«فندق فينيسيا»... المعلم الذهبي لبيروت يعود بعد غياب

يطل الفندق على البحر وعلى «زيتونة باي» ومرفئها
يطل الفندق على البحر وعلى «زيتونة باي» ومرفئها
TT

«فندق فينيسيا»... المعلم الذهبي لبيروت يعود بعد غياب

يطل الفندق على البحر وعلى «زيتونة باي» ومرفئها
يطل الفندق على البحر وعلى «زيتونة باي» ومرفئها

هو ليس مجرد فندق، بل سجل ذهبي لحقبات العز، التي شهدها من خلاله لبنان، منذ تأسيسه في عام 1961 لغاية اليوم.
إنه «أوتيل فينيسيا» المطل على بحر بيروت، والواقف على كتفها منتصباً دائماً حتى أثناء إقفال أبوابه لأسباب قسرية.
واليوم، وبعدما أُغلق لنحو سنتين، تحتفل بيروت بعودته إلى الحياة. فهذا المعلم البيروتي العريق علّق خدماته إثر انفجار المرفأ في 4 أغسطس (آب) عام 2020.
حالة من الدمار والخراب سادت أركانه بعدما تشلّعت أبوابه وتكسرت واجهاته الزجاجية، واقتلعت قوة الانفجار نوافذه.
ومنذ نحو ستة أشهر اتُّخذ القرار بإعادته إلى الحياة في شهر أكتوبر(تشرين الأول) عام 2022.
فأصحابه سبق ورفضوا أكثر من مرة الاستسلام أمام أوضاع لبنان غير المستقرة، وتجاربه في هذا الإطار بدأت في عام 1975 إثر اندلاع الحرب.
شكل «فينيسيا» يومها، كغيره من الفنادق المحيطة به، مراكز لمجموعات مسلحة، فخاضوا معاركهم من غرفه وشرفاته وراء أكياس الرمل، وعرفت يومها بـ«حرب الفنادق».
وبعد إقفال دام لمدة 25 عاماً عاد «فينيسيا» لينبض من جديد في عام 2000، وبعدها بخمس سنوات أقفل أبوابه مرة جديدة؛ بسبب الانفجار الذي أدى إلى استشهاد رئيس الوزراء رفيق الحريري.

جلسات جميلة وديكورات عصرية في «كاسكاد»

يحمل «فينيسيا» صفحات من تاريخ لبنان أيام العز. فعمارته البيضاء وشرفاته المزخرفة شهدت الحلو كما المرّ، من أحداث متفرقة.
وقد صمم هندسته المعمارية الأميركي إدوارد دوريل ستون، مع زميله جوزف ساليرنو. أما ديكوراته الداخلية فصممها نيل برينس الذي كان يتولى هذه المهمة في معظم فنادق «إنتركونتيننتال» في ذلك الوقت.
هو أول فندق من سلسلة «إنتركونتيننتال» في الشرق الأوسط، كان محط أنظار الشرق والغرب. استضاف أسماء لامعة في عالم السياسة والفن والإعلام، وشهد مؤتمرات وقمماً عربية وعالمية.
ومن أشهر نزلائه بريجيت باردو، وعمر الشريف، وشيرلي باسي، ومحمد عبد الوهاب، ومارسيل كارنيه، وجيلبير بيكو، ومارلون براندو وغيرهم.
وأحدث الأمراء الذين استضافهم، كان ألبير دي موناكو في عام 1998. وفيه تم تصوير مشاهد لأكثر من فيلم سينمائي، ونذكر بينها واحداً من سلسلة أفلام العميل البريطاني «007 (جايمس بوند)».

مدير عام فندق فينيسيا مانريكي رودريغيز

وفي حديث مع المدير العام للفندق مانريكي رودريغيز، فقد أكّد لـ«الشرق الأوسط» أن «فينيسيا» ليس مجرد فندق وحسب، بل مؤسسة في لبنان تنتمي إلى تاريخه وإلى حقباته الذهبية.
ويتابع: «من خلال عودتنا هذه، زودنا أهل المدينة بالأمل، ومعاً نستطيع أن نستعيد أمجاد هذا البلد بطاقة إيجابية يحتاجونها».
وعما إذا كانت سلسلة «إنتركونتيننتال» تعتبر لبنان محطة رئيسة لها في عالم الخدمة الفندقية يوضح: «هذا صحيح، خصوصاً أن هذه السلسلة العالمية اختارت لبنان في عام 1961 كي يكون أول محطة لها في الشرق الأوسط. صحيح أننا مررنا بأوقات عصيبة، ولكن بيروت تبقى بيروت لا تشبهها أي مدينة أخرى».
ويعبر رودريغيز، الإسباني الجنسية، عن حبه للبنان واستمتاعه بالإقامة فيه منذ فترة. «أحب لبنان وأهله، وأستمتع بالعيش في مدينة تعج بالحياة، على الرغم من كل شيء. أهله يشبهوننا في إسبانيا كوننا ننتمي إلى المتوسط».
ويوضح رودريغيز: «لم نتلق أي تطمينات أبداً، وقصة صمودنا ليست ابنة اليوم. فقد سبق وشهدنا حقبات صعبة دفعتنا إلى الإقفال. ولكننا في كل مرة كنا نعود إلى الحياة من جديد متشبثين بموقعنا في بيروت. فلا بد من رفع القبعة احتراماً للقيمين على هذا الفندق، الذين لم يفقدوا الأمل يوماً...».
الخسائر التي تكبدها فندق «فينيسيا» إثر انفجار 4 أغسطس (آب) كانت كبيرة، وتطلبت مبالغ مالية ضخمة لإعادة ترميم الفندق ووضع خدماته قيد العمل.
ويشرح رودريغيز: «بالطبع تشاورنا مع شركات التأمين كي نستطيع وضع خططنا للترميم. ومن ثم بدأنا العمل في الفندق في ظل خسائر كبيرة. وأقمنا ورش العمل على أنواعها في جميع أقسامه».
لم يعول «فينيسيا» على حجوزات مسبقة كي يفتح أبوابه كما يخيل للبعض. ويعلق رودريغيز: «ما مضى قد مضى، ولكننا نخطط من أجل مستقبل جيد للفندق. وهذه الحجوزات التي ترينها اليوم تسود الفندق هي نتيجة علاقة وطيدة بيننا وزبائننا. فغالبيتهم علمت بالأمر بالتواتر، ولم توفر الفرصة للعودة إلى أحضانه من جديد».
عودة الفندق إلى الحياة بنسبة 86 في المائة من الحجوزات وفي مجمل أقسامه وخدماته، من المنتظر أن تكتمل في الأشهر المقبلة. ويوضح رودريغيز: «نأمل أن يكون الفندق بكامل أبراجه وخدماته متوفراً للزبائن مع حلول شهر رمضان. قد نستطيع أن نتوصل إلى ذلك قبل هذا الموعد بقليل، ولكننا حددنا الشهر الكريم كي يكون نقطة النهاية، ونصبح جاهزين بشكل كامل».
نحو 400 عائلة لبنانية عادت إلى وظائفها في الفندق، وتبلغ نسبة العمال الجدد 25 في المائة.
قصص حب عدة وُلدت في هذا الفندق ودُونت في مذكرات وكتب. فالنجمة الإيطالية في الستينات إلسا مارتينللي كانت في فندق «فينيسيا» عندما تعرفت إلى خطيبها ويلي ريتزو المصور المعروف في مجلة «باري ماتش». وكذلك فاتن حمامة وعمر الشريف اللذان شهد «فينيسيا» تكملة لقصة حبهما خلال افتتاح فيلم من بطولتها (الباب المفتوح). فالتقط لهما مصور الفندق صوراً فوتوغرافية، وهما في حالة انسجام وحب.
ولا تنسى ذاكرة الفندق النجمة بريجيت باردو التي نزلت في الفندق مع زوجها غانتر ساكس، فاختارا مطعم «لو باناشيه»، كي يشكل أول محطة لهما بعد زواجهما في 14 يوليو (تموز) عام 1966.
«فينيسيا» عاد إلى الحياة وزوّد اللبنانيين بنفحة أكسجين. وقريباً جداً تعود صالاته لتشهد الاحتفالات بالأعياد، وأولها سهرات رأس السنة التي بدأ التنظيم لها.


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

أي مقعد في الطائرة نختار من أجل رحلة ممتعة؟

علميا فإن مؤخرة الطائرة المكان الأكثر أمانا (الشرق الاوسط)
علميا فإن مؤخرة الطائرة المكان الأكثر أمانا (الشرق الاوسط)
TT

أي مقعد في الطائرة نختار من أجل رحلة ممتعة؟

علميا فإن مؤخرة الطائرة المكان الأكثر أمانا (الشرق الاوسط)
علميا فإن مؤخرة الطائرة المكان الأكثر أمانا (الشرق الاوسط)

تشكّل رحلات السفر هواية للبعض، إذ يجدون فيها مساحة للتغيير والترويح عن النفس. وهناك قسم آخر من الناس يُعدّون من الركاّب الدائمين، فطبيعة عملهم تتطلب منهم التنقل المستمر بين بلد وآخر.

عندما يحين موعد حجز مقعد الطائرة، هناك من يشترط الجلوس قرب النافذة، وغيرهم يفضل قسم درجة رجال الأعمال (بزنس)، فيما لا تهتم شريحة ثالثة لهذا الأمر، فتجلس على المقعد الذي يُحجَز لها من دون نقاش.

درجة رجال الاعمال لمحبي الراحة التامة (الشرق الاوسط)

ولكن بعض الأشخاص يبحثون عن المقعد الأكثر أماناً، فأيّ مقعد نختار من أجل رحلة سفر ممتعة؟

يقول الكابتن الطيار هاروت أرتينيان لـ«الشرق الأوسط» إن لكلٍّ منّا مقعده المفضل في الطائرة. كما أن الطائرات تسهّل لنا هذه الخيارات حسب أقسامها. فهندستها صُمّمت كي تقدّم أفضل الخدمات، وذلك كي يُمضي الراكب رحلته براحة.

ومن بين هذه الأقسام «البزنس» الذي يؤمِّن لصاحبه الرفاهية. الخدمات مقابل المبلغ المرتفع الذي يدفعه الراكب، تشمل المقاعد الفخمة والمريحة ونوعية الضيافات والطعام الفاخر.

بالنسبة إلى العائلات الذين يصطحبون معهم مولودهم الجديد، تخصِّص لهم شركات الطيران أحواضاً أو أسرَّة خاصة بأطفالهم، فينعمون بنوم عميق طيلة الرحلة من دون أن يتسببوا بإزعاج لباقي الركاب.

المقاعد في الدرجة الاقتصادية في مؤخرة الطائرة (الشرق الاوسط)

فيما الثنائي المسافر يفضّل حجز مقعدين مجاورين كي يمضيا الرحلة معاً، فيتسامران أو يتابعان فيلماً سينمائياً، كي يمرّ الوقت بسرعة.

ولكن ماذا عن الأشخاص الذي يفتّشون عن المقعد الأكثر أماناً؟

يردّ الكابتن هاروت أرتينيان لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكننا إلا التأكيد أن الطائرة في جميع أقسامها آمنة. ولكن إذا أردنا أن نفصّل الأمر علمياً واستناداً إلى علم الفيزياء يمكننا الركون إلى معلومات معينة. وهناك دراسات قامت بها شركات طيران معروفة مثل «بوينغ» تشير إلى هذا الموضوع، وتبين من خلالها أن المقاعد الموجودة في القسم الأخير من الطائرة هي الأكثر أماناً». ويتابع أرتينيان: «منطقياً، جميعنا نعلم أن الصندوق الأسود الذي يحفظ المعلومات عن سير كل رحلة يوجد في آخر الطائرة. وهو الوحيد الذي يبقى سليماً في حال تعرّضت الطائرة لحادث ما. وكذلك ندرك جيداً أنه في حال سقوط الطائرة، فهي تهوي نحو الأسفل بدءاً من الجهة الأمامية، فيكون ذنب الطائرة آخر قسم منها يحطّ على الأرض، ولذلك كلما كان مقعدنا قريباً من الجهة الخلفية نكون في أمان أكبر».

كابتن الطيران هاروت أرتينيان (الشرق الاوسط)

قد يعلّق البعض على هذا الأمر بأن ركاب «البزنس» يدفعون تكلفة مرتفعة ويواجهون خطراً أكبر. يعلّق كابتن هاروت أرتينيان: «لا يمكننا التفكير بهذه الطريقة. ففي حال تعرّضت الطائرة لحادث، هناك نسبة تفوق 85 في المائة أن يلاقي جميع الركاب حتفهم. وتأتي مقصورة قائد الطائرة ومساعده في مقدمة هؤلاء. ولكن البعض يعتقد أن فرصة النجاة بنسبة 10 أو 15 في المائة قد تكون متاحة. ولذلك يبحث عن المقعد الأكثر أماناً في الطائرة».

أرتينيان اسم مشهور على وسائل التواصل الاجتماعي. وعبر حسابه «بايلوت هاروت» على «إنستغرام» و«تيك توك» يقدم نصائح ومعلومات في موضوع الطيران، ويقسم الطائرة إلى ثلاثة أقسام: «درجة رجال الأعمال (بزنس) الخاص بالرفاهية. والقسم الوسط بين جناحي الطائرة الذي يعد الأفضل لعدم التأثر بالمطبات الهوائية. والقسم الأخير الذي يُحفَظ فيه الصندوق الأسود. ويحبّذ بعض الركاب الجلوس فيه لأنه قريب من صالة الحمام.

ويؤكد أرتينيان في سياق حديثه أن الطائرة تصنع مقابل تكلفة مرتفعة جداً تفوق ملايين الدولارات. ولذلك يأخذ صنّاعها بعين الاعتبار تأمين كل عناصر الراحة والأمان. ويختم لـ«الشرق الأوسط»: «جميع مقاعد الطائرة تؤمِّن الراحة لركابها. فيكون الهدوء والسكينة عنوانها لإمضاء رحلة مريحة. وفي حال كانت قديمة الصنع فقد يتأثر ركابها بالضجيج الذي تُصدره محركاتها. ولكن في الصناعات الحديثة للطائرات يغيب هذا الموضوع عنها».