ندى بو فرحات لـ «الشرق الأوسط» : كمية الشر في عالمنا تفوق الخيال

لفتت المشاهد في شخصية «نايلة» ضمن مسلسل «ستيلتو»

شكّل «ستيلتو» لندى بو فرحات ولادة فنية عربية
شكّل «ستيلتو» لندى بو فرحات ولادة فنية عربية
TT

ندى بو فرحات لـ «الشرق الأوسط» : كمية الشر في عالمنا تفوق الخيال

شكّل «ستيلتو» لندى بو فرحات ولادة فنية عربية
شكّل «ستيلتو» لندى بو فرحات ولادة فنية عربية

لفتت الممثلة اللبنانية ندى بو فرحات متابعها في مسلسل «ستيلتو» الذي تعرضه «إم بي سي» ومنصة «شاهد». واليوم مع انتهاء الموسم الأول له عبر شاشة «إم بي سي» واستمراره عبر «شاهد»، لا يزال هذا العمل الدرامي يحقق نجاحات واسعة في لبنان والعالم العربي. وفي شخصية «نايلة» التي تجسدها بو فرحات برزت الخلفية المسرحية التي تتمتع بها. وكذلك أداؤها العالي المستوى الذي أسهم في طبع ذاكرة المشاهد. صحيح أن «نايلة» هي الحلقة الأضعف بين النساء الأربع، بطلات العمل ديمة قندلفت وريتا حرب وكاريس بشار، إلا أن إصرارها على إكمال حياتها وبثقة بعيد تعرضها إلى الانفصال عن زوجها، جعلها نموذجاً يحتذى بين النساء العربيات.
ندى معروفة بحملها راية حقوق المرأة، وهي ناشطة في الدفاع عن المعنفات، وكذلك عن الأطفال الذين يعانون من الأمر نفسه. كما أنها تمثل شريحة من النساء اللبنانيات اللاتي يرفضن الخضوع. واكبت موجة «ثورة 17 تشرين» بجدية، وانخرطت في صفوفها مطالبة بضرورة وضع حدٍ لمنظومة فاسدة تحكم البلاد.
وتقول إنها عندما قرأت طبيعة شخصيتها في «ستيلتو» عرفت مسبقاً بأنها ستشكل رابطاً بينها وبين النساء اللاتي يعانين مشكلتها نفسها. وتكمل لـ«الشرق الأوسط»: «تركيبة القصة تقوم على هذا الخط بالنسبة لشخصية نايلة. وهو أمر لمسني عن قرب، سيما وأني أعرف عدداً من النساء اللاتي يحتجن للدعم. أحببت التحول الذي يشهده الدور على مر حلقات العمل. فهو يحدث تغييراً جذرياً في شخصيتها ويأخذها نحو الإنتاجية والاستقلالية».
ماذا أحبت بشخصية نايلة والعكس؟ ترد بو فرحات: «الخطوط التي أحببتها في شخصية (نايلة) هي أقل بكثير من الأخرى التي لم تعجبني فيها. فهي امرأة ضعيفة واتكالية لا تعرف اتخاذ القرارات لوحدها. ولكنني أعجبت كثيراً بحنانها المتدفق على أولادها ورفضها تمثيل دور الضحية كي لا يشفق عليها الآخرون. كانت متماسكة وبقيت مصرة على تحدي نفسها وإبعاد أولادها عن مشاكلها الشخصية مع زوجها».
يبرز «ستيلتو» كمية الشر التي يمكنها أن تسكن أصحابها إلى حد المبالغة أحياناً. فتدفع بالمشاهد إلى السؤال عما إذا من الممكن وجود أشخاص من هذا النوع؟
وترد ندى: «برأي أن عند كل واحد منا نوع شرٍ معين يسكنه وليس بالضروري أن يكون على شاكلة (ستيلتو). أشبه ما يدور في المسلسل كفيديو كليب نرى فيه الفنان يقوم بأعمال منزلية أو غيرها بعيدة عن وجهه الفني المعروف به. فتبدو المغنية بكامل أناقتها وهي تطبخ وتحمل السكين وهي تتحدث إلى زوجها أثناء إعدادها الطعام. يمكن أن نعتبر (ستيلتو) فيديو كليب من نوع آخر يظهر وجوهاً مغايرة للناس على مدى 90 حلقة. وهنا لا بد على المشاهد أن يقتنع بأن هذا العمل جرى تطريزه وحياكته ليحمل أسلوباً خاصاً ويبرز ما يدور في أفكارنا ويسكن أعماقنا إلى حد الرغبة في ارتكاب جريمة ضد أشخاص يخالفون القانون مثلاً أو ظالمين وفاسدين. فأنا أعتبره بمثابة لوحة مرسومة بريشة فنان يخرج عن المألوف في أسلوبه وفي نظرته للأمور».
تصف ندى بو فرحات تجربتها في «ستيلتو» بالخطوة المهمة في مسيرتها التمثيلية. فهو أسهم في نشر اسمها في العالم العربي، ليس من باب الأداء وحسب بل من ناحية التعرف بها كممثلة. فالناس كما تقول تعبر عن فرحها عندما تلتقي بها، وهي سعيدة بردود فعلهم الإيجابية. وقد لمست بو فرحات عن قرب هذا الانتشار من خلال مشاركتها في مهرجان قرطاج السينمائي في تونس.
«الناس في تونس تعرفني من خلال أعمالي المسرحية التي شاركت بها أكثر من مرة في هذا المهرجان. ولكن عالم التلفزيون شكّل لي ولادة عربية جديدة وهو ما أحبذه في هذه التجربة.
كما أني شخصياً تعلقت بالمسلسل مع أنني على علم مسبق بأحداثه. فأستمتع وأنا أشاهده كأي مشاهد عادي لأنني أحببت حبكته كثيراً».
وعن الاختلاف في هذه التجربة عن باقي تجاربها السابقة تقول: «استصعبت بداية أسلوب الأداء الذي طلب مني. فهذا نوع من الأعمال الدرامية يطالبك بالتفكير بالمشاهد أكثر من العمل. فوجدت صعوبة في تقديم ردود فعلي لتطوير اللقطة المصورة.
إيقاع العمل البطيء لا يتحمل ردات فعل سريعة يمكن التقاطها بلحظة. كان عندي رفض لهذا الموضوع بداية بحيث يلزمني بدقائق طويلة كي أبرز ردود فعلي. ومن ثم اندمجت بالعمل، سيما وأن هذا هو أسلوبه الخاص به. وبمساعدة مدرب التمثيل بوب مكرزل وبالتعاون مع المخرج، استطعنا التوفيق بين دمج التقنية للمشاعر الداخلية مع الأخرى المرتكزة على الخارجية منها والمبالغ فيها. وهو ما سمح لي بالحفاظ على صدق مشاعري، كما رغبت تماماً».
أمضى فريق عمل مسلسل «ستيلتو» نحو 9 أشهر مع بعضه البعض بفعل طول مدة التصوير. وقد تم اختصاره وتعديل بعض أحداثه لتصبح ذات إيقاع أسرع فتحمل مفاجآت مغايرة عن التي عرفها المشاهد في نسخته الأجنبية «جرائم صغيرة». وتصف بو فرحات هذه الفترة بأنها كانت رائعة لما كان يغلفها من مشاعر انسجام بين أفراد الفريق. كما أن فترة التصوير الطويلة وفرت للممثلين تقمص شخصياتهم على أكمل وجه. فحفظوها حتى صاروا يضيفون من عندياتهم عليها. «لقد استمتعنا بأداء أدوارنا وأنا شخصياً ذكرني بالعمل المسرحي، لأنه يتطلب تمرينات طويلة ولعدة أشهر. فانعكس هذا الأمر إيجاباً علي سيما وأن الشخصية التي ألعبها ليست مركبة فلا تتعب صاحبها. فكانت مغايرة تماماً لشخصية ديمة قندلفت (فلك) التي أعجبت بأدائها كثيراً. فالدور المركب جميل ويتطلب تحديات عدة».
وعن الأجواء التي سادت علاقتها مع باقي الممثلين تقول: «كانت رائعة وجميلة. تخيلي أننا طيلة هذه الفترة لم نتشاجر ولا لمرة واحدة. فالمجموعة بأكملها كانت منسجمة مع بعضها بحيث كل واحد يحترم مساحة غيره. فقد أمضينا معاً لحظات رائعة خصوصاً عندما نترافق في مشاوير ونزهات. فالجميع محبون ومحترفون في الوقت نفسه. وبالتالي لا أحد لديه نية افتعال مشكلة، وعندي من هذه الفترة ذكريات جميلة احتفظت بها».
تملك ندى رأيها الخاص عن حال الدنيا اليوم واستشراس الشر فيها. وتعتبر نفسها نصف مستسلمة. صحيح أن الشر لطالما كان موجوداً، ولكن حجم انتشاره أصبح كبيراً جداً، والناس ما عادت تخجل من إبرازه. وتتابع: «ما أراه اليوم، صار يفوق الخيال، وخاصة لجهة الأطفال. فهم يتعرضون إلى كل مظاهر العنف والظلم إضافة إلى التشرد، وهي أمور تؤذيهم بشكل مباشر. وما يحصل في لبنان وما نلاقيه من حكامنا يصب أيضاً في هذا الإطار. والأسوأ أنه لا يمكننا مواجهة كل هذا الشر، وهو ما دفعني إلى التفكير بطريقة مغايرة.
قررت أن أثور على طريقتي ومن خلال الفن الذي أمارسه. أكتب أو الناس تكتب لي أعمالاً مسرحية وسينمائية أعبر فيها عن مبادئي. مهنتي هي خير علاج لما نمر به ولمشاركة الناس مآسيها والتخفيف من حدتها».
وعن النهضة المسرحية التي تشهدها البلاد تقول: «الناس بحاجة لهذه الفسحة بعد سنتين قاسيتين على جميع الأصعدة. والناس المبدعة عادت لتنظر إلى الصحن من بعيد خروجها منه. من قبل كان هذا الأمر صعباً، ولم أكن أملك القدرة على التحدث عن انفجار بيروت ولا عن الأزمات المتلاحقة التي أصابتنا. كنت، في كل مرة أمسك بقلمي وأبدأ الكتابة، تنهمر دموعي تأثراً. المسرح اليوم هو نوع من المقاومة التي نحتاجها لاستعادة حريتنا التي سرقوها منا».


مقالات ذات صلة

ساندي لـ «الشرق الأوسط»: أتطلع لتكرار تجربة الغناء الخليجي

الوتر السادس ساندي لـ «الشرق الأوسط»: أتطلع لتكرار تجربة الغناء الخليجي

ساندي لـ «الشرق الأوسط»: أتطلع لتكرار تجربة الغناء الخليجي

تعود الفنانة المصرية ساندي لعالم التمثيل بعد غياب دام 9 سنوات من خلال فيلم «تاج»، وقالت ساندي إنها تحمست للعودة مجدداً للتمثيل من خلال تقديم فيلم عن «أول سوبر هيرو عربي» والذي يقوم ببطولته الفنان المصري تامر حسني. وأوضحت ساندي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنها لم «تكن تتوقع أن تُعرض عليها هذه الشخصية»، مشيرة إلى أنها «ستغنّي إلى جانب التمثيل بالفيلم، وكشفت الفنانة المصرية عن تطلعها لطرح أغنية خليجية في الفترة المقبلة، إلى جانب اهتمامها بمشروعها التجاري المعنيّ بالديكور والتصميمات». وقالت ساندي «تامر حسني فنان شامل ويتمتع بشعبية كبيرة، وله أسلوب خاص ومميز في العمل وأعماله تحظى بمشاهدات لافتة، وط

داليا ماهر (القاهرة)
الوتر السادس أحمد فهمي: «سره الباتع» أكبر تحدٍ في مسيرتي الفنية

أحمد فهمي: «سره الباتع» أكبر تحدٍ في مسيرتي الفنية

يرى الفنان المصري أحمد فهمي أن مسلسل «سره الباتع» يعد أكبر تحدٍ فني يخوضه في مسيرته الفنية، بسبب الأجواء التي يدور حولها المسلسل الذي يعرض خلال شهر رمضان. وكشف فهمي خلال حواره مع «الشرق الأوسط» تفاصيل دوره في المسلسل الرمضاني «سره الباتع»، وكواليس مسلسله الجديد «السفاح» الذي سيعرض عقب شهر رمضان، وفيلمه الجديد «مستر إكس» الذي سيطرح في دور العرض عقب عيد الأضحى المبارك. يقول فهمي إنه لم يخطط للمشاركة في مسلسل «سره الباتع»، بعد اتفاقه شفوياً على تقديم مسلسل كوميدي في السباق الدرامي الرمضاني، «وقبل إتمام الاتفاق، تلقيت اتصالاً من المخرج خالد يوسف يطلب الجلوس معي، وحينما جلست معه سرد لي قصة رواية ال

محمود الرفاعي (القاهرة)
الوتر السادس ساشا دحدوح لـ «الشرق الأوسط»: حسي الإعلامي علّمني الحذر

ساشا دحدوح لـ «الشرق الأوسط»: حسي الإعلامي علّمني الحذر

تسير الممثلة اللبنانية ساشا دحدوح بخطوات ثابتة في مشوارها التمثيلي. فتأتي خياراتها دقيقة وبعيدة عن التكرار. أخيراً تابعها المشاهد العربي في «دهب بنت الأوتيل». فلفتت متابعها بأدائها المحترف كامرأة تمت خيانتها. فتحاول استعادة شريك حياتها بشتى الطرق. وفي موسم رمضان تشارك في عملين رمضانيين وهما «للموت 3» و«النار بالنار». وتؤدي أيضاً فيهما شخصيتين مختلفتين عن دورها في مسلسل «دهب بنت الأوتيل». وتشير دحدوح إلى أن هذه الدِقة في خياراتها ترتبط ارتباطاً مباشراً بشخصيتها. فهي تتأنى في أي شيء تقوم به وتدرسه حتى الاقتناع به. «ما يهمني أولاً أن أرضي نفسي فلا أقدم على خطوة ناقصة».

الوتر السادس خلال حضورها المؤتمر الصحافي الخاص بعرض فيلم «الهامور» بمصر (الشرق الأوسط)

فاطمة البنوي لـ «الشرق الأوسط»: أميل إلى الكوميديا السوداء

اعتبرت الفنانة السعودية فاطمة البنوي شخصية «جيجي» التي قدمتها في فيلم «الهامور» مزيجاً من شخصيات واقعية عديدة في المجتمع، وقالت في حوارها مع «الشرق الأوسط» إن السينما السعودية تشهد تطوراً كبيراً وإن صانع الفيلم السعودي كان متعطشا لتلك اللحظة وجاهزا لها ليقدم إبداعاته، وأشارت البنوي إلى أن هناك تقصيراً في تسويق الأفلام السعودية داخل المملكة، منوهة بأنها ستبدأ تصوير فيلم «أحلام العصر» خلال أيام. وحضرت فاطمة البنوي عرض فيلم «الهامور» بالقاهرة، الذي تجسد من خلاله شخصية «جيجي» الزوجة الثانية للبطل، والتي تستهدف الحصول على أمواله، وتتخلى عنه في النهاية، وتتنقل البنوي حاليا بين مصر والسعودية لمتابعة

انتصار دردير (القاهرة)
الوتر السادس المطرب المصري رامي صبري (فيسبوك)

رامي صبري: أرقام «يوتيوب» ليست المؤشر الوحيد للنجاح

قال الفنان المصري رامي صبري إن ألبومه الجديد «معايا هتبدع» كان بمنزلة تحد فني كبير له، لاستكمال مشواره الغنائي بنجاح.

محمود الرفاعي (القاهرة)

لطيفة لـ«الشرق الأوسط»: أسعى لتنفيذ وصية يوسف شاهين

برأيها لطيفة أنها تحصد ما زرعته، فأغنياتها كلها {ديجيتال} عبر {يوتيوب} وتمتلك حقوقها ({الشرق الأوسط})
برأيها لطيفة أنها تحصد ما زرعته، فأغنياتها كلها {ديجيتال} عبر {يوتيوب} وتمتلك حقوقها ({الشرق الأوسط})
TT

لطيفة لـ«الشرق الأوسط»: أسعى لتنفيذ وصية يوسف شاهين

برأيها لطيفة أنها تحصد ما زرعته، فأغنياتها كلها {ديجيتال} عبر {يوتيوب} وتمتلك حقوقها ({الشرق الأوسط})
برأيها لطيفة أنها تحصد ما زرعته، فأغنياتها كلها {ديجيتال} عبر {يوتيوب} وتمتلك حقوقها ({الشرق الأوسط})

طوت المطربة التونسية لطيفة أزمة أغنية «المصري»، التي جرى تغيير كلماتها في حفل مبادرة «تحدي القراءة» بالإمارات، مؤكدة اكتفاءها بردّ الشاعر المصري جمال بخيت، مؤلف كلمات الأغنية الأصلية والجديدة.

وتنشغل لطيفة، في الوقت الراهن، بتجهيز ألبومها الجديد، الذي يجمعها مجدداً مع الموسيقار اللبناني زياد الرحباني بعد 17 عاماً من لقائهما الأول، وسيصدر ألبومهما الجديد في بداية 2025. وقالت لطيفة، خلال حوارها مع «الشرق الأوسط»، إن زياد الرحباني سابق لكل موسيقيّي عصره، وأنها لا تتنازل عن تصوير كل أغنياتها، ولا تقبل تحكُّم أي جهة إنتاج فيما تقدمه، فهي تملك زمام أمرها وتنتج أعمالها بنفسها.

تعود لموسيقى زياد رحباني بعد 17عاماً من تعاونهما الأول ({الشرق الأوسط})

وكان الشاعر جمال بخيت، مؤلف الأغنية التي غنتها لطيفة في فيلم «سكوت هنصور» للمخرج الراحل يوسف شاهين، قد أوضح، عبر حسابه بـ«فيسبوك»، أنه المسؤول الأول والأخير عن التغيير الذي طال النص، قائلاً: «لقد اعتقد البعض أن لطيفة جاءت بشاعر آخر لكتابة كلمات جديدة، وهذا مستحيل قانوناً، وانبرت بعض الأقلام بهجوم مُسيء على الفنانة الكبيرة دون وجه حق»، مؤكداً أنه كتب النص من عقله وروحه، وأن «كتابة كلام مختلف على نفس اللحن أسلوب فني حدث كثيراً مع أعمال غنائية مهمة».

وعن عودتها للتعاون مع زياد الرحباني، بعد كل هذه السنوات التي شهدت تطوراً في الموسيقى، تقول لطيفة: «زياد الرحباني خارج الزمن، ولموسيقاه طاقة أخرى وطريق آخر في الكون، هو سابق عصر الموسيقى في العالم العربي بسنوات ضوئية، وهذا ليس رأيي فقط، بل رأي الراحل عمار الشريعي وغيره من المبدعين، فموسيقاه لكل الأزمنة ويُعدّ مدرسة خاصة في إبداعاته».

تتمنى الفنانة لطيفة تنفيذ وصية المخرج الراحل يوسف شاهين ({الشرق الأوسط})

يحلو لها الحديث عنه فتقول: «كنت أسمعه وأنا بالمدرسة في تونس، وكنت أتبادل وزملائي شرائط الكاسيت لمسرحياته، وأذكر أنه في مؤتمر صحافي في التسعينات نقلته إذاعة الشعب، وكانت تجلس بيروت كلها بجوار الراديو لسماعه، وسألوه عن الفنانين الذين يمكن أن يعمل معهم دون شروط، فقال: لطيفة التونسية، وأخذتني صديقة مشتركة إلى الاستديو في يوم من أحلى أيام عمري، فلم أكن أصدِّق أن ألتقيه، وبدأنا بعدها نعمل على ألبومنا الأول (معلومات أكيدة)».

وعن مدى حرصها على التنوع في الألبوم تجيب بثقة: «هذا التنوع لا يُطلَب من زياد، فهو مختلف ومتنوع في الموسيقى والإيقاعات وكل شيء، وتوليفة لا تتكرر».

وأنهت لطيفة ألبومها قبل الحرب الجارية في لبنان، لكنها تقول: «لو لم ينته الألبوم لبقيت في لبنان، ومستعدة أن أستقل، الآن، أول طائرة لبيروت، فقد تعايشت مع انفجارات سابقة بها، فكنتُ على بُعد أمتار من موقع اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، وقد نجوتُ بفضل الله، حيث كنت أعرض مسرحية (حكم الرعيان) لمنصور الرحباني».

تفخر لطيفة بأنها قدمت المسرح الغنائي كما يجب في {حكم الرعيان} ({الشرق الأوسط})

وعن العرض تقول: «كنت، كل يوم، أشكر الله مع فتح الستار؛ لأن هذا هو الفن الهادف المحترم المُبهر الذي أحبه، لكن لم تُعرَض عليَّ أعمال بهذا المستوى، كما أنني لا أقبل بالمسرح الذي ينتهي فجراً، فكنا نقدم العرض في ساعة ونصف الساعة، كما أن الرحابنة هم أكثر من قدموا المسرح الغنائي».

وتكشف لطيفة عن ملامح الألبوم الجديد قائلة: «يضم 7 أغانٍ من ألحان زياد الرحباني؛ من بينها أغنيتان من كلمات الشاعر الكبير عبد الوهاب محمد، وهو أبي الروحي، وجمعنا 20 سنة من الأغنيات الحلوة، كان عمري 4 سنوات حين غنيت له (فكروني)، ثم اكتشفت أن كل أغنية أحبها تكون من كلماته مثل (أوقاتي بتحلو)، و(مستنياك)».

وتضيف لطيفة: «لقد وضع الله عبد الوهاب في طريقي حين جئت إلى مصر للمرة الأولى، وتبنّاني مع الموسيقار بليغ حمدي، وهما مَن جعلاني أقرر البقاء في مصر، ولولاهما لَما كانت لطيفة، وأقنعاني بأن أبقى في مصر، وقد ترك لي كل أعماله الأخيرة».

وأوصى الشاعر الراحل بأن تذهب أغنيات كثيرة له للطيفة، وفق تعبير الفنانة التونسية التي توضح: «مع كل ألبوم أقدِّم بعضاً من أعماله الجديدة، ففي الألبوم السابق قدمت أغنيتين من كلماته؛ إحداهما ألحان كاظم الساهر، والأخرى ألحان زياد الطويل. وقد تركت كلماته بصمة قوية في مشواري منذ (أكتر من روحي بحبك)، (بحب في غرامك)، (حبك هادي)، (استحالة)».

لا أقبل أن يفرض عليَّ أحد ماذا أغني

لطيفة

وفي السينما لم تقدم لطيفة سوى «سكوت هنصور» مع المخرج الكبير يوسف شاهين، مبررة ذلك: «لم تتكرر تجربتي في السينما؛ لأن ما عُرض عليَّ لا يستحق التعب، لذا ركزت في أعمالي الموسيقية».

وتكشف أنها تنتظر فيلماً في مرحلة الكتابة تحمست لفكرته، قائلة: «الآن أفكر في العودة للسينما، قد تكون لي تجربة، العام المقبل، فأنا أودّ أن أنفذ وصية يوسف شاهين، فقد قال لي قبل وفاته: (اوعديني بمواصلة التمثيل لأن بداخلك ممثلة لم يأت مثلها منذ سنوات)، وأنا أحب التمثيل وأحب الفن الراقي، وقدمت مسلسل (كلمة سر) قبل سنوات».

أشعار الراحل عبد الوهاب محمد لها بصمة قوية في مشواري

لطيفة

وتولي لطيفة اهتماماً لافتاً بتصوير أغنياتها، فهي لديها رصيد كبير من الأغنيات المصورة، وتبحث دوماً عن الفكرة والشكل المتجدد، وتعقد جلسات عمل مع المخرج اللبناني وليد ناصيف الذي صوَّر لها ألبومها الماضي بتقنية الذكاء الاصطناعي.

وتصف لطيفة نفسها بـ«ملكة التجدد والتحدي والإرادة»، مشددة على أن الفنان يجب أن يتجدد، وترى أن التحضير للتصوير أهم شيء، وتتبادل الأفكار حالياً مع ناصيف، استعداداً لبدء التصوير الشهر المقبل.

وتختتم لطيفة حوارها بنبرة مفعمة بالرضا: «الآن، أحصد كل ما زرعته، فأغنياتي كلها (ديجيتال) عبر قناتي بـ(يوتيوب)، والحقوق كلها مِلكي؛ لأنني أرفض أن يتحكم بي منتج، ولا أقبل أن يفرض عليَّ أحد ماذا أغني».