ثمانية تشكيليين يحتفون بجماليات «القاهرة» عاصمة الثقافة الإسلامية

المعرض يضم لوحات زاخرة بالألوان والتكوينات المستوحاة من وحي المكان

من أعمال الفنان ياسين حراز المشارك بالمعرض (الشرق الأوسط)
من أعمال الفنان ياسين حراز المشارك بالمعرض (الشرق الأوسط)
TT

ثمانية تشكيليين يحتفون بجماليات «القاهرة» عاصمة الثقافة الإسلامية

من أعمال الفنان ياسين حراز المشارك بالمعرض (الشرق الأوسط)
من أعمال الفنان ياسين حراز المشارك بالمعرض (الشرق الأوسط)

«هنا القاهرة الساحرة الآسِرة الهادرة الساهرة... هنا القاهرة الزاهرة العاطرة الشاعرة النيّرة»، كلمات الشاعر المصري الراحل سيد حجاب يمكن أن نراها متجسدة في أعمال تشكيلية يضمها معرض «القاهرة»، الذي تنظمه قاعة «بيكاسو» للفنون حالياً؛ احتفاءً باختيار مدينة القاهرة عاصمة لثقافة دول العالم الإسلامي، وهو الاحتفال الذي تأجل لمدة عامين؛ بسبب «جائحة كورونا».

يضم المعرض الجماعي، أعمال 8 فنانين مصريين، هم: إبراهيم غزالة، وأحمد سليم، وأشرف رضا، وأماني زهران، وجمال مليكة، وفريد فاضل، ومحمد الناصر، وياسين حراز، استلهموا جميعاً القاهرة مصدراً لإبداعاتهم، حيث اجتمع الفنانون الثمانية في جولات وسط شوارع ومساجد وأسواق وأسبلة مصر القديمة، في حوار مع الأبنية الشامخة التي لها خصوصيتها التاريخية والفنية، والأحياء الحية الصاخبة، ما خلق حالة من استنفار الهمم وشحذ الذائقة الفنية لديهم، ما هيأ الفرصة لاستلهام الأصالة مع الخيال، ومزج المخزون البصري مـع الوحي الآني.

ثم أخرج كل منهم أدواته الفنية؛ لترسم وتسجل وتحاور وتتأمل وتتفاعل، ويترجم كل فنان بصمته ورؤيته الخاصة لجماليات القاهرة، لتكون النتيجة لوحات تزخر بالألوان والتكوينات المستوحاة من وحي المكان، وحالات تحمل عطر الحاضر وعبق الماضي، لتكون المحصلة في النهاية إبداعات تحمل سحر الفن.

«الشرق الأوسط» تجولت بين أعمال المعرض، حيث توقفت بداية أمام 3 لوحات كبيرة متجاورة للفنان ياسين حراز، تعبر عن الأضرحة ذات القباب، كأحد الملامح في القاهرة الإسلامية، المتواجدة وسط العشوائيات.
حيث جذب الفنان فكرة التناقض بين الشكل الجمالي والزخرفي، والكتل الإسمنتية التي تزاحمها وتعج بمئات الأسر.
يقول صاحب اللوحات: «هذا المشهد يجمع تناقضاً بين الحياة والموت، والشكلين الجمالي والعشوائي، لأجد نفسي مشدوداً للعنصر البنائي المعبر عن الضريح بشكله الجمالي، حيث القباب، ثم خلفيتها التي ينتشر فيها الناس وسط البنايات العشوائية التي لا تمت للجمال بصلة، كما أن المشهد يحمل تناقضاً بين القديم والحديث، وهو ما دفعني للتعبير عنه».

وظّف الفنان اللون لخدمة الفكرة، فلجأ إلى الألوان الكلاسيكية الترابية المرتبطة بالمكان، كما وظفها بما يعبر عن الشكل الهندسي والعضوي المرتبط بالمشهد، حيث منحنيات القباب المتقاطعة مع خطوط البنايات في الخلفية، ثم يلجأ إلى اللون الأبيض عند رسمه حمامتين تتكرران في اللوحات الثلاث، يعبر بهما عن معاني السلام والحب لكسر حالة اللوحة.

من فكرة الموت إلى أخرى تناقضها، ننتقل عبر أعمال الفنانة أماني زهران إلى فكرة علاقة الإنسان بالأثر، فمن خلال 4 لوحات زيتية تأخذنا الفنانة إلى شارع المُعز لدين الله الفاطمي، أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم، وفيه نشاهد تجول بائع العرقسوس بمشروبه الشعبي بين رواد الشارع.
ونصادف «فتاة المعز» بردائها الشعبي، التي ترمز إلى جمال القاهرة، ثم تنقلنا إلى داخل «بيت السحيمي» الأثري، أحد معالم المعز الشهيرة، لنرى الساقية التي تتوسطه وتأثير الضوء والظل عليها، كما نجد ملمحاً مصرياً خالصاً يتجسد في «عربة الفول»، ومن خلفها يأتي أحد آثار الشارع، بما يؤكد فكرة الفنانة بوجود حوار دائم بين الحجر والبشر.

لا تغادرنا القاهرة الفاطمية وشارع المعز وفكرة العلاقة بين الإنسان بالأثر مع أعمال الفنان جمال مليكة، إلا أننا نتوقف أمام أسلوبه الفني المُغاير، حيث سحرية التماهي بين المكان والبشر، فهو لا يتقيد بالرؤية المباشرة، ولكننا أمام رؤية مسرحية تشكيلية تنبع من تخصص صاحب اللوحات في المسرح الدرامي.

يقول: «يجذبني في القاهرة القديمة والفاطمية سحر الآثار المغطاة بالتراب بفعل الزمن، لكن هذا التراب لم يغير منها ولكن أعطاها جمالاً آخر، وهذا ما حاولت التعبير عنه في الأسلوب الفني، حيث أبني اللوحة ولا أرسمها، مستخدماً السكين بوضع طبقات الألوان الزيتية فوق بعضها البعض، ما أحدث تماهي اللوحات بما يعبر عن الأثر المغطى بالتراب».

ويشير إلى تأثره الكبير بشوارع القاهرة القديمة ليلاً، حيث يرى فيها رؤية مسرحية، خصوصاً من ناحية المنظور والعمق والتكوين، مع الإضاءة، بما يعطيها غموضاً وجمالاً، وهو ما يحاول أن يعكسه على سطح اللوحات.

أما أعمال الفنان فريد فاضل، فهي تركز على ملامح المصريين البسطاء في القاهرة الإسلامية، متنقلاً بين المرأة والرجل والطفل، وهي الملامح التي تخفي وراءها كثيراً من المشاعر وأسرار الحياة، فنرى الفتاة التي تطل من المشربية، والتعبير عن الرضا في ابتسامة ريفي مصري بجلبابه التقليدي، والأم التي تحمل متطلبات المنزل فوق رأسها، ورحلة البحث عن لقمة العيش فوق العربات الكارو.


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

كاتدرائية نوتردام الفرنسية تتعافى من الحريق... وتكشف عن هيئتها الجديدة للعالم

جانب من كاتدرائية نوتردام دو باريس في باريس، بعد ترميمها، 29 نوفمبر 2024 (رويترز)
جانب من كاتدرائية نوتردام دو باريس في باريس، بعد ترميمها، 29 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

كاتدرائية نوتردام الفرنسية تتعافى من الحريق... وتكشف عن هيئتها الجديدة للعالم

جانب من كاتدرائية نوتردام دو باريس في باريس، بعد ترميمها، 29 نوفمبر 2024 (رويترز)
جانب من كاتدرائية نوتردام دو باريس في باريس، بعد ترميمها، 29 نوفمبر 2024 (رويترز)

بعد أكثر من 5 سنوات من أعمال ترميم واسعة، كشفت كاتدرائية نوتردام في العاصمة الفرنسية، باريس، عن هيئتها الجديدة للعالم، اليوم الجمعة، بعد تعرضها لحريق مدمر عام 2019.

تُظهر هذه الصورة مذبح الكنيسة الذي صممه الفنان والمصمم الفرنسي غيوم بارديه، في قلب كاتدرائية نوتردام دو باري في باريس، 29 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

جاء ذلك خلال الزيارة الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى موقع البناء ليشاهد بنفسه التصميمات الداخلية التي تم ترميمها قبل إعادة افتتاح الكاتدرائية الشهيرة في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

ويتم بث زيارته التي تستمر ساعتين على الهواء مباشرة. وتظهر أعمال حجرية تم ترميمها وألوان نابضة بالحياة، وغيرها من ثمار جهود إعادة الإعمار الهائلة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محاطاً برئيس مؤسسة «إعادة بناء نوتردام دو باري» العامة وبرئيس أساقفة باريس يزور كاتدرائية نوتردام دو باري في باريس، 29 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

دخل ماكرون عبر الأبواب الأمامية العملاقة للكاتدرائية والمنحوتة بدقة، وحدّق في الأسقف بدهشة. وكان برفقته زوجته بريجيت ورئيس أساقفة باريس وآخرون.

وانضم ماكرون إلى مجموعة تضم 700 من الحرفيين والمهندسين المعماريين وكبار رجال الأعمال والمانحين، وأشاد بالحرفية والتفاني وراء جهود الترميم.

السيدة الأولى الفرنسية بريجيت ماكرون، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس مؤسسة «إعادة بناء نوتردام دو باري» العامة فيليب جوست، ووزيرة الثقافة والتراث الفرنسية رشيدة داتي، ورئيس أساقفة باريس لوران أولريش يزورون كاتدرائية نوتردام دو باري في باريس، 29 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

ومن المقرر أن يعود ماكرون في السابع من ديسمبر لإلقاء خطاب وحضور تدشين المذبح الجديد خلال قداس مهيب في اليوم التالي.

وتأتي زيارة ماكرون بمثابة بداية لسلسلة من الأحداث التي تبشر بإعادة افتتاح التحفة القوطية التي تعود إلى القرن الثاني عشر.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته بريجيت برفقة رئيس مؤسسة «إعادة بناء نوتردام دو باري» العامة فيليب جوست، يزورون كاتدرائية نوتردام دو باري في باريس، 29 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وترى إدارة ماكرون أن إعادة الإعمار تمثل رمزاً للوحدة الوطنية والقدرة الفرنسية.