تركيا تطالب بفصل اتفاق ممر البحر الأسود عن الصراع في أوكرانيا

حذرت من تراكم سفن الحبوب في البوسفور وخطره على الملاحة في المضيق

سفن شحن عند مدخل مضيق البوسفور (أ.ف.ب)
سفن شحن عند مدخل مضيق البوسفور (أ.ف.ب)
TT
20

تركيا تطالب بفصل اتفاق ممر البحر الأسود عن الصراع في أوكرانيا

سفن شحن عند مدخل مضيق البوسفور (أ.ف.ب)
سفن شحن عند مدخل مضيق البوسفور (أ.ف.ب)

أكدت تركيا ضرورة الحفاظ على اتفاقية الممر الآمن للحبوب في البحر الأسود منفصلةً عن ظروف الصراع في أوكرانيا محذرةً من أن سفن الحبوب التي تنتظر التفتيش في مضيق البوسفور إثر تعليق روسيا العمل بالاتفاقية الموقَّعة في إسطنبول في 22 يوليو (تموز) الماضي تشكّل خطراً ملاحياً.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في اتصالين هاتفيين مع وزيري الدفاع والبنية التحتية الأوكرانيين أوليكسي ريزنيكوف وأولكسندر كوبراكوف، اليوم (الثلاثاء)، إن «مبادرة شحن الحبوب، وهي نشاط إنساني بحت، يجب أن تبقى منفصلة عن ظروف الصراع بين روسيا وأوكرانيا». وذكر بيان لوزارة الدفاع التركية أن أكار أوضح خلال الاتصالين مع الوزيرين الأوكرانيين أنه تم، حتى الآن، شحن ما يقرب من 10 ملايين طن من الحبوب بأمان إلى البلدان المحتاجة، وتم تقديم مساهمة كبيرة في حل أزمة الغذاء العالمية، مشدداً على الأهمية الكبرى لاستمرار مبادرة شحن الحبوب التي أسهمت بشكل كبير في حل أزمة الغذاء العالمية وأظهرت إمكان حل المشكلات من خلال التعاون والحوار.
ولفت أكار إلى أن ممر البحر الأسود أسرع بكثير، وأكثر ملاءمة لنقل الحبوب عن الطريق البري، مؤكداً أن تركيا ستواصل القيام بدورها في مسألة ضمان السلام والمساعدات الإنسانية في المنطقة على جميع المستويات. كما أجرى أكار اتصالاً هاتفياً مع نظيره الروسي سيرغي شويغو، أكد فيه أن تركيا تنتظر من روسيا إعادة النظر في قرار تعليق «مبادرة إسطنبول لشحن الحبوب»، الذي أصدرته موسكو مساء (الاثنين). وشدد أكار، خلال الاتصال، على أهمية اتفاق إسطنبول لشحن الحبوب الأوكرانية إلى الأسواق العالمية، حسب بيان لوزارة الدفاع التركية.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، مساء الاثنين، تعليق حركة السفن عبر الممر الآمن المحدد بموجب مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب، نظراً لاستخدامه من أوكرانيا في خوض عمليات قتالية ضد روسيا. وأكد أكار لنظيره الروسي أن مبادرة الحبوب، التي أسهمت بشكل كبير في حل أزمة الغذاء العالمية، أظهرت أن جميع المشكلات يمكن حلها من خلال التعاون والحوار، مكرراً أن مبادرة شحن الحبوب هي نشاط إنساني بحت، يجب فصله عن ظروف الصراع. من جانبه، بحث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، هاتفياً مساء الاثنين، مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في مسألة ممر الحبوب عبر البحر الأسود.
وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان، إن جاويش أوغلو ولافروف بحثا مسألة الممر الآمن للحبوب بموجب مبادرة البحر الأسود، وآخر المستجدات في القوقاز واجتماع منصة التعاون الإقليمي. وغادرت ثلاث سفن محمَّلة بالحبوب موانئ أوكرانية اليوم (الثلاثاء). وقال ممثل أممي بمركز التنسيق المشترك في إسطنبول: «بدأت صباحاً ثلاث سفن رحلتها من الموانئ الأوكرانية». وأضاف مركز التنسيق المشترك بقيادة الأمم المتحدة في بيان، أن ثلاث سفن غادرت الموانئ الأوكرانية ظُهر اليوم، بموجب اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، وذلك في اليوم الثاني من الإبحار بعدما علّقت روسيا مشاركتها في المبادرة.
وجاء في البيان أن تحركات السفن اتفقت عليها وفود من أوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة في المركز، وتمت إحاطة الوفد الروسي علماً بذلك. وأضاف أن منسق الأمم المتحدة بشأن مبادرة الحبوب يواصل المناقشات مع كل الدول الأعضاء الثلاث في محاولة استئناف مشاركتها بالكامل في المركز الذي يُشرف على المرور الآمن للسفن. وقال رئيس مجلس النواب الروسي (الدوما) فياتشيسلاف فولودين، اليوم، إن إحياء اتفاق تصدير الحبوب من أوكرانيا أمر مستحيل ما دام الممر الآمن لنقل الحبوب يُستخدم لتنفيذ «هجمات إرهابية».
وذكرت وكالة «تاس» الروسية للأنباء أن فولودين قال، عبر قناته بتطبيق «تلغرم»، إنه لا يمكن إحياء الاتفاق وفق الشروط السابقة. وقال السياسي الروسي إن روسيا «منحت الجانب الأوكراني من قبل فرصة لتصدير الحبوب التي كان يفترض أن توجَّه إلى الدول الأفريقية والآسيوية الأكثر احتياجاً، لكن 4 - 3 في المائة فقط منها ذهب إلى هذه البلدان»، وتم توريد غالبية الكميات إلى دول الاتحاد الأوروبي الغنية. وقال رئيس مجلس النواب الروسي: «استخدام الممر الآمن لتنفيذ هجمات إرهابية ضد سفن أسطول البحر الأسود أمر غير مقبول. لا يمكن أن يكون هناك اتفاق لتصدير الحبوب وفق الشروط السابقة».
ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (الاثنين) أوكرانيا إلى ضمان سلامة السفن التي تَعبر ممر تصدير الحبوب، متّهماً كييف بأنها تشكل «تهديداً» بعد هجوم استهدف الأسطول الروسي في القرم (السبت). وقال بوتين في مؤتمر صحافي إن «أوكرانيا يجب أن تضمن أنه لن يكون هناك أي تهديد لأمن السفن المدنية». واتّهم الرئيس الروسي كييف باستخدام ممرّ الحبوب لشنّ الهجوم الذي ينسبه إليها وارتكز عليه لتبرير انسحابه من اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية.
في الوقت ذاته، حذّر مندوب تركيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فريدون سينيرلي أوغلو، من أن سفن الحبوب، التي تنتظر التفتيش في مضيق البوسفور تشكّل خطراً ملاحياً. وأكد سينيرلي أوغلو، في كلمة بمجلس الأمن الدولي، مساء الاثنين، ضرورة مواصلة العمل بمبادرة شحن الحبوب عبر البحر الأسود، موضحاً أنها «مبادرة ناجحة». ولفت إلى وجود 97 سفينة محملة بالحبوب حول إسطنبول حالياً، تنتظر التفتيش، و15 سفينة أخرى في طريقها إلى المياه الإقليمية لتركيا.
وأضاف أن تركيا تعمل مع الأمم المتحدة من أجل تمكين السفن المتوقفة من التحرك ومواصلة مسارها، مشيراً إلى شحن 9.5 مليون طن من الحبوب والمواد الغذائية حتى الآن بفضل الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة تركيا والأمم المتحدة، مضيفاً أن أسعار المواد الغذائية انخفضت مع هذا الاتفاق. وأضاف أنه بفضل اتفاق إسطنبول تمكن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة من التدخل في بعض الدول قبل بدء المجاعة، وأطفال العالم من أفغانستان إلى إثيوبيا ومن الصومال إلى اليمن استفادوا من مبادرة حبوب البحر الأسود. وأردف: «مع اقتراب فصل الشتاء ستكون هناك حاجة أكبر لتصدير الحبوب والمواد الغذائية، وهو ما يمكن تلبيته بفضل هذه الاتفاقية، والزيادة في أسعار المواد الغذائية ستؤثر على أولئك الذين يعانون أوضاعاً صعبة بسبب ارتفاع التضخم».


مقالات ذات صلة

مسؤولون روس احتفوا بها... كيف صبت سياسات ترمب في مصلحة موسكو؟

الولايات المتحدة​ يتهم البعض ترمب بالتودد إلى بوتين (أ.ف.ب)

مسؤولون روس احتفوا بها... كيف صبت سياسات ترمب في مصلحة موسكو؟

اتخذ الرئيس الأميركي دونالد ترمب سياسات صبت في مصلحة روسيا، إما بشكل مباشر أو غير مباشر، لدرجة أن مسؤولين روساً احتفلوا ببعضها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا المحققون الروس في موقع اغتيال ياروسلاف موسكاليك (أ.ب) play-circle 00:23

روسيا تعتقل «عميلاً لأوكرانيا» مشتبهاً به في اغتيال جنرال قرب موسكو

قال جهاز الأمن الاتحادي الروسي، السبت، إنه ألقى القبض على شخص يُشتبه في ضلوعه في اغتيال ضابط عسكري روسي كبير، الجمعة، بسيارة ملغومة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (يمين) يلتقي بالرئيس الأميركي دونالد ترمب (يسار) في كاتدرائية القديس بطرس (إ.ب.أ) play-circle

مصير «العرض النهائي» ما زال غامضاً رغم اللقاء «المثمر للغاية» بين ترمب وزيلينسكي

مصير «العرض النهائي» ما زال غامضاً رغم اللقاء «المثمر للغاية» بين ترمب وزيلينسكي... والرئيس الأميركي يتشكك في رغبة بوتين بإنهاء الحرب في أوكرانيا

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ يتهم البعض ترمب بالتودد إلى بوتين (أ.ف.ب) play-circle

ترمب: بوتين ربما «لا يريد وقف الحرب» في أوكرانيا

انتقد الرئيس الأميركي دونالد ترمب نظيره الروسي فلاديمير بوتين إثر ضربات تعرَّض لها مدنيون في أوكرانيا خلال الأيام الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا موسكو تعلن استعادة كورسك كاملة... وكييف تنفي إجبار قواتها على الانسحاب

موسكو تعلن استعادة كورسك كاملة... وكييف تنفي إجبار قواتها على الانسحاب

موسكو تعلن استعادة كورسك كاملةً، وكييف تنفي إجبار قواتها على الانسحاب، وتعترف لأول مرة بنشر جنود من كوريا الشمالية في المنطقة الغربية من روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)

درع أمنية حول روما قبل جنازة البابا فرنسيس

الفاتيكان يعلن أن 50 رئيس دولة و10 ملوك سيحضرون جنازة البابا فرنسيس (أ.ف.ب)
الفاتيكان يعلن أن 50 رئيس دولة و10 ملوك سيحضرون جنازة البابا فرنسيس (أ.ف.ب)
TT
20

درع أمنية حول روما قبل جنازة البابا فرنسيس

الفاتيكان يعلن أن 50 رئيس دولة و10 ملوك سيحضرون جنازة البابا فرنسيس (أ.ف.ب)
الفاتيكان يعلن أن 50 رئيس دولة و10 ملوك سيحضرون جنازة البابا فرنسيس (أ.ف.ب)

تستعد روما لتنفيذ عملية أمنية ضخمة، تشمل تسيير دوريات في نهر التيبر، وإطلاق طائرات مسيّرة للاستطلاع، ونشر قناصة حول ساحة القديس بطرس فيما يُمكن وصفه بأنه درع أمنية حول مراسم وطقوس عتيقة لإقامة جنازة بابوية ستجتذب حشوداً هائلة.

ومن المتوقع أن يحضر أكثر من مائتي ألف شخص جنازة البابا فرنسيس، يوم السبت، في ساحة الفاتيكان الكبيرة أمام كاتدرائية القديس بطرس. ومن بين الحضور سيأتي العشرات من قادة وزعماء العالم، مثل الرئيس الأميركي دونالد ترمب وأفراد من العائلات الملكية من إسبانيا والسويد وبلجيكا.

وقال روبرتو ماسوتشي، قائد شرطة روما لمحطة إذاعية اليوم الخميس: «الجانب الأكثر تعقيداً هو وصول العديد من الوفود رفيعة المستوى من أنحاء العالم إلى روما للتوجه إلى مكان معين».

رجال الشرطة في محيط كنيسة سانتا مارتا بساحة القديس بطرس بمدينة الفاتيكان (أ.ب)
رجال الشرطة في محيط كنيسة سانتا مارتا بساحة القديس بطرس بمدينة الفاتيكان (أ.ب)

وسيشارك نحو ألفين من أفراد الشرطة المحلية في عمليات التأمين، ومعهم آلاف من قوات الأمن الوطني. وقال مصدر في الشرطة لـ«رويترز» إن إجراءات الأمن ستشمل دوريات نهرية وتحليق طائرات مسيّرة ونشر قناصة. وستغلق السلطات الشوارع المحيطة بالفاتيكان أمام حركة المرور، وستُحدد الطريق الأفضل لمرور الموكب الذي سينقل نعش البابا من مقر الجنازة إلى كاتدرائية القديسة مريم الكبرى البابوية (سانتا ماريا ماجيوري) التي اختار فرنسيس في وصيته أن يدفن فيها.

وتوفي البابا يوم الاثنين، عن 88 عاماً، ويمر عشرات الآلاف بنعشه المكشوف لإلقاء نظرة الوداع في كاتدرائية القديس بطرس منذ الأربعاء.

ومن المقرر أن تبدأ مراسم الجنازة في الساعة العاشرة صباحاً بالتوقيت المحلي (0800 بتوقيت غرينتش) يوم السبت.

وقال فابيو سيسيليانو، رئيس الإدارة الوطنية للحماية المدنية، إن بوسع المهتمين بالحدث التجمع في ساحة القديس بطرس وأيضاً على طول الطريق، الذي يفصلها عن كاتدرائية القديسة مريم الكبرى بطول 4 كيلومترات.

وأعلنت السلطات يوم الاثنين منطقة حظر للطيران فوق العاصمة لهذا الأسبوع، وستضطر للتعامل مع تدفق كبير لطائرات تقل كبار الزوار ستصل إلى مطارات روما.

سيارة شرطة أمام الفاتيكان (أ.ب)
سيارة شرطة أمام الفاتيكان (أ.ب)

وقال سيسيليانو: «بعض الوفود ستريد البقاء لبعض الوقت، والبعض -وهم الأغلبية العظمى- سيريدون الرحيل على الفور بعد الجنازة»، في إشارة إلى صعوبة التعامل مع كل الواصلين والمغادرين في تلك الفترة. ولن يتحول الاهتمام عن روما بانتهاء الجنازة، بل تتجمع عادة حشود ضخمة انتظاراً لنتيجة المجمع السري المغلق للكرادلة الذين سيختارون البابا الجديد، وهو أمر ليس من المتوقع أن يبدأ قبل السادس من مايو (أيار).