وسرّعت روسيا جهودها لبناء علاقات اقتصادية وتجارية وسياسية مع إيران ودول أخرى غير غربية منذ اجتياحها أوكرانيا في فبراير الماضي، في جزء من حملة لتدمير ما تسميها «الهيمنة» الأميركية ولبناء نظام دولي جديد.
وفرضت أطراف غربية؛ بينها واشنطن والاتحاد الأوروبي، مؤخراً عقوبات على طهران بسبب قضية المسيّرات، تضاف إلى تلك المفروضة عليها أساساً تحت عناوين شتى؛ أبرزها ضمن البرنامج النووي.
وشدد شمخاني، خلال لقائه باتروشيف، على أهمية «إنشاء البلدين مؤسسات مشتركة لمواجهة العقوبات».
من جهته؛ تحدث البيان الروسي عن تأكيد المسؤولَين «أهمية تعزيز تبادل الخبرات بشأن تطوير الإمكانات الاقتصادية... وتعزيز العلاقات الاقتصادية» بينهما في مواجهة «الضغوط المفروضة من خلال العقوبات».
على صعيد آخر، أفاد مجلس الأمن الروسي بأن اللقاء تناول «بالتفصيل مسائل التعاون الثنائي في مجال حفظ الأمن؛ بما يشمل التعاون من أجل ضمان الأمن العام ومواجهة الإرهاب والتطرف... كما بُحثت مسألة الأمن المعلوماتي، إضافة إلى الإجراءات الهادفة إلى مواجهة تدخل الأجهزة الأمنية الغربية في الشؤون الداخلية لبلدينا».
تأتي زيارة باتروشيف في وقت تشهد فيه إيران منذ أسابيع احتجاجات أعقبت وفاة الشابة الكردية مهسا أميني، خلال احتجازها من قبل «شرطة الأخلاق»، وأدت إلى مقتل العشرات؛ بينهم عناصر من قوات الأمن. واتهم مسؤولون إيرانيون «أعداء» تتقدمهم الولايات المتحدة، بالضلوع في «أعمال الشغب». كما انتقدت طهران مواقف غربية داعمة للاحتجاجات، عادّةً أنها «تدخّل» في شؤونها الداخلية. كما شهدت إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي هجوماً على مرقد ديني بمدينة شيراز (جنوب) أدى إلى مقتل 13 شخصاً وتبناه تنظيم «داعش».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».