هل اقتلعت الدراما الكوميديا عن الشاشة العربية؟

منى طايع وورد الخال تكشفان لـ«الشرق الأوسط» واقع الإنتاج الكوميدي

الكاتبة منى طايع (يمين) والممثلة ورد الخال
الكاتبة منى طايع (يمين) والممثلة ورد الخال
TT

هل اقتلعت الدراما الكوميديا عن الشاشة العربية؟

الكاتبة منى طايع (يمين) والممثلة ورد الخال
الكاتبة منى طايع (يمين) والممثلة ورد الخال

على أكتاف الكوميديا بُني معظم مجد الشاشة العربية. حدثَ ذلك منذ زمنٍ يبدو بعيداً الآن، فالشهيّة حالياً مفتوحة على الدراما. تراجعت الضحكة لصالح الدمعة، وخفقة القلب، والإثارة، والتشويق، والرعب، والخيال العلمي.
ما عادت المسلسلات الكوميدية مرغوبة كما في السابق، لا من المشاهدين ولا من شركات الإنتاج. وتشهد منصات البث وشاشات التلفزة على هذا الشحّ الكوميدي، فجديد هذا الصنف الترفيهي نادر جداً إذا وُجد، ما يستدعي أحياناً إعادة بث الإنتاجات القديمة.
منذ مسلسل «عروس وعريس» (2016)، لم ينادِ الورق الكاتبة اللبنانية منى طايع إلى عمل كوميدي جديد. هي تُرجع ذلك إلى عوامل عدة؛ منها الأزمات الاقتصادية والصحية المتلاحقة التي ضربت لبنان والعالم، وسيطرة الدراما على المشهديّة، والأهم من ذلك كله تردُّد شركات الإنتاج في تبنّي نصوص كوميدية.


تنطلق طايع في توضيحها أسباب تراجع الكوميديا أو نُدرتِها، من كون «النص الكوميدي هو الأصعب، وهذا أمر متعارَف عليه عالمياً». تضيف، في حديثها مع «الشرق الأوسط»، أنها قد تستغرق سنتَين في كتابة سيناريو كوميدي، فيما لا تحتاج إلى أكثر من نصف تلك المدة لإنهاء نص درامي. تعزو تراجع الكوميديا كذلك إلى ما تسمّيه «موجة المسلسلات العربية المقتبسة من الأعمال التركية»، إضافة إلى «موضة الدراما المشتركة التي تعتمد الأكشن والموضوعات الاجتماعية، التي يتراجع فيها عنصر الكوميديا». وتلفت في هذا الإطار إلى صعوبة إنجاز كوميديا مشتركة لأن «اللهجة والنُكتة والمواقف المضحكة تختلف بين بلد عربي وآخر، وبالتالي ليس كل مواطنٍ عربي مخوّلاً فهم النكتة الآتية من بلد ثانٍ».
طايع التي اشتُهرت نصوصها الكوميدية كما تلك الدرامية، عُرفت من خلال أعمال مثل «فاميليا»، و«بنات عماتي وبنتي وأنا»، و«غنوجة بيّا» في الكوميديا. كانت تلك المسلسلات محط الأنظار في الماضي القريب، ينتظرها الكبار والصغار ويضحكون لمحتواها. أما اليوم فقد تبدّل الواقع حسب ما تقرّ الممثلة ورد الخال، إحدى بطلات تلك الأعمال. تتحدث الخال إلى «الشرق الأوسط» عن حُكم «الترند»: «يجب الالتفات إلى ما يقتضيه الترند والموضة التي تتحكم بالأمزجة. ويبدو أن المزاج العام متّجهٌ صوب الدراما والأكشن والرعب، لذلك خفّ وهج الكوميديا».

تحنّ الممثلة الآتية من تجربتَين ثريّتَين جداً في كلٍّ من الكوميديا والتراجيديا، إلى العصر الذهبي للكوميديا العربية. تعود في الذاكرة إلى «أجيال سابقة من الممثلين والكتّاب والمخرجين الذين بنوا مدارس في المجال وصنعوا إرثاً، أكان في لبنان أو مصر أو سوريا». يُذهلها الكبار أمثال عادل إمام، ودريد لحّام، وحسن علاء الدين «شوشو»... لم ينتهِ العصر الذهبي عند هؤلاء، حسب الخال، فثمّة كوميديا معاصِرة كانت هي شريكة فيها. ومن روّادِها تذكر الفنان جورج خباز، الذي يحيي بأسلوبه الخاص الكوميديا اللبنانية خصوصاً والعربية عموماً.
وبالعودة إلى منى طايع وتشريحها للأسباب المحتملة وراء تراجع وهج الكوميديا على الشاشات، تكشف الكاتبة أن «إقناع شركات الإنتاج بالنصوص الكوميدية بات يشكّل مهمة صعبة، فهم يعتبرونها مادة خفيفة مقارنة مع الدراما، لا سيّما أن الدراما تُباع بسعر أعلى بكثير». من الواضح أن هذا الواقع يستفز طايع، التي وصل بها الأمر مرة إلى حدّ القول: «ما عاد أكتب كوميديا إذا هيك عم تسترخصوها».


الكاتبة اللبنانية منى طايع

سرعان ما يهدأ غضب طايع عندما تفكّر بجمهور قد يكون مشتاقاً ومتعطشاً إلى كوميديا جديدة ترفّه عنه. هي أيضاً تبدو مشتاقة، إذ تبوح بمشروعٍ يدور في بالها: «أشعر حالياً برغبة كبيرة في كتابة نص كوميدي مبتكر يقوم على بطولة نسائية مشتركة، يسلّي المشاهدين وينسيهم همومهم». لكن الأمر يلتبس أحياناً في ذهن طايع التي تتساءل: «ماذا لو كان الناس يحتاجون في هذه الآونة إلى مادة تلفزيونية تتماهى مع مشكلاتهم وأحزانهم، لذلك وضعوا الكوميديا جانباً».
فهل يتحكم المزاج العام بالطلب على الكوميديا؟
في نظر ورد الخال: «يجب أن تُفرَد مساحة خاصة للكوميديا لأن المزاج العام سلبي بسبب تراكُم المشكلات. أما اللبناني فبحاجة إلى هذه المادة التلفزيونية أكثر من أي شعبٍ سواه». لكنها في المقابل تعود إلى الجدار الإنتاجي الذي يحول دون ذلك، وتوضح: «ليست الكوميديا أولوية بالنسبة إلى شركات الإنتاج التي تذهب إلى الدراما معتبرة إياها مادة أدسم. وقد يكون مرَدّ تلك الشهية المتراجعة حيال الكوميديا، أن الشركات لم تقتنع بأي نصٍ قُدّم لها».


الممثلة اللبنانية ورد الخال

وعمّا إذا كانت ثمة أزمة كتّاب كوميديا، توافق الخال رأي طايع بأنّ الكتابة الكوميدية هي من أصعب ما يكون، وبأنها ملَكة لم تُمنح لأي كان. أما على ضفة الممثلين فهُم كثر وبارعون، حسب توصيف الخال التي تضيف أن «الأمر مرتبط بالمادة التي تقدَّم للممثل، فإذا كان النص ضعيفاً من الطبيعي أن ينعكس ذلك على الأداء». وانطلاقاً من تجربتها، تقول الخال إن «التمثيل الكوميدي أصعب من التراجيدي، فهو يحتاج إلى عصب وسرعة بديهة وخفّة ظل. كما يجب أن تبدو النكتة عفوية وفي مكانها».
هي ليست أزمة ممثلين إذاً، بقدر ما هي أزمة كتّاب ومنتجين ومزاج عام. لكن ماذا لو أضيفت أزمة أخرى إلى تلك السابقة؟ أزمة «السوشيال ميديا» التي ربما وجد فيها الجيل الصاعد بديلاً عن الكوميديا المتلفزة؟
تعترف طايع بأنّ «للجيل الجديد مصادره الترفيهية والمضحكة الخاصة، لا سيّما منصات مثل يوتيوب وتيك توك»، لكنها في المقابل تبدو متأكدة من أنهم «لن يمانعوا في الحصول على مادة تلفزيونية كوميدية تشبههم. فالكوميديا يجب أن تواكب العصر وتحسب حساباً للجيل الصاعد المتعمّق جداً في التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي». وتضيف: «لم يعد من السهل إقناع هذا الجيل، لذا يجب العثور على ما يتماشى مع ذهنيته».
لا تسمّي ورد الخال ما يدور على وسائل التواصل الاجتماعي فناً، بل تعرّف عنه كـ«مساحات لأفراد ومجموعات يقومون بنشاطات فكاهية». وتوضح أنه «رغم تفنّن عددٍ منهم، لكن غالباً ما يكون المحتوى هزلياً وخفيفاً. أما الكوميديا الحقيقية فمختلفة عن ذلك تماماً، وهي أعمق وأصعب بكثير».


مقالات ذات صلة

«هاري بوتر»... مسلسل تلفزيوني عبر خدمة «ماكس»

يوميات الشرق «هاري بوتر»... مسلسل تلفزيوني عبر خدمة «ماكس»

«هاري بوتر»... مسلسل تلفزيوني عبر خدمة «ماكس»

من المقرر عرض حلقات مسلسل «هاري بوتر» عبر خدمة «ماكس» للبث المباشر، المعروفة سابقاً باسم «إتش بي أو ماكس». أعلن الرئيس التنفيذي لشركة «وارنر بروس ديسكفري»، ديفيد زاسلاف، إطلاق خدمة جديدة، تجمع قنوات «إتش بي أو ماكس» و«ديسكفري»، و«سلسلة تينتبول» المستوحاة من قصص جي كي رولينغ، وذلك خلال عرض تقديمي جرى الأربعاء، وفقاً لمجلة «هوليود ريبورتر» الرقمية، وفق موقع صحيفة «الغارديان» البريطانية. استغرق إنتاج سلسلة الأفلام الحية المستوحاة من الكتب السبعة التي نُشرت خلال الفترة ما بين عامي 1997 و2007، «عقداً كاملاً أنتجت خلاله بالحرفية الملحمية نفسها، وعاطفة الحب والاهتمام التي اشتهر بها هذا العمل الحصري ا

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق دراما رمضان تُعيد الاهتمام بأحياء القاهرة القديمة

دراما رمضان تُعيد الاهتمام بأحياء القاهرة القديمة

ظهرت أحياء القاهرة القديمة والتاريخية بشكل «لافت» خلال موسم دراما رمضان، حيث استعان بها صُناع الدراما داخل سياقات أعمالهم المكانية والتاريخية، وتم تسليط الضوء على ملامحها التراثية الجمالية. وتُطل مدينة الفسطاط كخلفية لأحداث مسلسل «رسالة الإمام» للفنان خالد النبوي، وهي المدينة التي استقر بها الإمام الشافعي في مصر، وتعد أقدم العواصم الإسلامية.

منى أبو النصر (القاهرة)
يوميات الشرق تترات مسلسلات رمضان في صدارة الاستماعات

تترات مسلسلات رمضان في صدارة الاستماعات

لكل مسلسل أغنيته. هذا هو التقليد المتعارف عليه والمرافق للإنتاجات التلفزيونية خلال الشهر الكريم. ورغم أن هذه السنة شهدت انكفاء لأسماء كبيرة عُرفت بتقديم شارات المسلسلات، إلا أن التترات الجديدة تصدّرت الاستماعات في مختلف الدول العربية، بأصوات فنانين بعضهم يخوض التجربة للمرة الأولى. وإلى جانب تترات المسلسلات، تميّز هذا الشهر كذلك عدد من الأعمال الموسيقية التي قدّمها كبار نجوم الأغنية في إطار إعلاني. * «أنا قادر» أحمد سعد وهشام الجخ يمكن اعتبار الفنان المصري أحمد سعد الصوت الرسمي لمسلسل «جعفر العمدة» من بطولة محمد رمضان.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق المسلسلات القصيرة رهان دراما رمضان 2023 في مصر

المسلسلات القصيرة رهان دراما رمضان 2023 في مصر

تراهن الدراما المصرية في موسم رمضان 2023 على المسلسلات القصيرة المكونة من 15 حلقة و10 حلقات، من بينها «حرب» لأحمد السقا، و«جت سليمة» لدنيا سمير غانم، و«مذكرات زوج»، و«تحت الوصاية» لمنى زكي، و«كامل العدد» لدينا الشربيني، و«علاقة مشروعة» لياسر جلال، و«تغيير جو» لمنة شلبي، ووفق متابعين فإن هذه الأعمال باتت تجتذب النجوم والمخرجين والمنتجين، باعتبارها الأسهل تسويقاً وإنتاجاً وتكلفة. ولا يقتصر التنوع في موسم دراما رمضان هذا العام على عدد الحلقات، بل يمتد إلى القضايا التي تطرحها المسلسلات بين الموضوعات الوطنية والسياسية والاجتماعية والكوميدية والدينية وقضايا المرأة، في وجبة درامية دسمة تستحوذ الشركة

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق فنانون مصريون يتخلّون عن الكوميديا لأول مرة في دراما رمضان

فنانون مصريون يتخلّون عن الكوميديا لأول مرة في دراما رمضان

تخلّى فنانون مصريون عن الكوميديا لأول مرة في موسم دراما رمضان، أبرزهم أحمد عيد، وأحمد فهمي، وأحمد رزق. يبتعد الفنان المصري أحمد عيد، خلال دوره بمسلسل «عملة نادرة» مع الفنانة نيللي كريم، عن الكوميديا.

داليا ماهر (القاهرة)

الفنانة السورية يارا صبري: «العميل» أعاد اكتشافي درامياً

يارا صبري في مسلسل «العميل» (إنستغرام)
يارا صبري في مسلسل «العميل» (إنستغرام)
TT

الفنانة السورية يارا صبري: «العميل» أعاد اكتشافي درامياً

يارا صبري في مسلسل «العميل» (إنستغرام)
يارا صبري في مسلسل «العميل» (إنستغرام)

عادت الفنانة السورية يارا صبري إلى الدراما العربية من جديد بعد فترة غياب دامت 4 سنوات، بتجسيد شخصية الأم «ميادة» في مسلسل «العميل» مع الفنان أيمن زيدان، والفنان سامر إسماعيل.

وكشفت يارا في حوار لها مع «الشرق الأوسط» عن تفاصيل العودة للدراما، والتشابه بين شخصيتها الحقيقية وشخصية «ميادة» في المسلسل.

وأبدت الممثلة السورية سعادتها لما حققته شخصية «ميادة» في مسلسل «العميل» من حضور ونجاح في الشارع العربي، وقالت: «بلا شك المسلسل كان يعطي انطباعاً بالنجاح، ولكن بالنسبة لي، لم أكن أتوقع أن تحقق شخصية ميادة كل هذا النجاح، وتثير التفاعل في الشارع العربي والسوري، فأشكر الله على أن عودتي كانت قوية وجيدة، وأعد أن هذا المسلسل أعاد اكتشافي درامياً».

وأشادت يارا بأداء بطل العمل الفنان السوري سامر إسماعيل الذي يجسد شخصية ابنها «الضابط أمير»، مضيفة: «هذه هي المرة الأولى التي ألتقي فيها سامر إسماعيل في عمل درامي، ووجدته إنساناً مسؤولاً، ومجتهداً، ولطيفاً، وجذاباً، والعمل معه متعة، لا أريد أن تكون كلماتي عبارة عن مدح فقط، ولكنه يستحق كل كلمة قلتها في حقه، وأتمنى أن أراه دائماً في أحسن صورة، وأن يقدم أعمالاً جيدة لجمهوره السوري والعربي».

وعن سبب عودتها للتمثيل بعد انقطاع من خلال مسلسل «العميل»، تقول: «كان لابد من العودة مرة أخرى للتمثيل الذي أعشقه، ربما بعض الظروف الشخصية التي تعرضت لها مؤخراً كانت سبب غيابي، والعودة كانت مهمة للغاية، وللعلم لم تكن سهلة مطلقاً، فكان لابد من اختيار العمل الجيد الذي يعيدني للجمهور، وأحمد الله أن العودة كانت من خلال هذا العمل الذي توفرت فيه كل عوامل النجاح من إنتاج وبطولة وإخراج وتأليف، والتصوير الذي خرج في صورة رائعة».

يارا صبري وزوجها ماهر صليبي (إنستغرام)

وعن الصعوبات التي واجهتها في أثناء التصوير تقول الفنانة السورية: «أكبر عائق كان السفر إلى تركيا، حيث كنا نمضي أسابيع هناك لتصوير المشاهد، والتحضير للدور تطلّب وقتاً طويلاً». وأوضحت أن «شخصية (ميادة) في المسلسل تتمحور حول أم تحاول إعادة أولادها لحضنها بعد أن ضاع منها ابنها الثاني في طفولته، وصعوبة الشخصية تكمن في أن عليها إظهار الضعف في أغلب الوقت، ولكن أحياناً لابد أن تكون قوية، ورغم أن مبادئها فوق أي اعتبار، لكن قد تتنازل عنها من أجل أولادها، خصوصاً حينما تعلم بعمل نجلها في التهريب».

ترى يارا صبري أن حبها لأولادها هو العنصر الرئيسي المشترك بين شخصيتها الحقيقية، وشخصية ميادة في مسلسل «العميل»، وتقول: «في أي دور درامي أجسده، أحاول دائماً أن أربط يارا صبري بالشخصية، فميادة تشبهني كثيراً في حبها لأولادها، وفي أنها يمكن أن تضحي بأي شيء في حياتها من أجل أسرتها، ولكن يختلفان في الظرف والثقافة اللذين يعيشانهما والبيئة التي تربتا فيها، فميادة سيدة وجدت حالها ضعيفة بعد أن رحل زوجها الذى كان يعمل في الممنوعات، وترك لها ولداً وحيداً بعد أن تم خطف الثاني، ما جعلها تتحمل مسؤولية فوق طاقتها، عكس يارا التي كان معها زوجها في تربية أولادها».

يشار إلى أن الفنانة السورية رفضت تأكيد وجودها في الموسم الدرامي الرمضاني لعام 2025، وقالت: «حتى الآن لا أستطيع تحديد ذلك، هناك أعمال درامية معروضة عليّ، ولكنني لم أحسم موقفي بعد».