مندوب التخطيط المغربي يحذر من تباطؤ الاستثمار والنمو

دعا إلى الإسراع في إصلاح التقاعد والضرائب

مندوب التخطيط المغربي  يحذر من تباطؤ الاستثمار والنمو
TT

مندوب التخطيط المغربي يحذر من تباطؤ الاستثمار والنمو

مندوب التخطيط المغربي  يحذر من تباطؤ الاستثمار والنمو

حذر أحمد لحليمي علمي، المندوب السامي للتخطيط في المغرب، من تباطؤ مستويات النمو والاستثمار والاستهلاك الداخلي، ودعا إلى تثمين نتائج الاختيارات الاستراتيجية للمغرب والفرص التي تتيحها الظروف العالمية بهدف المرور إلى مرحلة ثانية من تطوير وتنمية الاقتصاد المغربي. وأوضح علمي أن المغرب بذل جهدا كبيرا منذ سنة 2000 في مجال الاستثمار في البنيات التحتية الاقتصادية والاجتماعية، التي كان يخصص لها حصة تناهز 33 في المائة من إنتاجه الداخلي الإجمالي، مشيرا إلى أن هذا المجهود عزز جاذبية المغرب لتدفقات الاستثمار والأعمال وهيأه لمرحلة متقدمة من التطور. وأوضح علمي أن هذه الخيارات الاستراتيجية بدأت تستنفد مفعولها، مشيرا إلى تباطؤ الاستثمارات منذ 2013، التي نزل مستواها إلى 30 في المائة في المتوسط في الأعوام الثلاثة الأخيرة.
وبالإضافة إلى انكماش الاستثمار، أشار علمي إلى تراجع معدل نمو الطلب الداخلي من 6 في المائة في ما بين 2000 و2009 إلى 3.3 في المائة في الأعوام الخمسة الأخيرة.
وأوصى علمي، الذي كان يتحدث خلال لقاء صحافي مساء أول من أمس في الدار البيضاء حول الموازنة الاقتصادية الاستشرافية للبلاد، بضرورة انتقال السياسات الاقتصادية المغربية إلى مرحلة ثانية، تروم الاستفادة من الظروف الدولية الملائمة، خاصة فرصة انخفاض أسعار الطاقة والمواد الأولية، من أجل إطلاق إصلاحات بنيوية من شأنها تنويع عميق للنسيج الإنتاجي وتثمين الخيارات الاستراتيجية التي تبناها المغرب منذ سنة 2000. وحث علمي، خصوصا، على إصلاح منظومة صناديق التقاعد والإصلاح الضريبي، كما شدد على ضرورة إصلاح الإدارة التي قال إنها لم تعد تتلاءم مع متطلبات النمو والتطور التي تصبو إليها البلاد وإنها أصبحت تتطلب مراجعة عميقة لطريقة تسييرها.
وحذر علمي من تراجع وتيرة نمو القطاعات غير الزراعية، التي تراجع معدل نموها من 5 في المائة في المتوسط في ما بين 2000 و2007، إلى 2.1 في المائة خلال السنوات الثلاث الأخيرة. وأوضح أن تحسن نمو القطاع الزراعي الذي ارتفع من 7 في المائة بين 2000 و2007 إلى 9.5 في المائة من 2008 إلى 2015، لم يمكن من تغطية تراجع نمو القطاعات غير الزراعية.. «وبالتالي تراجع المعدل العام للنمو من زهاء 5 في المائة إلى ما دون 3 في المائة خلال الفترة نفسها».
كما أشار علمي إلى الفجوة بين الوقع الإيجابي الكبير لتطور صناعة السيارات على الميزان التجاري والصادرات، وضعف مساهمتها في النمو الاقتصادي وفي الناتج الداخلي الإجمالي، داعيا إلى ضرورة تشجيع الاستثمار المحلي في هذا القطاع لزيادة حجم القيمة المضافة المصنعة محليا ضمن قيمة صادراته. ودعا إلى ضرورة تحسين مناخ الأعمال وتشجيع موجه للرساميل الخاصة الوطنية والدولية للانخراط في الاستثمار المنتج، مشيرا إلى أن ذلك «سيؤدي إلى اتخاذ إصلاحات عميقة ومستدامة للنظام الجبائي الوطني الذي يبدو اليوم أقل ملاءمة مع إنتاجية عوامل الإنتاج وإدماجه في رؤية مستقبلية».



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.