من التعاطف للانتقاد... عامل «واقعة الكشري» تحت سيف «الترند»

أكد طرده من موقع تصوير فيلم «التاروت»

مع الممثل أحمد العوضي (فيسبوك)
مع الممثل أحمد العوضي (فيسبوك)
TT

من التعاطف للانتقاد... عامل «واقعة الكشري» تحت سيف «الترند»

مع الممثل أحمد العوضي (فيسبوك)
مع الممثل أحمد العوضي (فيسبوك)

من شخص يتعاطف معه الملايين، ويتلقى رسائل الدعم من مختلف فئات المجتمع، ويتسابق نجوم الفن لدعوته إلى تناول الغداء في أشهر المطاعم بهدف مساندته نفسياً، إلى شخصية في مرمى الانتقادات الحادة، وحملات التشكيك والسخرية اللاذعة.
إنها دراما واقعية بطلها شاب بسيط مهنته «عامل نظافة» يدعى محمد عادل، كان على موعد من الشهرة والأضواء لمجرد أنه تعرض للطرد من أحد «مطاعم الكشري»، وسرعان ما تصدرت الواقعة «الترند» في مصر.
وأبدى عدد من متابعي «السوشيال ميديا» عن استيائهم من سلوك الشاب بالآونة الأخيرة؛ إذ رأوا أنه بدأ يتعامل كشخصية عامة يجب أن تحظى بالتقدير الرسمي من كل الأطراف وهو ما تجلى في حضوره سرادق عزاء المحامي الشهير الراحل فريد الديب، وتساءل البعض: «هل يستثمر محمد عادل الشهرة التي نالها فجأة دون جهد يذكر على وقع ضربة حظ هائلة؟».
وأعلن المطرب الشاب عصام شعبان عبد الرحيم عزمه تقديم ديو غنائي مع محمد عادل، ونشر صورة تجمعهما على صفحته الخاصة بموقع «فيسبوك» تحت عنوان «محمد عادل الجدع الفنان المنتظر... انتظرونا قريباً».
وتصاعدت الانتقادات الموجهة للشاب حتى اتهمه البعض بـ«الانتهازية» و«ممارسة الخداع» ليحظى بالشهرة. وفي المقابل، رد عادل على هذه الاتهامات، نافياً أن يكون هدفه ركوب «الترند»، مستغرباً في تصريحات إعلامية أن «يصل الأمر إلى حد اتهامه بالظهور في المساجد الكبرى لأداء صلاة العشاء من أجل هذا الغرض»، وأضاف قائلاً: «ما ذنبي والناس (تجري علي وتصافحني وتقول لي في كل مكان: إزيك يا نجم)؟!».
وكان آخر ظهور إعلامي لـ«عامل النظافة» في موقع تصوير أحداث فيلم «التاروت» بطولة رانيا يوسف وسمية الخشاب بإحدى الفيلات بمنطقة شبرامنت بالجيزة، حيث أكد الشاب أن فريق عمل الفيلم قاموا بطرده، إلا أن الممثل محمد عز المشارك بالعمل نفى صحة واقعة الطرد موضحاً في تصريحات إعلامية أنه «توجه لعامل النظافة بالسؤال عن سبب تواجده في المكان حيث كان يجري الاحتفال بعيد ميلاد الفنانة مي سليم، وطلب منه الانتظار في المكان المخصص للضيوف»، مؤكداً أن محمد عادل وصف الأمر بـ(الطرد) حتى يستعيد حالة التعاطف المفقود.
ويؤكد د. سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع، أن «هوس ركوب الترند يعكس خللاً في تكوين الفرد وكذلك سطحية لدى الجمهور الذي يبدي حماساً غير مبرر لأي شخص مغمور وجد نفسه بطل واقعة ما، فيجعل منه نجماً فوق العادة ثم يأتي الإعلام التقليدي فيرسخ تلك النجومية الزائفة والشهرة المفتعلة»، مشيراً في تصريحات إلى «الشرق الأوسط» أن «شهرة السوشيال ميديا سلاح ذو حدين، فقد ينقلب عليك الجمهور الذي سبق أن جعل منك نمراً من ورق».
وتوضح الاختصاصية النفسية غادة السمان، أن «الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي يبحث طوال حياته عن الجماعة التي ينتمي إليها وتتقبله، وكلما تم إشباع هذه الحاجة التي تسمى الحاجة إلى (الشَّوَفان)، زاد تقدير الذات للفرد، مؤكدة في تصريح إلى «الشرق الأوسط» أنه «مع وجود التقنيات الحديثة والتصوير ومواقع التواصل اتسعت دائرة الضوء وتعمقت حدة الاحتياج النفسي فانتشر هوس الشهرة والرغبة في لفت النظر بأي وسيلة حتى وصل الأمر إلى حد إدمان اللايكات (الإعجاب) والتعليقات بل إنه في حالات لبعض الشخصيات المضطربة نفسياً مثل الشخصية الحدية والنرجسية والهستيرية لم يعد يهم التفريق بين ما أحصل عليه من مدح أو ذم فكله لفت للانتباه وإشباع للهوس الذاتي».
وتعليقاً على واقعة عامل النظافة تحديداً، قالت السمان إنه «لا ذنب له في كل ما يحدث حوله من ضجة، فهو ضحية رأي عام انتصر له نكاية في الأثرياء، وحينما وجدوا أنه بدأ يصدق القصة ويتعامل كشخصية عامة قرروا معاقبته فيما يبدو».



هل سقط «يوم الثقافة» المصري في فخ «التكريمات غير المستحقة»؟

لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
TT

هل سقط «يوم الثقافة» المصري في فخ «التكريمات غير المستحقة»؟

لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)

تحمس وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو الذي تولى حقيبة الثقافة قبل 6 أشهر، لعقد «يوم الثقافة» بُغية تكريم المبدعين في مختلف مجالات الإبداع، من منطلق أن «التكريم يعكس إحساساً بالتقدير وشعوراً بالامتنان»، لكن كثرة عدد المكرمين وبعض الأسماء أثارت تساؤلات حول مدى أحقية البعض في التكريم، وسقوط الاحتفالية الجديدة في فخ «التكريمات غير المستحقة».

وأقيم الاحتفال الأربعاء برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقدمه الفنان فتحي عبد الوهاب، وكان الوزير قد عهد إلى جهات ثقافية ونقابات فنية باختيار من يستحق التكريم من الأحياء، كما كرم أيضاً الفنانين الذين رحلوا عن عالمنا العام الماضي، وقد ازدحم بهم وبذويهم المسرح الكبير في دار الأوبرا.

ورأى فنانون من بينهم يحيى الفخراني أن «الاحتفالية تمثل عودة للاهتمام بالرموز الثقافية»، وأضاف الفخراني خلال تكريمه بدار الأوبرا المصرية: «سعادتي غير عادية اليوم».

الفنان يحيى الفخراني يلقي كلمة عقب تكريمه في يوم الثقافة المصري (وزارة الثقافة المصرية)

وشهد الاحتفال تكريم عدد كبير من الفنانين والأدباء والمثقفين على غرار يحيى الفخراني، والروائي إبراهيم عبد المجيد، والمايسترو ناير ناجي، والشاعر سامح محجوب، والدكتور أحمد درويش، والمخرجين هاني خليفة، ومروان حامد، والسينارست عبد الرحيم كمال، والفنان محمد منير الذي تغيب عن الحضور لظروف صحية، وتوجه الوزير لزيارته في منزله عقب انتهاء الحفل قائلاً له إن «مصر كلها تشكرك على فنك وإبداعك».

كما تم تكريم المبدعين الذين رحلوا عن عالمنا، وقد بلغ عددهم 35 فناناً ومثقفاً، من بينهم مصطفى فهمي، وحسن يوسف، ونبيل الحلفاوي، والملحن حلمي بكر، وشيرين سيف النصر، وصلاح السعدني، وعاطف بشاي، والفنان التشكيلي حلمي التوني، والملحن محمد رحيم، والمطرب أحمد عدوية.

وزير الثقافة يرحب بحفيد وابنة السينارست الراحل بشير الديك (وزارة الثقافة المصرية)

وانتقد الكاتب والناقد المصري طارق الشناوي تكريم نقيب الموسيقيين مصطفى كامل، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «حتى لو اختاره مجلس النقابة كان عليه أن ينأى بنفسه عن ذلك»، مشيراً إلى أن الاختيارات جاءت على عُجالة، ولم يتم وضع خطوط عريضة لمواصفات المكرمين، كما أنه لا يجوز أن يُرشح نقيب الموسيقيين ورئيس اتحاد الكتّاب نفسيهما للتكريم، وأنه كان على الوزير أن يتدخل «ما دام أن هناك خطأ». لكن الشناوي، أحد أعضاء لجنة الاختيار، يلفت إلى أهمية هذا الاحتفال الذي عدّه «عودة حميدة للاهتمام بالإبداع والمبدعين»، مشدداً على أهمية «إتاحة الوقت للترتيب له، وتحديد من يحصل على الجوائز، واختيار تاريخ له دلالة لهذا الاحتفال السنوي، كذكرى ميلاد فنان أو مثقف كبير، أو حدث ثقافي مهم»، ضارباً المثل بـ«اختيار الرئيس السادات 8 أكتوبر (تشرين الأول) لإقامة عيد الفن ليعكس أهمية دور الفن في نصر أكتوبر».

الوزير ذهب ليكرم محمد منير في بيته (وزارة الثقافة المصرية)

ووفق الكاتبة الصحافية أنس الوجود رضوان، عضو لجنة الإعلام بالمجلس الأعلى للثقافة، فإن «الاحتفال حقق حالة جميلة تنطوي على بهجة وحراك ثقافي؛ ما يمثل عيداً شاملاً للثقافة بفروعها المتعددة»، متطلعة لإضافة «تكريم مبدعي الأقاليم في العام المقبل».

وتؤكد رضوان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «تكريم نقيب الموسيقيين لا تُحاسب عليه وزارة الثقافة؛ لأنه اختيار مجلس نقابته، وهي مسؤولة عن اختياراتها».

ورداً على اعتراض البعض على تكريم اسم أحمد عدوية، تؤكد أن «عدوية يُعد حالة فنية في الغناء الشعبي المصري وله جمهور، فلماذا نقلل من عطائه؟!».

ولفتت الناقدة ماجدة موريس إلى أهمية وجود لجنة تختص بالترتيب الجيد لهذا اليوم المهم للثقافة المصرية، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أنه من الطبيعي أن تكون هناك لجنة مختصة لمراجعة الأسماء والتأكد من جدارتها بالتكريم، ووضع معايير محددة لتلك الاختيارات، قائلة: «لقد اعتاد البعض على المجاملة في اختياراته، وهذا لا يجوز في احتفال الثقافة المصرية، كما أن العدد الكبير للمكرمين يفقد التكريم قدراً من أهميته، ومن المهم أن يتم التنسيق له بشكل مختلف في دورته المقبلة بتشكيل لجنة تعمل على مدى العام وترصد الأسماء المستحقة التي لعبت دوراً أصيلاً في تأكيد الهوية المصرية».

المخرج مروان حامد يتسلم تكريمه من وزير الثقافة (وزارة الثقافة المصرية)

وتعليقاً على ما أثير بشأن انتقاد تكريم المطرب الشعبي أحمد عدوية، قال الدكتور سعيد المصري، أستاذ علم الاجتماع والأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة، على «فيسبوك»، إن «أحمد عدوية ظاهرة غنائية غيرت في نمط الأغنية الذي ظل سائداً في مصر منذ الخمسينات حتى بداية السبعينات»، معتبراً تكريم وزير الثقافة له «اعترافاً بالفنون الجماهيرية التي يطرب لها الناس حتى ولو كانت فاقدة للمعايير الموسيقية السائدة».