هل سيؤثر قرار «ميتا» وقف «المقالات الفورية» على الإعلام؟

نموذج لخدمة «المقالات الفورية» (الموقع الرسمي لشركة «ميتا»)
نموذج لخدمة «المقالات الفورية» (الموقع الرسمي لشركة «ميتا»)
TT

هل سيؤثر قرار «ميتا» وقف «المقالات الفورية» على الإعلام؟

نموذج لخدمة «المقالات الفورية» (الموقع الرسمي لشركة «ميتا»)
نموذج لخدمة «المقالات الفورية» (الموقع الرسمي لشركة «ميتا»)

أثار إعلان شركة «ميتا» المالكة لـ«فيسبوك» اعتزامها إغلاق خدمة «المقالات الفورية» «Instant Articles» تساؤلات ومخاوف لدى المهتمين بشؤون الإعلام الرقمي، بشأن مدى تأثير هذه الخطوة على وسائل الإعلام؛ لا سيما المواقع الإلكترونية التي اعتادت استخدام هذه الخدمة طوال 7 سنوات مضت. وبينما أكد الخبراء أن القرار «يتماشى» مع اتجاه «ميتا» للاستثمار في «الميتافيرس» ومقاطع الفيديو القصيرة، و«تخليها» عن الأخبار، توقعوا أن تكون له تأثيرات «سلبية» على الناشرين وصُناع الأخبار.
من المقرر أن يتوقف دعم المقالات الفورية على «فيسبوك» بحلول شهر أبريل (نيسان) المقبل، حسبما أعلنته شركة «ميتا». ونقل موقع «إندجيت» عن متحدث باسم «ميتا» قوله إن «الشركة ستعيد توجيه مواردها نحو منتجات أخرى؛ لا سيما مقاطع الفيديو القصيرة (ريلز)». وتابع بأن «المنشورات التي تحتوي على روابط إخبارية تشكل أقل من 3 في المائة من نسبة ما يتابعه الأشخاص حول العالم على (فيسبوك)، في حين يستغرقون وقتاً أطول في متابعة مقاطع الفيديو القصيرة». وأضاف: «كما قلنا سابقاً، فإنه من غير المنطقي الاستثمار في منتجات لا تحظى بتفضيل المستخدم».
مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، اعتبر في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن القرار «يأتي دليلاً على أن (ميتا) لم تعد تهتم بصُناع المحتوى التقليدي والمقالات المكتوبة؛ بل إنها تسعى لدفع المستخدم نحو الفيديو والمحتوى الصوتي، أو ربما يكون لديها مشروع آخر في المستقبل». ووصف كيالي القرار بأنه «خبر سيئ لمعظم الناشرين حول العالم؛ إذ كانت هذه الميزة تسهل عملية تصفح الأخبار على منصة (فيسبوك)، وتتميز بسرعة التحميل وجاذبية العرض».
من ناحية ثانية، يتوقع كيالي أن يؤدي إيقاف «المقالات الفورية» إلى مزيد من التدهور في العلاقة بين الناشرين حول العالم وشركة «ميتا»، ويرى أن «القرار سيؤثر سلباً على نسبة قراءات الأخبار، ما يعني التأثير على عائدات الإعلانات ويسبب خسائر مالية للناشرين». ويلفت إلى أن «المحتوى الإخباري أصبح عبئاً على (ميتا)، ولم تعد مهتمة بدعمه... الأمر الذي يذكّر بقرار منع مستخدمي (فيسبوك) في أستراليا من قراءة الأخبار ومشاركتها عبر المنصة، رداً على قانون مقترح من شأنه أن يجعل عمالقة التكنولوجيا يدفعون مقابل المحتوى الإخباري».
وبالفعل، كانت «ميتا» قد حظرت في فبراير (شباط) 2018، على مستخدمي منصة «فيسبوك» في أستراليا استعراض أو مشاركة أي محتوى إخباري عبر المنصة، اعتراضاً على قانون يطالب عمالقة التكنولوجيا، مثل «غوغل» و«فيسبوك»، بأن يدفعوا مقابل المحتوى الإخباري.
جدير بالذكر أن بداية خدمة «المقالات الفورية» ترجع إلى عام 2015، وهي خدمة اختيارية تسمح للناشرين والمواقع الإلكترونية بنشر المحتوى مباشرة عبر تطبيق «فيسبوك» على الهواتف المحمولة، ما يجعل تصفحها «أسهل وأسرع». وعبرها لا يحتاج المستخدم للانتظار كي ينتقل إلى موقع آخر؛ بل يتصفّح المحتوى الخبري داخل تطبيق «فيسبوك» نفسه. وطوال السنوات الماضية كانت «ميتا» تُشجع الناشرين على استخدام هذه الطريقة في نشر المحتوى عبر تصاميم جذابة، إضافة إلى زيادة فرص ظهورها العشوائي للمستخدمين مقارنة بالروابط التقليدية التي توجه المستخدم لمواقع أخرى.
هذا، ويوجد حالياً 37 ألف صفحة على «فيسبوك» تستخدم خدمة «المقالات الفورية»، وتتميز هذه الصفحات بسرعة تحميل أكبر 4.9 مرة من صفحات المواقع الأخرى على الهواتف المحمولة، حسب الموقع الرسمي لشركة «ميتا» الذي يشير أيضاً إلى أن «المستخدم يميل للنقر على المواضيع المنشورة بصيغة المقالات الفورية أكثر بنسبة 52 في المائة من الروابط والصيغ الأخرى».
وفي السياق ذاته، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، أرجع محمد فتحي، الصحافي المصري المتخصص في الإعلام الرقمي، السبب في وقف «المقالات الفورية» إلى الخسائر المالية التي تتكبّدها شركة «ميتا». وقال إن «مشروع (الميتافيرس) الذي أعلنته الشركة دخل نفقاً مظلماً، في ضوء تفاعل بطيء من جانب الشركات والمستخدمين؛ إذ تشير تقارير داخلية إلى أن عدد المتفاعلين مع المنصة الافتراضية لا يتجاوز 200 ألف مستخدم». وأردف أن «تسجيل (ميتا) خسائر بقيمة 10 مليارات دولار في عام 2021، وأكثر من 5 مليارات دولار في عام 2022، دفعها للتخلي عن بعض الاتجاهات والخدمات التي قد تكون خاسرة أو لا تحقق نجاحاً».
وأضاف فتحي أن «هذه الخسائر قد تدفع (ميتا) لاتخاذ قرارات مالية أخرى قد يكون لها تأثير سلبي على صناع الأخبار». وأوضح أن «المواقع الإخبارية تعتمد بشكل كبير على عائد الإعلانات من خدمات مثل روابط المقالات، والفيديو والبث المباشر... وهي خدمات ستتأثر خلال الفترة المقبلة بالقرارات المالية لشركة (ميتا)، ما يضع صُناع الصحف ومديري المؤسسات الإعلامية في اختبار صعب لإيجاد بديل عن تلك العائدات المرهونة بأرباح (فيسبوك)».
وحقاً، يأتي قرار وقف «المقالات الفورية» خلال الشهر نفسه الذي أعلنت فيه شركة «ميتا» اعتزامها إيقاف خدمة النشرات البريدية «بوليتن» العام المقبل، وقبله كانت الشركة قد أعلنت إيقاف المدفوعات التي تقدمها لناشرين أميركيين لإدراج مقالاتهم تحت باب «الأخبار».
ومن الناحية الإجرائية، فور دخول قرار إيقاف خدمة «المقالات الفورية» حيّز التنفيذ في منتصف أبريل المقبل، سترسل روابط المقالات المنشورة عبر تطبيق «فيسبوك» المستخدمين إلى المواقع الخاصة بناشريها، بدلاً من إبقائهم داخل تطبيق «فيسبوك». وهو ما يعني تغيير طريقة تحقيق عائدات مالية من هذه المقالات، وبهذا سيكون الاعتماد الكامل على الإعلانات الموجودة على مواقع الناشرين، بدلاً من الخيارات الحالية التي كانت تتيح للناشرين إما بيع إعلانات خاصة على «المقالات الفورية» والاحتفاظ بعائداتها، وإما السماح لـ«فيسبوك» بملء المساحات الإعلانية، والاحتفاظ بنحو 70 في المائة من عائدات الإعلانات.
وختاماً، نذكر أن خدمة «المقالات الفورية» لم «تحظَ» بتوافق بين الناشرين، فقد أوقفت صحيفة «الغارديان» البريطانية استخدامها عام 2017، بسبب «ضعف عائداتها المالية»، وفضلت إرسال المستخدمين إلى موقعها بدلاً من إبقائهم داخل تطبيق «فيسبوك». وفي العام ذاته أوقفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية استخدام الخدمة في إطار خطتها للاعتماد على الاشتراكات في التمويل، ما دفع البعض للتقليل من تأثير قرار وقف الخدمة على الناشرين؛ لا سيما المواقع الكبرى التي لديها نُظُم تمويل واشتراكات وإعلانات قوية.


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.