الميليشيات الحوثية تتجاهل أوامر القضاء بالإفراج عن معتقلين

المقاومة التهامية تتوعد باستهداف الحوثيين والمتواطئين معهم من «رموز الفساد»

الميليشيات الحوثية تتجاهل أوامر القضاء بالإفراج عن معتقلين
TT

الميليشيات الحوثية تتجاهل أوامر القضاء بالإفراج عن معتقلين

الميليشيات الحوثية تتجاهل أوامر القضاء بالإفراج عن معتقلين

رفضت ميليشيا الحوثي المسلحة الإفراج عن جميع المعتقلين لديها، في الوقت الذي كانت قد صدرت فيه مذكرات من رئيس النيابة، وكذا وكيل نيابة الجنوب، بالإفراج عن المعتقلين الذين اختطفتهم جماعة الحوثي المسلحة وأودعتهم في سجن في المخابرات اليمنية (الأمن السياسي) ونادي الضباط، منذ أشهر، ومن ضمنهم مؤسس الحراك الجنوبي وقائد عمليات المنطقة الخامسة العميد خالد خليل، وذلك على ضوء مذكرات تقدم بها المركز الوطني بشأن المعتقلين لدى الأمن السياسي ونادي الضباط بشكل مخالف للقانون، وهو ما رفضته جماعة المسلحين الحوثيين ورمت بالمذكرات عرض الحائط.
وقال مصدر خاص لـ«الشرق الأوسط»، إن «نيابة الجنوب أرسلت بمذكرات إطلاق سراح المعتقلين إلى إدارة الأمن السياسي، التي تسيطر عليه الجماعة، بواسطة مراسل نيابة الجنوب وتم تسلم المذكرة ولكن الجماعة تجاهلتها وهو ما يعني بأنها تتجاهل أوامر القضاء، وأنه أيضا تم إرسال مذكرة أخرى إلى إدارة أمن المحافظة بشأن المختطفين في نادي الضباط لانتقال والإفراج عن كافه المختطفين وهو ما حدث نفس الأمر ولم يستجيبوا لأي أوامر قضائية».
وأضاف المصدر: «إن استمرت الجماعة برفضها بالإفراج عن المعتقلين فستتوجه نيابة الجنوب إلى نيابة الأموال العامة لمحاسبة إدارة الأمن السياسي وأمن المحافظة لامتناعهم عن تنفيذ أوامر القضاء، كون ذلك يُعد، بل يقع ضمن اختصاصياتهم وتعد جريمة يعاقب عليها الدستور».
وأكدت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعتقل في سجون المسلحين الحوثيين، المخابرات اليمنية (الأمن السياسي) بمدينة الحديدة، منير القدسي، الذي كان يعمل في محطة الحجاجي للمشتقات النفطية بالحديدة، قد توفي متأثرا بجراحه من آثار التعذيب الوحشي والعنيف الذي تعرض له في معتقله من قبل الحوثيين عند محاولة اخذ اعترافات منه».
كما كانت جماعة الحوثي المسلحة قد وعدت أهالي المختطف الشيخ عبد الملك الحطامي، إمام وخطيب جامع عثمان بالمحافظة، وعضوًا في المجلس المحلي بمديرية الحوك، بإطلاق سراحه جراء تدهور حالته الصحية ونقله إلى العناية المركزة، لكنها لم تفِ بوعودها وأعادت اختطافه مرة أخرى من قسم العناية المركزة بمستشفى الأقصى، ولا يزال مختطفا، وحمّلت أسرة الشيخ عبد الملك الحطامي، الحوثيين مسؤولية حياته بعد تدهور حالته الصحية. وقالت أسرة الشيخ عبد الملك في وقت سابق إن المختطف تم اختطافه من قبل المسلحين الحوثيين منذ أكثر ثلاثة أشهر من داخل جامع عثمان بمدينة الحديدة وغيبته في سجونها الخاصة، رغم إصابة الشيخ بأمراض عدة وسبق أن أسعف للعناية المركزة من داخل سجنه، فإنه تم نزع أجهزة الأكسجين وأجهزة العناية من جسده قبل شهر حين كان في أحد المستشفيات الخاصة وتحت حراسة مشددة من ميليشيات الحوثي، وإنه يعيش في ظروف مأساوية داخل سجون الحوثي، وقد بدا عليه آثار الإنهاك بسبب الضغط والسكر الذي يعاني منه، وإن حالته تدهورت، خصوصًا أن ميليشيات الحوثي أخذته من المستشفى قبل استكمال علاجه.
من جهة ثانية، وفي نفس السياق، في حين تستمر المقاومة الشعبية التهامية في تنفيذ هجماتها واغتيال المسلحين الحوثيين في مدينة الحديدة وجميع مدن ومحافظات إقليم تهامة، واستهداف دورياتهم العسكرية وأي تجمعات لهم ما أدى إلى سقوط العشرات من الحوثيين ما بين جريح وقتيل، جددت المقاومة الشعبية بإقليم تهامة تحذيرها لكل من يتعاون مع المسلحين الحوثيين ومن وصفتهم بعصابات الإجرام، وقالت: «إنها لن تتهاون مع كل من يستهدف الإقليم وأحراره ومقدراته وكرامة أبنائه (إن تنصروا لله ينصركم ويثبت أقدامكم) صدق الله العظيم».
وأضافت المقاومة في بيانه لهم سمته البيان رقم 4، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن «شهر رمضان المبارك الذي للأسف حولته عصابات الحوافيش الإجرامية إلى كابوس من خلال ممارستها الإرهابية في القتل والمطاردة والحصار والتجويع والمتاجرة بأقوات الناس ومقدرات الوطن وممارسة أبشع وسائل التنكيل وجرائم الإبادة بحق الوطن والمواطن عامة وأبناء إقليم تهامة خاصة، ولا سيما في هذا الصيف الملتهب، حيث حرموهم من الكهرباء والماء وكل الخدمات الأساسية مما تسبب في موت العشرات من المرضى والنساء والأطفال».
وأكدت المقاومة الشعبية، أن عملياتها «سترتفع وتيرتها خلال الأيام القادمة وسوف تستهدف قيادات وقواعد الغزاة».
وقال مقرب من المقاومة التهامية لـ«الشرق الأوسط»، إن «مسلحي المقاومة دمروا ناقلة عسكرية كان على متنها دبابات وأفراد من ميليشيات الحوثي أمام المعهد المهني في مديرية الخوخة بالحديدة وسقط فيها قتلى وجرحى بصفوف الحوثيين».
وأضاف: «استهدفت المقاومة التهامية دورية تابعة لميليشيات الحوثي بصاروخ (لو) جوار منزل مدير أمن مديرية باجل في الحديدة وسقط فيها عدد من القتلى والجرحى بصفوف المسلحين الحوثيين ومنهم من توصفه بإصابتهم بالخطيرة، وأن الجماعة (الحوثية) قامت بعملية اقتحام لمنازل المواطنين المجاورين لإدارة الأمن وحطمت بعض أبواب شقق المواطنين عند اقتحامها تحت حجة تفتيشها عن شباب المقاومة وعن أي أسلحة».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.