تحذير أممي من «عرقلة التسوية السياسية» في السودان

المعارضة: الهجوم على نقابة المحامين تم بضوء أخضر من دوائر موالية للإسلاميين

TT

تحذير أممي من «عرقلة التسوية السياسية» في السودان

حذّرت الأمم المتحدة وقوى مجتمع مدني سودانية ودول غربية، أنصار نظام الرئيس المعزول عمر البشير والإسلاميين المتشددين التابعين له، من عرقلة التسوية السياسية وفقاً لمشروع دستور نقابة المحامين السودانيين، رافضة بشدة الهجوم على دار نقابة المحامين، معتبرة إياه محاولة لتخريب العملية السياسية المزمعة.
وأصدر مجلس السيادة الانتقالي، الأسبوع الماضي، قراراً بحل اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، بما يعني عودة الأوضاع إلى ما قبل سقوط نظام الإنقاذ، وتسليم النقابة للإسلاميين المتشددين مباشرة. وفي الوقت ذاته، تسارعت قرارات قضائية «ارتدادية» قضت بحل اللجان التسييرية للنقابات جميعها وإعادتها لأنصار نظام البشير، ما يعني رسمياً سيطرتهم على الحركة النقابية في البلاد.
ورفض المحامون القرار وشرعوا في استئنافه، إلا أن مجموعة من المتشددين سارعوا إلى دار النقابة، وحاولوا الاستيلاء عليها بالقوة، واعتدوا على المحامين الموجودين في الدار بالحجارة وقنابل الغاز، وسُمعت أصوات إطلاق الرصاص الحي قادمة من جهتهم، بيد أنهم لم يفلحوا في مسعاهم بفعل مقاومة المحامين الموجودين داخل الدار.
ورفض المحامون إخلاء الدار، فحاصرتهم الشرطة ومنعت عنهم الغذاء وماء الشرب لعدة ساعات، قبل أن يقرروا المغادرة بعد إغلاق الدار تماماً. وفي اليوم الثاني، منعتهم الشرطة من دخول الدار التي ظلت مغلقة طوال الأيام الثلاثة الماضية، وهو ما عده المحامون مخالفة للقانون السوداني.
وأكد قيادي بارز في تحالف المعارضة، طلب عدم كتابة اسمه لحساسية وضعه، لـ«الشرق الأوسط»، أن أنصار نظام البشير والإسلاميين المتشددين الموالين له يعملون على عرقلة العملية السياسية، لأنهم لا يريدون الوصول لحل للأزمة السياسية الجارية في البلاد، على الرغم من عدم امتلاكهم حلولاً لأزمة الحالية.
وأوضح أن المجموعة التي هاجمت دار المحامين حصلت على ضوء أخضر من دوائر عسكرية موالية للإسلاميين لتخريب العملية السياسية المزمعة، وقال إنها سارعت إلى إصدار قرارات قضائية أعادت بموجبها الإسلاميين المتشددين لمفاصل الخدمة المدنية والنقابات، وأعادت لهم أموالهم ومنقولاتهم المستردة لحكومة السودان من قبل الحكومة المدنية التي أطاح به الجيش 25 أكتوبر (تشرين الأول).
وتوقّع المصدر أن يقتصر دور الإسلاميين على محاولات تخريب العملية السياسية، وتعطيلها مؤقتاً، على الرغم من أنهم لا يملكون حلولاً يمكن أن يقدموها للعسكريين الموالين لهم. وقال: «يمكن أن يخربوا لكنهم لا يستطيعون الإتيان بحل للأزمة، فقد فشلوا جماهيرياً وسياسياً وتنظيمياً في توفير سند لاستمرار الانقلاب».
دولياً، أدان سفراء دول مجموعة الثلاثية الدولية (النرويج، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة)، الهجوم على نقابة المحامين السودانيين، ودعوا الحكومة لتهيئة الظروف المواتية لحوار سياسي شامل.
وانتقد السفراء اللجوء للعنف واعتبروه غير مقبول، لأنه يهدف إلى «تعطيل الجهود المبذولة لتعزيز حوار شامل، للمساعدة في التوصل إلى اتفاق بشأن حكومة جديدة بقيادة مدنية».
وقال السفراء، في بيانهم الصادر أمس بوضوح، إنهم يقفون ضد من يرفضون مطالب الشعب السوداني في الحرية والسلام والعدالة، و«الذين يحبطون التقدم نحو اتفاق سياسي وحكومة بقيادة مدنية»، ويرفضون أي اعتداء على حرية التعبير والتجمع.
وكان ممثل الأمين العام للأمم المتحدة رئيس البعثة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان (يونيتامس)، فولكر بيرتس، قد أدان الهجوم، واعتبره استهدافاً لنقابة المحامين، وإشارة «واضحة مرسلة ضد الجهود الجارية للتوصل إلى إجماع مقبول بين القوى السياسية والعسكريين نحو انتقال ديمقراطي حقيقي في السودان».
وحلّت لجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو (حزيران) ومحاربة الفساد - وهي لجنة مكونة وفقاً للوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية ويترأسها عضو مجلس السيادة الفريق ياسر العطا - النقابات والاتحاد المهنية وكلّفت لجان تسيير مكانها. لكن اللجنة تم تجميدها بقرارات 25 أكتوبر 2021 التي اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.
ومطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، وإثر ذيوع قرب التوصل لاتفاق ينهي الأزمة السياسية في البلاد، أصدر قاضي المحكمة العليا محمد علي بابكر أبو سبيحة حكماً قضائياً، ألغى بموجبه قرار لجنة إزالة التمكين بحل النقابات والاتحادات المهنية واتحاد أصحاب العمل، وما ترتب عليها، وبإعادة الحال إلى ما عليه قبل سقوط نظام البشير.
وكانت الدائرة القضائية ذاتها أصدرت قرارات أعادت بموجبها أموال ومنقولات وعقارات مملوكة لرموز حزب البشير «المؤتمر الوطني» المحلول.
وفي أثناء ذلك، أصدرت لجنة الاستئنافات التابعة للجنة إزالة التمكين المجمدة قراراً ألغت بموجبه قرار لجنتها، وحلت اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، وأمرت بإعادة الإسلاميين المتشددين الذين كانوا يقودون النقابة. واعتبر المعارض البارز أن ما حصل هو قرارات اتخذت على عجل لقطع الطريق أمام الحل السياسي، وعودة الحكم الانتقال المدني الديمقراطي الذي يرفضه «فلول» النظام المعزول ويسعون لعرقلته بشتى السبل.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
TT

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة، وغازل عمداء البلديات بـ«الخدمات» من خلال إنهاء وتدشين عدة مشروعات في مناطقهم.

واجتمع الدبيبة في مقر الحكومة بطرابلس العاصمة مع 6 عمداء بلديات، هي الأصابعة وككلة والقواليش والمشاشية ويفرن والقلعة، بالإضافة إلى عدد من أعيانها، لمناقشة عدد من الملفات الخدمية والتنموية والاجتماعية.

وتحدث الدبيبة خلال اللقاء عن دعمه لملف التنمية المحلية واللامركزية، وإقرار عدد من اللوائح والقرارات المنظمة لهذا التوجه المهم، مشدداً على ضرورة توحيد الجهود الوطنية للوصول بالبلاد لانتخابات برلمانية ورئاسية، وفق قوانين عادلة ومتفق عليها، وإنهاء المراحل الانتقالية.

الدبيبة مع عدد من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

ووفقاً لمكتب الدبيبة، فقد استعرض رؤساء الأجهزة التنفيذية أهم المشروعات التنموية بالبلديات الحاضرة، ونسب الإنجاز الفنية والمشروعات المعتمدة في الخطة التنموية المقبلة.

ويأتي لقاء الدبيبة بعمداء البلديات الـ6، عقب يوم من لقائه أعضاء المجلس البلدي يفرن وعدداً من أعيان المدينة. وأثار خلال اجتماعه معهم ضرورة «توحيد الجهود الوطنية لإنجاز الدستور والقوانين الانتخابية العادلة، لتكون المرجعية الوطنية التي تتيح إجراء الانتخابات وإنهاء المراحل الانتقالية».

وخلال الاجتماعين حرص الدبيبة على توجيه أجهزة حكومته لإنجاز مشاريع معطلة بالبلديات، وقال في اللقاء الذي انتهى، مساء الخميس، إن «عمليات الإمداد المائي لبلديات الجبل تحديداً كانت من أولويات الخطة التنموية، ضمن مشروعات (عودة الحياة)، وما زالت مستمرة حتى استكمالها، تقديراً لظروف المنطقة واحتياجاتها لمياه الشرب».

كما وجّه الدبيبة «الأجهزة التنفيذية بإعطاء الأولوية في المشروعات التنموية لقطاعات المياه والصرف الصحي، والمرافق التعليمية والصحية، وإعطاء الأولوية للمشاريع الجارية لضمان استكمالها».

من جهة ثانية، تتواصل في ليبيا تداعيات إيقاف الدبيبة للقائم بالأعمال في السفارة الليبية لدى مصر، محمد عبد العالي، دون مزيد من الأسباب، لكنه كلف مندوب ليبيا لدى جامعة الدول العربية، السفير عبد المطلب إدريس، بتسيير مهام السفارة الليبية.

في غضون ذلك، دعا مجلس النواب الليبي أعضاءه إلى جلسة رسمية، الاثنين المقبل، تُعقد في مدينة بنغازي، لمناقشة بنود جدول أعمال المجلس، حسب عبد الله بليحق المتحدث الرسمي باسم المجلس.

الطاهر الباعور مستقبلاً سفير إيطاليا لدى ليبيا (خارجية الوحدة)

من جهته، التقى الطاهر الباعور، المكلف تسيير وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة»، الجمعة، في مكتبه بطرابلس، سفير إيطاليا لدى ليبيا، جيانلوكا البريني، حيث أكد الجانبان على عمق العلاقات الثنائية المتميزة التي تربط البلدين والشعبين الصديقين.

ونقلت الخارجية عن السفير «إشادته بمخرجات منتدى الأعمال الليبي - الإيطالي، الذي عُقد بطرابلس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ حيث نقل خلال اللقاء امتنان وتقدير رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجا ميلوني، لنجاح هذا المنتدى.

وأكد الباعور مشاركته وتمثيل الوفد الليبي في «منتدى حوار المتوسط لبلدان البحر المتوسط»، الذي سيُعقد في روما على المستوى الوزاري، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.