ALL QUIET ON THE WESTERN FRONT
إخراج: إدوارد بيرغر
ألمانيا - 2022
(وسط)
أحد الأفلام التي تم اقتباسها عن رواية الألماني إريك ماريا ريمارك المنشورة سنة 1928 تحت عنوان «في الغرب لا جديد». ريمارك ألّف أحداث روايته بعد معايشتها عن قرب، إذ كان جندياً في الجيش الألماني خلال الحرب العالمية الأولى.
هذا الكتاب والكتاب الآخر الذي وضعه ريمارك بعد عامين من الأول بعنوان «طريق العودة» (The Road Back) كانا من تلك التي قامت النازية بحرقها لأنها لم تسعَ لتتويج الشعور القومي الألماني، بل انتقدت الحرب ومن وجهة نظر بطل الرواية بول بومر، محارب شاب تجرّع حليب السباع من أستاذه في الكلية، كما فعل سواه وانطلق إلى جبهة القتال ضد الفرنسيين حيث تكشّف له واقع من المرارة والألم والبؤس.
في عام 1930 قام الأميركي (من أصل روسي) لويس مايلستون بتحقيق فيلمه عن الرواية تحت عنوان «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية». عنوان ساخر (كعنوان الكتاب الأصلي) ينقل جحيم الحرب كما وصفه ريمارك. نال الفيلم أوسكاراً في عام 1931 مستحقاً، الأمر الذي لن يحدث مع هذا الفيلم.
النسخة الجديدة أكبر حجماً (بميزانية 36 مليون دولار) تستفيد من التقدم الصناعي الكبير الذي تحققه خلال 92 سنة والقدرات الإنتاجية التي تطوّرت منذ ذلك الحين. لكن هذا لا يصنع من الفيلم الجديد سوى صورة جيدة. المفاد الصحيح. الإخراج المعبّر عن حجم المأساة. الإدارة الكبيرة للمواقف الفردية كما للمعارك الجمعية تبقى من نصيب فيلم مايلستون.
يأخذ بيرغر الحكاية الأصلية ويضيف عليها كتاباته هو. مثلاً تخلو الرواية الأصلية من العديد من الشخصيات التي ابتدعها المخرج لغاية حفر المزيد من التعاطف مع الجنود الألمان والقول إنهم كانوا ضحايا تلك الحرب والسياسة الألمانية. لكن الروائي ريمارك قال ذلك من دون إضافة شخصيات وابتكار مواقف كما فعل المخرج.
كذلك تم تحويل بول إلى أرجوحة. هو أمام الكاميرا حين يشاء المخرج وبعيداً عنها بسبب رغبة المخرج توسيع رقعة الأحداث. أيضاً، وحسب ما أذكر حين قرأت الرواية قبل عقدين ونصف، لم تتضمن شخصيات يهودية، لكن الفيلم يختار أسماء يهودية عدّة ليظهر، على ما يبدو، أن يهود ألمانيا بذلوا في تلك الحرب كالآخرين.
كل هذه المسائل تُفهم، فنياً، على أساس أنها لم تكن ضرورية للوصول إلى قلب الحقيقة وهي أن الحرب (أي حرب) هي جحيم ضحاياها من الجنود العاديين. والحسنة الأكيدة للفيلم أن المخرج احتواها في سياق غير مبعثر بل مُوحد، سرده متلاحق وسليم. الإخراج بحد ذاته، من ناحية إدارية بحتة، شديد الترتيب وقليل الإيحاء. ما تشاهده بصرياً هو كل ما لدى الفيلم قوله. بذلك لا حاجة للمرء أن يفكّر بشيء ذي شأن لأن كل شيء واصل إليه صوتاً وصورة.
في أحد المشاهد الذي يجمع بين الفرنسيين والألمان لتوقيع معاهدة سلام نجد بيرغر ينتقد الفرنسيين في صورة سلبية. في أخرى يوحي بأن الفرنسيين استخدموا الغاز لقتل الجنود الفرنسيين، كما فعل الألمان لاحقاً حيال اليهود. كلا المشهدين ليسا من الرواية أيضاً ما يحفّز على السؤال حول ما الذي يبغيه المخرج تحديداً؟ الألمان ضحايا سادتهم وسادتهم ضحايا الفرنسيين؟
يحمل الفيلم طروحاته هذه للاستعراض وليس للمعالجة. هو فيلم معاد للحرب بكل تأكيد، لكن هذا الاستنتاج يأتي تلقائياً بينما رفعه مايلستون من مجرد العرض للمعايشة.
GOD›S COUNTRY
إخراج: جوليان هيغينز الولايات المتحدة - 2022
(جيد)
ثاندي نيوتن رائعة هنا (كما في معظم أفلامها) في دور فتاة أفرو - أميركية من جنوب الولايات (من مدينة نيو أورلينز تحديداً) لكنها كانت لجأت لربوع ولاية مونتانا لكي تدرّس في جامعة المدينة. تعيش وحدها (بعدما دفنت رماد والدتها في مطلع الفيلم) مع كلبها. ذات يوم تجد شاحنة حمراء صغيرة متوقفة في أرضها. من هنا تنطلق شرارة صدام: هي سوداء ومتعلّمة وعلى حق. الذين استخدموا أرضها كمرأب لسيارتهم بيض وغير متعلّمين ومخطئين.
تتجه إلى الشريف بالنيابة (جيريمي بوب) الذي يحاول درء التطوّرات التي بدأت تشتعل في الأفق. لكن ليس هناك الكثير مما يستطيع فعله لأن المسألة، حتى ذلك الحين، مسألة شاحنة يصر الأخوان ناتان (جوريس رازكي) وسام (جفرسون وايت) على زرعها أمام بيت تلك المرأة.
الفيلم تشويقي وبفاعلية كبيرة. هو الفيلم الأول لمخرجته ويمكن سريعاً إدراك أنها تعرف تماماً كيف تخلق التوتّر من دون افتعال ومغالاة. المشهد الذي تواجه فيه نيوتن الشقيقين أوّل مرّة يحمل لنا معاني هي أنثى وهما رجلان. فوق ذلك هي سمراء البشرة وهما ممن يعتبرون البشرة البيضاء تميّزاً.
بذلك يتسلل، لجانب المواجهة غير المتوازنة، عامل العنصرية.
النهاية وحدها التي لم يحسن السيناريو ختم الفيلم بها. لكن ما قبل ذلك هو فيلم حسن التنفيذ والإيحاء.