«لولا»... السبعيني اليساري يحقق سابقة في تاريخ البرازيل إثر فوزه بولاية رئاسية ثالثة تلت الإدانة والسجن والتبرئة

تحديات صعبة تنتظره بعد تدهور المؤسسات الديمقراطية

«لولا»... السبعيني اليساري يحقق سابقة في تاريخ البرازيل إثر فوزه بولاية رئاسية ثالثة تلت الإدانة والسجن والتبرئة
TT

«لولا»... السبعيني اليساري يحقق سابقة في تاريخ البرازيل إثر فوزه بولاية رئاسية ثالثة تلت الإدانة والسجن والتبرئة

«لولا»... السبعيني اليساري يحقق سابقة في تاريخ البرازيل إثر فوزه بولاية رئاسية ثالثة تلت الإدانة والسجن والتبرئة

بعد 12 سنة على نهاية ولايته الرئاسية الثانية، يعود لويس إيناسيو «لولا» دا سيلفا، مطلع العام المقبل إلى قصر الفورادا، مقر رئيس جمهورية البرازيل، وذلك إثر فوزه في الجولة الثانية من الانتخابات الأخيرة التي نال فيها نحو 51% من الأصوات مقابل نحو 49% لمنافسه الرئيس الحالي اليميني المتطرف جاير بولسونارو. ولقد حصل حزب العمّال الذي يتزعمه «لولا» على 13.3 مليون صوت، أكثر مما جمعه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في عام 2018، في حين لم يجمع بولسونارو أكثر من 400 ألف صوت، أكثر من الانتخابات السابقة. تُعد عودة «لولا» إلى الحكم، وهو أول رئيس يفوز بولاية ثالثة في تاريخ البرازيل، بمثابة بداية عصر جديد يقتضي إعادة ترميم هذا البلد الذي يعاني من شرخ سياسي واجتماعي عميق، ويُلقي بمسؤولية ضخمة على عاتق هذا الزعيم اليساري الذي تجاوز السابعة والسبعين من عمره، وتعافى من مرض السرطان وأمضى سنة ونصف السنة في السجن بعد إدانته بتهمة الفساد التي برّأته منها لاحقاً المحكمة الدستورية وأعادت إليه حقوقه السياسية التي كان حرمانه منها قد منعه من خوض الانتخابات السابقة التي فاز بها بولسونارو. وبعد أربع سنوات من الاستقطاب الممنهج الذي اتسمت به ولاية الرئيس السابق اليميني المتطرف، وما نجم عنه من تدهور للمؤسسات الديمقراطية وتهميش للسلطات القضائية وتحقير للأقليات وترويج لاستخدام الأسلحة الفردية، تقع الآن على عاتق «لولا» مهمة ترميم التعايش في بلد يزيد عدد سكانه على 214 مليوناً، واستعادة القيم التي انهارت، وتجاوز الانقسام الحاد الذي أظهرته نتائج الانتخابات الذي يهدد بتعطيل السياسات الإصلاحية في المستقبل.
يقول فرناندو مورايس، صديق الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو «لولا» دا سيلفا وكاتب سيرته، إن الأخير أمضى العقود الثلاثة المنصرمة من حياته يتنفسّ السياسة ولا يمارس أي نشاط غيرها. وهي الوقود الذي يحرّك هذا الرجل الذي خاض كل المعارك، ونهض من موت سياسي سريري، ليعود ويمسك بزمام القوة الاقتصادية والديمغرافية في أميركا اللاتينية، بعدما سبق وحكمها في العام 2003 ثم في العام 2010.
كان ضرباً من الخيال تصوّر المشهد الذي تعيشه البرازيل اليوم، عندما كان «لولا»، الذي بدأ يعمل منذ صباه في مصنع للصلب قبل أن يصبح زعيماً نقابياً ويؤسس حزب العمّال، مجرد جثّة سياسية منذ أربع سنوات. إذ أُدخل السجن قبل ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية التي فاز بها المرشح اليميني المتطرف جاير بولسونارو الذي يحنّ إلى عهد الديكتاتورية العسكرية... التي أمضى «لولا» في سجونها فترات عندما كان زعيماً نقابياً يقود المظاهرات المطالبة بحقوق العمال.
- رجل دخل التاريخ
دخل «لولا» التاريخ البرازيلي في العام 2003 عندما أصبح أول عامل يصعد إلى سدّة الرئاسة في بلد طبقيّ بامتياز وموصوف بالفوارق الاجتماعية الحادة. ولقد تحوّل بالنسبة لبعض مواطنيه إلى بطل قومي أنهض عشرات الملايين من براثن الجوع والفقر وأعطاهم فرصاً لم يكن آباؤهم يحلمون بها، في حين رأى فيه آخرون زعيماً لعصابة نهبت المال العام من عائدات شركة النفط الوطنية ومُداناً محكوماً عليه بالسجن عشرين شهراً قبل أن تلغي المحكمة العليا الحكم الصادر بحقه.
منذ ثلاثة عقود يتصدّر «لولا» المشهد السياسي البرازيلي الذي يدور حوله باستمرار. ولا ينكر له أحد قدراته الخارقة على التفاوض، وبراعته في التواصل مع الجماهير، ووقوفه دائماً إلى جانب المهمّشين والكادحين. ويؤكد الذين رافقوه على مقاعد الدراسة، أنه كان متفوقاً في التعبير الشفوي والخطّي مع أنه لم يكن في عداد الناجحين دائماً.
شارك «لولا» خلال النصف الأول من سبعينات القرن الفائت في الحركة التأسيسية لحزب العمال البرازيلي، التي كانت تضمّ مجموعة متباينة المشارب من معارضي النظام العسكري، يتراوح أعضاؤها بين قادة نقابيين ومثقفين يساريين وناشطين كاثوليكيين من تيّار لاهوت التحرّر.
كانت تلك الحركة تسعى إلى التمايز عن التيارات النقابية الرسمية، في الوقت الذي كانت تحاول أيضاً تطبيق نمط جديد من الاشتراكية الديمقراطية يختلف جذريّاً عن النموذجين السوفياتي والصيني اللذين كانا قد دخلا مرحلة الأفول والانهيار.

من النقابة إلى الرئاسة
في أواسط الثمانينات تولّى «لولا» قيادة نقابة عمّال الصلب، وكان أحد المخططين البارزين للإضرابات الكبرى إبان الحكم العسكري، التي كان لها كبير الأثر في تسريع سقوط النظام. وبعدما فشلت محاولاته الثلاث المتتالية للوصول إلى الرئاسة منذ العام 1989. تمكّن في العام 2002 من الفوز بالانتخابات الرئاسية، ثم جدّد ولايته في الانتخابات التالية عندما كان في ذروة شعبيته التي حطمّت كل الأرقام القياسية في تاريخ البرازيل. وخلال السنوات الثماني التي أمضاها في الرئاسة، أجرى إصلاحات وتغييرات جذرية أحدثت تحولاً اجتماعياً واقتصادياً عميقاً ضاعف الناتج المحلي ثلاث مرات، ورفع البرازيل إلى مرتبة القوة الاقتصادية السادسة في العالم.
المراقبون يُجمعون على أن السياسات التي انتهجتها حكومات «لولا» لعبت الدور الأساسي في النهضة الاقتصادية البرازيلية، وحققت إنجازات مشهودة في مجال الحد من الفقر والجوع استفاد منها أكثر من ربع سكان البلاد. وعلى الصعيد الدولي كان له دور بارز في التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران، وفي إبرام الاتفاقية الدولية لتغيّر المناخ. وعند نهاية ولايته الرئاسية الثانية كانت شعبيته تتجاوز 80% بين السكان، إلا أنها بدأت تتراجع في العام 2016 بعد انفجار قضية الفساد حول شركة النفط الوطنية «بتروبراز» التي طالت عدداً كبيراً من أعضاء حزب العمال وأدّت إلى صدور حكم بسجنه لمدة تسع سنوات وستة أشهر، وكانت تلك أول مرة يُحكَم فيها على رئيس برازيلي بالسجن بتهمة الفساد.
وحقاً، في أبريل (نيسان) 2018 أُدخل «لولا» السجن حيث أمضى 580 يوماً، ومنعه ذلك العام من الترشح للانتخابات الرئاسية التي فاز بها بولسونارو، الذي عيّن القاضي سيرجيو مورو، الذي كان قد أصدر الحكم بسجن «لولا»، وزيراً للعدل في حكومته الأولى قبل أن يختلف معه ويقدم مورو استقالته. وبعدها، في أواخر العام 2019 صدر قرار قضائي بالإفراج عن «لولا»، ثم أصدرت المحكمة العليا قراراً في مارس (آذار) من العام التالي يلغي جميع الأحكام الصادرة بحقه على أساس أن القاضي مورو لم يكن يتمتع بالصلاحيات التي تخوّله النظر بالجرائم المنسوبة إليه.
- النشأة وبداية المسيرة
نشأ «لولا» في كنف أسرة من الفلاحين، صغيراً لسبعة أشقاء، في إحدى قرى الريف الصغيرة التي هاجرها والده بُعيد ولادته إلى مدينة ساو باولو ليعمل حمّالاَ في المرفأ. والحقيقة أن «لولا» لم يعرف والده حتى بلوغه الخامسة، وقد وصفه في سيرته الذاتية بأنه «كان بئراً من الجهل ومدمناً على الخمر».
في العام 1956 وبعد رحلة شاقة طالت ثلاثة عشر يوماً مع والدته وإخوته في شاحنة زراعية، استقرّت العائلة في ساو باولو حيث بدأ بالعمل ماسح أحذية وهو لا يزال في الثانية عشرة من عمره. ثم انتقل بعدها ليعمل مساعداً في مصبغة قبل أن ينصرف إلى بيع الفواكه على عربة نقّالة.
في الرابعة عشرة غادر «لولا» المدرسة نهائياً ليعمل في مصنع صغير للصلب، حيث تابع دورة دراسة مهنية لثلاث سنوات. في تلك الفترة تفتحت اهتماماته السياسية عندما اعتقلت السلطات العسكرية شقيقه الأكبر، الذي كان منتسباً إلى الحزب الشيوعي، وتعرّض الأخ يومها للتعذيب.
وفي العام 1969 انتُخب «لولا» وشقيقه عضوين في اللجنة التنفيذية لنقابة عمال الصلب، التي أصبح لاحقاً مديراً لقسم الرعاية الاجتماعية فيها قبل أن يُنتخَب رئيساً لها عام 1975 بنسبة 92% من الأصوات. وبعد ثلاث سنوات، أُعيد انتخابه... ليبدأ مرحلة من المواجهة مع النظام العسكري (يومذاك)، تخللتها سلسلة من الإضرابات العامة والمظاهرات الحاشدة في ساو باولو التي طالت إحداها 41 يوماً وشارك فيها أكثر من 300 ألف عامل.
- الفكر الحزبي العملي
في تلك الفترة طرح «لولا» على مجموعة من رفاقه فكرة تأسيس حزب سياسي يكسر المعادلة الثنائية التي كانت سائدة في حينه، ويكون المدافع عن حقوق العمال. وهكذا تأسس حزب العمال البرازيلي في فبراير (شباط) 1980 بدعم من بعض السياسيين والمثقفين اليساريين، وتوجُّه اشتراكي تروتسكي. وفي العام 1986 انتُخب «لولا» عضواً في الجمعية التأسيسية التي قررت استعادة نظام الاقتراع الحر والمباشر لرئيس الجمهورية وإنهاء النظام العسكري.
وفي الانتخابات العامة التي أُجريت ذلك العام، حلّ حزب العمال أولاً بين الأحزاب اليسارية، ليحقق لاحقاً أول انتصار كبير له عندما فاز في الانتخابات البلدية في 36 من المدن الكبرى، من بينها ساو باولو وبورتو آليغري. ولكن في الانتخابات الرئاسية التي أُجريت عام 1989. خسر «لولا» رهانه الأول في الدورة الثانية بفارق صغير أمام فرناندو كوليور دي ميلو. إلا أنها كانت المرة الأولى في تاريخ البرازيل التي يترشّح فيها للرئاسة زعيم نقابي كان قد طرح في برنامجه خطة لوضع حد أدنى لأجور العمال ومشروعاً للإصلاح الزراعي. ولقد بيّنت تحقيقات صحافية لاحقة أن تلك الانتخابات، التي تضافرت فيها جهود وسائل الإعلام الكبرى وقطاعات المال والأعمال ضد «لولا»، شهدت تزويراً وتخللتها تجاوزات قانونية كثيرة لصالح المرشح اليميني الذي قاد أيضاً حملة تشهير وأضاليل وتلفيقات ضد «لولا»، من بينها تركيب عملية اختطاف لأحد رجال الأعمال المعروفين قبل أسبوع من الانتخابات، ثم تحريره على يد الشرطة، واتهام حزب العمال بتدبير تلك العملية. وأدى انكشاف تلك التجاوزات إلى موجة عارمة من الاحتجاجات في كل أنحاء البلاد شارك فيها أكثر من خمسين مليون برازيلي، وانتهت باستقالة كوليور دي ميلو بنهاية العام 1992 وإحالته إلى المحاكمة. لكن «لولا» عاد ليفشل في ترشحه للرئاسة مرتين في العام 1994 ثم في العام 1998، قبل أن يفوز عام 2002 بولايته الرئاسية الأولى التي عاد وجدّدها في العام 2006.
- دور أمّه المحوري
يقول المقرّبون من «لولا» إن أمه هي الشخصية المحورية في حياته. وهو يذكرها باستمرار في كل المناسبات، وغالباً ما يتحدث في خطاباته عن «تلك المرأة الأميّة والصارمة التي ربّت عائلة من سبعة أولاد، وهي تتعرّض للمهانة وسوء المعاملة من زوجها المدمن على الكحول». ويقول مورايس، صديقه وكاتب سيرته، إن «لولا» يتميّز بحرصه على الاستماع لأكبر عدد ممكن من الآراء قبل أن يتخذ قراره النهائي، ثم إنه يتقن التواصل بعفوية مع بسطاء القوم وكبارهم، ولا مكان عنده للحقد حتى على ألدّ أعدائه، علماً بأن حياته كانت صعبة جداً منذ بداياتها، وفقد زوجته الأولى عند ولادة ابنهما الثالث، كما توفيت زوجته الثانية عندما كان على وشك دخول السجن عام 2018.
ختاماً، عندما تأكد فوزه في الانتخابات الرئاسية يوم الأحد الفائت، خرج «لولا» أمام أنصاره ليقول: «أعدّ نفسي مواطناً قام من الموت. حاولوا دفني حيّاً، لكن ها أنا ذا هنا من جديد... وأعدكم بأن مكافحة الجوع ستكون في طليعة أولوياتي، تليها إعادة البرازيل إلى المسرح الدولي».


مقالات ذات صلة

رونالدينيو يُطلق دورياً عالمياً لكرة قدم الشارع

الرياضة رونالدينيو يُطلق دورياً عالمياً لكرة قدم الشارع

رونالدينيو يُطلق دورياً عالمياً لكرة قدم الشارع

يُطلق نجم كرة القدم البرازيلي رونالدينيو دوريا مخصصا لكرة قدم الشارع في جميع أنحاء العالم، وذلك لمنح اللاعبين الشباب الموهوبين فرصة لإظهار مهاراتهم واتباع نفس المسار نحو النجومية مثل لاعب برشلونة السابق، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس». قال المنظمون اليوم (السبت) إن دوري رونالدينيو العالمي لكرة قدم الشارع سيبدأ في «أواخر عام 2023»، وسيتضمن في البداية عملية اختبار على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يمكن للاعبي كرة القدم في الشوارع من جميع الأعمار تحميل أفضل مهاراتهم وحيلهم في محاولة للانضمام إلى أحد فرق المسابقة. ستقام المباريات وجهاً لوجه في المدن الكبرى في جميع أنحاء العالم، وستتنافس الفرق في الدور

«الشرق الأوسط» (برازيليا)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي: تحديد الطرف المحقّ في النزاع بين روسيا وأوكرانيا لا يفيد

الرئيس البرازيلي: تحديد الطرف المحقّ في النزاع بين روسيا وأوكرانيا لا يفيد

أكد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، اليوم الأربعاء في مدريد أن «تحديد الطرف الم»" في النزاع بين روسيا وأوكرانيا «لا يفيد في شي»، مؤكدا أن مفاوضات السلام لها الاولوية. وقال الرئيس البرازيلي الذي يزور اسبانيا في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز «لا يفيد أبدا تحديد الطرف المحق والطرف الخاطئ (...). ما يجب القيام به هو إنهاء هذه الحرب»، وفق ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أميركا اللاتينية لولا في أوروبا سعياً لاستثمارات وللتهدئة مع الغرب

لولا في أوروبا سعياً لاستثمارات وللتهدئة مع الغرب

يعود لويس إينياسيو لولا إلى أوروبا، لكن رئيساً للبرازيل هذه المرة، بعد أن أثارت مواقفه وتصريحاته بشأن الحرب في أوكرانيا موجة من الاستغراب والاستياء في العديد من البلدان الغربية لاعتبارها منحازة إلى موسكو وبعيدة حتى عن موقف الأمم المتحدة. وكان لولا قد وصل مساء الجمعة إلى العاصمة البرتغالية، لشبونة، التي هي عادة البوابة التي يدخل منها البرازيليون إلى القارة الأوروبية، ومن المتوقع أن ينتقل غداً إلى مدريد التي تستعد منذ فترة لتحضير القمة المنتظرة بين الاتحاد الأوروبي وأميركا اللاتينية، في مستهل رئاسة إسبانيا الدورية للاتحاد خلال النصف الثاني من هذه السنة. وسيحاول الرئيس البرازيلي في محادثاته مع رئ

شوقي الريّس (مدريد)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي يسعى لإيجاد «حل تفاوضي» بين أوكرانيا وروسيا

الرئيس البرازيلي يسعى لإيجاد «حل تفاوضي» بين أوكرانيا وروسيا

أعلن الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، اليوم (السبت)، رفضه «المشاركة» في النزاع بشأن أوكرانيا، ورغبته في المساهمة بإيجاد «حل تفاوضي» بين كييف وموسكو، بعدما انتقد الغربيون تصريحاته الأخيرة بشأن الحرب في أوكرانيا. وصرح لولا للصحافة عقب لقاء في لشبونة مع نظيره البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا، أنه «في الوقت الذي تدين فيه حكومتي انتهاك وحدة أراضي أوكرانيا، ندافع أيضاً عن الحل التفاوضي للنزاع».

«الشرق الأوسط» (لشبونة)
أميركا اللاتينية بولسونارو يواجه «إقصاءً طويلاً» من الحياة السياسية

بولسونارو يواجه «إقصاءً طويلاً» من الحياة السياسية

بدأ الطوق القضائي يضيق حول الرئيس البرازيلي السابق جاير بولسونارو، تمهيداً لإقصائه فترة طويلة عن العمل السياسي، بعد أن وجهت النيابة العامة الانتخابية طلباً إلى المحكمة العليا، الأسبوع الماضي، لمنعه من ممارسة أي نشاط سياسي لمدة لا تقل عن ثماني سنوات بتهمة إساءة استخدام السلطة. وكان بولسونارو قد انتقد النظام الانتخابي الإلكتروني، وشكّك في نزاهته خلال اجتماع مع السفراء الأجانب العام الماضي عندما كان لا يزال رئيساً. وتعود تلك التصريحات لبولسونارو إلى مطلع الصيف الماضي، عندما كانت البرازيل في بداية حملة الانتخابات الرئاسية.

شوقي الريّس (مدريد)

مادورو يؤكد أنه أجرى محادثة «ودية» مع ترمب

TT

مادورو يؤكد أنه أجرى محادثة «ودية» مع ترمب

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ب)
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ب)

أكد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الأربعاء أنه أجرى مكالمة هاتفية «ودية» مع نظيره الأميركي دونالد ترمب وسط أزمة بين البلدين.

وقال مادورو في تصريح للتلفزيون الرسمي «تحدثت مع رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترمب. أستطيع القول إن المحادثة جرت بنبرة محترمة، حتى أنني أستطيع القول إنها كانت ودية». وأضاف «سأذهب إلى أبعد من ذلك... إذا كانت هذه الدعوة تعني أننا نتخذ خطوات نحو حوار محترم، من دولة إلى دولة، ومن بلد إلى بلد، فأهلا بالحوار، وأهلا بالدبلوماسية، لأننا سنسعى دائما إلى السلام».

واعترف ترمب الأحد بإجراء هذه المكالمة التي تحدثت عنها الصحافة. وقال الرئيس الأميركي من الطائرة الرئاسية «لا أستطيع أن أقول إن الأمر سار بشكل جيد أو سيئ. لقد كانت مكالمة هاتفية».وتأتي هذه المحادثة فيما تكثف الولايات المتحدة الضغوط على فنزويلا بانتشار عسكري كبير في منطقة البحر الكاريبي، وشن ضربات جوية ضد قوارب يشتبه في تهريبها المخدرات، وتحذيرات من توجيه ضربات على الأراضي الفنزويلية.

وقال مادورو الأربعاء إنه «قبل حوالى عشرة أيام، اتصلوا من البيت الأبيض بقصر ميرافلوريس، وأجريت محادثة هاتفية مع الرئيس دونالد ترمب. تحدث العالم كله عن ذلك». وتابع «خلال سنواتي الست كوزير للخارجية، تعلمت الحذر الدبلوماسي. أحب الحذر، ولا أحب الدبلوماسية عبر الميكروفونات. عندما تكون هناك أمور مهمة، يجب إنجازها بصمت حتى إنجازها».

ويتّهم دونالد ترمب فنزويلا بإدارة عملية تهريب المخدرات التي تغمر السوق الأميركية. وتنفي كراكاس ذلك وتقول إن الهدف الحقيقي لواشنطن هو تغيير النظام والسيطرة على احتياطات النفط الفنزويلية.


تغيير مستمر لهواتفه ومكان نومه... مادورو يعزّز أمنه الشخصي وسط تهديدات واشنطن

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ب)
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ب)
TT

تغيير مستمر لهواتفه ومكان نومه... مادورو يعزّز أمنه الشخصي وسط تهديدات واشنطن

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ب)
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ب)

عزّز الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إجراءات أمنه الشخصي، بما في ذلك تغيير مكان نومه وهواتفه، والتقرب بشكل أكبر من كوبا، حليفته الرئيسية، وسط تهديد متزايد بتدخل عسكري أميركي في البلاد، وفقاً لما أكدته عدة مصادر مطلعة.

وقالت المصادر المقربة من الحكومة الفنزويلية لصحيفة «نيويورك تايمز»، إن هناك حالة من التوتر والقلق تُسيطر على الدائرة المقربة من مادورو، مُضيفة أن الرئيس الفنزويلي يعتقد أنه لا يزال مُسيطراً على الأمور، وأنه قادر على تجاوز أحدث وأخطر تهديد لحكمه المُستمر منذ 12 عاماً.

ولفتت المصادر إلى أن مادورو يغيّر بانتظام أماكن نومه وهواتفه الجوالة لحماية نفسه من أي ضربة دقيقة محتملة أو عملية مداهمة من قوات خاصة.

وأضافوا أن هذه الاحتياطات زادت منذ سبتمبر (أيلول)، عندما بدأت الولايات المتحدة حشد السفن الحربية وضرب القوارب التي تزعم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنها تُهرب المخدرات من فنزويلا.

وللحد من خطر الخيانة، وسّع مادورو أيضاً دور الحراس الشخصيين الكوبيين في فريق أمنه الشخصي، وألحق المزيد من ضباط مكافحة التجسس الكوبيين بالجيش الفنزويلي، وفقاً لأحد المصادر.

لكن في العلن، سعى مادورو إلى التقليل من تهديدات واشنطن من خلال التظاهر باللامبالاة والهدوء، حيث أصبح يظهر في المناسبات العامة دون إعلان مسبق، ويرقص أمام الحضور، وينشر مقاطع فيديو دعائية على «تيك توك».

وتكثّف الولايات المتحدة ضغوطها على فنزويلا بأشكال عدة، منها توجيه ضربات أميركية على قوارب قيل إنها تهرب مخدرات في البحر الكاريبي، وتهديدات ترمب المتكررة بتوسيع نطاق العمليات العسكرية لتشمل البر، وتصنيف جماعة «دي لوس سوليس» التي تقول إدارة ترمب إنها تضم مادورو، منظمة إرهابية أجنبية.

وينفى مادورو والحكومة الفنزويلية جميع هذه الاتهامات، ويقولان إن الولايات المتحدة تسعى إلى تغيير النظام للسيطرة على الموارد الطبيعية الهائلة لفنزويلا، ومنها النفط.

وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن مادورو ومبعوثي ترمب ناقشوا في وقت سابق من هذا العام الظروف التي قد تدفع الزعيم الفنزويلي الذي خسر الانتخابات الرئاسية العام الماضي، لكنه تجاهل النتائج؛ إلى ترك منصبه. ولم تسفر تلك المحادثات عن اتفاق، مما دفع إدارة ترمب إلى تكثيف ضغطها العسكري على فنزويلا.

ومع تفاقم الأزمة، يتحدث مادورو إلى الشعب الفنزويلي تقريباً يومياً، محافظاً على حملة علاقات عامة اتسم بها حكمه في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، فقد قلل من مشاركته في الفعاليات المجدولة والبث المباشر، مستبدلاً الظهور المفاجئ في المناسبات العامة والرسائل المسجلة مسبقاً بها.

وأمس الثلاثاء، قالت أربعة مصادر مطلعة لوكالة «رويترز» للأنباء، إن ترمب أجرى مكالمة هاتفية قصيرة مع نظيره الفنزويلي الشهر الماضي، قال خلالها مادورو إنه على استعداد لمغادرة فنزويلا شريطة أن يحصل هو وأفراد أسرته على عفو كامل، بما في ذلك رفع جميع العقوبات الأميركية وإنهاء قضية رئيسية يواجهها أمام المحكمة الجنائية الدولية.

وأضافت المصادر أن مادورو طلب أيضاً رفع العقوبات عن أكثر من 100 مسؤول في الحكومة الفنزويلية، كثيرون منهم تتهمهم الولايات المتحدة بانتهاك حقوق الإنسان أو الاتجار بالمخدرات أو الفساد.

وقال مصدران إن مادورو طلب كذلك أن تدير نائبته ديلسي رودريغيز حكومة مؤقتة قبل إجراء انتخابات جديدة.

ورفض ترمب معظم طلباته في المكالمة التي استمرت أقل من 15 دقيقة، لكنه أخبر مادورو بأن لديه أسبوعاً لمغادرة فنزويلا إلى الوجهة التي يختارها مع أفراد أسرته.

وقال اثنان من المصادر إن هذا الممر الآمن انتهى يوم الجمعة، مما دفع ترمب يوم السبت إلى إعلان إغلاق المجال الجوي الفنزويلي.


رئيس كولومبيا محذرا ترمب: لا توقظ النمر... مهاجمتنا إعلان للحرب

الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو (أ.ب)
الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو (أ.ب)
TT

رئيس كولومبيا محذرا ترمب: لا توقظ النمر... مهاجمتنا إعلان للحرب

الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو (أ.ب)
الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو (أ.ب)

حذر الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو نظيره الأميركي دونالد ترمب يوم الثلاثاء من تهديد سيادة بلاده، في ظل تصعيد حرب التصريحات بين بوغوتا وواشنطن.

وفي اجتماع للحكومة الأميركية يوم الثلاثاء في واشنطن، ألمح ترمب إلى إمكانية توجيه ضربات إلى كولومبيا في إطار محاربة الجريمة المرتبطة بالمخدرات. وقال ترمب: «أسمع أن كولومبيا تصنع الكوكايين. لديهم مصانع للكوكايين، حسنا؟ ثم يبيعون لنا كوكايينهم... أي شخص يفعل ذلك ويبيعه في بلادنا سيكون هدفا للهجوم... وليس فنزويلا فقط».

ورد بيترو على تصريحات ترمب بدعوته لزيارة كولومبيا ليشهد «تدمير تسعة مختبرات مخدرات يوميا لمنع وصول الكوكايين إلى الولايات المتحدة». وأشار بيترو في منشور على منصة التواصل الاجتماعي إكس إلى أنه منذ توليه الرئاسة عام 2022 دمر 18 ألفا و400 مختبر «دون صواريخ».

وأضاف: «تعال معي، وسأعلمك كيف ندمرها، مختبر كل 40 دقيقة، لكن لا تهدد سيادتنا، لأنك ستوقظ النمر. مهاجمة سيادتنا يعني إعلان الحرب. لا تضر بعلاقات دبلوماسية استمرت قرنين». وتابع بيترو: «لقد شوهت سمعتي بالفعل. لا تواصل السير في هذا الطريق. وإذا كانت هناك أي دولة ساهمت في منع آلاف الأطنان من الكوكايين من الوصول إلى المستهلكين في أمريكا الشمالية، فهي كولومبيا».

وتدهورت العلاقات بين بوغوتا وواشنطن بشكل كبير في الآونة الأخيرة، حيث تتهم الحكومة الأميركية بيترو بعدم الحزم في مواجهة عصابات المخدرات وفرضت عليه عقوبات.