الهنود يعودون لأدوات طهي أجدادهم

من الأسباب جائحة {كورونا} والفائدة الصحية

الأواني النحاسية تحافظ على نكهة الطعام
الأواني النحاسية تحافظ على نكهة الطعام
TT

الهنود يعودون لأدوات طهي أجدادهم

الأواني النحاسية تحافظ على نكهة الطعام
الأواني النحاسية تحافظ على نكهة الطعام

يعجّ مطبخ الشيف الهندي الشهير فيكاس خانا بالأواني النحاسية وصناديق توابل عمرها 100 عام، حتى إن هناك مقلاة حديدية موجودة منذ حفل زفاف جدته.
ويقول الطاهي الهندي الحاصل على نجمة ميشلان، والذي يعمل بشكل دؤوب على جمع القطع الأثرية الخاصة بالمطابخ من جميع أنحاء الهند، التي غالباً ما يعرضها في مطعمه «جونون» الموجود في ولاية نيويورك، الولايات المتحدة: «لقد أتقنت الهند القديمة فن صناعة السبائك، ويسعدني أن أرى مكونات مثل النحاس والقصدير والحديد والكربون تشق طريقها مرة أخرى إلى مطابخنا، وذلك لأنهم لا يمثلون تراثنا الهندي فحسب، بل يمثلون البحث العلمي والفنون والتصميم والأشكال الفريدة الخاصة بنيودلهي أيضاً».

مجموعة من الأواني الفخارية التي تحافظ على حرارة الطعام لمدة أطول

ويضم «متحف الطهي»، الذي يعد الأول من نوعه، مئات الأواني والأطباق، ومغرفة رائعة عمرها 100 عام كانت تُستخدَم لتقديم الطعام في المعابد، وأواني من مناطق «كونكان» و«أودوبي» و«تشيتيناد»، ومرشات بذور قديمة، وأطباقاً ملونة يعود تاريخها إلى عصر هارابان، وبكرات دوارة، ومجموعة متنوعة من مصافي الشاي، وعصارات فواكه تعمل بالضغط اليدوي، وزجاجات لحفظ المخللات، وأواني خزفية جميلة، ومجموعة من الملاعق ذات النقوش الفنية وملاعق التقديم من مختلف أنحاء الهند، مثل «كوتشي» و«جامو» و«بيون» و«حيدر آباد» و«غوجارات» و«راغاستان»، حتى الولايات الشمالية الشرقية، من بين كثير من الولايات الأخرى.
وفي سعيه للحفاظ على التراث الثقافي الهندي الغني، سافر الشيف خانا على مدى السنوات العشر الماضية واستكشف طول البلاد وعرضها وقام ببناء هذا المستودع الضخم الذي يضم محتويات مطابخنا من المناطق والجغرافيا والأديان والثقافات المختلفة، وتمكن الشيف خانا أيضاً من استعادة بعض قطع أدوات الطهي والأواني التي كانت قد فُقدت بمرور الوقت، على سبيل المثال، في الحقبة الهولندية والبرتغالية.
ولكن مَن الشخص الذي قد يرغب في تأسيس متحف كامل للأواني؟ ولماذا؟ يجيب الطاهي الهندي على هذا السؤال قائلاً: «السبب يرجع إلى شغفي بالحفاظ على ثقافتنا التي باتت تحتضر»، ويضيف: «لقد لاحظت كيف تخلصت والدتي وجدتي، على مر السنين، من أواني الطهي الكبيرة والأواني المستخدمة في المناسبات الخاصة، وشعرت أنه في يوم من الأيام، سيضيع كل هذا إلى الأبد، ولذلك بدأت في الاحتفاظ بكثير من هذه الأدوات».
وفي السنوات الأخيرة، باتت فكرة إحياء التراث أحد الجوانب المميزة لفن الطهي الهندي، وذلك من خلال التركيز على تقنيات الطهي القديمة لوصفات عمرها قرون، واستخدام المكونات المنسية والمعلومات القديمة الخاصة بالطهي، إذ يبدو أن نيودلهي قد عادت إلى الوراء في الزمن من أجل كتابة لغة تذوق طعام جديدة للمستقبل، وبالإضافة إلى ذلك فإن هناك أيضاً اهتماماً متزايداً بالحياة المستدامة والصديقة للبيئة.

الشيف فيكاس خانا في جولة تسوق في أسواق الهند الشعبية المتخصصة ببيع أواني الطبخ القديمة

- العودة إلى كل ما هو قديم
مع ازدياد وعي الناس بمخاطر أدوات الطهي الحديثة؛ حيث يتم ترشيح النيكل والكروم من أواني الفولاذ المقاوم للصدأ (ستانلس ستيل)، وتسريب مركب «بيسفينول A» المعروف باسم «BPA» من البلاستيك إلى الأطعمة، فإن المواد التقليدية مثل النحاس والحديد والحجر والطين باتت تعود مرة أخرى إلى المطابخ الهندية، إذ يبدو أن الهنود قد باتوا يعودون إلى أدوات جداتهم القديمة فيما يتعلق بالطهي.
وتشير المتاجر التي تبيع أدوات الطهي التقليدية المصنوعة من النحاس الأصفر والبرونز والحديد الزهر والطين والحجر الأملس إلى وجود زيادة في الطلب في هذه الأوقات، ووفقاً للمؤسس المشارك في شركة «Zishta» الهندية لأدوات الطبخ التقليدية المصنوعة من حديد الزهر والنحاس، لميرا راماكريشنان، فإن الطلب على الأدوات التي ينتجونها قد تضاعف. وأضاف: «لقد أتاح وباء فيروس كورونا المستجد للجميع وقتاً للتوقف وإحداث تغيير في نمط حياتهم».
وبالنسبة إلى كايال فيزي سريرام، فإن بدء تشغيل منصة عبر الإنترنت لبيع أدوات الطهي التقليدية المصنوعة يدوياً كان هو الخطوة المنطقية التالية بعد إدارتها متجراً للأطعمة العضوية، إذ كانت هي وزوجها يديران المتجر لبضع سنوات في «تشيناي» عندما أدركت أن توفير المكونات الطبيعية بالكامل ليس كافياً لمساعدة الناس على عيش حياة صحية، ولذا فإنه كان من المهم أيضاً الطهي في الأوعية المناسبة للاحتفاظ بالعناصر الغذائية ونكهات المكونات، وبعدها بدأت رحلتها للعثور على أواني الطهي المصنوعة من الطين والحديد والنحاس.
وتقول سريرام: «هناك سبب لاستخدام أجدادنا لهذه الأواني، فالطبخ في الطين، على سبيل المثال، يقلل من حموضة الطعام، حتى لو استغرق وقتاً أطول من المقالي غير اللاصقة».
وافتتحت منصة سريرام الإلكترونية «Essential Traditions» منذ 3 سنوات 4 متاجر فعلية في «تشيناي» و«بنغالورو»، كما أنها توظف 16 شخصاً وتزيد إيراداتهم عن 10 ملايين روبية سنوياً.
وبالمثل، تأملت كافيا شيريان النكهات الموجودة في مطابخ الهنود القدامى، وتساءلت: «لماذا يكون طعم حساء راسام (حساء يتم تناوله بشكل تقليدي في جنوب الهند، وهو مصنوع من التمر الهندي والطماطم والتوابل والأعشاب العطرية) الذي تطبخه جداتنا لذيذاً جداً؟ ولماذا تمتاز الفاصوليا والأرز في مطابخ أمهاتنا بطعم ريفي سري؟».
يبدو أن الإجابة على هذه الأسئلة كانت تقودها دائماً إلى أدوات المطبخ التقليدية مثل الأواني الفخارية، التي يكمن السحر فيها؛ حيث أدركت أن هناك كثيرين مثلها يتوقون لتذوق الأطباق التي كانوا يتناولونها في طفولتهم مرة أخرى.
وأطلقت شيريان منصة عبر الإنترنت باسم «Green Heirloom» تبيع خلالها أدوات الطهي التقليدية المصنوعة يدوياً للمطابخ الحديثة، وتعتبر مقاليها المصنوعة من الحديد الزهر وأواني الأورالي الفخارية السوداء (المصنوعة عادة من الطين والنحاس والبرونز) من أكثر المنتجات مبيعاً.
وتقول شيريان: «المقالي التي نبيعها متعددة الاستخدامات بحيث يمكنك وضعها على المواقد التي تعمل بالغاز أو الكهربائية حتى داخل الفرن، فقط عليك أن تعتني بها جيداً، وحينها يمكن أن تدوم طويلاً، فالأواني الفخارية صحية لأنها تحول الأطعمة الحمضية إلى قلوية، ما يجعلها أسهل في الهضم».

هناك إقبال كبير على الأواني النحاسية في مطابخ الطهاة الهنود

- تفضيلات الطهاة
يستخدم الشيف الهندي مانو شاندرا، وهو شريك في مطعم «Olive Bar & Kitchen and Toast & Tonic» في الهند، مدقة خشبية ثقيلة يصفها بأنها «ناعمة للغاية»، يستخدمها في الضغط على بعض الخضراوات لإخراج النكهات منها، إذ يقول وهو يقوم بطهي صلصة «البيستو» عن طريق الضغط على الريحان الذي أحضره من حديقة مطبخه: «باستخدام هذه المدقة يتم تحرير النكهات، ولكن ملمس الريحان لا يصبح مثل العجين، ولأن صنع البيستو بهذه الطريقة لا يعرضه للحرارة ولا للأكسدة فإنه يحافظ على لونه، فيما تعمل حرارة الخلاط على أكسدة الريحان وتوزيع الزيت داخل الخليط، ما يغير لونه وملمسه».
فيما يصرّ الشيف الهندي إتي ميسرا على طحن عجينة الخردل البنغالية باستخدام أداة تقليدية قديمة تسمى «سيلباتا» تُستخدم لطحن الطعام، إذ يقول إنه عندما يتم ضغط بذور الخردل تحت الحجر الأسطواني وتتدحرج فوق الحجر المسطح في الـ«سيلباتا»، فإن نكهتها تزدهر بشكل أكبر، ويتابع: «نحن نريد أن يكون الخردل قشدياً وليس مُراً، فالمرارة تنتج عن استخدام الخلاط».
ويقول الشيف أبهيجيت ساها، وهو صاحب مطعم هندي أيضاً، إنه يجب استخدام الأواني التقليدية للطهي، وأيضاً لتخزين الطعام، ويضيف: «يتم وضع الزبادي تقليدياً في أواني فخارية، وذلك لأنها تساعد في تغذية البكتيريا الجيدة، التي بدورها تساعد في تكوين زبادي كثيف».
ويبدو مطبخ الشيف شيري ميهتا مالهوترا مليئاً بأواني الطهي التقليدية بما في ذلك الأواني النحاسية والبرونزية، ومقالي الحديد الزهر، والألواح النحاسية، والأوعية الفخارية، والـ«سيلباتا»، والهراسات الخشبية، التي ورثت معظمها من جدتها، وتقول مالهوترا: «لقد أصبحت أستخدم هذه الأواني منذ فترة طويلة، إذ إنني لم أرث وصفات من جدتي فحسب، بل ورثت أوانيها أيضاً».
وفي مطبخ جدتها البنجابي التقليدي، كانت الأواني النحاسية مُخصصة لطبخ البقوليات، بينما كان يتم طهي الخضراوات الجافة في المقالي الحديدية التي تضفي على الأطباق لوناً داكناً لذيذاً، كما يضمن تصميم هذه الأواني ذات الجدران السميكة بقاء الطعام ساخناً لفترة أطول.

- القيمة الغذائية
تقول اختصاصية التغذية الهندية لوفنيت باترا: «النحاس لا ينجذب للمغناطيس، وموصل للحرارة ويدوم طويلاً، وتكمن فائدة الطهي باستخدام الأواني النحاسية في فقدان 7 في المائة فقط من العناصر الغذائية خلال عملية الطهي».
وعن الفوائد المتعددة للشرب في الأواني النحاسية، تقول باترا إن «تخزين المياه في جرة مصنوعة من النحاس يخلق عملية طبيعية لتنقية المياه، فالمياه المحفوظة داخل الأوعية النحاسية لها خصائص مضادة للبكتيريا، ومضادة للميكروبات، ومضادة للأكسدة، ومضادة للالتهابات».
وفي كتابها الذي جاء بعنوان «كايا يوجا... الطريق إلى السعادة والصحة وطول العمر»، أوضحت الدكتورة ناتشيكيتا داس كيف تتبع النساء في بعض أجزاء جنوب الهند طريقة فريدة لإضافة الحديد إلى نظامهن الغذائي لمكافحة فقر الدم؛ حيث يقمن بطحن الزبادي في وعاء من الحديد المطاوع باستخدام مدقة، وتقول داس: «يمتص الزبادي ذو الوسط الحمضي الحديد عند طحنه، وهذا الزبادي المدعم بالحديد كان علاجاً فعالاً لفقر الدم في جنوب الهند على مدى أجيال».
وعن الفوائد التي تضيفها أواني الطبخ التقليدية القديمة إلى الصحة، يقول دريتي أوديشي، وهو خبير في فقدان الوزن الزائد والتحكم في الوزن ومدرب الصحة: «تعتبر المقالي المصنوعة من الحديد الزهر بديلاً رائعاً للأواني غير اللاصقة، التي تُصنع من مواد كيميائية سامة معينة تتحلل في درجات حرارة عالية، وهي بالتأكيد ليست طريقة صحية للطهي واستهلاك الطعام، فيما يمكن أن يرشح الحديد الزهر بعض الحديد في الطعام وهذا شيء جيد، بالنظر إلى أن نقص الحديد يعد أمراً شائعاً إلى حد ما في جميع أنحاء العالم».
وتقول سافيتا ماهاجان، وهي ربة منزل في نيودلهي: «لقد قمنا مؤخراً بالتبديل من الحديد غير اللاصق إلى الحديد الزهر، وقد بات مذاق طعامنا أفضل من أي وقت مضى، فعائلتي تستخدم أواني الطهي التقليدية منذ سنوات، ولكن تم إغراؤهم، بشكل مؤقت، بأدوات الطهي الحديثة اللامعة والمطلية قبل بضع سنوات، إلا أننا نقوم الآن بطهي جميع البقوليات والخضراوات في أواني فخارية».
وكان قد تم تشخيص مستشارة الطهي والمدونة الهندية سايانتاني مهاباترا بأنها مصابة بفقر دم خطير بعد ولادة طفلها الثاني، ولكن أقراص الحديد التي وصفها لها الطبيب لم تناسبها، وتقول: «في ذلك الوقت، اقترح كبار السن في الأسرة أن أحضر طعامي في أواني طهي من الحديد الزهر، واتفق طبيبي مع هذا الرأي».
وقد عُرفت الأواني التقليدية المصنوعة من معادن مثل الحديد والنحاس والبرونز منذ آلاف السنين بأنها لا تحافظ على العناصر الغذائية للطعام المطبوخ فيها فحسب، ولكنها تضفي أيضاً قيمة غذائية إضافية وخصائص طبية للطعام، وتوصي الأيورفيدا القديمة (منظومة من تعاليم الطب التقليدي التي نشأت في شبه القارة الهندية منذ أكثر من 5 آلاف عام، وانتشرت إلى مناطق أخرى من العالم كشكل من أشكال الطب البديل، وتعنى في اللغة السنسكريتية؛ علم الحياة)، باستخدام هذه الأواني أيضاً، بل إنها تنص على استخدامات محددة لكل معدن، مع التأكيد على مزاياه العلاجية.


مقالات ذات صلة

نصائح الطهاة لأفضل طرق طهي البروكلي

مذاقات البروكلي (بكسيلز)

نصائح الطهاة لأفضل طرق طهي البروكلي

تتسع المساحة التي يحتلها البروكلي على مائدة الطعام المصرية يوماً بعد يوم فقد أصبح ضمن قائمة الخضراوات التي تجتذب كثيرين بشكل لافت خلال السنوات القليلة الماضية

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات أغلى المطاعم الحائزة على نجمة ميشلان على وجه الأرض

أغلى المطاعم الحائزة على نجمة ميشلان على وجه الأرض

أحد أكثر الجوانب إثارة في قضاء الإجازة - سواء في مدينة جديدة أو بلد جديد - هو فرصة تجربة طعام جديد غير متوفر في الوطن.

مادلين فيتزجيرالد (نيويورك)
مذاقات غلاش محشو بالبطاطا الحلوة من الشيف أميرة حسن (الشرق الأوسط)

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

البطاطا الحلوة بلونها البرتقالي، تُمثِّل إضافةً حقيقيةً لأي وصفة، لا سيما في المناسبات المختلفة. إذ يمكنك الاستمتاع بهذا الطبق في جميع الأوقات

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات برغر دجاج لشيف أحمد إسماعيل (الشرق الأوسط)

كيف تحصل على برغر صحي ولذيذ في المنزل؟

عندما نفكر في الوجبات السريعة، تكون تلك الشريحة اللذيذة من اللحم التي تضمّها قطعتان من الخبز، والممتزجة بالقليل من الخضراوات والصلصات، أول ما يتبادر إلى أذهاننا

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات فطور مصري (إنستغرام)

«ألذ»... أكل بيت مصري في مطعم

ألذ الأطباق هي تلك التي تذكرك بمذاق الأكل المنزلي، فهناك إجماع على أن النَفَس في الطهي بالمنزل يزيد من نكهة الطبق

جوسلين إيليا (لندن)

نصائح الطهاة لأفضل طرق طهي البروكلي

البروكلي (بكسيلز)
البروكلي (بكسيلز)
TT

نصائح الطهاة لأفضل طرق طهي البروكلي

البروكلي (بكسيلز)
البروكلي (بكسيلز)

تتسع المساحة التي يحتلها البروكلي على مائدة الطعام المصرية يوماً بعد يوم؛ فقد أصبح ضمن قائمة الخضراوات التي تجتذب كثيرين بشكل لافت خلال السنوات القليلة الماضية؛ وهو ما دفع كثيراً من الطهاة إلى ابتكار أطباق جديدة تُصنع منه، بالإضافة إلى تقديم طرق مختلفة لإعداده وتخزينه.

«الأمر لا يقتصر على المتذوق المصري فقط»، حسب الشيف علي عبد الحميد، الذي يقول إن «محبي البروكلي في حالة ازدياد ليس في مصر فقط بل في كل الثقافات»؛ ويفسر ذلك بقوله: «إنه مليء بالعناصر الغذائية، وسهل التحضير، وله نكهة لطيفة».

شوربة البروكلي (بكسيلز)

وبينما يتميز الكثير من المأكولات الخضراء الصحية الأخرى بنكهات لاذعة على غرار الجرجير والسبانخ، فإن نكهة البروكلي تعد أكثر اعتدالاً، مما يمنحه ميزة إضافية، وفق عبد الحميد الذي يؤكد: «الاحتفاء بالطعام الصحي بات أسلوب حياة للكثيرين».

البروكلي مكون غذائي واحد، لكنه متعدد النكهات، ومختلف الاستخدامات في الطهي، فهو يعمل بشكل رائع عند إضافته نيئاً إلى السَّلَطات، أو عند مزجه في الحساء، أو تحميصه، أو وضعه في أطباق آسيوية حارة، أو الاستمتاع به مع الصلصات الكريمية، أو مقلياً مع دمجه مع بعض الخضراوات على أن يُنكَّه بفول الصويا والزنجبيل والثوم والفلفل الحار»، حسب عبد الحميد.

نودلز بالبروكلي (بكسيلز)

وينصح الشيف المصري المهتمين بطرق الطهي الصحية بـ«البروكلي المشوي المقرمش بالثوم والبارميزان»، معتبراً أن «هذه الوصفة قادرة على أن تحوِّل البروكلي إلى الخضراوات المفضلة لديك، خصوصاً بعد تقطيعه إلى زهيرات، وإضافة فصَّي ثوم، ورشّ ملعقتين كبيرتين من الزيت عليه مع وضع قليل من الملح والفلفل، وتركه لمدة 25 دقيقة في الفرن، ثم وضع عصير الليمون والصنوبر والبارميزان عليه».

سيخرج البروكلي بقوام طريّ ومقرمش، ليصبح بين يديك طبق جانبي رائع يُقدَّم مع اللحوم أو الأسماك المشوية، ويمكن تقديمه فوق المعكرونة أو الأرز المطبوخ، إنه جاهز في أقل من 45 دقيقة؛ مما يجعله مثالياً للطهي في أي وقت.

بروكلي متبل بالثوم و الجنزبيل و الزعتر في الفرن

ومن البروكلي تستطيع أن تصنع الكثير من الأطباق الرئيسية، ومنها «البروكلي غراتان» باللبن خالي الدسم والقرفة والبيض والبطاطس السلايز والفلفل الأبيض، وهو خيار مثالي لأصحاب الحمية الغذائية، وكذلك تارت الفاصوليا المقرمشة بالبروكلي والسالمون المدخن والعدس الأسود.

وفي هذه الوصفة يتم فرم السمك مع البروكلي بالتوابل، ويشكَّل على شكل كرات صغيرة، ويُربَط بـ«النايلون استرتش» الخاص بالمطبخ، وتُسلق الوحدات الدائرية وتُرفع وتُبرد، وتُلفّ بالسالمون وتقدَّم مع المستردة وعصير الليمون والشبت، ويتم تقديمها مع الفاصوليا المقلية، والعدس المطهو.

طبق الفاصوليا المقرمشه بالسالمون المدخن والبروكلي من شيف علي عبد الحميد (الشرق الأوسط)

وكذلك «كاب سويت شيلي» بالجمبري والبروكلي بالفلفل الحلو، والجنزبيل والثوم بودر وعصير الليمون والصويا صوص. ولعشاق الشعرية يقترح الشيف عبد الحميد قالب شعرية الدجاج بالبروكلي والجزر والثوم والملح والفلفل الأسود.

وفي هذا الطقس البارد اصنع حساء كريمة البروكلي الذي تتناوله في المطاعم في مطبخك الخاص، على طريقة الشيف المصري أحمد الشناوي الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «هو حساء سميك ولذيذ وكريمي ويسهل تحضيره باستخدام مكونات بسيطة مثل الزبدة، والبصل والكرفس ومرق الدجاج والتوابل والدقيق والحليب مع لمسة إضافية من نكهة جبن الشيدر».

مكرونة بالبروكلي من الشيف أحمد الشناوي

ويمكنك أن تغمس الخبز المقرمش في حساء البروكلي، وتستمتع بمذاق ناعم كريمي وساخن يُدفئ في الأيام الشتوية، أو تتناوله بمفرده.

أما المعكرونة بالدجاج والبروكلي وجبن الموزاريلا والثوم والزعتر والزبدة فهو طبق غنيّ وجاذب للأطفال بمذاقه الرائع، ويرشحه الشيف المصري للاستفادة من القيمة الغذائية للبروكلي فيه.

وكذلك يقدم لمتابعيه اللحم بصوص البروكلي والريحان، ودجاج روتي محشو بالبروكلي ومتبل بالكركم والزعتر. أما وصفة ريغاتوني مع بيستو البروكلي نودلز الحارة (أو غير الحارة) والمليء بالنكهات التكميلية، والممتزج بلحم الضأن، فهو طبق تكافئ به نفسك أو أطفالك في نهاية الأسبوع، وكذلك فطيرة البروكلي بالصلصة الهولندية، والسلمون المدخن واللوز المحمص.

صينية "بروكلي جراتان" من شيف علي عبد الحميد (الشرق الأوسط)

ويقدم الشناوي نصائح عند شراء البروكلي، في مقدمتها أن يكون بلون مشرق وموحَّد من دون بقع بُنية، أو صفراء كبيرة، وأن تكون متماسكة عند اللمس، ويجب أن يكون التاج محكماً.

كما ينصح بضرورة الابتعاد عن السيقان اللينة والبراعم المترهلة؛ فهي علامة على أن البروكلي غير طازج، وعندما تشتريه نضراً، يمكنك تخزينه في درج الخضراوات في الثلاجة لمدة أسبوع على الأقل.

شعرية الدجاج بالبروكلي من شيف علي عبد الحميد

ويشير الشناوي إلى أن «البروكلي المطهو على البخار هو أفضل طريقة؛ لأنه صحي، ويحتفظ بفيتامين سي، والبروتين والألياف. ولكي تطهو البروكلي على البخار حتى يخرج بشكل مثالي، لا تتركه أكثر من 7 دقائق كحد أقصى معرَّضاً للحرارة؛ لأن أكثر من هذا الوقت سيحول لون البروكلي الأخضر النابض بالحياة إلى الأخضر الزيتوني».

كاب سويت شيلي بالجمبري والبروكلي من شيف علي عبد الحميد (الشرق الأوسط)

أما إذا وضعته في الماء المغلي بملح الكوشير فلا تتركه أكثر من دقيقة ونصف كحد أقصى، على أن تُخرجه بعد ذلك بملعقة مشقوقة وتغمسه على الفور في الماء المثلج، وفق الشناوي.

وحول كيفية استخدام البروكلي المطبوخ في الوصفات، يقول الشناوي: «بالنسبة إلى المسلوق فهو يناسب أطباق الخضار والسلطات الباردة والفطائر، أما البروكلي المطهوّ على البخار فهو يناسب الأطباق الجانبية والرئيسية والسلطات والطواجن والحساء».