«سبارك» السعودية للتحول إلى مدينة طاقة صفرية الانبعاثات في 2040

الرئيس التنفيذي القحطاني لـ«الشرق الأوسط»: نتوقع مساهمة بـ 6 مليار دولار في الاقتصاد الوطني بحلول 2035

مدينة الملك سلمان للطاقة شرق السعودية تعمل لتكون نموذجا عالميا في خلو الانبعاثات الكربونية وفي الإطار الرئيس التنفيذي سيف القحطاني (الشرق الأوسط)
مدينة الملك سلمان للطاقة شرق السعودية تعمل لتكون نموذجا عالميا في خلو الانبعاثات الكربونية وفي الإطار الرئيس التنفيذي سيف القحطاني (الشرق الأوسط)
TT

«سبارك» السعودية للتحول إلى مدينة طاقة صفرية الانبعاثات في 2040

مدينة الملك سلمان للطاقة شرق السعودية تعمل لتكون نموذجا عالميا في خلو الانبعاثات الكربونية وفي الإطار الرئيس التنفيذي سيف القحطاني (الشرق الأوسط)
مدينة الملك سلمان للطاقة شرق السعودية تعمل لتكون نموذجا عالميا في خلو الانبعاثات الكربونية وفي الإطار الرئيس التنفيذي سيف القحطاني (الشرق الأوسط)

على أعتاب انطلاق أكبر حدث عالمي للاستدامة والمناخ المزمع في شرم الشيخ المصرية وما تتضمنه من انعقاد لأكبر تجمع في المنطقة لدعم البيئة عبر مبادرتي السعودية: «الشرق الأوسط الأخضر» و«السعودية الخضراء»، تبرز مدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك) مركزاً عالمياً مستداماً للطاقة مجسدة مدينة صناعية عالمية متكاملة يجري تطويرها شرق المملكة برؤية أن تصبح بوابة إقليمية للخدمات اللوجيستية في قطاع الطاقة، ونموذجا لحاضنة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية وتوفير فرص العمل ضمن مشروع السعودية للتحول في مجال الطاقة والاستدامة ودعم المناخ.
وفي نص حوار «الشرق الأوسط» مع الرئيس وكبير الإداريين التنفيذيين سيف القحطاني، أفصح عن جملة من المبادرات والخطط المستقبلية وتجربة التحول لكفاءة الطاقة، بما يجعلها مدينة تضمن التقليل من الآثار البيئية وتحقيق أقصى فرص الاستفادة من الاستثمار الأخضر عبر توفير بنية تحتية بمواصفات عالمية في صناعات التكرير، والصناعات البتروكيماوية والطاقة الكهربائية وإنتاج المياه.

مشهد تخيلي لجانب من مدينة (سبارك) التي تعمل وفق سياسة الاستدامة في الطاقة والبيئة وتحتضن عشرات الشركات والمشروعات (الشرق الأوسط)


- منظومة متكاملة
يقول القحطاني إن العمل جار في المرحلة الأولى من مدينة الملك سلمان للطاقة عبر المنطقة الصناعية ومنطقة الأعمال والمنطقة السكنية والتجارية ومنطقة التدريب، إلى جانب منطقة الميناء الجاف والخدمات اللوجيستية التي تقوم على مساحة 3 كيلومترات مربعة وتتضمن مستودعات وأحدث مرافق تخزين ومنطقة للتخليص الجمركي، مشيرا إلى أنه مع التقدم السريع الذي يحرزه المشروع الضخم، فإن تقنيات البناء المستدامة الصديقة للبيئة والمواد المتطورة التي تعتمدها «سبارك» سوف تضمن التقليل من الآثار البيئية وَتحقيق أقصى درجات الاستفادة للمستثمر عن طريق خلق الفرص والكفاءات وَتخفيض التكاليف التشغيلية.
وأضاف أن «سبارك» تقدم بنية تحتية بمواصفات عالمية للمستثمرين العالميين في صناعات النفط الخام والغاز، والتكرير، والصناعات البتروكيماوية والطاقة الكهربائية وإنتاج المياه ومعالجتها، لافتا إلى توقع المساهمة بقيمة 6 مليارات دولار سنوياً في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035.
- تعظيم الاستدامة
ويؤكد القحطاني أن «سبارك» تقوم على إعداد وتنفيذ مبادرات وممارسات تحولية تقوم على الاستدامة بما يتماشى مع أهداف مبادرة السعودية الخضراء، حيث في إطار أعمال الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، أفاد بأن «سبارك» تهدف إلى أن تصبح مدينة صناعية تدعم الاقتصاد الدائري للكربون وتحقيق الحياد الصفري للانبعاثات من النطاق الأول والثاني بحلول عام 2040، لتكون مدينة نموذجية دولية في استخدام وتسهيل تطوير الطاقة المستدامة والحلول التقنية الصديقة للبيئة. ويستشهد بإنارة شوارع المدينة بآلاف المصابيح التي تعمل بالطاقة الشمسية حيث يتم تشغيل هذه المصابيح بواسطة الخلايا الكهروضوئية العمودية وبطاريات الليثيوم أيون لتخزين الطاقة خلال النهار، بالإضافة إلى أن مظلات مواقف السيارات في سبارك يوجد بها ألواح تعمل بالطاقة الشمسية.
- تخصيب التربة
وأفصح القحطاني عن جهود ترشيد استهلاك المياه، إذ تتم إعادة استخدام معظم المياه بعد معالجتها وإضافة عوامل التسميد إليها، كمياه الري المستخدمة لري الأراضي الخضراء، مضيفا أنه تم تصميم نظام تصريف مياه الأمطار بما يتناسب مع التضاريس الطبيعية المحيطة بالمدينة، ليصب نظام التصريف في النهاية في حوض طبيعي يقع على أطراف أراضي سبارك.
وكشف القحطاني عن واحدة من أولى التجارب في السعودية التي تدرس «سبارك» تطبيقها حيث يتم تطوير طريقة تخصيب التربة بتقنية (Liquid Nano Clay)، وهي عبارة عن خليط عضوي يحبس الرطوبة والعناصر الغذائية الأساسية عند رشه على رمال الصحراء القاحلة، وهو ما يسمح للنباتات بالوصول إلى الموارد التي تشتد الحاجة إليها والتي غالباً ما تتضاءل تماماً في هذا النوع من التُربات.
- إقبال المستثمرين
ووفق القحطاني، توفر «سبارك» بيئة أعمال متكاملة ومرنة من خلال بنيتها التحتية المتقدمة وأنظمة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ذات المستوى العالمي بما يدعم نجاح المستثمرين ونمو أعمالهم. وتلتزم «سبارك» بمساعدة المستثمرين على تلبية متطلبات ومعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات.
وقال: «باعتبارنا جزءاً من منظومة عالمية رائدة في قلب أسواق الطاقة... يضمن تصميم سبارك للمستثمرين سهولة الوصول إلى الأسواق العالمية، حيث إن المشروع المشترك مع (شركة موانئ هتشيسون) سيوفر منطقة لوجيستية متطورة ومؤتمتة بالكامل يدعمها ميناء داخلي جاف ومتعدد الوسائط من الطراز العالمي، ومستودعات، وخدمات دعم. وتهدف سبارك من خلال بنيتها التحتية المتقدمة وجاهزية وتكامل خدماتها إلى دعم جميع المستثمرين، ومساعدتهم على توثيق مشاركتهم في سبارك في كل خطوة».
وأشار إلى أن «سبارك» استطاعت خلال الأعوام الثلاثة الماضية استقطاب المزيد من المستثمرين والشركاء، حيث بدأت أكثر من 40 شركة من كبرى الشركات في مجال الطاقة والتكنولوجيا بالاستثمار، متوقعا في السنوات المقبلة، أن يتجاوز إجمالي الاستثمار المباشر في مدينة الملك سلمان للطاقة 3 مليارات دولار.
- المشروعات المطروحة
ويفيد القحطاني بأن «سبارك» تحوي أكبر ميناء جاف في المنطقة بسعة تبلغ 10 ملايين طن، موضحا أن الميناء يقدم جميع الخدمات اللازمة لتسهيل الصادرات والواردات، حيث سيتم إدارة وتشغيل الميناء الجاف وفقاً لأعلى المعايير العالمية بموجب اتفاقية الشراكة بين سبارك و«هوتشيسون بورتس»، وهي شركة عالمية في مجال تشغيل الموانئ.
إلى جانب ذلك، تدعم «سبارك»، والحديث لرئيسها، عدداً من البرامج الوطنية التي تهدف إلى زيادة الإنتاجية في سوق العمل وخلق المزيد من فرص التوظيف، في وقت أبرمت شراكات واتفاقيات مع الجامعات الوطنية مثل جامعة الملك فيصل وجامعة الأمير محمد بن فهد منسجمة مع قيم ومبادئ المسؤولية البيئية وتحسين الكفاءة التشغيلية.
- ممارسات الاستدامة
وأبان الرئيس التنفيذي لـ«سبارك» أن مدينة الملك سلمان للطاقة تعتمد ممارسات استدامة متكاملة تم تطوير خطتها الرئيسية لجذب المستثمرين الصناعيين المحليين والدوليين، بحيث تعمل على تأسيس مدينة ذات مستوى عالمي في ظل وجود أصول صناعية وتجارية وسكنية من شأنها أن تمكّن مجتمع المدينة من العمل والعيش بشكلٍ مستدامٍ.
وزاد أن المدينة أطلقت عدداً من المبادرات التي تعزز جهودها الدولية إلى ريادة الاستدامة في قطاع الطاقة، ومن بينها استعمال قضبان البوليمر المقوى بالألياف في الجسور، حيث تُعد الأولى من نوعها على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وكذلك استخدام الخرسانة الخضراء بحيث تستبدل سبارك 30 في المائة تقريباً من الإسمنت في الخلطات الخرسانية ببقايا الإسفلت المعاد تدويرها، لتحقق النتائج نفسها من حيث المتانة مع تقليل انبعاثات الكربون التي تنشأ عن عملية البناء والحد من الأثر السلبي للتلوث على البيئة.


مقالات ذات صلة

السعودية تُحقق قفزة جديدة في حجم إنتاج لحوم الدواجن خلال النصف الأول

الاقتصاد إحدى مزارع إنتاج الدواجن في السعودية (الشرق الأوسط)

السعودية تُحقق قفزة جديدة في حجم إنتاج لحوم الدواجن خلال النصف الأول

حققت السعودية قفزة جديدة في حجم إنتاج لحوم الدواجن خلال النصف الأول من 2024، بتسجيلها رقماً قياسياً بلغ 558 مليون كيلوغرام.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ميناء جدة الإسلامي (الشرق الأوسط)

السعودية تطبق نظاماً جمركياً دولياً لتسهيل الاستيراد المؤقت للسلع

بدأت السعودية في تطبيق نظام جمركي دولي يسهّل عملية الاستيراد المؤقت للسلع لمدة عام واحد على الأكثر، دون الحاجة إلى دفع أي رسوم أو ضرائب.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج ولي العهد السعودي يعلن إطلاق «مؤسسة الرياض غير الربحية» وتشكيل مجلس إدارتها

ولي العهد السعودي يعلن إطلاق «مؤسسة الرياض غير الربحية» وتشكيل مجلس إدارتها

أطلق الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، ورئيس مجلس إدارة الهيئة الملكية لمدينة الرياض، الخميس، «مؤسسة الرياض غير الربحية».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الخريف يتحدث مع الأكاديميين والطلبة في جامعة كولومبيا (واس)

الخريف يستعرض في جامعة كولومبيا رحلة التحول في الصناعة والتعدين بالسعودية

استعرض وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف، خلال لقاء تفاعلي عقد مع الأكاديميين والطلبة في مقر جامعة كولومبيا، رحلة التحوّل في الصناعة والتعدين بالسعودية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد جانب من فعالية الإعلانات الرقمية التابعة لمجلس المحتوى الرقمي بالرياض مؤخراً (الشرق الأوسط)

إيرادات الإعلانات الرقمية تتسرب خارج السعودية... فهل من استراتيجية لوقفها؟

في ظل ما تعيشه أنشطة الإعلانات الرقمية في السعودية من انتعاش متزايد مما يتطلب الاستفادة القصوى من هذا القطاع على الاقتصاد الوطني.

بندر مسلم (الرياض)

الأسهم الصينية تسجل أفضل مكسب أسبوعي في 16 عاماً

مشاة يسيرون أمام لوحة تُظهر تحركات الأسهم في بورصة هونغ كونغ (أ.ف.ب)
مشاة يسيرون أمام لوحة تُظهر تحركات الأسهم في بورصة هونغ كونغ (أ.ف.ب)
TT

الأسهم الصينية تسجل أفضل مكسب أسبوعي في 16 عاماً

مشاة يسيرون أمام لوحة تُظهر تحركات الأسهم في بورصة هونغ كونغ (أ.ف.ب)
مشاة يسيرون أمام لوحة تُظهر تحركات الأسهم في بورصة هونغ كونغ (أ.ف.ب)

سجلت أسهم الصين أفضل أسبوع لها في 16 عاماً، يوم الجمعة، حيث طرحت بكين حزمة التحفيز الأكثر قوةً منذ الوباء، هذا الأسبوع، قبل عطلة الأسبوع الذهبي.

وارتفع مؤشرا «سي إس آي 300» و«شنغهاي المركب» القياسي بنحو 16 و13 بالمائة على التوالي خلال الأسبوع، وهي أكبر قفزة لهما منذ عام 2008. وأضاف مؤشر «هانغ سنغ» في هونغ كونغ 13 بالمائة.

وقال محللون في «باركليز»: «في ظاهر الأمر، تشير جميع التدابير التي تم الإعلان عنها هذا الأسبوع إلى أن إلحاح الاستجابة السياسية لم يفوت السلطات، وهو تحول مهم في سوق كانت تبحث عن أكثر من مجرد الحد الأدنى... ولكن في سيناريو من شأنه أن تكون له تأثيرات بعيدة المدى على الأصول العالمية، ربما يشير هذا الأسبوع إلى أن الصين تتطلع إلى إصلاح ميزانيتها العمومية الوطنية هيكلياً».

وواصلت أسهم العقارات الصينية مكاسبها، يوم الجمعة، حيث قفزت بأكثر من 8 بالمائة على تعهد من اجتماع المكتب السياسي في سبتمبر (أيلول) باستقرار سوق الإسكان. وذكرت «رويترز» أن مدينتي شنغهاي وشنتشن الصينيتين تخططان لرفع القيود المتبقية الرئيسية على شراء المنازل لجذب المشترين المحتملين ودعم أسواق العقارات المتعثرة.

وارتفع مؤشر هونغ كونغ للأوراق المالية 3.6 بالمائة، بقيادة أسهم التكنولوجيا، التي ارتفعت 5.8 بالمائة.

ومع ارتفاع السوق، واجه بعض المستثمرين صعوبة في استكمال أوامرهم في بورصة شنغهاي بسبب أعطال فنية، وفقاً للمشاركين في السوق وبيان من البورصة.

وفي تأثير آخر، استمر الإقبال على المخاطرة بفضل إجراءات تحفيزية اتخذتها الصين هذا الأسبوع، مما أدى إلى ارتفاع أسهم وسلع وعملات حساسة للمخاطر.

وانخفض الجنيه الإسترليني قليلاً، وسجل 1.3381 دولار، لكنه ظل قريباً من أعلى مستوى له في عامين ونصف العام، الذي لامسه هذا الأسبوع. وظل الدولاران الأسترالي والنيوزيلندي قرب أعلى مستوى لهما في عدة سنوات بفضل خطط التحفيز الصينية.

وهبط الدولار الأسترالي إلى 0.68705 دولار، لكنه ظل قريباً من أعلى مستوى في 18 شهراً الذي لامسه يوم الأربعاء. وسجل الدولار النيوزيلندي في أحدث التعاملات 0.6298 دولار ليظل قريباً من أعلى مستوى له في 9 أشهر.

وسجل مؤشر الدولار، الذي يقيس العملة الأميركية مقابل سلة من العملات تشمل الين واليورو، 100.86 نقطة في أحدث التعاملات ليظل قريباً من أدنى مستوى له في 14 شهراً وهو 100.21 نقطة، الذي لامسه يوم الأربعاء. واستقر اليورو عند 1.11615 دولار عند أدنى قليلاً من أعلى مستوى له في 14 شهراً، وهو 1.1214 دولار الذي سجله يوم الأربعاء.