تحركات ومبادرات دولية في ثالث أيام «كوب27»

تضمنت طرح «الشراكة المتوسطية الزرقاء» ومناقشة «النزوح المناخي»

مندوبون من السعودية يحضرون إحدى جلسات «كوب 27» (أ.ب)
مندوبون من السعودية يحضرون إحدى جلسات «كوب 27» (أ.ب)
TT

تحركات ومبادرات دولية في ثالث أيام «كوب27»

مندوبون من السعودية يحضرون إحدى جلسات «كوب 27» (أ.ب)
مندوبون من السعودية يحضرون إحدى جلسات «كوب 27» (أ.ب)

في مسعى من الحاضرين لقمّة أطراف الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن المناخ «كوب27» لتقديم علاجات للأزمات البيئية المتفاقمة، شهد اليوم الثالث للقمة في شرم الشيخ عدداً من التحركات والمبادرات ذات الصفة الدولية التي شقّت طريقها عبر المؤتمر لتجتذب المهتمين والداعمين. ومن «الشراكة المتوسطية الزرقاء» التي تركز على نطاق دول البحر المتوسط وبيئاته البحرية، إلى مناقشة قضايا «النزوح المرتبط بالتغيرات المناخية»، ناقش المشاركون ملفات عدة في محاولة لتعزيز جهود حماية المناخ من التغيرات الخطيرة.
وخلال جلسة أخرى حضرتها «الشرق الأوسط» عن تعزيز حلول لأزمة النزوح المرتبط بالمناخ، أكد المتحدثون أن الفرص التي تتيحها القمة تأخذ بعين الاعتبار التضررات الاقتصادية التي تنعكس على النازحين لأسباب تغير المناخ، فضلاً عن الدول التي تعاني من تضاعف مشكلات النزوح؛ كمناطق النزاعات. وأكد الحاضرون أهمية المبادرات الدولية التي تشمل الدول المتضررة، كجزء من المساهمة المجتمعية للتعاون على حل انعاكسات أزمات المناخ على المؤشرات الاقتصادية؛ كالبطالة وارتفاع معدلات التضخم.
وعلى هامش القمة، التقت «الشرق الأوسط» وزير بناء السلام في جنوب السودان ستيفن باركول، الذي قال: «بلدنا يعاني من التضرر المناخي كمشكلة حالية، على عكس الدول التي تتحدث عنها كمشكلة مستقبلية»، مشيراً إلى أن جانباً مهماً لوجوده في مؤتمر «كوب27» هو محاولة زحزحة المشكلة إلى الحل عبر التعاون الدولي والمبادرات التي أُطلقت أو ستُطلق خلال فترة المؤتمر، آملاً أن تراعي المباحثات والنقاشات «هؤلاء البشر الذين انعكست عليهم الأزمة اقتصادياً واجتماعياً».
وبالتزامن، أعلن كل من البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، وبنك الاستثمار الأوروبي، والاتحاد من أجل المتوسط أمس، عن إنشاء «شراكة البحر الأبيض المتوسط الزرقاء»، التي تهدف إلى دعم تنمية الاقتصاد الأزرق المستدام في دول الجوار الجنوبي للاتحاد الأوروبي. والشراكة هي استجابة الشركاء للالتزامات التي تم التعهد بها على مستوى الاتحاد الأوروبي لإدماج الاقتصاد الأزرق بشكل كامل في ما تُعرف بـ«الصفقة الخضراء»، والإعلان الوزاري للاتحاد من أجل المتوسط حول الاقتصاد الأزرق المستدام، وأجندة الاقتصاد الأزرق، وكذلك التحديات البيئية التي تواجه منطقة البحر الأبيض المتوسط. وقد حظيت هذه الشراكة بدعم سياسي واسع، بما في ذلك من المفوضية الأوروبية. وتهدف الشراكة للجمع بين المانحين الدوليين والبلدان المستفيدة والمؤسسات المهتمة لدعم إصلاحات السياسات وجذب تمويل المانحين وتعبئة التمويل العام والخاص للمشاريع في البداية في مصر والأردن والمغرب.
وقالت وزيرة البيئة المصرية الدكتورة ياسمين فؤاد: «مع البحرين الأحمر والمتوسط وقناة السويس ونهر النيل، تتفهم مصر الأهمية الحاسمة للاقتصاد الأزرق المستدام للتنمية المستقبلية لبلدنا. بصفتنا مضيفاً لـ(كوب27) نريد التأكيد على الدور المتكامل للبحار والمحيطات في العمل المناخي. وتتماشى الشراكة الزرقاء المتوسطية المقترحة بشكل كامل مع استراتيجيتنا الوطنية الجديدة لتغير المناخ 2050، ونحن حريصون على التعاون مع الشركاء الدوليين والمؤسسات المالية الدولية».
وقال الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط السفير ناصر كامل: «نرفع سقف طموحاتنا الجماعية للحكومات والمجتمع المدني والبحوث والقطاع الخاص لضمان أن تكون الأنشطة البحرية مستدامة ومبتكرة، وموجهة لخلق فرص العمل والتصدي للتحديات الرئيسية في عصرنا... وفي الوقت نفسه، نتعامل أيضاً مع الدوافع المهمة للتعافي من الوباء ولإعادة هيكلة القطاع على المدى الطويل».


مقالات ذات صلة

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رجل يقف بجوار شعار مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 29» في أذربيجان (رويترز)

«أوبك» في «كوب 29»: التحول المتوازن في مجال الطاقة مفتاح الاستدامة العالمية

قال أمين عام «أوبك» إن النفط والغاز الطبيعي «هبة من الله»، وإن محادثات الحد من الاحتباس الحراري يجب أن تركز على خفض الانبعاثات وليس اختيار مصادر الطاقة.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» يتحدث خلال مؤتمر «كوب 29»... (رويترز)

الأمين العام لـ«أوبك» في «كوب 29»: النفط هدية من الله

قال الأمين العام لمنظمة «أوبك»، هيثم الغيص، الأربعاء، خلال مؤتمر المناخ «كوب 29» في باكو، إن النفط الخام والغاز الطبيعي هما «هدية من الله».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد صورة من الأرصاد الجوية تظهر تقدم الإعصار نحو شمال غربي واشنطن (رويترز)

«إعصار القنبلة» يتسبب في انقطاع الكهرباء عن شمال غربي أميركا

اجتاحت عاصفة قوية شمال غربي الولايات المتحدة، الثلاثاء، محملة برياح عاتية وأمطار غزيرة، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وسقوط الأشجار.

«الشرق الأوسط» (سياتل)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
TT

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

عاد إلى ذاكرة مُؤسِّسة غاليري «آرت أون 56»، نهى وادي محرم، مشهد 4 أغسطس (آب) 2020 المرير. حلَّ العَصْف بذروته المخيفة عصر ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ اللبناني، فأصاب الغاليري بأضرار فرضت إغلاقه، وصاحبته بآلام حفرت ندوباً لا تُمحى. توقظ هذه الحرب ما لا يُرمَّم لاشتداد احتمال نكئه كل حين. ولمّا قست وكثَّفت الصوتَ الرهيب، راحت تصحو مشاعر يُكتَب لها طول العُمر في الأوطان المُعذَّبة.

رغم عمق الجرح تشاء نهى وادي محرم عدم الرضوخ (حسابها الشخصي)

تستعيد المشهدية للقول إنها تشاء عدم الرضوخ رغم عمق الجرح. تقصد لأشكال العطب الوطني، آخرها الحرب؛ فأبت أن تُرغمها على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية. تُخبر «الشرق الأوسط» عن إصرارها على فتحه ليبقى شارع الجمّيزة البيروتي فسحة للثقافة والإنسان.

تُقلِّص ساعات هذا الفَتْح، فتعمل بدوام جزئي. تقول إنه نتيجة قرارها عدم الإذعان لما يُفرَض من هول وخراب، فتفضِّل التصدّي وتسجيل الموقف: «مرَّت على لبنان الأزمة تلو الأخرى، ومع ذلك امتهنَ النهوض. أصبح يجيد نفض ركامه. رفضي إغلاق الغاليري رغم خلوّ الشارع أحياناً من المارّة، محاكاة لثقافة التغلُّب على الظرف».

من الناحية العملية، ثمة ضرورة لعدم تعرُّض الأعمال الورقية في الغاليري لتسلُّل الرطوبة. السماح بعبور الهواء، وأن تُلقي الشمس شعاعها نحو المكان، يُبعدان الضرر ويضبطان حجم الخسائر.

الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه (آرت أون 56)

لكنّ الأهم هو الأثر. أنْ يُشرّع «آرت أون 56» بابه للآتي من أجل الفنّ، يُسطِّر رسالة ضدّ الموت. الأثر يتمثّل بإرادة التصدّي لِما يعاند الحياة. ولِما يحوّلها وعورةً. ويصوّرها مشهداً من جهنّم. هذا ما تراه نهى وادي محرم دورها في الأزمة؛ أنْ تفتح الأبواب وتسمح للهواء بالعبور، وللشمس بالتسلُّل، وللزائر بأن يتأمّل ما عُلِّق على الجدران وشدَّ البصيرة والبصر.

حضَّرت لوحات التشكيلية اللبنانية المقيمة في أميركا، غادة جمال، وانتظرتا معاً اقتراب موعد العرض. أتى ما هشَّم المُنتَظر. الحرب لا تُبقى المواعيد قائمة والمشروعات في سياقاتها. تُحيل كل شيء على توقيتها وإيقاعاتها. اشتدَّت الوحشية، فرأت الفنانة في العودة إلى الديار الأميركية خطوة حكيمة. الاشتعال بارعٌ في تأجيج رغبة المرء بالانسلاخ عما يحول دون نجاته. غادرت وبقيت اللوحات؛ ونهى وادي محرم تنتظر وقف النيران لتعيدها إلى الجدران.

تفضِّل نهى وادي محرم التصدّي وتسجيل الموقف (آرت أون 56)

مِن الخطط، رغبتُها في تنظيم معارض نسائية تبلغ 4 أو 5. تقول: «حلمتُ بأن ينتهي العام وقد أقمتُ معارض بالمناصفة بين التشكيليين والتشكيليات. منذ افتتحتُ الغاليري، يراودني هَمّ إنصاف النساء في العرض. أردتُ منحهنّ فرصاً بالتساوي مع العروض الأخرى، فإذا الحرب تغدر بالنوايا، والخيبة تجرّ الخيبة».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه، وربما حيّزه في هذا العالم. تُسمّيه مُتنفّساً، وتتعمّق الحاجة إليه في الشِّدة: «الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه. نرى الحزن يعمّ والخوف يُمعن قبضته. تُخبر وجوه المارّين بالشارع الأثري، الفريد بعمارته، عما يستتر في الدواخل. أراقبُها، وألمحُ في العيون تعلّقاً أسطورياً بالأمل. لذا أفتح بابي وأعلنُ الاستمرار. أتعامل مع الظرف على طريقتي. وأواجه الخوف والألم. لا تهمّ النتيجة. الرسالة والمحاولة تكفيان».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه وربما حيّزه في العالم (آرت أون 56)

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها: الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع، الإسعاف والصراخ... لـ9 أشهر تقريباً، أُرغمت على الإغلاق للترميم وإعادة الإعمار بعد فاجعة المدينة، واليوم يتكرّر مشهد الفواجع. خراب من كل صوب، وانفجارات. اشتدّ أحدها، فركضت بلا وُجهة. نسيت حقيبتها في الغاليري وهي تظنّ أنه 4 أغسطس آخر.