«طالبان الباكستانية» العقبة الكبرى أمام التعاون الأمني بين كابل وإسلام آباد

ربما تجبر ضغوط إقليمية وتاريخ طويل من الارتباط الوثيق، الجيش الباكستاني وجماعة «طالبان» الأفغانية على التعاون الوثيق في التعامل مع التهديد الصادر عن الجماعات المتطرفة الناشئة في أفغانستان، باعتباره تهديداً للأمن الإقليمي. وقد تدفع الضغوط الإقليمية من دول؛ بينها روسيا والصين وإيران ودول في آسيا الوسطى، بالجيش الباكستاني نحو التعاون الوثيق مع «طالبان» الأفغانية من أجل التعامل مع تهديد «داعش خراسان» في أفغانستان.
من ناحيتهم؛ قال خبراء عسكريون إن الجيش والحكومة الباكستانية و«طالبان» الأفغانية لديهم تقليد طويل وتاريخ ممتد من التعاون الأمني، وقد يدفع هذا العامل كذلك بالطرفين نحو تعاون أوثق في المستقبل.
يذكر أن الاستخبارات الباكستانية تشكل القناة الرئيسية التي تتدفق من خلالها المعلومات والاستخبارات من دول المنطقة إلى «طالبان» الأفغانية.
وقررت وكالات استخباراتية و6 دول إقليمية في يوليو (تموز) الماضي أن تقدم معلومات استخبارية إلى «طالبان» في الوقت المناسب لاتخاذ إجراءات ضد «داعش».
وعلى مدار العامين الماضيين، أجرى قادة عسكريون باكستانيون مفاوضات مكثفة مع شركاء إقليميين حول إمكانية الاضطلاع بدور محوري في منع صعود «داعش» في أفغانستان، وهو تطور يشكل تهديداً خطيراً لأمن باكستان كذلك.
من جهتهم، تفاعل الروس والإيرانيون بانتظام مع قيادات عسكرية باكستانية خلال العامين الماضيين، وفي أثناء ذلك تبادلوا المعلومات حول صعود وجود «داعش» في الأجزاء الشرقية والشمالية من أفغانستان. أما النخبة السياسية والعسكرية الباكستانية، فإنها تنفر بشدة، بفضل الدروس التي تعلمتها بسبب مشاركتها لمدة 30 عاماً في أفغانستان، من أي تدخل عسكري مباشر في الشؤون الداخلية لأفغانستان.
ومع ذلك، ومع مرور كل يوم، تزداد احتمالية تدخل باكستان سياسياً واستخباراتياً في الشؤون الداخلية الأفغانية، وهو أمر قد يجعلها تلعب دور المساعدة الأمنية لـ«طالبان» في التعامل مع تهديد «داعش خراسان».
وخلال هذه المدة، عقد رؤساء الأجهزة الاستخباراتية في 6 دول إقليمية؛ روسيا وإيران والصين، و3 دول في آسيا الوسطى، اجتماعات في إسلام آباد. في هذه الاجتماعات، تقرر أن توفر هذه الدول الإقليمية معلومات استخبارية في الوقت المناسب لـ«طالبان» الأفغانية حتى يتمكنوا من التعامل مباشرة مع تهديد «داعش».
والملاحظ أن الوضع الأمني الإقليمي لدى باكستان و«طالبان» الأفغانية يدفع نحو تعاون أمني أوثق، خصوصاً للتعامل مع تهديد «داعش»؛ وفق خبراء الشؤون الأمنية الباكستانية. وتمثل المشكلات المرتبطة بإحياء تهديد حركة «طالبان باكستان» عقبة رئيسية في طريق هذا التعاون.
يذكر أن حركة «طالبان باكستان» تعاونت في الماضي مع «داعش». وثمة مخاوف كبيرة من حدوث تحالف بين «طالبان باكستان» و«داعش» تظهر في أي سيناريو أمني مستقبلي لباكستان. ومع ذلك، قد تثبت حركة «طالبان» الباكستانية أنها أكبر عقبة في طريق أي تعاون مستقبلي بين «طالبان» الأفغانية وقوات الأمن الباكستانية.
من ناحيتها؛ صعدت حركة «طالبان باكستان» هجماتها ضد الأمن الباكستاني منذ صعود «طالبان» في كابل. ويعيش قادة حركة «طالبان باكستان» مختبئين في أفغانستان.
أما فيما يخص باكستان، حيث ارتفعت بالفعل مستويات العنف المسلح في المناطق القبلية على طول الحدود مع أفغانستان منذ استيلاء «طالبان» على السلطة في أفغانستان، فإن مسألة إحياء حركة «طالبان باكستان» تمثل مصدر قلق باكستان الأساسي. وبدأت حركة «طالبان باكستان»، التي تتمتع بملاذ آمن في ظل حكم «طالبان»، حملة شرسة عبر الحدود. ورداً على ذلك، لجأ الجيش الباكستاني إلى تنفيذ عمل عسكري ضد حركة «طالبان» الباكستانية داخل الأراضي الأفغانية. وبسبب شعورها بالإحباط من تقاعس «طالبان»، لجأت باكستان إلى القصف عبر الحدود وتنفيذ ضربات جوية بين حين وآخر.
وفي الوقت الحالي، اختارت «طالبان» الاضطلاع بدور الوساطة بين «طالبان باكستان» وإسلام آباد، بدلاً من الدخول في مواجهة عنيفة مع الجماعة المسلحة. وفي الوقت الراهن، وافقت باكستان على هذا النهج، على الرغم من أن التواصل لم ينتج عنه وقف الأعمال العدائية بعد.
وقال خبير عسكري؛ طلب عدم الكشف عن هويته، إن هجمات «طالبان باكستان» استمرت حتى صيف عام 2022. وقد أثارت باكستان بالفعل غضب «طالبان» من خلال شن غارات جوية ضد أهداف «طالبان باكستان»؛ الأمر الذي خلق توترات كبيرة بين البلدين. وذكر خبراء دبلوماسيون أن مستقبل التعاون العسكري بين أفغانستان وباكستان يعتمد على حل مشكلة «طالبان باكستان» بما يتوافق مع رغبة المؤسسة العسكرية والحكومة الباكستانية.
في هذا الصدد، يقول شهيد رضا، الخبير الأمني المستقل: «مشكلة (طالبان باكستان) تجب تسويتها على نحو يرضي باكستان قبل أن يصبح من الممكن انطلاق أي تعاون حقيقي بين الجانبين».